ما قيل إن المقام المحمود هو أن يجلس الله نبينا محمدا ﷺ معه - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب ما قيل: إنّ المقام المحمود هو أن يُجلس اللَّه ﵎ نبيَّنا محمّدًا ﷺ معه على عرشه

رُوي عن عبد اللَّه بن سلام قال: إذا كان يوم القيامة جيء بنبيِّكم ﷺ فأُقْعِد بين يدي اللَّه تبارك وتعالى على كرسيه.
فقال رجلٌ لأبي مسعود -يعني الجريريّ-: إذا كان على كرسيّه فهو معه! قال: ويلكم هذا أقرُّ حديثٍ في الدُّنيا لعيني.

ضعيف: وإسناده ضعيف، رواه ابن أبي عاصم في السنة (٧٨٦)، والخلال في السنة (٢٣٧)، والآجري في الشريعة (١٠٩٧)، وابن جرير في تفسيره كلّهم من طريق يحيى بن كثير أبي غسان العنبريّ، ثنا سلْم بن جعفر، عن سعيد الجريريّ، ثنا سيف السّدوسيّ، عن عبد اللَّه بن سلام، فذكره. وفيه رجال لا يعرفون.
قال الذهبيّ في «العلو» (٢٠٣): «هذا موقوف ولا يثبت إسناده».
ولكن قال الحاكم بعد أن رواه (٤/ ٥٦٨ - ٥٦٩) من وجه آخر في حديث طويل، عن عبد اللَّه ابن سلام وفيه: «فيلقى له كرسي عن يمين اللَّه عز وجل»: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وليس بموقوف، فإنّ عبد اللَّه بن سلام على تقدّمه في معرفة قديمة من جملة الصحابة. وقد أسنده بذكر رسول اللَّه ﷺ في غير موضع».
كذا قال، والصحيح عكسه.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن ابن مسعود قال: بينا أنا عند النّبيّ ﷺ أقرأُ عليه حتّى بلغتُ: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [سورة الإسراء: ٧٩]. قال: «يُجلسني على العرش».
أورده الذّهبيّ في «العلو» (٢٠٢) من حديث سلمة الأحمر، عن أشعث بن طُليق، عن عبد اللَّه بن مسعود، فذكره.
قال الذّهبيّ: «هذا حديث منكر، لا يُفرح به، سلمة هذا متروك الحديث، وأشعث ثم يلق ابنَ مسعود».
قال الأعظمي: سلمة هو ابن صالح الأحمر الجعفيّ الكوفيّ، ضعّفه أئمّة النّقد.
وكذلك لا يصح أيضًا عن ابن عباس مرفوعًا ولا موقوفًا.
روى الذّهبيّ في «العلو» (٣٢٩) فقال: أخبرنا الحسن بن علي، أنا جعفر، أنا السلفيّ، أنا علي ابن بيان، أنا بشرى الفاتني، أنا عمر بن سَبَنْك القاضيّ، ثنا الحرّ بن محمد بن إشكاب، ثنا عمر بن مدرك الرّازيّ، ثنا مكيّ بن إبراهيم، عن جويبر، عن الضّحاك، عن ابن عباس في قوله: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ قال: يُقعده على العرش.
قال الذّهبيُّ: «إسناده ساقط، وعمر هذا الرّازيّ متروك، وفيه جويبر» - هكذا قال وسكت عن الحكم عليه، وهو متروك أيضًا كما قاله النسائيّ والدّارقطنيّ بأنه متروك.
ثم قال الذهبيّ: «هذا مشهور من قول مجاهد، ورُوي مرفوعًا وهو باطل».
قال الأعظمي: وقد رُوي عن مجاهد من عدّة طرق: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ قال: يجلسُه معه على عرشه.
أخرجه الآجريّ في الشّريعة (٤/ ١٦١٤ - ١٦١٧)، والخلّال في السنة (١/ ٢١٢ - ٢١٣)، وابن جرير في تفسيره.
وأسانيدها كلّها ضعيفة أو منقطعة، وليس فيها شيء من المرفوع أصلًا.
قال القرطبيّ في «التذكرة» (٢/ ٦٠٥) بعد أن ذكر قول مجاهد: «هذا قول مرغوب عنه، وإن صحّ فيتأول على أنّه يجلسه مع أنبيائه وملائكته».
وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (٧/ ١٧٥) بعد أن نقل قول مجاهد في قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾ [سورة القيامة: ٢٢] قال: تنتظر الثّواب، وليس من النّظر: «مجاهد وإن كان أحد المقدّمين في العلم بتأويل القرآن فإنّ له قولين في تأويل آيتين هما مهجوران عند العلماء مرغوب عنهما. أحدهما هذا، والآخر في قول اللَّه عز وجل: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ قال: «يوسّع له العرش فيجلسه معه». وهذا قول مخالف للجماعة من الصّحابة، ومن بعدهم، فالذي عليه العلماء في تأويل هذه الآية أنّ المقام المحمود: الشّفاعة، والكلام في هذه المسألة من جهة النظر يطول». انتهى
وقال الحافظ الذهبيّ في العلو (٢/ ١٠٨١): «أمّا قضية قعود النبيّ ﷺ على العرش فلم يثبت في ذلك نصّ، بل في الباب حديث واه. وما فسَّر به مجاهد للآية كما ذكرنا فقد أنكره بعض أهل الكلام، فقام المروزيّ وقعد، وبالغ في الانتصار لذلك، وجمع كتابًا، وطرق قول مجاهد.
قال: فممن أفتى في ذلك العصر بأنّ هذا الأثر يُسلَّم ولا يعارَض أبو داود السّجستانيّ صاحب السنن، وإبراهيم بن الحربي وخلق، بحيث إن ابن الإمام أحمد قال عقيب قول مجاهد: أنا منكر على كلّ من ردّ هذا الحديث، وهو عندي رجل سوء متهم، سمعتُه من جماعة، وما رأيت محدِّثا ينكره، وعندنا إنما تُنكره الجهميّة».
ثم قال: إنّ الفقيه أبا بكر أحمد بن سلمان النّجاد المحدّث قال: فيما نقله عنه القاضي أبو يعلى الفراء: «لو أنّ حالفًا حلف بالطّلاق ثلاثًا: إنّ اللَّه يقعد محمّدًا على العرش، واستفتاني لقلت له: صدقت وبررت».
وعلّق عليه الذهبي قائلًا: «فأبصر -حفظك اللَّه من الهوى- كيف آل الغلو بهذا المحدّث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر، واليوم فيردون الأحاديث الصّريحة في العلو، يحاول بعض الطغام أن يرد قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [سورة طه: ٥]».
قال الشّيخ الألبانيّ رحمه اللَّه تعالى: «ومن العجائب التي يقف العقل تجاهها حائرًا أن يفتي بعض العلماء من المتقدّمين بأثر مجاهد هذا كما ذكره الذّهبيّ». ثم ذكر الخبر المذكور. انظر:
«الضّعيفة» (٨٦٥).
قال الأعظمي: إن كان الأمر كما قال ابن عبد البر والقرطبي والذهبي وغيرهم من أهل العلم قديمًا، ومن المعاصرين فلا يقبل قول الآجري: «أما حديث مجاهد في فضيلة النبيّ ﷺ وتفسيره لهذه الآية أنه يُقعده على العرش، فقد تلقاها الشيوخ من أهل العلم والنقل لحديث رسول اللَّه ﷺ تلقوها بأحسن تلقٍ، وقبلوها بأحسن قبول، ولم ينكروها. وأنكروا على من ردّ حديث مجاهد إنكارًا شديدًا، وقالوا: من ردّ حديث مجاهد فهو رجل سوء» انتهى.
لأنّ الأمور الغيبية لا تثبت بالرّوايات الموقوفة الضّعيفة وقد ثبت بالروايات الصّحيحة المرفوعة والموقوفة أن المقام المحمود هو الشّفاعة الكبرى، فوجب المصير إليه وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين وهم أعلم بمجاهد وغيره، بل قد نُقل عن مجاهد نفسه أنّ المقام المحمود هو الشّفاعة. أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥/ ٤٥) عن محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: عيسى، وحدّثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله تعالى: ﴿مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ قال: شفاعة محمد ﷺ يوم القيامة.
وأمّا من قال بقول مجاهد فلعلّه قال ذلك مغايظة الجهمية لأنّهم ينكرون أن يكون شيء على العرش، كما قال أبو داود السّجستانيّ بعد أن رواه عن إبراهيم بن موسى الرّازيّ، قال: ثنا محمد ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد في قوله تعالى: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ قال: يجلسه على عرشه.
قال أبو داود: «من أنكر هذا فهو عندنا متّهم. وقال: ما زال النّاس يحدّثون بهذا يريدون مغايظة الجهميّة، وذلك أنّ الجهميّة ينكرون أن على العرش شيئًا». رواه الخلّال في السنة (٢٤٤)، وفي إسناده ليث وهو ابن أبي سليم صدوق اختلط أخيرًا ولم يتميز حديثه فترك.
ولكن لا إحالة في قبول هذا الخبر لو ثبت كما قال ابن جرير الطّبريّ بعد أن صوَّب بأنّ المقام المحمود هو الشّفاعة، قال: «وهذا وإن كان هو الصحيح من القول في تأويل قوله: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ لما ذكرنا من الرواية عن رسول اللَّه ﷺ وأصحابه والتابعين، فإن ما قاله مجاهد من أن اللَّه يُقعد محمدًا ﷺ على عرشه، قول غير مدفوع صحته، لا من جهة خبر ولا نظر؛ وذلك لأنّه لا خبر عن رسول اللَّه ﷺ، ولا عن أحد من أصحابه، ولا عن التابعين بإحالة ذلك» انتهى.

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 287 من أصل 361 باباً

معلومات عن حديث: ما قيل إن المقام المحمود هو أن يجلس الله نبينا محمدا ﷺ معه

  • 📜 حديث عن ما قيل إن المقام المحمود هو أن يجلس الله نبينا محمدا ﷺ معه

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ ما قيل إن المقام المحمود هو أن يجلس الله نبينا محمدا ﷺ معه من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث ما قيل إن المقام المحمود هو أن يجلس الله نبينا محمدا ﷺ معه

    تحقق من درجة أحاديث ما قيل إن المقام المحمود هو أن يجلس الله نبينا محمدا ﷺ معه (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث ما قيل إن المقام المحمود هو أن يجلس الله نبينا محمدا ﷺ معه

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث ما قيل إن المقام المحمود هو أن يجلس الله نبينا محمدا ﷺ معه ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن ما قيل إن المقام المحمود هو أن يجلس الله نبينا محمدا ﷺ معه

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع ما قيل إن المقام المحمود هو أن يجلس الله نبينا محمدا ﷺ معه.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب