شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب شفاعة النّبيّ ﷺ لأهل الموقف

عن أبي هريرة قال: أُتِي رسولُ اللَّه ﷺ يومًا بلَحْمٍ، فَرُفِع إليه الذِّراعُ وكانت تعجبُه فَنَهَسَ منها نَهْسَةً فقال: «أنا سيد الناس يوم القيامة. وهل تدرون بم ذاك؟ يجمع اللَّه يوم القيامة الأوّلين والآخرين في صعيد واحد فيسمعهم الدّاعي ويَنْفُذُهم البَصَرُ، وتدنو الشّمسُ؛ فيلُغُ النّاسَ من الغَمِّ والكَرْبِ ما لا يُطيقون وما لا يَحتملون؛ فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه ألا ترون ما قد بلغكم ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربِّكم؟ فيقول بعض النّاس لبعض: ائْتُوا آدم، فيأتون آدم فيقولون: يا آدمُ أنت أبو البشر خلقك اللَّه بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكةَ فسجدوا لك اشْفَعْ لنا إلى ربِّك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ! ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ ! فيقول آدم: إنِّ ربّي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنّه نهاني عن الشّجرة، فعصيته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوحُ أنت أوّل الرسل إلى الأرض، وسماك اللَّه عبدًا شكورًا، اشْفَعْ لنا إلى ربِّك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ! ألا ترى ما قد بلغنا؟ ! فيقول لهم: إنَّ ربّي قد غَضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنّه قد كانت لي دعوةٌ دعوتُ بها على قومي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى إبراهيم ﷺ. فيأتون إبراهيم فيقولون: أنت نبي اللَّه وخليلُه من أهل الأرض اشْفَعْ لنا إلى ربِّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ! ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ ! فيقول لهم إبراهيم: إنّ ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله -وذكر كذباته- نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى ﷺ فيقولون: يا موسى أنت رسول اللَّه، فضَّلك اللَّه برسالاته وبتكليمه على الناس، اشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ! ألا ترى ما قد بلغنا؟ ! فيقول لهم موسى ﷺ: إنّ ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قتلت نفسا لم أُومَر بقتلها، نفسي نفسي، اذهبوا إلى عيسى ﷺ. فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول اللَّه، وكلّمت الناس في المهد، وكلمة منه ألقاها إلى مريم
وروح منه، فاشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ! ألا ترى ما قد بلغنا؟ ! فيقول لهم عيسى ﷺ: إنّ ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله -ولم يذكر له ذنبًا- نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد ﷺ. فيأتوني فيقولون: يا محمّد، أنت رسولُ اللَّه وخاتم الأنبياء وغفر اللَّه لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر، اشْفَعْ لنا إلى ربّك ألا ترى ما نحن فيه؟ ! ألا ترى ما قد بلغنا؟ ! فأنطلقُ فآتي تحت العرش فأقع ساجدًا لربّي ثم يفتح اللَّه عليَّ ويُلهِمُني من محامده وحسن الثّناء عليه شيئًا لم يفْتَحْه لأحد قبلي، ثم يقال: يا محمد ارفعْ رأسك سَلْ تُعْطَهْ اشْفَعْ تُشَفَّعْ فارفع رأسي فأقول: يا ربّ أمّتي أمّتي، فيقال: يا محمّد أدخل الجنّة من أمّتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنّة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، والذي نفس محمّد بيده إنّ ما بين المصراعين من مصاريع الجنّة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى».

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٧١٢)، ومسلم في الإيمان (١٩٤) كلاهما من حديث أبي حيان التّيميّ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة، فذكر الحديث. واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ قريب منه غير أنه ذكر: «نفسي نفسي نفسي» ثلاث مرّات.
عن مَعبد بن هلال العنزِيّ قال: انطلقْنا إلى أَنس بن مالك وتشفّعنا بثابت، فانتهينا إليه وهو يصلي الضُّحى، فاستأذن لنا ثابتٌ فدخلنا عليه، وأجلس ثابتًا معه على سريره، فقال له: يا أبا حمزة، إنّ إخوانك من أهل البصرة يسألونك أنْ تُحدِّثهم حديثَ الشَّفاعةِ قال: حدّثنا محمّد ﷺ قال: «إذا كان يومُ القيامة ماج النّاسُ بعضهم إلى بعضٍ، فيأتون آدمَ فيقولون له: اشْفَعْ لذُرِيِّتِك، فيقول: لستُ لها، ولكن عليكم بإبراهيم عليه السلام فإنه خليلُ اللَّه. فيأتون إبراهيم، فيقول: لستُ لها ولكن عليكم بموسى عليه السلام فإنه كليم اللَّه، فيُؤْتَى موسى فيقول: لستُ لها، ولكن عليكم بعيسى عليه السلام، فإنه روح اللَّه وكلمه، فيؤتى عيسى فيقول: لستُ لها، ولكن عليكم بمحمّد ﷺ فأُوتَى، فأقول: أنا لها فأنطلق فأستأذن على ربّي فيؤذن لي فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن يلهمنيه اللَّهُ ثم أَخِرُّ له ساجدًا فيقال لي: يا محمّد ارْفَعْ رأسك، وقُلْ يُسْمَعُ لك، وَسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فأقول: ربّ أمّتي أمّتي! فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبّة من بُرّة أو شعيرة من إيمان فأخرِجْهُ منها فأنطلق فأفعلُ، ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك
المحامد ثم أخر له ساجدًا، فيقال لي: محمّد ارْفَعْ رأسك، وقُلْ يُسْمَعُ لك، وَسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فأقول: أمّتي أمّتي! فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان فأخرجه منها، فأنطلقُ فأفعل، ثم أعود إلى ربي فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدًا فيقال لي: محمّد ارْفَعْ رأسك، وقُلْ يُسْمَعْ لك، وَسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فأقول: يا ربّ أمّتي أمّتي؟ فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل».
هذا حديث أنس الذي أنبأنا به، فخرجْنا من عنده، فلما كُنّا بظهر الْجَبَّان قلنا: لوْ مِلْنا إلى الحسن، فسلَّمنا عليه، وهو مستخفٍ في دار أبي خليفة. قال: فدخلنا عليه فسلّمنا عليه، فقلنا: يا أبا سعيد، جِئْنا من عند أخيك أبي حمزة فلم نسمع مثلَ حديثٍ حدَّثَنَاهُ في الشَّفَاعة، قال: هِيهِ! فحدّثَنَاهُ الحديثَ. فقال: هِيهِ! قلنا: ما زادنا. قال: قد حدّثنا به منذ عشرين سنة وهو يومئذ جَميعٌ ولقد ترك شيئًا ما أدري أنسي الشّيخ أو كره أن يحدّثكم فتتكلوا. قلنا له: حدِّثْنا فضحك وقال: ﴿خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ [سورة الأنبياء: ٣٧]. ما ذكرت لكم هذا إلّا وأنا أريدُ أنْ أُحدِّثكُمُوهُ: «ثم أرجع إلى ربي في الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدًا فيقال لي: محمّد ارْفَعْ رأسك، وقُلْ يُسْمَعُ لك، وَسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فأقول: يا ربّ ائذن لي فيمن قال لا إله إلّا اللَّه. قال: ليس ذاك لك أو قال ليس ذاك إليك، ولكن وعزّتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأُخرِجَنَّ من قال: لا إله إلّا اللَّه».

متفق عليه: رواه البخاريّ في التوحيد (٧٥١٠)، ومسلم في الإيمان (١٩٣: ٣٢٦) كلاهما من حديث حمّاد بن زيد، حدّثنا معبد بن هلال العنزيّ، قال: فذكره. واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ نحوه.
وقوله: «جميع» معناه مجتمع القوة والحفظ.
عن أنس، عن النّبيّ ﷺ قال: «يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربِّنا فيأتون آدم، فيقولون: أنت أبو الناس خلقك اللَّهُ بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلَّمك أسماءَ كلِّ شيءٍ، فاشْفَعْ لنا عند ربِّك حتى يريحنا من مكاننا هذا. فيقول: لستُ هُناكُم، ويذكر ذنبه فيستحيي، ائْتُوا نوحًا، فإنّه أوّل رسولٍ بعثه اللَّه إلى أهل الأرض، فيأتُونه فيقول: لستُ هُناكم، ويذكر سؤاله ربه ما ليس له به علم فيستحيي، فيقول: ائتوا خليل الرحمن، فيأتونه، فيقول: لستُ هُناكُم، ائْتُوا
موسى عبدًا كلمه اللَّهُ وأعطاهُ التّوراة. فيأتونه، فيقول: لستُ هُناكُم ويذكر قتل النفس بغير نفس فيستحيي من ربه، فيقول: ائْتُوا عيسى عبد اللَّه ورسوله وكلمة اللَّه وروحه، فيقول: لستُ هُناكُم، ائْتُوا محمّدًا ﷺ عبدًا غفر اللَّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر فيأتونني، فأنطلقُ حتّى أستأذنَ على ربّي فيُؤْذن لي، فإذا رأيت ربّي وقعتُ ساجدًا، فيدعني ما شاء اللَّه، ثم يقال: ارْفَعْ رأْسَك، وسَلْ تُعْطَه، وقُلْ يُسمع، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه، ثم أشفع فَيُحُدُّ لي حدًّا فأدخلهم الجنّة، ثم أعودُ إليه، فإذا رأيتُ ربّي، مثلَه ثم أشفعُ فَيُحَدُّ لي حدًّا، فأدخلهم الجنّة، ثم أعودُ الرّابعة فأقول: ما بقي في النّار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود».
قال أبو عبد اللَّه: «إلا من حبسه القرآن» يعني قول اللَّه تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾.

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٤٧٦)، ومسلم في الإيمان (١٩٣) كلاهما من حديث هشام، عن قتادة، عن أنس، فذكره، واللّفظ للبخاريّ، ولفظ مسلم نحوه.
عن أنس، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «يطولُ يومُ القيامَةِ على النّاس، فيقولُ بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر، فيشفع لنا إلى ربِّنا عز وجل، فَلْيَقْضِ بينا، فيأتون آدمَ، فيقولون: يا آدم أنت الذي خلقك اللَّه بيده، وأسكنك جنّتَه، فاشفع لنا إلى ربِّك، فَلْيَقْضِ بيننا، فيقول: إنّي لستُ هُنَاكُم، ولكن ائْتُوا نُوحًا رأس النَّبيين، فيأتونه فيقولون: با نوح اشْفَعْ لنا إلى ربِّك، فَلْيَقْضِ بيننا، فيقول: إنّي لستُ هُنَاكُم، ولكن ائْتُوا إبراهيمَ خليلَ اللَّه عز وجل، فيأتونه فيقولون: يا إبراهيمُ اشْفَعْ لنا إلى ربِّك فليقض بيننا. فيقول: إنّي لستُ هُناكُم ولكن ائْتُوا موسى الذي اصطفاه اللَّه عز وجل برسالاتِه وبكلامه. قال: فيأتونه فيقولون: يا موسى اشفع لنا إلى ربِّك عز وجل، فَلْيَقْضِ بيننا فيقول: إنّي لَسْتُ هُناكُم ولكن ائْتُوا عيسى روحُ اللَّه وكَلِمَتُه، فَيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى اشْفَعْ لنا إلى ربِّك، فَلْيَقْضِ بينا، فيقول إنّي لست هُنَاكُم، ولكن ائْتُوا محمَّدًا ﷺ فإنّه خاتَمُ النَّبيّين فإنّه قد حضر اليوم وقد غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، فيقول عيسى: أَرأَيْتُم لو كانَ مَتاعٌ في وِعاءٍ قد خُتِم عليه هل كان يقدر على ما في الوعاء حتى يفض الخاتم؟ فيقولون: لا. قال: فإنّ محمّدًا ﷺ خاتم النّبيين. قال: فقال رسول اللَّه ﷺ: فيأتُوني، فيقولون: يا محمّد اشْفَعْ لنا إلى ربِّك فَلْيَقْضِ بيننا. قال: فأقول: نعم، فآتي بابَ الجنَّة فآخذُ بِحلقة البابِ
فاستفتِحُ، فيقال: مَنْ أنت؟ فأقول: محمّد، فيفتح لي فأخِّرُ ساجدًا، فأَحْمَدُ ربّي عز وجل بِمحامدَ لم يَحمده بها أحدٌ كان قبلي ولا يحمده بها أحد كان بعدي. فيقول: ارْفَعْ رأسَكَ، وقُلْ يُسْمَعْ منك، وسَلْ تُعْطَهُ، واشْفَعْ تُشَفَّع. فيقول: أيْ ربِّ أمّتي أمّتي. فيقال: أَخْرِجْ من كان في قلبه مثقالُ شعيرة من إيمان، قال: فأخرجهم ثم أخرُّ ساجدًا فأحمده بمحامد لم يحمده بها أحدٌ كان قبلي ولا يحمده بها أحد كان بعدي. فيقال لي: ارْفَعْ رأسك، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأقول: أيْ ربِّ أمَّتي أمَّتي. فيقال: أَخْرِجْ مَنْ كان في قلبه مثقالُ بَرَّةٍ مِنْ إيمان. قال: فأخرجهم. قال: ثم أَخِرُّ ساجدًا فأقولُ مثل ذلك. فيقال: من كان في قلبه مثقال ذَرَّةٍ من إيمانٍ. قال: فأُخرجهم».

صحيح: رواه الإمام أحمد (١٣٥٩٠) عن عفّان: حدّثنا حماد بن سلمة، حدّثنا ثابت، عن أنس، فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة (٤٨٦)، فرواه عن الحسن بن محمّد الزّعفراني، حدّثنا عفّان -يعني ابن مسلم- بأسناده غير أنّه لم يسق لفظه، ثم رواه من وجه آخر عن حمّاد بن سلمة، وساق لفظ الحديث نحوه.
عن أنس بن مالك، أنّ الأنبياء ﵈ ذُكروا عند رسول اللَّه ﷺ فقال: «والذي نفسي بيده إنّي لسيّد النّاس يوم القيامة ولا فخر، وإنّ بيدي لواء الحمد، إنّ تحته لآدم عليه السلام ومن دونه، ولا فخر، قال: ينادي اللَّه عز وجل يومئذ: آدم، فيقول: لبيك ربِّ وسعديك، فيقول: أخرجْ من ذريّتك بعث النّار، فيقول: وما بعثُ النّار، فيقول: من كلِّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فيخرج ما لا يعلم عدده إلّا اللَّه عز وجل، فيأتون آدم عليه السلام، فيقولون: أنت آدم، أكرمك اللَّه وخلقك بيده، ونفخك فيك من روحه، وأسكنك جنّته، وأمر الملائكةَ فسجدوا لك، فاشفع لذريّتك، لا تُحرق اليوم بالنّار، فيقول: ليس ذلك إليَّ اليوم، ولكن سأرشدكم، عليكم بعبد اتّخذه اللَّه خليلًا وأنا معكم، فيأتون إبراهيم عليه السلام، فيقولون: يا إبراهيم، أنت عبد اتخذك اللَّه خليلًا، فاشفع لذريّة آدم لا تُحرق اليوم بالنّار، فيقول: ليس ذلك إليّ، ولكن سأرشدكم عليكم بعبد اصطفاه اللَّه عز وجل بكلامه ورسالاته، وألقى عليه محبّة منه، موسى وأنا معكم، فيأتون موسى فيقولون: يا موسى، أنت عبد اصطفاك اللَّه برسالاته وكلامه، وألقى عليك محبّة منه، اشفع
لذرية آدم لا تُحرق بالنّار، قال: ليس ذلك اليوم إليَّ، ولكن سأرشدكم، عليكم بروح اللَّه وكلمته: عيسى ابن مريم، فيأتون عيسى ابن مريم عليه السلام، فيقولون: يا عيسى، أنت روح اللَّه وكلمته، اشفعْ لذرية آدم لا تُحرق اليوم بالنّار، قال: ليس ذلك اليوم إليّ، عليكم بعبد جعله اللَّه عز وجل رحمة للعالمين أحمد ﷺ، وأنا معكم، فيأتوني، فيقولون: يا أحمد، جعلك اللَّه رحمة للعالمين، فاشفع لذريّة آدم لا تُحرق اليوم بالنّار، فأقول: نعم أنا صاحبها، فآتي حتى آخذ بحَلقة باب الجنّة، فيقال: من هذا؟ فأقول: أنا أحمد، فيُفتح لي، فإذا نظرتُ إلى الجبّار تبارك وتعالى خررتُ ساجدًا، ثم يُفتَح لي من التحميد والثّناء على الرّبِّ عز وجل شيء لا يحسن الخلق، ثم يقال: سلْ تُعطه، واشفع تُشفَّع، فأقول: يا ربِّ، ذريّة آدم لا تُحرق اليوم بالنّار، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ثم يعودون إليَّ، فيقولون: ذريّة آدم لا تُحرق اليوم بالنّار. قال: فآتي حتّى آخذ بحلقة باب الجنّة، فيقال: من هذا؟ فأقول: أحمد، فيفتح لي، فإذا نظرت إلى الجبّار تبارك وتعالى خررتُ ساجدًا، فأسجدُ مثل سجودي أوّل مرّة، ومثله معه، فيُفتح لي من الثّناء على اللَّه عز وجل والتّحميد مثل ما فُتح لي أوّل مرّة، فيقال: ارفع رأسك، وسلْ تُعطه، واشفع تُشفَّع، فأقول: يا ربّ ذريّة آدم لا تُحرق اليوم بالنّار، فيقول: أخرجوا له من كان في قلبه مثقال قيراط من إيمان. ثم يعودون إلىّ فآتي حتى أصنع كما صنعت، فإذا نظرتُ إلى الجبار عز وجل خررتُ ساجدًا فأسجد سجودي أوّل مرة ومثله معه، ويفتح لي من الثّناء والتّحميد مثل ذلك، ثم يقال: سلْ تُعْطَه، واشْفع تُشفَّع، فأقول: يا ربّ ذرية آدم لا تُحرق اليوم بالنّار، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرّة من إيمان فأخرجوه، فيُخرجون ما يعلم عدَّتهم إلا اللَّه عز وجل، ويبقى أكثرهم، ثم يؤذن لآدم بالشّفاعة فيشفع لعشرة آلاف ألف، ثم يؤذن للملائكة والنّبيين فيشفعون حتى إنّ المؤمن ليشفعُ لأكثر من ربيعة ومضر».

حسن: رواه الآجرّي في الشّريعة (٨٠٩) عن أبي بكر جعفر بن محمد الفريابيّ، قال: حدّثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدّثنا اللّيث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن أنس ابن مالك، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في سعيد بن أبي هلال اللّيثيّ، فضعّفه ابن حزم، ووثّقه غيره وهو حسن الحديث، والحديث صحيح؛ لأنّه رُوي من غير طريقه كما مضى، إلّا أنّ في هذا
الحديث زياداتِ لم أجدها في غير هذه الرّواية.
عن أنس قال: حدثني نبي اللَّه ﷺ: «إني لقائمٌ أنتظرُ أمَّتي تَعْبُر على الصِّراط إذْ جاءني عيسى، فقال: هذه الأنبياءُ قد جاءتْك يا محمّد يسألون -أو قال: يجتمعون إليك-، ويدعون اللَّه عز وجل أن يفرِّقَ بين جَمْعِ الأمم إلى حيث يشاء اللَّه لغمِّ ما هُمْ فيه، فالخلقُ مُلْجَمُون في العَرَقِ، فأمّا المؤمنُ فهو عليه كالزُّكْمة، وأمّا الكافر فيتغشَّاهُ الموتُ». قال: قال: «عيسى، انتظر حتّى أرجع إليك». قال: «فذهب نبي اللَّه ﷺ حتى قام تحتَ العرش، فَلَقِيَ ما لم يَلْقَ ملك مصطفى، ولا نبي مرسل فأوحى اللَّهُ عز وجل إلى جبريلَ: اذهبْ إلى محمّد، فَقُلْ له: ارْفَعْ رأسك، سَلْ تُعْطَ واشْفَع تُشَفَّع». قال: «فَشُفِّعْتُ في أُمّتي أن أُخْرِجَ من كلِّ تسعة وتسعين إنسانا واحدًا». قال: «فما زلتُ أترَدَّدُ على ربّي عز وجل فلا أقومُ مقامًا إلّا شَفَعْتُ حتى أعطاني اللَّه عز وجل من ذلك أن قال: يا محمّد أدخل من أمَّتِك من خلق اللَّه عز وجل من شهد أنه لا إله إلا اللَّه يومًا واحدًا مخلصا ومات على ذلك».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٢٨٢٤) عن يونس بن محمد، حدّثنا حرب بن ميمون أبو الخطّاب الأنصاريّ، عن النّضر بن أنس، عن أنس، فذكره.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا ابن خزيمة في كتاب التوحيد (٤٨٨).
وأورده الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٧٢ - ٣٧٤) وقال: «رواه أحمد، ورجاله رجال الصّحيح».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل حرب بن ميمون فإنّه حسن الحديث.
عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «أُعطيتُ خمسًا لم يُعطهنّ أحدٌ من الأنبياء قبلي». فذكر منها: «وأعطيتُ الشّفاعة».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الصّلاة (٤٣٨)، ومسلم في المساجد (٥٢١) كلاهما من حديث هُشيم، عن سيار -وهو أبو الحكم-، قال: حدّثنا يزيد الفقير، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
عن أبي ذرّ، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «أُتيتُ خمسًا لم يؤتهنّ نبيٌّ كان قبلي». فذكر منها أنّه قيل له: «سلْ تُعطه، فاختبأتُها شفاعةً لأمّتي، وهي نائلة منكم -إن شاء اللَّه- من لقي اللَّه لا يشرك به شيئًا».

حسن: رواه الإمام أحمد (٢١٢٩٩) عن يعقوب، حدّثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدّثني سليمان الأعمش، عن مجاهد بن جبر أبي الحجّاج، عن عبيد بن عمير اللّيثيّ، عن أبي ذر، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق وهو مدلس، إلّا أنه صرّح بالتحديث كما أنه توبع، كما مضى
في أوّل الباب.
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنّ رسول اللَّه ﷺ عام غزوة تبوك قام من اللّيل يصلي، فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه حتّى إذا صلى وانصرف إليهم، فقال لهم: «لقد أُعطيتُ اللّيلة خمسًا ما أُعْطِيَهُنَّ أحدٌ قبلي». فذكر الحديث بطوله: «والخامسة هي ما هي، قيل لي: سَلْ فإنَّ كلَّ نبيٍّ قد سأل، فأخَّرْتُ مسألتي إلى يوم القيامة، فهي لكم ولمن شهد أن لا إله الا اللَّه».

حسن: رواه الإمام أحمد (٧٠٦٨) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا بكر بن مُضر، عن ابن الهاد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب، فإنّه حسن الحديث.
وقال الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٦٧): «رواه أحمد، ورجاله ثقات».
عن أبي بكر الصّديق قال: أصبح رسول اللَّه ﷺ ذات يوم فصلّى الغداة، ثم جلس حتى إذا كان من الضُّحى ضَحِك رسولُ اللَّه ﷺ، ثم جلس مكانه حتى صلّى الأُولى والعصر والمغرب كلُّ ذلك لا يتكلّم حتى صلّى العشاء الآخرة، ثم قام إلى أهله، فقال الناس لأبي بكر: ألا تسألُ رسولَ اللَّه ﷺ ما شأنه صنعَ اليوم شيئًا لم يصنَعْه قطّ، قال: فسأله فقال: «نعم، عُرِض عليَّ ما هو كائنٌ من أمر الدّنيا وأمر الآخرة فجُمع الأولون والآخرون بصعيدٍ واحدٍ ففظع النّاسُ بذلك حتّى انطلقوا إلى آدم عليه السلام، والعرقُ يكاد يُلجمُهم، فقالوا: يا آدمُ أنت أبو البشر وأنت اصطفاك اللَّه عز وجل، اشْفَعْ لنا إلى ربِّك. قال: لقدْ لقيتُ مثلَ الذي لقيتم انطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم إلى نوح ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [سورة آل عمران: ٣٣]. قال: فينطلقون إلى نوح عليه السلام فيقولون: اشفع لنا إلى ربِّك، فأنت اصطفاك اللَّه واستجاب لك في دعائك ولم يدع على الأرض من الكافرين ديّارًا، فيقول: ليس ذاكم عندي انطلقوا إلى إبراهيم عليه السلام فإن اللَّه عزوجل اتخذه خليلًا. فينطلقون إلى إبراهيم فيقول: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى موسى عليه السلام فإن اللَّه عز وجل كلّمه تكليمًا، فيقول موسى عليه السلام: ليس ذاكم عندي ولكن انطلقوا إلى عيسى ابن مريم، فإنه يبرئ الأكمه والأبرص ويُحيي الموتى. فيقول عيسى: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى سيّد ولد آدم، فإنّه أوّلُ من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، انطلقوا إلى محمّد ﷺ فيشفع
لكم إلى ربّكم عز وجل. قال: فينطلق فيأتي جبريل عليه السلام ربَّه، فيقولُ اللَّهُ عز وجل: إئْذن له وبشِّرْه بالجنّة. قال: فينطلقُ به جبريل فيخرُّ ساجدًا قدْرَ جُمعةٍ، ويقول اللَّهُ عز وجل: ارْفعْ رأسك يا محمد، وقُلْ يُسْمَعْ واشْفَعْ تُشَفَّعْ، قال: فيرفع رأسه، فإذا نظر إلى ربِّه عز وجل خرَّ ساجدًا قدر جُمعة أخْرى، فيقولُ اللَّهُ عز وجل: ارْفَعْ رأسَك، وقُلْ يُسمع، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. قال: فيذهبُ ليقعَ ساجدًا فيأخذُ جبريلُ عليه السلام بضَبْعَيْه فيفتح اللَّه عز وجل عليه من الدّعاء شيئًا لم يفتحه على بشر قطّ. فيقول: أيْ ربِّ خلقتني سيِّدَ ولد آدم ولا فخر، وأوّل من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، حتى إنّه ليردُ عليَّ الحوضَ أكثرُ مما بين صنعاءَ وأَيْلَةَ. ثم يقال: ادعوا الصّدِّيقين فيشفعون، ثم يقال: ادْعُوا الأنبياء، قال: فيجيء النبي ومعه العصابة، والنّبي ومعه الخمسة والسّتة، والنبيُّ وليس معه أحد. ثم يقال: أدعوا الشّهداء فيشفعون لمن أرادوا. وقال: فإذا فعلت الشُّهداء ذلك. قال: يقول اللَّه عز وجل: أنا أرحم الرّاحمين، أدْخلوا جنَّتِي مَنْ كان لا يُشركُ بي شيئًا. قال: فيدخلون الجنَّةَ. قال: ثم يقول اللَّه عز وجل: انظُروا في النّار، هل تلقون من أحد عَمِل خيرًا قطّ، قال: فيجدون في النّار رجلا فيقول له هل عملتَ خيرًا قطّ؟ فيقول: لا غير أنّي كنتُ أسامحُ النّاسَ في البيع والشِّراء. فيقول اللَّه عز وجل: اسمحوا لعبدي كإسماحه إلى عبيدي.
ثم يُخرجون من النّار رجلًا فيقول له: هل عَملتَ خيرًا قطّ؟ فيقول: لا غير أنّي قد أمرتُ ولدي إذا مِتُّ فأحرقوني بالنار ثم اطحنوني، حتّى إذا كنت مثل الكُحل فاذهبوا بي إلى البحر فاذْرُوني في الرِّيح، فواللَّهِ لا يقدرُ عليَّ ربُّ العالمين أبدًا، فقال اللَّه عز وجل: لِم فعلتَ ذلك؟ قال: من مخافتك. قال: فيقول اللَّه عز وجل: انظر إلى مُلكِ أعظمِ مَلِكٍ فإنّ لك مثلَه وعشرةَ أمثالِه. قال: فيقول: لِم تسخرُ بي وأنت الملك؟ ! قال: وذاك الذي ضحكتُ منه من الضُّحى».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٥)، وأبو يعلى (٥٦)، والبزار -كشف الأستار (٣٤٦٥) - كلهم من طريق النضر بن شُميل، قال: حدّثني أبو نَعامة، قال: حدّثني أبو هُنيد البراء بن نوفل، عن والان العدَويّ، عن حذيفة، عن أبي بكر الصديق، فذكر مثله، واللّفظ لأحمد.
وأخرجه ابن خزيمة في كتاب التوحيد (٦١٨)، وابن حبان في صحيحه (٦٢٧٦) من هذا الوجه.
وقال الهيثمي في «المجمع» (١٠/ ٣٧٤): «رواه أحمد وأبو يعلى والبزّار، ورجاله ثقات».
قال الأعظمي: وهو كما قال، وأبو نعامة العدويّ هو عمرو بن عيسى بن سويد من رجال مسلم إلّا أنّه تغيّر قبل موته وهو «صدوق».
ووالان العدويّ هو والان بن بهيس، أو ابن قِرْفة، وثّقه ابنُ معين وغيره.
وقال ابن حبان: قال إسحاق (وهو ابن راهويه): «هذا من أشرف الحديث، وقد روى هذا الحديث عدّةٌ، عن النبيّ ﷺ، منهم: حذيفة، وابن مسعود، وأبو هريرة وغيرهم».
وأما قول الدارقطني: والان مجهول، فلعله لم يقف على توثيق ابن معين له، والنكارة فيه تقديم الصديقين على الأنبياء في الشفاعة، ولعل هذا مما أخطأ فيه أبو نعامة العدوي لأنه تغير قبل موته.
عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، أنّ النّبيّ ﷺ تلا قوله عز وجل في إبراهيم: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ [سورة إبراهيم: ٣٦]، فرفع يديه وقال: «اللهمّ أمّتي أمّتي» وبكي. فقال اللَّهُ عز وجل: يا جبريل، اذْهب إلى محمّد -وربُّك أعلم- فسلْه ما يُبكيك؟ فأتاه جبريل عليه السلام، فسأله، فأخبره رسول اللَّه ﷺ بما قال -وهو أعلم-. فقال اللَّه: يا جبريل، اذهبْ إلى محمّد فقُلْ: إنا سنرضيك في أمّتكَ ولا نسوءك.

صحيح: رواه مسلم في الإيمان (٢٠٢) عن يونس بن عبد الأعلى الصّدفيّ، أخبرنا ابنُ وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكر بن سوادة حدّثه عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكره.
وفي الباب أحاديث لم تصح، منها ما رُوي عن ابن عباس، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «للأنبياء منابرُ من ذهب، فيجلسون عليها». قال: «ويبقى منبري، لا أجلسُ عليه، ولا أقعد عليه، قائمٌ بين يدي اللَّه ربي، مخافة أن يُبعث بي إلى الجنة وتبقى أمّتي بعدي، فأقولُ: يا ربِّ، أمّتي أمّتي». فيقول اللَّه عز وجل: يا محمد، ما تريدُ أن أصنعَ بأمّتك؟ فأقول: «يا ربِّ، عجِّلْ حسابهم»، فيُدعى بهم، فيُحاسبون، فمنهم من يدخل الجنّة برحمة اللَّه، ومنهم من يدخل الجنّة بشفاعتي، فما أزالُ أشفعُ حتى أُعطى صكاكًا برجال قد بُعث بهم إلى النار، وحتى إنّ مالكًا خازن النار يقول: يا محمد، ما تركتَ للنّار لغضب ربّك في أمّتك من نقمة.
رواه الطبرانيّ في «الكبير» (١٠٧٧١)، وابن خزيمة في «التوحيد» (٤٧٦)، والحاكم (١/ ٦٥) كلّهم من طريق محمد بن ثابت البنانيّ، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عباس، فذكره.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد غير أنّ الشّيخين لم يحتجّا بمحمد بن ثابت البناني، وهو قليل الحديث، يجمع حديثه، والحديث غريب في أخبار الشّفاعة ولم يخرجاه».
وتعقّبه الذّهبيّ فقال: «ضعّفه غير واحد، والحديث منكر».
وقال الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٨٠): «رواه الطبرانيّ في الكبير والأوسط، وفيه محمد بن ثابت البنانيّ، وهو ضعيف».
قال الأعظمي: وهو كما قالا؛ فإن محمد بن ثابت البنانيّ يروي عن أبيه ما ليس من حديثه، كأنه ثابت آخر، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرّواية عنه على قلّته كما قال ابن حبان. انظر «المجروحين» (٩٢٥).
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن ابن عباس في حديث طويل من أحاديث أهل الموقف. رواه الإمام أحمد (٢٥٤٦) عن عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي نضرة، قال: خطبنا ابنُ عباس على منبر البصرة، فقال: قال رسول اللَّه ﷺ، فذكر الحديث بطوله.
وفيه علي بن زيد ضعيف، وفي المتن نكارة وهي قول عيسى عليه السلام: «إنّي لست هُناكم، إنّي اتُخِذْتُ إلها من دون اللَّه، وإنّه لا يهمني اليوم إلّا نفسي». لأنّ في الأحاديث الصّحيحة لم يذكر عيسى عليه السلام ذنبًا مع أنّ ما ذكره ليس بذنب له.
وفي الباب أيضًا ما روي عن سلمان الفارسيّ. رواه ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان (ص ١٢).
وقوله ﷺ في بعض الأحاديث: «شفاعتي لكلّ مسلم».
«يريد أنّي أشفع لجميع المسلمين في الابتداء، للنّبيين والشّهداء والصّالحين وجميع المسلمين، فيخلّصهم اللَّه من الموقف الذي قد أصابهم فيه من الغمّ والكَرْب ما قد أصابهم في ذلك الموطن؛ ليقضي اللَّه بينهم، ويُعجِّل حسابهم». «التوحيد لابن خزيمة» (٢/ ٥٧٦).
هذه الأحاديث وغيرها -مثل حديث ابن عمر الآتي- خاصّة بشفاعة النّبيّ ﷺ لأهل الموقف للقضاء بينهم، وهو المقام المحمود الآتي في الباب الذي يليه.
ثم بعد الشّفاعة العظمى له ﷺ شفاعات أخرى مثل إدخال أهل الجنّة الجنّة، وإخراج أهل التوحيد من النّار، وشفاعته لمن استحقّ النّار أن لا يدخلها من أمّته.
وأمّا ما ذكر في أحاديث هذا الباب من الشفاعات في الموقف وإخراج عصاة أهل التوحيد من أمّته من النّار وغير ذلك من الشّفاعات، فالظّاهر أنّ بعض الرّواة جمعوا بين الأحاديث المختلفة، وساقوها سياقًا واحدًا، وبعضهم اختصر من أول الحديث، وبعضهم اختصر من آخره.
قال ابن خزيمة في التوحيد (٢/ ٥١٩): «أصحاب النّبيّ ﷺ ربما اختصروا أخبار النبيّ ﷺ إذا حدّثوا بها، وربما اقتصُّوا الحديث بتمامه، وربما كان اختصارٌ بعد الإخبار، وبعض السّامعين يحفظ بعض الخبر، ولا يحفظ جميع الخبر، وربما نسي بعد الحفظ بعض المتن، فإذا جُمعت الأخبار كلّها عُلم حينئذ جميعُ المتن» انتهى.

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 285 من أصل 361 باباً

معلومات عن حديث: شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف

  • 📜 حديث عن شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف

    تحقق من درجة أحاديث شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 24, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب