شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف - الأحاديث الصحيحة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة
باب شفاعة النّبيّ ﷺ لأهل الموقف
وروح منه، فاشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ! ألا ترى ما قد بلغنا؟ ! فيقول لهم عيسى ﷺ: إنّ ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله -ولم يذكر له ذنبًا- نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد ﷺ. فيأتوني فيقولون: يا محمّد، أنت رسولُ اللَّه وخاتم الأنبياء وغفر اللَّه لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر، اشْفَعْ لنا إلى ربّك ألا ترى ما نحن فيه؟ ! ألا ترى ما قد بلغنا؟ ! فأنطلقُ فآتي تحت العرش فأقع ساجدًا لربّي ثم يفتح اللَّه عليَّ ويُلهِمُني من محامده وحسن الثّناء عليه شيئًا لم يفْتَحْه لأحد قبلي، ثم يقال: يا محمد ارفعْ رأسك سَلْ تُعْطَهْ اشْفَعْ تُشَفَّعْ فارفع رأسي فأقول: يا ربّ أمّتي أمّتي، فيقال: يا محمّد أدخل الجنّة من أمّتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنّة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، والذي نفس محمّد بيده إنّ ما بين المصراعين من مصاريع الجنّة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى».
متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٧١٢)، ومسلم في الإيمان (١٩٤) كلاهما من حديث أبي حيان التّيميّ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة، فذكر الحديث. واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ قريب منه غير أنه ذكر: «نفسي نفسي نفسي» ثلاث مرّات.
المحامد ثم أخر له ساجدًا، فيقال لي: محمّد ارْفَعْ رأسك، وقُلْ يُسْمَعُ لك، وَسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فأقول: أمّتي أمّتي! فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان فأخرجه منها، فأنطلقُ فأفعل، ثم أعود إلى ربي فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدًا فيقال لي: محمّد ارْفَعْ رأسك، وقُلْ يُسْمَعْ لك، وَسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فأقول: يا ربّ أمّتي أمّتي؟ فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل».
هذا حديث أنس الذي أنبأنا به، فخرجْنا من عنده، فلما كُنّا بظهر الْجَبَّان قلنا: لوْ مِلْنا إلى الحسن، فسلَّمنا عليه، وهو مستخفٍ في دار أبي خليفة. قال: فدخلنا عليه فسلّمنا عليه، فقلنا: يا أبا سعيد، جِئْنا من عند أخيك أبي حمزة فلم نسمع مثلَ حديثٍ حدَّثَنَاهُ في الشَّفَاعة، قال: هِيهِ! فحدّثَنَاهُ الحديثَ. فقال: هِيهِ! قلنا: ما زادنا. قال: قد حدّثنا به منذ عشرين سنة وهو يومئذ جَميعٌ ولقد ترك شيئًا ما أدري أنسي الشّيخ أو كره أن يحدّثكم فتتكلوا. قلنا له: حدِّثْنا فضحك وقال: ﴿خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ [سورة الأنبياء: ٣٧]. ما ذكرت لكم هذا إلّا وأنا أريدُ أنْ أُحدِّثكُمُوهُ: «ثم أرجع إلى ربي في الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدًا فيقال لي: محمّد ارْفَعْ رأسك، وقُلْ يُسْمَعُ لك، وَسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فأقول: يا ربّ ائذن لي فيمن قال لا إله إلّا اللَّه. قال: ليس ذاك لك أو قال ليس ذاك إليك، ولكن وعزّتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأُخرِجَنَّ من قال: لا إله إلّا اللَّه».
متفق عليه: رواه البخاريّ في التوحيد (٧٥١٠)، ومسلم في الإيمان (١٩٣: ٣٢٦) كلاهما من حديث حمّاد بن زيد، حدّثنا معبد بن هلال العنزيّ، قال: فذكره. واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ نحوه.
وقوله: «جميع» معناه مجتمع القوة والحفظ.
موسى عبدًا كلمه اللَّهُ وأعطاهُ التّوراة. فيأتونه، فيقول: لستُ هُناكُم ويذكر قتل النفس بغير نفس فيستحيي من ربه، فيقول: ائْتُوا عيسى عبد اللَّه ورسوله وكلمة اللَّه وروحه، فيقول: لستُ هُناكُم، ائْتُوا محمّدًا ﷺ عبدًا غفر اللَّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر فيأتونني، فأنطلقُ حتّى أستأذنَ على ربّي فيُؤْذن لي، فإذا رأيت ربّي وقعتُ ساجدًا، فيدعني ما شاء اللَّه، ثم يقال: ارْفَعْ رأْسَك، وسَلْ تُعْطَه، وقُلْ يُسمع، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه، ثم أشفع فَيُحُدُّ لي حدًّا فأدخلهم الجنّة، ثم أعودُ إليه، فإذا رأيتُ ربّي، مثلَه ثم أشفعُ فَيُحَدُّ لي حدًّا، فأدخلهم الجنّة، ثم أعودُ الرّابعة فأقول: ما بقي في النّار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود».
قال أبو عبد اللَّه: «إلا من حبسه القرآن» يعني قول اللَّه تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾.
متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٤٧٦)، ومسلم في الإيمان (١٩٣) كلاهما من حديث هشام، عن قتادة، عن أنس، فذكره، واللّفظ للبخاريّ، ولفظ مسلم نحوه.
فاستفتِحُ، فيقال: مَنْ أنت؟ فأقول: محمّد، فيفتح لي فأخِّرُ ساجدًا، فأَحْمَدُ ربّي عز وجل بِمحامدَ لم يَحمده بها أحدٌ كان قبلي ولا يحمده بها أحد كان بعدي. فيقول: ارْفَعْ رأسَكَ، وقُلْ يُسْمَعْ منك، وسَلْ تُعْطَهُ، واشْفَعْ تُشَفَّع. فيقول: أيْ ربِّ أمّتي أمّتي. فيقال: أَخْرِجْ من كان في قلبه مثقالُ شعيرة من إيمان، قال: فأخرجهم ثم أخرُّ ساجدًا فأحمده بمحامد لم يحمده بها أحدٌ كان قبلي ولا يحمده بها أحد كان بعدي. فيقال لي: ارْفَعْ رأسك، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأقول: أيْ ربِّ أمَّتي أمَّتي. فيقال: أَخْرِجْ مَنْ كان في قلبه مثقالُ بَرَّةٍ مِنْ إيمان. قال: فأخرجهم. قال: ثم أَخِرُّ ساجدًا فأقولُ مثل ذلك. فيقال: من كان في قلبه مثقال ذَرَّةٍ من إيمانٍ. قال: فأُخرجهم».
صحيح: رواه الإمام أحمد (١٣٥٩٠) عن عفّان: حدّثنا حماد بن سلمة، حدّثنا ثابت، عن أنس، فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة (٤٨٦)، فرواه عن الحسن بن محمّد الزّعفراني، حدّثنا عفّان -يعني ابن مسلم- بأسناده غير أنّه لم يسق لفظه، ثم رواه من وجه آخر عن حمّاد بن سلمة، وساق لفظ الحديث نحوه.
لذرية آدم لا تُحرق بالنّار، قال: ليس ذلك اليوم إليَّ، ولكن سأرشدكم، عليكم بروح اللَّه وكلمته: عيسى ابن مريم، فيأتون عيسى ابن مريم عليه السلام، فيقولون: يا عيسى، أنت روح اللَّه وكلمته، اشفعْ لذرية آدم لا تُحرق اليوم بالنّار، قال: ليس ذلك اليوم إليّ، عليكم بعبد جعله اللَّه عز وجل رحمة للعالمين أحمد ﷺ، وأنا معكم، فيأتوني، فيقولون: يا أحمد، جعلك اللَّه رحمة للعالمين، فاشفع لذريّة آدم لا تُحرق اليوم بالنّار، فأقول: نعم أنا صاحبها، فآتي حتى آخذ بحَلقة باب الجنّة، فيقال: من هذا؟ فأقول: أنا أحمد، فيُفتح لي، فإذا نظرتُ إلى الجبّار تبارك وتعالى خررتُ ساجدًا، ثم يُفتَح لي من التحميد والثّناء على الرّبِّ عز وجل شيء لا يحسن الخلق، ثم يقال: سلْ تُعطه، واشفع تُشفَّع، فأقول: يا ربِّ، ذريّة آدم لا تُحرق اليوم بالنّار، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ثم يعودون إليَّ، فيقولون: ذريّة آدم لا تُحرق اليوم بالنّار. قال: فآتي حتّى آخذ بحلقة باب الجنّة، فيقال: من هذا؟ فأقول: أحمد، فيفتح لي، فإذا نظرت إلى الجبّار تبارك وتعالى خررتُ ساجدًا، فأسجدُ مثل سجودي أوّل مرّة، ومثله معه، فيُفتح لي من الثّناء على اللَّه عز وجل والتّحميد مثل ما فُتح لي أوّل مرّة، فيقال: ارفع رأسك، وسلْ تُعطه، واشفع تُشفَّع، فأقول: يا ربّ ذريّة آدم لا تُحرق اليوم بالنّار، فيقول: أخرجوا له من كان في قلبه مثقال قيراط من إيمان. ثم يعودون إلىّ فآتي حتى أصنع كما صنعت، فإذا نظرتُ إلى الجبار عز وجل خررتُ ساجدًا فأسجد سجودي أوّل مرة ومثله معه، ويفتح لي من الثّناء والتّحميد مثل ذلك، ثم يقال: سلْ تُعْطَه، واشْفع تُشفَّع، فأقول: يا ربّ ذرية آدم لا تُحرق اليوم بالنّار، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرّة من إيمان فأخرجوه، فيُخرجون ما يعلم عدَّتهم إلا اللَّه عز وجل، ويبقى أكثرهم، ثم يؤذن لآدم بالشّفاعة فيشفع لعشرة آلاف ألف، ثم يؤذن للملائكة والنّبيين فيشفعون حتى إنّ المؤمن ليشفعُ لأكثر من ربيعة ومضر».
حسن: رواه الآجرّي في الشّريعة (٨٠٩) عن أبي بكر جعفر بن محمد الفريابيّ، قال: حدّثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدّثنا اللّيث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن أنس ابن مالك، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في سعيد بن أبي هلال اللّيثيّ، فضعّفه ابن حزم، ووثّقه غيره وهو حسن الحديث، والحديث صحيح؛ لأنّه رُوي من غير طريقه كما مضى، إلّا أنّ في هذا
الحديث زياداتِ لم أجدها في غير هذه الرّواية.
حسن: رواه الإمام أحمد (١٢٨٢٤) عن يونس بن محمد، حدّثنا حرب بن ميمون أبو الخطّاب الأنصاريّ، عن النّضر بن أنس، عن أنس، فذكره.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا ابن خزيمة في كتاب التوحيد (٤٨٨).
وأورده الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٧٢ - ٣٧٤) وقال: «رواه أحمد، ورجاله رجال الصّحيح».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل حرب بن ميمون فإنّه حسن الحديث.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الصّلاة (٤٣٨)، ومسلم في المساجد (٥٢١) كلاهما من حديث هُشيم، عن سيار -وهو أبو الحكم-، قال: حدّثنا يزيد الفقير، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
حسن: رواه الإمام أحمد (٢١٢٩٩) عن يعقوب، حدّثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدّثني سليمان الأعمش، عن مجاهد بن جبر أبي الحجّاج، عن عبيد بن عمير اللّيثيّ، عن أبي ذر، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق وهو مدلس، إلّا أنه صرّح بالتحديث كما أنه توبع، كما مضى
في أوّل الباب.
حسن: رواه الإمام أحمد (٧٠٦٨) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا بكر بن مُضر، عن ابن الهاد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب، فإنّه حسن الحديث.
وقال الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٦٧): «رواه أحمد، ورجاله ثقات».
لكم إلى ربّكم عز وجل. قال: فينطلق فيأتي جبريل عليه السلام ربَّه، فيقولُ اللَّهُ عز وجل: إئْذن له وبشِّرْه بالجنّة. قال: فينطلقُ به جبريل فيخرُّ ساجدًا قدْرَ جُمعةٍ، ويقول اللَّهُ عز وجل: ارْفعْ رأسك يا محمد، وقُلْ يُسْمَعْ واشْفَعْ تُشَفَّعْ، قال: فيرفع رأسه، فإذا نظر إلى ربِّه عز وجل خرَّ ساجدًا قدر جُمعة أخْرى، فيقولُ اللَّهُ عز وجل: ارْفَعْ رأسَك، وقُلْ يُسمع، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. قال: فيذهبُ ليقعَ ساجدًا فيأخذُ جبريلُ عليه السلام بضَبْعَيْه فيفتح اللَّه عز وجل عليه من الدّعاء شيئًا لم يفتحه على بشر قطّ. فيقول: أيْ ربِّ خلقتني سيِّدَ ولد آدم ولا فخر، وأوّل من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، حتى إنّه ليردُ عليَّ الحوضَ أكثرُ مما بين صنعاءَ وأَيْلَةَ. ثم يقال: ادعوا الصّدِّيقين فيشفعون، ثم يقال: ادْعُوا الأنبياء، قال: فيجيء النبي ومعه العصابة، والنّبي ومعه الخمسة والسّتة، والنبيُّ وليس معه أحد. ثم يقال: أدعوا الشّهداء فيشفعون لمن أرادوا. وقال: فإذا فعلت الشُّهداء ذلك. قال: يقول اللَّه عز وجل: أنا أرحم الرّاحمين، أدْخلوا جنَّتِي مَنْ كان لا يُشركُ بي شيئًا. قال: فيدخلون الجنَّةَ. قال: ثم يقول اللَّه عز وجل: انظُروا في النّار، هل تلقون من أحد عَمِل خيرًا قطّ، قال: فيجدون في النّار رجلا فيقول له هل عملتَ خيرًا قطّ؟ فيقول: لا غير أنّي كنتُ أسامحُ النّاسَ في البيع والشِّراء. فيقول اللَّه عز وجل: اسمحوا لعبدي كإسماحه إلى عبيدي.
ثم يُخرجون من النّار رجلًا فيقول له: هل عَملتَ خيرًا قطّ؟ فيقول: لا غير أنّي قد أمرتُ ولدي إذا مِتُّ فأحرقوني بالنار ثم اطحنوني، حتّى إذا كنت مثل الكُحل فاذهبوا بي إلى البحر فاذْرُوني في الرِّيح، فواللَّهِ لا يقدرُ عليَّ ربُّ العالمين أبدًا، فقال اللَّه عز وجل: لِم فعلتَ ذلك؟ قال: من مخافتك. قال: فيقول اللَّه عز وجل: انظر إلى مُلكِ أعظمِ مَلِكٍ فإنّ لك مثلَه وعشرةَ أمثالِه. قال: فيقول: لِم تسخرُ بي وأنت الملك؟ ! قال: وذاك الذي ضحكتُ منه من الضُّحى».
حسن: رواه الإمام أحمد (١٥)، وأبو يعلى (٥٦)، والبزار -كشف الأستار (٣٤٦٥) - كلهم من طريق النضر بن شُميل، قال: حدّثني أبو نَعامة، قال: حدّثني أبو هُنيد البراء بن نوفل، عن والان العدَويّ، عن حذيفة، عن أبي بكر الصديق، فذكر مثله، واللّفظ لأحمد.
وأخرجه ابن خزيمة في كتاب التوحيد (٦١٨)، وابن حبان في صحيحه (٦٢٧٦) من هذا الوجه.
وقال الهيثمي في «المجمع» (١٠/ ٣٧٤): «رواه أحمد وأبو يعلى والبزّار، ورجاله ثقات».
قال الأعظمي: وهو كما قال، وأبو نعامة العدويّ هو عمرو بن عيسى بن سويد من رجال مسلم إلّا أنّه تغيّر قبل موته وهو «صدوق».
ووالان العدويّ هو والان بن بهيس، أو ابن قِرْفة، وثّقه ابنُ معين وغيره.
وقال ابن حبان: قال إسحاق (وهو ابن راهويه): «هذا من أشرف الحديث، وقد روى هذا الحديث عدّةٌ، عن النبيّ ﷺ، منهم: حذيفة، وابن مسعود، وأبو هريرة وغيرهم».
وأما قول الدارقطني: والان مجهول، فلعله لم يقف على توثيق ابن معين له، والنكارة فيه تقديم الصديقين على الأنبياء في الشفاعة، ولعل هذا مما أخطأ فيه أبو نعامة العدوي لأنه تغير قبل موته.
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (٢٠٢) عن يونس بن عبد الأعلى الصّدفيّ، أخبرنا ابنُ وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكر بن سوادة حدّثه عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكره.
وفي الباب أحاديث لم تصح، منها ما رُوي عن ابن عباس، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «للأنبياء منابرُ من ذهب، فيجلسون عليها». قال: «ويبقى منبري، لا أجلسُ عليه، ولا أقعد عليه، قائمٌ بين يدي اللَّه ربي، مخافة أن يُبعث بي إلى الجنة وتبقى أمّتي بعدي، فأقولُ: يا ربِّ، أمّتي أمّتي». فيقول اللَّه عز وجل: يا محمد، ما تريدُ أن أصنعَ بأمّتك؟ فأقول: «يا ربِّ، عجِّلْ حسابهم»، فيُدعى بهم، فيُحاسبون، فمنهم من يدخل الجنّة برحمة اللَّه، ومنهم من يدخل الجنّة بشفاعتي، فما أزالُ أشفعُ حتى أُعطى صكاكًا برجال قد بُعث بهم إلى النار، وحتى إنّ مالكًا خازن النار يقول: يا محمد، ما تركتَ للنّار لغضب ربّك في أمّتك من نقمة.
رواه الطبرانيّ في «الكبير» (١٠٧٧١)، وابن خزيمة في «التوحيد» (٤٧٦)، والحاكم (١/ ٦٥) كلّهم من طريق محمد بن ثابت البنانيّ، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عباس، فذكره.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد غير أنّ الشّيخين لم يحتجّا بمحمد بن ثابت البناني، وهو قليل الحديث، يجمع حديثه، والحديث غريب في أخبار الشّفاعة ولم يخرجاه».
وتعقّبه الذّهبيّ فقال: «ضعّفه غير واحد، والحديث منكر».
وقال الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٨٠): «رواه الطبرانيّ في الكبير والأوسط، وفيه محمد بن ثابت البنانيّ، وهو ضعيف».
قال الأعظمي: وهو كما قالا؛ فإن محمد بن ثابت البنانيّ يروي عن أبيه ما ليس من حديثه، كأنه ثابت آخر، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرّواية عنه على قلّته كما قال ابن حبان. انظر «المجروحين» (٩٢٥).
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن ابن عباس في حديث طويل من أحاديث أهل الموقف. رواه الإمام أحمد (٢٥٤٦) عن عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي نضرة، قال: خطبنا ابنُ عباس على منبر البصرة، فقال: قال رسول اللَّه ﷺ، فذكر الحديث بطوله.
وفيه علي بن زيد ضعيف، وفي المتن نكارة وهي قول عيسى عليه السلام: «إنّي لست هُناكم، إنّي اتُخِذْتُ إلها من دون اللَّه، وإنّه لا يهمني اليوم إلّا نفسي». لأنّ في الأحاديث الصّحيحة لم يذكر عيسى عليه السلام ذنبًا مع أنّ ما ذكره ليس بذنب له.
وفي الباب أيضًا ما روي عن سلمان الفارسيّ. رواه ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان (ص ١٢).
وقوله ﷺ في بعض الأحاديث: «شفاعتي لكلّ مسلم».
«يريد أنّي أشفع لجميع المسلمين في الابتداء، للنّبيين والشّهداء والصّالحين وجميع المسلمين، فيخلّصهم اللَّه من الموقف الذي قد أصابهم فيه من الغمّ والكَرْب ما قد أصابهم في ذلك الموطن؛ ليقضي اللَّه بينهم، ويُعجِّل حسابهم». «التوحيد لابن خزيمة» (٢/ ٥٧٦).
هذه الأحاديث وغيرها -مثل حديث ابن عمر الآتي- خاصّة بشفاعة النّبيّ ﷺ لأهل الموقف للقضاء بينهم، وهو المقام المحمود الآتي في الباب الذي يليه.
ثم بعد الشّفاعة العظمى له ﷺ شفاعات أخرى مثل إدخال أهل الجنّة الجنّة، وإخراج أهل التوحيد من النّار، وشفاعته لمن استحقّ النّار أن لا يدخلها من أمّته.
وأمّا ما ذكر في أحاديث هذا الباب من الشفاعات في الموقف وإخراج عصاة أهل التوحيد من أمّته من النّار وغير ذلك من الشّفاعات، فالظّاهر أنّ بعض الرّواة جمعوا بين الأحاديث المختلفة، وساقوها سياقًا واحدًا، وبعضهم اختصر من أول الحديث، وبعضهم اختصر من آخره.
قال ابن خزيمة في التوحيد (٢/ ٥١٩): «أصحاب النّبيّ ﷺ ربما اختصروا أخبار النبيّ ﷺ إذا حدّثوا بها، وربما اقتصُّوا الحديث بتمامه، وربما كان اختصارٌ بعد الإخبار، وبعض السّامعين يحفظ بعض الخبر، ولا يحفظ جميع الخبر، وربما نسي بعد الحفظ بعض المتن، فإذا جُمعت الأخبار كلّها عُلم حينئذ جميعُ المتن» انتهى.
أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)
الباب الحالي في المركز 285 من أصل 361 باباً
- 260 باب من أحبّ رسول اللَّه ﷺ يكون معه في الجنة
- 261 باب فيمن يودّ رؤية النبي ﷺ بأهله وماله
- 262 باب فضل من آمن بالنّبيّ ولم يره
- 263 باب دعاء النبيّ ﷺ لمن شهد له بالرّسالة
- 264 باب وجوب الإيمان بأنّ النّبيّ ﷺ خاتم النّبيين ولا نبيَّ بعده
- 265 باب قول النبيّ ﷺ لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي
- 266 باب ما جاء في خاتم النّبوة وصفته
- 267 باب ذهاب النّبوة بعد نبوة نبيّنا ﷺ وبقاء المبشّرات
- 268 باب ما من شيء بين السماء والأرض إلّا يشهد لنبوّة محمد رسول اللَّه ﷺ-
- 269 باب ما جاء من الإيمان بما خصّ به النبيّ ﷺ من الإسراء والمعراج، وما جاء فيه من الآيات البينات
- 270 باب أنّ النّبيّ ﷺ نذير بين يدي عذاب شديد
- 271 باب بشرية الرّسول ﷺ-
- 272 باب كراهية رفع النّبيّ ﷺ فوق المنزلة التي أنزله اللَّه ﷾
- 273 ذكر ما يدل على أنّ رفع الصّوت على النّبيّ ﷺ من الكبائر ومحبط للأعمال
- 274 باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن بالنبيّ ﷺ-
- 275 باب الإيمان بالخصال التي فُضِّل بها النّبيّ ﷺ على غيره
- 276 باب أنّ النّبيّ ﷺ أوّل من يفتح له باب الجنّة
- 277 باب أنّ النّبيّ ﷺ أعطي مفاتيح خزائن الأرض
- 278 باب ذكر الكوثر الذي أعطاه اللَّه نبيَّه ﷺ وصفاته
- 279 باب الإيمان في إثبات حوض النّبيّ ﷺ وصفاته، ومَن يردُ عليه ومن يُذاد عنه مِن أمّته
- 280 باب وعد النّبيّ ﷺ الأنصار بلقائهم على الحوض
- 281 باب أنّ منبر النّبيّ ﷺ على الحوض
- 282 باب ما جاء أنّ لكلِّ نبيٍّ حوضًا
- 283 باب في قول النبيّ ﷺ: أنا أوّل من يشفع
- 284 باب اختباء النبيّ ﷺ دعوته لشفاعة أمّته
- 285 باب شفاعة النّبيّ ﷺ لأهل الموقف
- 286 باب ما جاء أنّ المقام المحمود هو الشّفاعة
- 287 باب ما قيل: إنّ المقام المحمود هو أن يُجلس اللَّه ﵎ نبيَّنا محمّدًا ﷺ معه على عرشه
- 288 باب شفاعة النّبيّ ﷺ لكلّ من قال: لا إله إلّا اللَّه، ولم يشرك باللَّه ولو عمل الكبائر واستحقّ النار
- 289 شفاعة النّبيّ ﷺ لكلّ مَنْ دعا بالدّعاء عند سماع النّداء
- 290 باب شفاعة النّبيّ ﷺ لمَنْ مات في المدينة
- 291 باب شفاعة النّبيّ ﷺ لمن صبر على لأواء المدينة
- 292 باب شفاعة النّبيّ ﷺ لأبي طالب لتخفيف العذاب عنه
- 293 باب ما فُضل به النّبي ﷺ على غيره من الأنبياء منها الشّفاعة
- 294 باب مَنْ لا تنالُه شفاعة النّبيّ ﷺ-
- 295 باب من لا تكون له الشّفاعة
- 296 باب طلب الشّفاعة من النّبيّ ﷺ-
- 297 باب ما جاء في شفاعة المصلين للميّت
- 298 باب ما رُوي في شفاعة النّبيّ ﷺ لمن يصلي عليه صباحًا ومساءً
- 299 باب في شفاعة الملائكة والنّبيين والمؤمنين
- 300 باب ما جاء في شفاعة إبراهيم ﵇ للمسلمين من ولده
- 301 باب ما جاء في شفاعة الشّهيد
- 302 باب ما جاء في شفاعة القرآن لأهله
- 303 باب ما جاء في النَّفخ في الصُّور
- 304 باب ما روي أنّ الذي ينفخ في الصّور هو إسرافيل ﵇
- 305 باب ما جاء أنّ الصّور هو القَرْن
- 306 باب كيف يحشرُ النّاسُ يوم القيامة
- 307 باب أنّ الكافر يحشر على وجهه
- 308 باب وصف الأرض التي يحشر النّاس عليها
- 309 باب أوّل من يُدعى يوم القيامة آدم ﵇
معلومات عن حديث: شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف
📜 حديث عن شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف
أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف من مصادر موثوقة.
🔍 صحة حديث شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف
تحقق من درجة أحاديث شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف (صحيح، حسن، ضعيف).
📖 تخريج حديث شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف
تخريج علمي لأسانيد أحاديث شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف ومصادرها.
📚 أحاديث عن شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف
مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع شفاعة النبي ﷺ لأهل الموقف.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Sunday, August 24, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب