الإيمان في إثبات حوض النبي ﷺ وصفاته ومن يرد عليه ومن يذاد عنه من - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب الإيمان في إثبات حوض النّبيّ ﷺ وصفاته، ومَن يردُ عليه ومن يُذاد عنه مِن أمّته

عن أنس بن مالك، عن النّبيّ ﷺ قال: «ليردَنَّ عليَّ ناسٌ من أصحابي الحوضَ، حتى إذا عرفتهم اختلجوا دُوني فأقول: أصحابي؟ فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الرقاق (٦٥٨٢)، ومسلم في الفضائل (٢٣٠٤) كلاهما من حديث وُهيب، حدّثنا عبد العزيز بن صهيب، يحدّث قال: حدّثنا أنس بن مالك، فذكر الحديث. ولفظهما سواء إلّا أنّ في لفظ مسلم: «أُصيْحابي أصيْحابي! فَلْيُقالنَّ لي: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك».
عن أنس، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «إنّ قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاءَ من اليمن، وإنّ فيه من الأباريق كعدد نجوم السّماء».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الرّقاق (٦٥٨٠)، ومسلم في الفضائل (٢٣٠٣) كلاهما من حديث ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: حدّثني أنس بن مالك، فذكره.
عن أنس بن مالك، عن النبيّ ﷺ قال: «ما بين ناحيتي حوضي كما بين صنعاء والمدينة».
وفي رواية: «أو مثل ما بين المدينة وعمّان».
وفي رواية: «ما بين لابتي حوضي».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٣٠٣) من طرق عن معتمر، قال: سمعتُ أبي، حدّثنا قتادة، عن أنس، فذكره.
والرواية الثانية عنده من طريقين هشام وأبي عوانة كلاهما عن قتادة.
والرواية الثالثة عنده أيضًا، وهذا اللفظ لأبي عوانة.
عن أنس، قال: قال النبيّ ﷺ: «تُرى فيه أباريق الذّهب والفضّة كعدد نجوم السّماء».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٣٠٣: ٤٣) من طرق عن خالد بن الحارث، عن سعيد، عن قتادة، قال: قال أنس، فذكره.
ورواه شيبان، عن قتادة، قال: حدّثنا أنس بن مالك، أنّ نبيّ اللَّه ﷺ قال: مثله، وزاد: «أو أكثر من عدد نجوم السّماء».
عن أبي هريرة، قال: قال النبيّ ﷺ: «والذي نفسي بيده لأذودنَّ رجالًا عن حوضي كما تُذاد الغريبة من الإبل عن الحوض».

متفق عليه: رواه البخاريّ في المساقاة (٢٣٦٧)، ومسلم في الفضائل (٢٣٠٣) كلاهما من حديث شعبة، عن محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة، قال (فذكره).
وقوله: «لأذودنّ» أي لأطردنّ رجالًا منكم، قيل: هم المبتدعة، أو الظلمة، وقيل غير ذلك وفيه أقوال.
عن أبي هريرة، أنّه كان يحدِّثُ أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «يردُ عليَّ يومَ القيامة رهْطٌ من أصحابي، فيُجْلَونَ عن الحوض، فأقولُ: يا ربِّ أصحابي؟ فيقول: إنّك لا علم لكَ بما أحدثوا بعدك، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القَهْقرى».

صحيح: رواه البخاريّ في الرقاق (٦٥٨٥) قال: وقال أحمد بن شبيب بن سعيد الحَبْطي، حدّثنا أبي، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، أنّه كان يحدّث، فذكر الحديث.
ورواه أيضًا (٦٥٨٦) عن أحمد بن صالح، حدّثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب أنّه كان يحدِّث، عن أصحاب النبيّ ﷺ: أنّ النبيّ ﷺ قال: «يردُ على الحوضِ رجالٌ من أصحابي، فَيُحَلَّؤون عنه، فأقولُ: يا ربِّ أصحابي؟ فيقول: إنّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى».
وقال شعيب عن الزّهريّ: كان أبو هريرة يحدِّثُ عن النبيّ ﷺ: «فَيُجْلَوْن». وقال عُقيل: «فَيُحَلَّؤونَ».
وقال الزُّبيديُّ، عن الزّهريّ، عن محمد بن علي، عن عبيد اللَّه بن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ.
قوله: «يُجْلوْن». بضم أوله وسكون الجيم وفتح اللّام - أي يصرفون.
وقوله: «فَيُحَلَّؤونَ». بفتح الحاء وتشديد اللام بعدها همزة مضمومة، معناه: يطردون.
عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ قال: بينا أنا نائم إذا زُمرة، حتّى إذا عرفتهم خرج رجلٌ من بيني وبينهم، فقال: هلّمَ، فقلتُ: أينْ؟ قال: إلى النّار واللَّهِ، قلت: ما شأنهم؟ قال: إنّهم ارتدّوا بعدك عن أدبارهم القهقرى. ثم إذا زمرةٌ، حتى إذا عرفتهم خرج رجلٌ من بيني وبينهم، فقال: هلمَّ، قلتُ أين؟ قال: إلى النّار واللَّه، قلتُ: ما شأنهم؟ قال: إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أُراهُ يخلُصُ منهم إلّا مثل همَل النَّعَم».

صحيح: رواه البخاريّ في الرقاق (٦٥٨٧) عن إبراهيم بن المنذر، حدّثنا محمد بن فليح، حدّثنا أبي، قال: حدثني هلال، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، فذكره.
عن أبي هريرة: أنّ رسول اللَّه ﷺ أتى المقبرة فقال: «السّلامُ عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إن شاء اللَّه بكم لاحقون، وددتُ أنّا قد رأينا إخواننا». قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول اللَّه؟ ! قال: «أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد». فقالوا: كيف نعرف من لم يأت بعد من أمّتك يا رسول اللَّه؟ فقال: «أرأيت لو أنّ رجلا له خيل غرّ محجّلة بين ظهري خيل دُهْم بُهْم ألا يعرفُ خيلَه». قالوا: بلى يا رسول اللَّه. قال: «فإنّهم يأتون غرًّا محجّلين من الوُضوء، وأنا فرطهم على الحوض. ألا لَيُذادنَّ رجالٌ عن حوضي كما يُذاد البعير الضّال، أناديهم ألا هُلمّ. فقال: إنّهم قد بدّلوا بعدك فأقول سُحْقًا سُحْقًا».

صحيح: رواه مسلم في الطّهارة (٢٤٩) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، أخبرني العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
قوله: «أنا فرطهم على الحوض» أي متقدّمهم إليه، من فرَطَ يَفْرِط -عجّل وأسرع- كما جاء في التنزيل: ﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى﴾ [سورة طه: ٤٥]. أي يتعجّل العقوبة.
والفرط أكثر ما يستعمل في السّبق إلى الماء لإعداده وتهيئته.
عن أبي هريرة، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «إنّ حوضي أبعد من أيلة من عدن، لهو أشدّ بياضًا من الثّلْج، وأحلى من العسل باللّبن، ولآنيتُه أكثر من عدد النّجوم، وإني لأصد النّاس عنه كما يصدّ الرّجل إبل النّاس عن حوضه». قالوا: يا رسول اللَّه، أتعرفنا يومئذ؟ قال: «نعم لكم سيما ليست لأحد من الأمم، تردون عليَّ غرًّا محجلين من أثر الوضوء».
وفي رواية: «ترد عليَّ أمّتي الحوض وأنا أذود النّاس عنه كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله». قالوا: يا نبي اللَّه، أتعرفنا؟ قال: «نعم لكم سيما ليست لأحد غيركم. تردون علي غرًّا محجّلين من آثار الوضوء. وليُصدَنَّ عنّي طائفة منكم فلا يصلون، فأقول: يا ربّ، هؤلاء من أصحابي، فيجيبني ملكٌ فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟».

صحيح: رواه مسلم في الطّهارة (٢٤٧) من طرق عن مروان الفزاريّ، عن أبي مالك الأشجعيّ سعد بن طارق، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، فذكره.
والرواية الثانية عنده من طريق ابن فُضيل، عن أبي مالك الأشجعيّ، بإسناده.
عن ابن عمر، عن النبيّ ﷺ قال: «إنّ أمامكم حوضًا كما بين جَرْبًا وأَذْرُحَ».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الرّقاق (٦٥٧٧)، ومسلم في الفضائل (٢٢٩٩) كلاهما من حديث يحيى القطّان، عن عبيد اللَّه، أخبرني نافع، عن ابن عمر، فذكره.
وزاد مسلم: قال عبد اللَّه: فسألته؟ فقال: قريتين بالشّام، بينهما مسيرة ثلاث ليالٍ، وفي حديث ابن بشر: ثلاثة أيام.
وهذا التفسير بيّن خطأ ما ذهب إليه ابنُ حبان في صحيحه (١٤/ ٣٦٥) فقال عقب حديث ابن عمر: المسافة بين جرباء وأذرح كما بين المدينة وعمّان، ومكة وأيلة، وصنعاء والمدينة، وصنعاء وبصرى، سواء من غير أنّ يكون بين هذه الأخبار تضاد أو تهاور».
وذلك لوجود غلط في رواية مسلم لاختصار وقع من بعض رواته، بيّن ذلك ضياء الدّين المقدسيّ، ونقل عنه الحافظ في الفتح (١١/ ٤٧٢) لما رواه من حديث أبي هريرة بسند حسن مرفوعًا في ذكر الحوض، فقال فيه: «عرضه مثل ما بينكم وبين جرباء وأذرح». قال ضياء الدين: «فظهر بهذا أنّه وقع في حديث ابن عمر حذف تقديره: كما بين مقامي وبين جرباء وأذرح. فسقط «مقامي وبين».
وقال الحافظ صلاح الدين العلائيّ بعد أن حكى قول ابن الأثير في النهاية: «هما قرينان بالشّام بينهما مسيرة ثلاثة أيام». ثم غلّطه في ذلك وقال ليس كما قال! بل بينهما غلوة سهم، وهما معروفتان بين القدس والكرك. قال: وقد ثبت القدر المحذوف عند الدارقطني وغيره بلفظ: «ما بين المدينة وجرباء وأذرح».
قال الحافظ: «وإذا تقرّر ذلك رجع جميع المختلف إلى أنه لاختلاف السّير البطئ، والسير السّريع».
عن ابن عمر، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «إنّ أمامكم حوضًا كما بين جرْبا وأَذرُحَ، فيه أباريق كنجوم السّماء، من ورده فشرب منه، لم يظمأ بعدها أبدًا».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٢٩٩: ٣٥) عن حرملة بن يحيى، حدّثنا عبد اللَّه بن وهب، حدّثني عمر بن محمد، عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر، فذكره.
عن حارثة بن وهب الخزاعيّ، أنّه سمع النبيّ ﷺ يقول: «حوضُه ما بين صنعاء والمدينة».
فقال له المستورد: ألم تسمعه قال: «الأواني»؟ قال: لا. فقال المستورد: «تُرى فيه الآنية مثلُ الكواكب».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الرّقاق (٦٥٩١)، ومسلم في الفضائل (٢٢٩٨) كلاهما من حديث حرمي بن عمارة، حدّثنا شعبة، عن معبد بن خالد، أنّه سمع حارثة بن وهب يقول: فذكره.
وزيادة المستورد ذكرها البخاري معلقًا فقال: وزاد ابن أبي عدي، عن شعبة، عن معبد بن
خالد، عن حارثة بن وهب.
ووصله مسلم عن محمد بن عبد اللَّه بن بزيع، قال: حدّثنا ابن أبي عدي بإسناده. وقال عقب رواية حرمي بن عمارة: «ولم يذكر قول المستورد وقوله».
والمستورد -بضم الميم، وسكون المهملة، وفتح المثناة، بعدها واو ساكنة، ثم راء مكسورة، ثم مهملة- هو ابن شدّاد بن عمرو بن حِسْل -بكسر أوله، وسكون الثانية- القرشيّ الفهريّ، صحابيّ بن صحابيّ.
قال الحافظ ابن حجر: «ليس له في البخاريّ إلّا هذا الموضع، وحديثه مرفوع وإن لم يصرّح به».
والآنية: جمع إناء وهو وعاء، والمراد به الكؤوس التي يُشربُ بها من الحوض.
وقوله: «مثل الكواكب». أي في السّماء كثرةً وضياءً.
عن عبد اللَّه بن مسعود، عن النّبيّ ﷺ قال: «أنا فرطكم على الحوض، وليرفعنّ رجال منكم ثم ليُخْتلَجُنَّ دوني، فأقول: يا ربّ أصحابي؟ فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الرقاق (٦٥٧٦)، ومسلم في الفضائل (٢٢٩٧) كلاهما من حديث شعبة، عن المغيرة، قال: سمعت أبا وائل، عن عبد اللَّه، فذكره، واللفظ للبخاريّ. وفي لفظ مسلم: «ولأُنازعَنَّ أقوامًا، ثم لأُغْلَبَنَّ عليهم. . .».
عن عقبة بن عامر، قال: صلّى رسولُ اللَّه ﷺ على قتلى أُحد بعد ثماني سنين كالمودِّع للأحياء والأموات، ثم طلع المنبر، فقال: «إنّي بين أيديكم فَرط، وأنا عليكم شهيد، وإنّ موعدكم الحوض، وإني لأنظر إليه من مقامي هذا، وإنّي لستُ أخشى عليكم أن تشركوا، ولكني أخشى عليكم الدّنيا أن تنافسوها».
قال: فكانت آخر نظرةٍ نظرتُها إلى رسول اللَّه ﷺ.

متفق عليه: رواه البخاريّ في «المغازي» (٤٠٤٢)، ومسلم في الفضائل (٢٢٦٩) كلاهما من حديث يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، فذكره.
عن عبد اللَّه بن عمرو، قال: قال النبيُّ ﷺ: «حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللّبن، وريحه أطيب من المسك، وكِيزانه كنجوم السماء، من شرب منها فلا يظمأ أبدًا».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الرّقاق (٦٥٧٩)، ومسلم في الفضائل (٢٢٩٢) كلاهما من حديث نافع بن عمر الجمحيّ، عن ابن أبي مليكة، قال: قال عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فذكره. واللّفظ للبخاريّ.
وزاد في مسلم: «وزواياه سواء». أي طوله عرضه.
عن ابن عباس، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «حوضي مسيرة شهر زواياه سواء، أكوازه عدد نجوم السماء، ماؤه أبيض من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب من المسك، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا».

حسن: رواه الطبرانيّ في الكبير (١١/ ١٢٥) عن إبراهيم بن هاشم البغويّ، ثنا محمد بن عبد الوهاب الحارثي، ثنا عبد اللَّه بن عبيد بن عمير، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، فذكره.
قال الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٦٦ - ٣٦٧): «رجاله رجال الصّحيح غير محمد بن عبد الوهاب الحارثي وهو ثقة».
قال الأعظمي: وهو حسن بما قبله وإلّا فمحمد بن عبد الوهاب لم أقف على ترجمته، وإنما ذكره ابن حبان في الثقات (٩/ ٨٣) فالظاهر أنه انفرد بتوثيقه، وعليه اعتمده الهيثميّ، واللَّه تعالى أعلم.
من الفوائد المهمّة:
قال القرطبيّ رحمه اللَّه تعالى: «قوله ﷺ: «حوضي مسيرة شهر، زواياه سواء». أي أركانه معتدلة، يعني: أنّ ما بين الأركان متساوٍ، فهو معتدل التربيع، وقد اختلفت الألفاظُ الدَّالةُ على مقدار الحوض، كما هو مُبيَّن في الروايات المذكورة في الأصل. وقد ظنَّ بعض القاصرين: أنّ ذلك اضطراب، وليس كذلك، وإنّما تحدَّث النبيُّ ﷺ بحديث الحوض مرَّات عديدة، وذكر فيها تلك الألفاظ المختلفة إشعارًا بأن ذلك تقدير، لا تحقيق، وكلّها تفيد أنه كبير متسعٌ، مُتباعد الجوانب والزّوايا، ولعلّ سببَ ذكره للجهات المختلفة في تقدير الحوض: أنّ ذلك إنّما كان بحسب من حضره ممن يعرف تلك الجهات، فيخاطبُ كلَّ قوم بالجهة التي يعرفونها، واللَّه أعلم». «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (٦/ ٩١ - ٩٢).
وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: قال النبيُّ ﷺ: «إنّي على الحوض حتى أنظر من يرد عليَّ منكم، وسيؤخذ ناس دوني، فأقول: يا ربّ، مني ومن أمّتي! ! فيقال: هل شعرتَ ما عملوا بعدك؟ واللَّهِ ما برحوا يرجعون على أعقابهم».
فكان ابنُ أبي مليكة يقول: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا، أو نفتن عن ديننا. ﴿أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ﴾ [سورة المؤمنون: ٦٦] ترجعون على العقب.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الرّقاق (٦٥٩٣)، ومسلم في الفضائل (٢٢٩٣) كلاهما من حديث نافع بن عمر، قال: حدّثني ابن أبي مليكة، عن أسماء بنت أبي بكر، فذكرته.
ومسلم لم يذكر إسناده، وإنّما أحال على إسناد حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص.
عن سهل بن سعد، يقول: سمعتُ النّبيَّ ﷺ يقول: «أنا فرطكم على
الحوض، من ورد شرب منه، ومَنْ شرب منه لم يظمأ بعده أبدًا، ليرد عليَّ أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم».
قال أبو حازم: فسمعني النّعمان بن أبي عياش، وأنا أحدّثهم هذا. فقال: هكذا سمعتَ سهلًا؟ فقلت: نعم، قال: وأنا أشهد على أبي سعيد الخدريّ لسمعته يزيد فيه، قال: «إنّهم منّي، فيقال: إنّك لا تدري ما بدّلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا لمن بدّل بعدي».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الفتن (٧٠٥٠، ٧٠٥١)، ومسلم في الفضائل (٢٢٩٠) كلاهما من حديث يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، قال: سمعت سهل بن سعد، فذكره.
عن أبي سعيد الخدريّ، عن النبيّ ﷺ بمثل حديث سهل بن سعد.

متفق عليه: رواه مسلم (٢٢٩١) عن هارون بن سعيد الأيليّ، حدّثنا ابن وهب، أخبرني أسامة، عن أبي حازم، عن سهل، عن النّبيّ ﷺ.
وعن النّعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدريّ، عن النّبيّ ﷺ بمثل حديث يعقوب بن عبد الرحمن مع الزّيادات التي ذكرت.
ورواه البخاريّ في الرّقاق (٦٥٨٤) معطوفًا على (٦٥٨٣) عن سعيد بن أبي مريم، حدّثنا محمد ابن مطرّف، حدّثني أبو حازم، قال أبو حازم: فسمعني النّعمان بن أبي عياش، فقال: هكذا سمعت من سهل؟ فقلت: نعم. فقال: أشهد على أبي سعيد الخدريّ لسمعتُه وهو يزيد فيها: «فأقول: إنّهم منّي. فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول: سحقًا سحقًا لمن غيّر بعدي».
قال ابن عباس: ﴿فَسُحْقًا﴾ [سورة الملك: ١١] بُعدًا. يقال: ﴿سَحِيقٍ] [سورة الحج: ٣١] بعيد. وأسحقه: أبعده.
عن جندب بن عبد اللَّه بن سفيان البجليّ، قال: سمعت النّبيَّ ﷺ يقول: «أنا فرطكم على الحوض».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الرّقاق (٦٥٨٩)، ومسلم في الفضائل (٢٢٩٨) كلاهما من حديث شعبة، عن عبد الملك بن عمير، قال: سمعتُ جندبًا قال (فذكره).
قوله: «فرطكم» قال أهل اللغة: الفرط والفارط هو الذي يتقدّم الواردين ليصلح لهم الحياض والدّلاء ونحوها من أمور الاستسقاء، فمعنى فرطكم على الحوض: سابقكم إليه كالمهيء له.
عن عائشة تقول: سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول -وهو بين ظهراني أصحابه-: «إنّي على الحوض أنتظر من يرد عليَّ منكم، فواللَّه ليُقتطعنَّ دوني رجال، فلأقولنَّ: أي رب! منِّي ومن أمّتي. فيقول: إنّك لا تدري ما عملوا بعدك، ما زالوا يرجعون
على أعقابهم».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٢٩٤) عن أبي عمر، حدثنا يحيى بن سُليم، عن ابن خُثيم، عن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن أبي مُليكة، أنّه سمع عائشة تقول: فذكرتْه.
عن أمِّ سلمة زوج النّبيّ ﷺ أنّها قالتْ: كنتُ أسمعُ النّاسَ يذكرون الحوضَ، ولم أسمعْ ذلك من رسول اللَّه ﷺ. فلما كان يومًا من ذلك، والجاريةُ تَمْشُطُني. فسمعتُ رسولَ اللَّه ﷺ يقول: «أيُّها النّاس». فقلتُ للجارية: اسْتأخري عنّي. قالتْ: إنّما دعا الرّجال ولم يدعُ النِّساء. فقلتُ: إنّي من النّاس. فقال رسولُ اللَّه ﷺ: «إنّي لكم فرَطٌ على الحوْض. فإيَّاي! لا يأتينَّ أحدُكم فيُذبُّ عنّي كما يُذَبُّ البعيرُ الضَّالُ. فأقولُ: فيم هذا؟ فيقال: إنّك لا تدْري ما أحدثوا بعْدك! فأقولُ: سُحْقًا».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٣٢٩٥) عن يونس بن عبد الأعلى الصّدفيّ، أخبرنا عبد اللَّه بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أنّ بكيرًا حدّثه عن القاسم بن عباس الهاشميّ، عن عبد اللَّه بن رافع مولى أمِّ سلمة زوج النبيّ ﷺ، فذكرت مثله.
عن حذيفة، عن النّبيّ ﷺ قال: «أنا فرطكم على الحوض، ولأُنازِعَنَّ أقوامًا ثُم لأُغلبنَّ عليهم. فأقول: يا ربّ أصحابي! أصحابي! فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٢٩٧) ومن طرق عن حصين، عن أبي وائل، عن حذيفة، عن النّبيّ ﷺ نحو حديث الأعمش ومغيرة.
أي أنّ مسلمًا لم يسق لفظ الحديث، وإنّما أحال على لفظ حديث الأعمش ومغيرة، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه كما مضى.
وأمّا البخاريّ فبعد أن أخرج حديث عبد اللَّه بن مسعود قال: تابعه عاصم، عن أبي وائل. وقال حصين: عن أبي وائل، عن حذيفة، عن النبيّ ﷺ.
أي جعل المغيرة هذا الحديث من مسند عبد اللَّه بن مسعود، وتابعه عاصم على ذلك، ولكن جعل حُصين من مسند حذيفة إِلَّا أنّ البخاريّ لم يذكرا إسناده بل جعله مطلقًا. ولذا لم أخرجه إِلَّا عن مسلم وحده.
وعن حذيفة، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إنّ حوضي لأبعدُ من أيلة من عدن، والذي نفسي بيده إنّي لأذود عنه الرّجال كما يذود الرجل الإبل الغريبة عن حوضه». قالوا: يا رسول اللَّه، وتعرفنا؟ قال: «نعم، تردون عليَّ غرًّا محجّلين من آثار الوضوء ليست لأحدٍ غيركم».

صحيح: رواه مسلم في الطّهارة (٢٤٨) عن عثمان بن أبي شيبة: حدّثنا علي بن مسهر، عن سعد بن طارق، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، فذكره.
عن حذيفة، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «بين حوضي كما بين أيلة ومضر، آنيته أكثر -أو قال: مثل- عدد نجوم السماء، ماؤه أحلى من العسل، وأشد بياضًا من اللَّبن، وأبردُ من الثّلج، وأطيبُ ريحًا من المسك، مَنْ شرب منه لم يظمأُ بعده».

حسن: رواه الإمام أحمد (٢٣٣١٧)، والبزّار (٢٩١١) كلاهما من حديث عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا حمّاد، عن عاصم، عن زرّ، عن حذيفة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عاصم وهو ابن بهدلة فإنه حسن الحديث.
ورواه ابن أبي عاصم في السنة (٧٢٤، ٧٢٥) من طريقين زائدة وحماد بن سلمة كلاهما عن عاصم بإسناده موقوفًا، والحكم لمن زاد، ومثله لا يقال بالرّأي.
عن أبي ذرّ قال: قلت: يا رسول اللَّه، ما آنية الحوض؟ قال: «والذي نفس محمد بيده، لآنيته أكثر من عدد نجوم السّماء وكواكبها، ألا في الليلة المظلمة المصحية، آنية الجنة. من شرب منها لم يظمأ آخر ما عليه، يشخُب فيه ميزابان من الجنة، من شرب منه لم يظمأ، عرضُه مثل طوله ما بين عمان إلى أيلة. ماؤه أشدُّ بياضًا من اللّبن وأحلى من العسل».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٣٠٠) من طرق عن عبد العزيز بن عبد الصمد العَمّي، عن أبي عمران الجوني، عن عبد اللَّه بن الصّامت، عن أبي ذرّ، فذكره.
عن ثوبان، أنَّ نبيَّ اللَّه ﷺ قال: «إنّي لَبِعُقْر حوضي أذودُ النّاس لأهل اليمن، أضرب بعصاي حتى يرفضَّ عليهم». فسئل عن عَرضه فقال: من مقامي إلى عمان». وسئل عن شرابه فقال: «أشدُّ بياضًا من اللّبن، وأحلى من العسل، يغتُّ فيه ميزابان يُمدَّانِه من الجنّة، أحدهما من ذهب، والآخر من ورق».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٣٠١) من طرق عن معاذ بن هشام، حدّثني أبي، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة اليعمريّ، عن ثوبان، فذكره.
وقوله: «يَغُتُّ فيه ميزابان يمدَّانه» قال النّوويّ: «هكذا قاله ثابت، والخطابيّ، والهرويّ، وصاحب التحرير والجمهور. يَغُتُّ. وكذا هو في معظم نسخ بلادنا، ونقله القاضي عن الأكثرين. قال الهرويّ: ومعناه يدفقان فيه الماء دفقًا متابعًا شديدًا، قالوا: وأصله من اتباع الشّيء الشّيء. وقيل: يصبّان فيه دائمًا صبًّا شديدًا».
عن جابر بن سمرة، عن رسول اللَّه ﷺ قال: «ألا إنّي فرط لكم على
الحوض، وإنّ بعد ما بين طرفيه كما بين صنعاء وأبلة، كأنّ الأباريق فيه النّجوم».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٣٠٥) عن الوليد بن شجاع بن الوليد السكونيّ، حدثني أبي ﵀، حدثني زياد بن خيثمة، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، فذكره.
عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، قال: كتبتُ إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع: أخبرني بشيء سمعتَ من رسول اللَّه ﷺ. قال فكتب إليَّ إنِّي سمعتُه يقول: «أنا الفَرَط على الحَوْض».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٣٠٥: ٤٥) من طرق عن حاتم بن إسماعيل، عن المهاجر ابن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، فذكره.
عن جابر بن عبد اللَّه قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «أنا فرطكم بين أيديكم، فإن لم تجدوني، فأنا على الحوض ما بين أيلة إلى مكة. وسيأتي رجال ونساء بآنيةٍ وقِرَبٍ ثم لا يذوقون منه شيئًا».

حسن: رواه ابن حبان في صحيحه (٦٤٤٩) عن عبد اللَّه بن أحمد بن موسى بعسكر مكرم، قال: حدثنا محمد بن معمر، قال: حدّثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: حدثني أبو الزبير، قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه، فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل أبي الزبير، وأبو عاصم هو الضّحّاك بن مخلد بن الضّحّاك الشيبانيّ النّبيل البصريّ من رجال الجماعة، ولا يعكر قول البزّار -كشف الأستار (٣٤٨١) -: «لا نعلمه يُروى بهذا اللّفظ إِلَّا عن جابر، وإنّما يعرف هذا من حديث حجّاج عن ابن جريج».
فقد يكون له إسنادان هذا أحدهما، والثاني ما رواه الحجّاج عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول (فذكر الحديث).
ومن هذا الطريق رواه الطّبرانيّ في «الأوسط» (٧٥٣) وقال: «لم يروِ هذا الحديث عن ابن جريج إِلَّا حجّاج».
قال الأعظمي: بل رواه أيضًا أبو عاصم النّبيل، وكلاهما ثقتان.
والحديث في مسند الإمام أحمد من وجهين آخرين أحدهما (١٥١٢٠) من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه ولم يرفعه، فذكر مثله، وهو في حكم المرفوع.
والوجه الثاني (١٤٧١٩) من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، أنّه سمع النّبيّ ﷺ يقول فذكره.
وابنُ لهيعة فيه كلام معروف، ولكنه توبع هنا، ولا بأس به في المتابعات.
على أن له إسنادًا آخر رواه ابن أبي عاصم في السنة (٧٧١) عن محمد بن إسماعيل، ثنا
إسماعيل بن أبي أويس، عن أبي الزّناد، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزّبير، حدّثني جابر، أنّه سمع النبيّ ﷺ يقول: «أنا بين أيديكم، فإن لم تجدوني فأنا على الحوض، والحوض ما بين أيلة إلى مكة، وسيأتي رجال ونساء يُطرَدون منه فلا يطعموا منه شيئًا».
وإسناده حسن من أجل الكلام في إسماعيل بن أبي أويس، فإنّه تُكلِّم في حفظه، ولكن موافقة غيره تدل على أنّه لم يخطئ فيه وهو من رجال الشّيخين.
ومعنى قوله: «وسيأتي رجال ونساءٌ بأنيةٍ وقربٍ ثم لا يذوقون منه شيئًا».
قال ابن حبان: أريدَ به من سائر الأمم الذين قد غفر لهم، يجيئون بأواني ليستقوا بها من الحوض، فلا يُسْقَون منه، لأنّ الحوض لهذه الأمّة خاص دون سائر الأمم إذ محال أن يقدر الكافر والمنافق على حمل الأواني والقرب في القيامة، لأنّهم يساقون إلى النّار. نعوذ باللَّه من ذلك». انتهى.
قال الأعظمي: وقد يراد بهم أهل البدعة من أمّة محمد ﷺ الذين يمنعون من الشّرب من الحوض كما هو مصرَّح في الأحاديث الصّحيحة: «إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك».
عن الصُّنابح الأحمسيّ، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ألا إنّي فرطكم على الحوض، وإنّي مكاثرٌ بكم الأمم، فلا تَقْتَتِلُنَّ بعدي».

صحيح: رواه ابن ماجه (٣٩٤٤) عن محمد بن عبد اللَّه بن نمير، قال: حدثنا أبي ومحمد بن بشر، قالا: حدثنا إسماعيل، عن قيس، عن الصّنابح، فذكره.
وإسماعيل هو ابن أبي خالد، وقيس هو ابن أبي حازم، ورجاله ثقات.
وقد أخرجه كلٌ من الإمام أحمد (١٩٠٦٩)، وابن أبي عاصم في السنة (٧٣٩)، وابن حبان في صحيحه (٥٩٨٥، ٦٤٤٦، ٦٤٤٧) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد بإسناده مثله، إِلَّا أَنَّ البعض اختصره كما أنّ البعض قال: الصنابحيّ بالياء، وهو خطأ كما بيَّن ذلك الحافظ في «التهذيب»، ونقل عن ابن المديني والبخاري ويعقوب بن شيبة وغير واحد.
والصُّنابح: بضم أوله، ثم نون -هو ابن الأعسر الأحمسي- صحابي سكن الكوفة، وقد ثبت سماعة من النبيّ ﷺ كما صرَّح به في مسند الإمام أحمد، والسنة لابن أبي عاصم.
قال ابن حبان في «صحيحه» عقب ذكر الحديث: «الصُّنابح من الصّحابة، والصُّنابحيّ من التّابعين».
قال الأعظمي: الرّاوي في هذا الحديث هو الصُّنابح بن الأعسر، كما مضى، ولا خلاف في صحبته.
والصّنابحيّ هو عبد الرحمن بن عُسيلة أبو عبد اللَّه الصّنابحيّ من كبار التابعين.
وعبد اللَّه الصّنابحي صحابي آخر روي له مالك في الموطأ، وهو مختلف في صحبته، روى عن النبيّ ﷺ وعن أبي بكر، وعبادة بن الصّامت. وعنه عطاء بن يسار.
قال ابن معين: عبد اللَّه الصُّنابحي يروي عنه المدنيّون يُشبه أن يكون له صحبة.
قال الأعظمي: وهو ليس صاحبنا في هذا الحديث.
عن أبي بكر الصّديق قال: قال رسول اللَّه ﷺ «أَيْ رَبِّ خلقتني سيّدَ ولد آدم ولا فخر، وأوّل من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، حتى إنّه يرد عليَّ الحوض أكثر مما بين صنعاء وأيلة».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٥) عن إبراهيم بن إسحاق الطَّالقانيّ، قال: حدّثني النّضر بن شميل المازنيّ، قال: حدّثني أبو نعامة، قال حدّثني أبو هنيدة البراء بن نوفل، عن والان العدويّ، عن حذيفة، عن أبي بكر الصديق في حديث طويل.
وإسناده حسن. وانظر تخريجه كاملًا في الشّفاعة الكبرى.
عن أنس، قال: سألت النبيّ ﷺ أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: «أنا فاعل». قال: قلت: يا رسول اللَّه، فأين أطلبك؟ قال: «اطلبني أوّل ما تطلبني على الصّراط». قال: قلت: فإن لم ألقاك على الصّراط؟ قال: «فاطلبني عند الميزان». قلت: فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: «فاطلبني عند الحوض، فإنّي لا أخطئ هذه الثلاث المواطن».

حسن: رواه الترمذيّ (٣٤٣٣) عن عبد اللَّه بن الصّباح الهاشميّ، حدّثنا بدل بن المحَّبر، حدثنا حرب بن ميمون الأنصاريّ أبو الخطّاب، حدّثنا النّضر بن أنس، عن أبيه، فذكر مثله.
ورواه الإمام أحمد (١٢٨٢٥) عن يونس بن محمد، حدّثنا حرب بن ميمون، بإسناده، مثله.
وإسناده حسن من أجل حرب بن ميمون، فإنه حسن الحديث.
وقال الترمذي: «حديث حسن غريب لا نعرفه إِلا من هذا الوجه».
عن أبي أمامة، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «إنّ اللَّهَ وَعَدَنِي أن يُدخِل من أمَّتي الجنَّةَ سبعين ألفًا بغير حساب».
فقال يزيد بن الأخنس السُّلميّ: واللَّه ما أولئك في أمَّتك إِلَّا كالذُّباب الأَصْهب في الذِّبَّان! فقال رسول اللَّه ﷺ: «فإنّ ربِّي قد وَعَدني سبعين ألفًا، مع كلِّ ألفٍ سبعون ألفًا، وزادني ثلاثَ حَثَياتٍ».
قال: فما سعةُ حَوْضِك يا نبيَّ اللَّه؟ قال: «كما بين عَدَنِ إلى عَمَّان، وأوْسعُ وأَوْسعُ» يُشيرُ بيده. قال: «فيه مَثْعَبان من ذهب وفضة». قال: فما حوضُك يا نبيَّ اللَّه؟ قال: «ماءٌ أشدُّ بياضًا من اللَّبن، وأحلى مذاقةً من العسل، وأطيب رائحةً من المسك، مَن شرب منه لم يظْمأ بعدها، ولم يَسْودَّ وجهُه أبدًا».

حسن: رواه أحمد (٢٢١٥٦) قال: حدّثنا عصام بن خالد، حدّثني صفوان بن عمرو، عن سُليم ابن عامر الخبائريّ وأبي اليمان الهوزَنيّ، عن أبي أمامة، فذكره.
وإسناده حسن، وأبو اليمان الهوزني هو عامر بن عبد اللَّه بن لُحي -مصغرًا- ذكره ابن حبان في ثقاته، ولذا قال فيه الحافظ: «مقبول». أي عند المتابعة، وقد توبع كما ترى، وسُليم بن عامر الخبائريّ ثقة من رجال مسلم.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا الطبرانيّ في: الكبير (٧٦٧٢)، وابن أبي عاصم في السنة (٧٢٩)، وصحّحه ابن حبان (٦٤٥٧، ٧٢٤٦).
وأمّا قول عبد اللَّه بن الإمام أحمد عقب حديث أبي أمامة وجدتُ هذا الحديث في كتاب أبي بخطّ يده، وقد ضرب عليه، فظننتُ أنه ضرب عليه لأنه خطأ، إنّما هو: عن زيد، عن أبي سلّام، عن أبي أمامة». فهو مشكل؛ لأنّ إسناده صحيح.
بل أصح من حديث زيد، عن أبي سلّام، عن أبي أمامة إن كان الإمام قصد به كما ظنّ عبد اللَّه ولده؛ لأنّ فيه مصعب بن سلام التميميّ الكوفي ضعيف، ومن طريقه أخرجه الطبرانيّ (٨/ ١٤٠) عنه، عن عبد اللَّه بن العلاء بن زيد، عن أبي سلام الأسود، عن أبي أمامة الباهليّ، عن النّبيّ ﷺ وهذا لفظه: «حوضي كما بين عدن وعمان، فيه الأكاويب عدد نجوم السّماء، من شرب منه لم يظمأ بعده أبدًا، وإنّ من يرد عليه من أمّتي الشعثة رؤوسهم الدّنسة ثيابهم، لا يُنكحون المتنعمات، ولا يحضرون السدد - يعني أبواب السلطان الذين يعطون كل الذي عليهم، ولا يعطون كل الذي لهم».
قال الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٦٢): رواه أحمد والطبرانيّ، ورجال أحمد وبعض أسانيد الطبرانيّ رجال الصحيح إِلَّا أنه قال في الطبرانيّ: «فما شرابه؟ قال: شرابه أبيض من اللّبن، وأحلى مذاقة من العسل».
عن عتبة بن عبد السُّلميّ يقول: قام أعرابيٌّ إلى رسول اللَّه ﷺ فقال: ما حوضك الذي تحدّث عنه؟ فقال: «هو كما بين صنعاء إلى بُصْرى، ثم يمدّني اللَّه فيه بكُراعٍ لا يدري بشر ممن خُلق أي طرفيه».
قال فكبّر عمر. فقال ﷺ: «أمّا الحوضُ فيزدحم عليه فقراء المهاجرين الذين يُقْتتلون في سبيل اللَّه ويموتون في سبيل اللَّه، وأرجو أن يوردني اللَّه الكراع فأشرب منه».

حسن: رواه ابن حبان في صحيحه (٦٤٥٠) من طريق معمر بن يعمر، قال: حدّثنا معاوية بن سلّام، قال: حدّثنا أخي زيد بن سلّام، أنه سمع أبا سلّام، قال: حدّثني عامر بن زيد البكالي أنه سمع عتبة بن عبد السلمي، فذكره.
ورواه ابنُ أبي عاصم في السنة (٧١٥) من طريق أبي توبة الرّبيع بن نافع: حدّثنا معاوية بن سلام، أنه سمع أبا سلّام، أخبرني عمرو بن زيد البكالي بإسناده مختصرًا، فحذف الواسطة بين
معاوية بن سلام وبين أبي سلّام وهو «أخوه زيد بن سلّام». ولكن رواه البيهقيّ في «البعث» (٢٧٤) من وجه آخر عن أبي توبة، فأثبت الواسطة.
وإسناده حسن من أجل عامر بن زيد البكالي، وإنه من رجال التعجيل (٥٠٥)، ولما ذكر الحسيني: ليس بالمشهور، تعقبه الحافظ فقال: بل معروف، وأطال في ذكره، والخلاصة أنه حسن الحديث.
عن يحنّس، أنّ حمزة بن عبد المطّلب لمّا قدم المدينة، تزوّج خولةَ بنتَ قيس ابن قَهْد الأنصاريّة من بني النَّجار، قال: وكان رسول اللَّه ﷺ يزور حمزةَ في بيتها، وكانت تحدِّثُ عنه ﷺ أحاديث، قالت: جاءنا رسول اللَّه ﷺ يومًا، فقلت: يا رسول اللَّه، بلغني عنك أنَّك تحدِّث أنَّ لك يوم القيامة حوضًا ما بين كذا إلى كذا؟ قال: «أَجَلْ، وأَحبُّ النّاس إليَّ أن يروي منه قومُكِ». قالت: فقدّمتُ إليه بُرْمَةً فيها خُبْرَةٌ -أو خَزِيرة- فوضع رسول اللَّه ﷺ يده في البُرمة ليأكل، فاحترقتْ أصابعه، فقال: «حَسِّ». ثم قال: «ابنُ آدم إن أصابه البرد قال: حسّ، وإن أصابه الحرُّ قال: حسّ».

صحيح: رواه الإمام أحمد (٢٧٣١٦) عن حسين بن محمد، قال: حدثنا جرير -يعني ابن حازم- عن يحيى بن سعيد، عن يُحَنَّس، فذكر الحديث.
ويُحنّس -بضم أوله، وفتح المهملة، وتشديد النون المفتوحة، ثم مهملة- ابن عبد اللَّه من رجال مسلم. وإسناده صحيح.
ورواه الطبرانيّ في الكبير (٢٤/ ٢٣٢)، وابن أبي عاصم في السنة (٧٠٥) من وجه آخر عن حمّاد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن خولة بنت قيس بن فهد، وكانت امرأة حمزة بن عبد المطلب فقتل عنها، فجاءت نبيّ اللَّه ﷺ تزوره، قالت: يا نبيّ اللَّه قد كنتُ أحبّ أن ألقاك فأسألك عن شيء، ذكر لي أنك تذكر أن لك حوضًا ما بين كذا إلى كذا. . . .». فذكر الحديث مثله. إِلَّا أنّ ابن أبي عاصم اختصره.
ثم رواه الطبرانيّ، والإمام أحمد (٢٧٣١٥)، وابن أبي عاصم في السنة (٧٠٤) كلهم من طريق ابن أبي شيبة، عن أبي خالد الأحمر، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبّان، عن خولة بنت حكيم، فذكرت الحديث مختصرًا.
قال الطبرانيّ: «هكذا رواه أبو خالد عن خولة بنت حكيم، والصواب حديث حماد بن زيد».
قال الأعظمي: وهو كما قال، فإن هذا الحديث من مسند خولة بنت قيس، وشذّ أبو خالد فجعله من مسند خولة بنت حكيم.
والحديث أورده الهيثميّ في: المجمع (١٠/ ٣٦١) وقال: رجال أحمد رجال الصّحيح.
ورُوي عن أسامة بن زيد نحوه، وفيه ذكر للكوثر والحوض معًا. رواه الطبرانيّ.
قال الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٦٣): «فيه حرام بن عثمان وهو متروك».
عن أبي الدّرداء، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «أنا فرطكم على الحوض، فلأعرفنَّ ما نوزعت في أحد منكم».
وفي رواية: «لألفين ما نوزعت أحدًا منكم على الحوض. فأقول أنا: من أصحابي». فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك. قال أبو الدّرداء: يا رسول اللَّه، ادع اللَّه أن لا يجعلني منهم قال: «لستَ منهم».

حسن: رواه ابن أبي عاصم في السنة (٧٣٧، ٧٦٧) عن هشام بن عمار، ثنا يحيى بن حمزة، ثنا يزيد بن أبي مريم، أنّ أبا عبيد اللَّه حدّثه عن أبي الدّرداء، فذكره.
ورواه أيضًا (٧٦٨) من وجه آخر عن عمرو بن عثمان، ثنا أبيّ، حدّثنا محمد بن مهاجر، قال: سمعت يزيد بن أبي مريم، يحدث عن أبي عبيد اللَّه، عن أبي الدّرداء، فذكره. واختصره في بعض المواضع.
وإسناده حسن من أجل يزيد بن أبي مريم فإنه حسن الحديث، غير أنّ أبا عبيد اللَّه تحرّف إلى «أبي عبد اللَّه» وإلى «أبي عبيدة»، وإلى «أبي عبيد».
والصّواب هو: أنه أبو عبيد اللَّه مسلم بن مِشكم كما سمّاه ابنُ أبي عاصم في الموضع الأوّل، وهو كاتب لأبي الدّرداء من رجال السنن وهو ثقة.
ورواه الطبرانيّ باللّفظ الثاني في الأوسط (٣٩٩)، قال الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٦٥): «ورواه الطبرانيّ بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصّحيح غير أبي عبد اللَّه -كذا والصواب: عبيد اللَّه- الأشعريّ وهو ثقة».
عن عمر، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «أنا ممسك بحجزكم عن النّار، وتغلبون تقاحمون فيها تفاحم الفراش والجنادب، وأوشك أن أرسل بحجزكم، وأفرط لكم على الحوض، وتردون علي معًا وأشتاتًا».

حسن: رواه ابن أبي شيبة في المصنف (١١/ ٤٥١ - ٤٥٢)، وعنه ابنُ أبي عاصم في السنة (٧٤٤) عن مالك بن إسماعيل، ثنا يعقوب بن عبد اللَّه القميّ، عن حفص بن حُميد، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن عمر بن الخطّاب، فذكره.
ورجاله ثقات غير يعقوب بن عبد اللَّه القميّ، ضعّفه الدَّارقطنيّ، ومشّاه غيره وهو حسن الحديث، وفي التقريب: «صدوق يهم».
ولبداية الحديث شواهد صحيحة من حديث أبي هريرة في الصحيحين، البخاريّ (٦٤٨٣)، ومسلم (٢٢٨٤)، ومن حديث جابر في مسلم (٢٢٨٥)، وسيأتي تخريجه كاملًا في فضائل النبيّ ﷺ.
عن أبي سعيد الخدريّ، قال: سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول على هذا المنبر: «ما بالُ رجال يقولون: إنّ رحم رسول اللَّه ﷺ لا تنفع قومه، بلى واللَّهِ إِنَّ رحمي موصولةٌ في الدّنيا والآخرة، وإنّي أيّها النّاس فرط لكم على الحوض، فإذا جئتم قال رجل: يا رسول اللَّه، أنا فلان بن فلان. قال آخر: أنا فلان بن فلان. فأقول: أما النَّسبُ فقد عرفتُه، ولكنكم أحدثتم بعدي وارتدتُم القهقرى».

حسن: رواه أبو يعلى (١٢٣٨) عن زهير، حدّثنا أبو عامر، عن زهير، عن عبد اللَّه بن محمد، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، فذكره.
زهير هو ابن حرب أبو خيثمة، وزهير الثاني هو ابن محمد التميمي وكلاهما من رجال الجماعة وإن كان زهير بن محمد مختلف فيه، فيقال: روايته عن أهل الشام غير مستقيمة، وشيخه هنا عبد اللَّه ابن محمد مدني، وهو ابن عقيل بن أبي طالب الهاشميّ، والإسناد حسن من أجل الكلام في حفظه غير أنه حسن الحديث، وأخرجه الحاكم (٤/ ٧٤ - ٧٥) من طريق زهير بن محمد، وقال: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه».
وقال الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٦٤): «رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصّحيح غير عبد اللَّه ابن محمد بن عقيل، وقد وُثِّق».
قال الأعظمي: وهو كما قال، غير أنه فاته العزو إلى الإمام أحمد، لأنّه رواه أيضًا من وجهين (١١١٣٨) عن أبي عامر بإسناده غير أنّ فيه حمزة بن أبي سعيد الخدريّ، والوجه الثاني (١١١٣٩) عن زكريا بن عدي، حدثنا عبيد اللَّه، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن حمزة بن أبي سعيد، عن أبيه، فذكر مثله.
ولا يحكم عليه بالاضطراب في الإسناد لسوء حفظ عبد اللَّه بن محمد بن عقيل؛ لأنه من الجائز أن يسمع الحديث من أبناء أبي سعيد الخدريّ فمرة عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، وأخرى عن حمزة بن أبي سعيد الخدريّ، وعبد الرحمن بن أبي سعيد ثقة من رجال مسلم، وحمزة بن أبي سعيد الخدريّ «مقبول» لكنه توبع.
ولا يُعكّر هذا ما رواه أحمد (١١١٣٤٥) عن أبي النّضر، حدّثنا شريك، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدريّ، فذكر الحديث لأنّ فيه شريكًا وهو ابن عبد اللَّه النخعيّ الكوفيّ تغيّر حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، فلعله أخطأ فجعل سعيد بن المسيب بدلًا من عبد الرحمن بن أبي سعيد.
عن أبي برزة، قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إنّ لي حوضًا ما بين أيلة إلى صنعاء، عرضُه كطوله، فيه ميزابان يَنْثَعِبان من الجنة، من وَرِق، والآخر من
ذهب، أحلى من العسل، وأبرد من الثّلج، وأبيض من اللّبن، من شرب منه لم يظمأ حتى يدخل الجنة، فيه أباريق عدد نجوم السّماء».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٩٨٠٤)، والبزار (٣٨٤٩)، وابن أبي عاصم في السنة (٧٢٢) كلّهم من طريق شدّاد بن سعيد أبي طلحة، قال: حدّثنا جابر بن عمرو أبو الوازع أنه سمع أبا برزة الأسلمي يقول (فذكره).
وصحّحه ابن حبان (١٤٥٨)، والحاكم (١/ ٧٦) كلاهما من هذا الوجه.
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، فقد احتجّ بحديثين عن أبي طلحة الرّاسبيّ، عن أبي الوازع، عن أبي برزة.
قال الأعظمي: بل إسناده حسن من أجل الكلام في جابر بن عمرو أبي الوازع، فإنه مختلف فيه، فوثّقه الإمام أحمد، وذكره ابن حبان في «الثقات». وقال النَّسائيّ: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء.
والخلاصة فيه أنه حن الحديث، وله أسانيد أخرى وهذا أصحها.
وأمّا ما رواه أبو داود (٤٧٤٩) عن مسلم بن إبراهيم، حدّثنا عبد السّلام بن أبي حازم أبو طالوت قال: شهدت أبا برزة دخل على عبيد اللَّه بن زياد فحدثني فلان، سماه مسلم، وكان في السِّماط، فلما رآه عبيد اللَّه قال: إنّ محمديّكم هذا الدّحداح، ففهمها الشيخ، فقال: ما كنت أحسب أني أبقى في قوم يعيروني بصحبة محمد ﷺ، فقال له عبيد اللَّه، إنّ صحبة محمد ﷺ لك زين غير شين، ثم قال: إنّما بعثتُ إليك لأسألك عن الحوض، سمعتَ رسول اللَّه ﷺ يذكر فيه شيئًا؟ فقال له أبو برزة: نعم لا مرة ولا ثنتين ولا ثلاثًا ولا أربعًا ولا خمسًا، فمن كذّب به فلا سقاه اللَّه منه، ثم خرج مغضبًا». ففيه رجل مبهم لم يُسم، إِلَّا أَنَّ القصّة صحيحة.
عن عبد اللَّه بن بريدة قال: شكّ عبيد اللَّه بن زياد في الحوض، وكانت فيه حرورية فقال: أرأيتم الحوض الذي يُذكر ما أُراه شيئًا! قال: فقال له ناس من صحابته: فإنّ عندك رهطًا من أصحاب النبيّ ﷺ فأرسلْ إليهم فاسألهم، فأرسل إلى رجل من مزينة فسأله عن الحوض فحدّثه، ثم قال: أرسل إلى أبي برزة الأسلميّ فأتاه وعليه ثوبا حبر، قد ائتّزر بواحد وارتدي بالآخر، قال: وكان رجلًا لحيمًا إلى القصر فلما رآه عبيد اللَّه ضحك ثم قال: إن مُحمّديَّكم هذا الدحداح، قال: ففهمها الشيخ فقال: واعجباه! ألا أَراني في قومي يعدُّون صحابة محمّد ﷺ عارًا، قال: فقال له جلساء عبيد اللَّه: إنّما أرسل إليك الأميرُ ليسألك عن الحوض، هل سمعتَ من رسول اللَّه ﷺ فيه شيئًا؟ قال: نعم سمعت رسول اللَّه ﷺ يذكره فمن كذَّب به فلا
سقاه اللَّه منه. قال: ثم نفض رداءَهُ وانصرف غضبانًا. قال: فأرسل عبيد اللَّه إلى زيد ابن الأرقم فسأله عن الحوض فحدّثه حديثًا مونقًا أعجبه، فقال: إنّما سمعتَ هذا من رسول اللَّه ﷺ؟ قال: لا، ولكن حدّثنيه أخي. قال: فلا حاجة لنا في حديث أخيك! فقال أبو سبرة -رجل من صحابة عبيد اللَّه- فإنّ أباك حين انطلق وافدًا إلى معاوية انطلقتُ معه فلقيتُ عبد اللَّه بن عمرو بن العاص فحدثني من فِيهِ إلى فيَّ حديثًا سمعه من رسول اللَّه ﷺ فأملاه عليَّ وكتبه. قال: فإنّي أقسمتُ عليك لما أَعْرقَتَ هذا البِرْذون حتى تأتيني بالكتاب. قال: فركبت البرذون فركضته حتى عَرِقَ، فأتيتُه بالكتاب فإذا فيه: هذا ما حدّثني عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أنّه سمع رسول اللَّه ﷺ يقول: «إنّ اللَّه يبغض الفحش والتّفحش، والذي نفس محمّد بيده! لا تقوم السّاعة حتى يظهر الفحش والتّفحش، وسوء الجوار، وقطيعة الأرحام، وحتى يخون الأمين، ويؤتمن الخائن، والذي نفس محمّد بيده إنّ أسلم المسلمين لمن سلم المسلمون من لسانه ويده، وإنَّ أفضل الهجرة لمن هجر ما نهاه اللَّه عنه، والذي نفسي بيده إنَّ مثل المؤمن كمثل القطعة من الذهب نفخ عليها صاحبها فلم تتغير ولم تنقص، والذي نفس محمّد بيده إنَّ مثل المؤمن كمثل النّحلة أكلت طيبًا ووضعت طيبًا ووقعت فلم تكسر ولم تفسد، ألا وإنَّ لي حوضًا ما بين ناحيتيه كما بين أيلة إلى مكة -أو قال صنعاء إلى المدينة- وإنَّ فيه من الأباريق مثل الكواكب هو أشد بياضًا من اللَّبن، وأحلى من العسل، مَنْ شرب منه لم يظمأ بعدها أبدًا».
قال أبو سبرة: فأخذ عبيدُ اللَّه الكتاب فجزعت عليه فلقي يحيى بن يعمر فشكوت ذلك إليه، فقال: واللَّهِ لأنا أحفظ له مني لسورة من القرآن فحدثني به كما كان في الكتاب سواء.

حسن: رواه عبد الرّزاق (٢٠٨٥٢)، وعنه أحمد (٦٨٧٢) (١٩٧٦٣) -كاملًا ومختصرًا- وابن أبي عاصم في السنة (٧٠٠، ٧٠٢) عن معمر، عن مطر الورّاق، عن عبد اللَّه بن بريدة، فذكره، إِلَّا أنّ ابن أبي عاصم اختصره على موضع الحوض.
وإسناده حسن من أجل مطر الورّاق، فإنّه حسن الحديث في المتابعات والشّواهد.
وقد روي عن أبي سَبرة، قال: كان عُبيد اللَّه بن زياد يسألُ عن الحوض، حوض محمد ﷺ، وكان يُكذِّبُ به، بعدما سأل أبا برزة والبراء بن عازب، وعائذَ بن عمرو، ورجلًا آخر، وكان يكذِّبُ به، فقال أبو سبرة: أنا أحدِّثُك بحديث فيه شفاءُ هذا، إنّ أباك بعث معي بمال إلى معاوية، فلقيتُ
عبد اللَّه بن عمرو، فحدَّثني مما سمع من رسول اللَّه ﷺ، وأمْلى عليَّ، فكتب بيدي، فلم أَزِدْ حرفًا، ولم أنْقُص حرفًا، حدَّثني أَنّ رسولَ اللَّه ﷺ، قال: «إنّ اللَّه لا يحبُّ الفُحْش، أو يبغضُ الفاحشَ والمتفحِّش». قال: ولا تقوم السَّاعةُ حتى يظهر الفُحْشُ والتَّفاحُش، وقطيعةُ الرّحم، وسوء المجاورة، وحتى يُؤْتَمَنَ الخائن، ويُخَوَّن الأمين». وقال: «ألا إنّ موعدَكم حوضي، عرضُه وطُولُه واحد، وهو كما بين أَيلة ومكّة، وهو مسيرة شهر، فيه مثلُ النّجوم أباريقُ، شرابُه أشدُّ بياضًا من الفضّة، مَنْ شَرِبَ منه مَشْرَبًا، لم يظمأ بعده أبدًا». فقال عبيد اللَّه: ما سمعتُ في الحوض حديثًا أثبت من هذا، فصدَّق به، وأخذ الصّحيفة، فحبسها عنده.
رواه الإمام أحمد (٦٥١٤)، وابن أبي عاصم في السنة (٧٠١)، والحاكم (١/ ٧٥)، والبيهقيّ في «البعث» (١٥٥) كلّهم من طريق حسين المعلّم، حدّثنا عبد اللَّه بن بريدة، عن أبي سبرة، فذكره.
وأبو سَبْرة هو سالم بن سلمة الهذليّ، ذكره ابن حبان في «الثقات» (٤/ ٣٠٨)، وقال الحاكم: حديث صحيح، فقد اتفق الشِّيخان على الاحتجاج بجميع رواته غير أبي سَبْرة الهذليّ، وهو تابعي كبير، مبين ذكره في المسانيد والتواريخ غير مطعون فيه. ولكنه قال في «الميزان» (٢/ ١١١): سالم بن سَبْرة -أبو سبرة الهذليّ روى عنه ابن بريدة: «مجهول». وبه أعلّه الهيثميّ في «المجمع» (٧/ ٢٨٤) فقال: «رواه أحمد في حديث طويل، وأبو سبرة هذا اسمه سالم بن سبرة، قال أبو حاتم: مجهول».
ولا يقال: إنه عبد اللَّه بن عابس النّخعيّ الكوفي الذي ذكره ابن حبان في «الثقات» (٥/ ٥٦٩)، وقال فيه الحافظ: «مقبول». أي إذا تُوبع لأنّه جاء منسوبًا إلى أبيه في روايات كثيرة بأنه أبو سبرة بن سلمة، أو سالم بن سبرة».
عن أبي حمزة قال: دخل أبو برزة على عبيد اللَّه بن زياد، فقال: إنّ محدِّثَكم -كذا- هذا الدّحداح فقال: ما كنتُ أرى أعيش في قوم يعدّون صحبة رسول اللَّه ﷺ عارًا. قالوا: إنّ الأمير إنّما دعاك ليسألك عن الحوض، عن أي باله. قال: أحقّ هو؟ قال: نعم، فمن كذّب به فلا سقاه اللَّه منه.

حسن: رواه البيهقيّ في: البعث (١٥٤) من طريق محمد بن يحيى الذّهليّ، ثنا عبد الرحمن بن مهديّ، عن قرّة بن خالد، عن أبي حمزة، فذكره.
ورجال إسناده ثقات غير أبي حمزة واسمه طلحة بن يزيد الأنصاري حسن الحديث.
عن أبي طالوت العنزيّ، قال: سمعتُ أبا برزة، وخرج من عند عبيد اللَّه بن زياد وهو مُغْضَب، فقال: ما كنتُ أظنُّ أن أعيش حتّى أُخَلَّف في قوم يُعيّروني بصحبة محمد ﷺ، قالوا: إنّ محمديَّكم هذا الدَّحداح! سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول في الحوض، فمن كذّب فلا سقاه اللَّه منه.

حسن: رواه الإمام أحمد (١٩٧٧٩) عن يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن مهزم العنزيّ، عن أبي طالوت العنزيّ، قال. . . فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن مهزم وهو حسن الحديث.
عن أنس بن مالك، أنّ زيادًا -أو ابن زياد- ذُكر عنده الحوض، فأنكر ذلك، فبلغ ذلك أنسًا فقال: أما واللَّهِ لأسوأنّه غدًا، فقال: ما أنكرتم من الحوض؟ قالوا: سمعتَ النّبيّ ﷺ يذكره. قال: نعم، ولقد أدركت عجائز بالمدينة لا يصلين صلاة إلا سألن اللَّه تعالى أن يوردهن حوض محمد ﷺ.

صحيح: رواه ابن أبي عاصم في «السنة» (٦٩٨) عن هدبة، ثنا حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، فذكره.
ورواه أبو يعلى (٣٣٥٥) من طريق عبد الرحمن بن سلام الجُميحي عن حمّاد به. وإسناده صحيح، وكذا قال الحافظ في «الفتح» (١١/ ٤٦٨) بعد أن عزاه إلى أبي يعلى.
ورواه الإمام أحمد (١٣٤٠٥) من وجه آخر عن حمّاد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أنس، فذكر مثله، وزاد فيه صفة الحوض: «إنّ ما بين طرفيه كما بين أيلة إلى مكة -أو ما بين صنعاء ومكة- وإنّ آنيته أكثر من نجوم السّماء».
وفيه علي بن زيد وهو ابن جدعان ضعيف.
ورواه الحاكم (١/ ٧٨)، والبيهقيّ في البعث (١٥٨) كلاهما من وجه آخر عن حميد، عن أنس مثل حديث ابن أبي عاصم وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم».
ورواه أيضًا من وجه آخر عن حميد، عن أنس، قال: دخلتُ على عبيد اللَّه بن زياد، وهم يتراجعون في ذكر الحوض. قال: فقال: جاءكم أنس. قال: يا أنس، ما تقول في الحوض؟ قال: قلت: ما حسبتُ أنّي أعيش حتى أرى مثلكم يمترون في الحوض. لقد تركتُ بعدي عجائز ما تصلي واحدة منهنّ صلاة إِلَّا سألت ربَّها أن يوردها حوض محمد ﷺ.
وقال: «صحيح على شرط الشّيخين».
عن زيد بن أرقم، قال: بعث إليَّ عبيد اللَّه بن زياد، فأتيتُه فقال:
ما أحاديث تحدِّثُها وترويها عن رسول اللَّه ﷺ لا نجدها في كتاب اللَّه عز وجل؟ تحدِّث أنّ له حوضًا في الجنّة! قال: لقد حدّثناه رسول اللَّه ﷺ ووعدناه. قال: كذبتَ، ولكنّك شيخٌ قد خَرِفْتَ! . قال: إنّي قد سَمِعَتْه أذناي، ورعاه قلبي من رسول اللَّه ﷺ يقول: «من كذب عليَّ متعمِّدًا، فليتبوأ مقعده من جهنّم». وما كذبتُ على رسول اللَّه ﷺ.

صحيح: رواه الإمام أحمد (١٩٢٦٦)، والطبرانيّ في الكبير (٥/ ٢٠٣ - ٢٠٤)، والبزار - كشف الأستار (٢١٧) - كلّهم من طريق أبي حيان التّيميّ، حدّثني يزيد بن حيان التّيميّ، قال: حدّثنا زيد بن أرقم في مجلسه، قال: بعث إلى عبيد اللَّه بن زياد، فذكر مثله. وإسناده صحيح.
ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم (١/ ٧٧) وقال: «على شرط مسلم».
عن زيد بن أرقم، قال: كنّا مع رسول اللَّه ﷺ فنزلنا منزلًا فقال: «ما أنتم جزء من مائة ألف جزء ممن يرد عليَّ الحوض». قال: قلنا: كم كنتم يومئذ؟ قال: سبعمائة أو ثمانمائة.

حسن: رواه أبو داود (٤٧٤٦) عن حفص بن عمر النّمريّ، حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي حمزة، عن زيد بن أرقم، فذكر مثله.
وإسناده حسن من أجل أبي حمزة، واسمه طلحة بن يزيد الأنصاريّ روى عنه عمرو بن مرة.
وذكره ابن حبان في «الثقات» (٤/ ٣٩٤)، وروى له البخاريّ وصحّح بعض حديثه التّرمذيّ، والحاكم كما سيأتي، فمثله يحسّن حديثه.
وأمّا ما نقله الحافظ في «التهذيب» وفي «التقريب» بأنّ النّسائيّ وثّقه فالغالب على الظَّن أنه وهمٌ من الحافظ، لأنّه لا سلف له، وقد أورد المزّيّ في «تهذيبه» حديثًا عن النَّسائيّ ولم ينقل عنه توثيقه، فتنبّه.
وأمّا هذا الحديث فقد رواه كل من أحمد (١٩٢٦٨، ١٩٢٩١)، وابن أبي عاصم في السنة (٧٣٣)، والحاكم (١/ ٧٧) كلّهم من حديث عمرو بن مرّة به، مثله.
قال الحاكم: «أبو حمزة الأنصاريّ هذا هو طلحة بن يزيد، قد احتجّ به البخاريّ، وقال أيضًا: على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ولكنهما تركاه للخلاف الذي في متنه من العدد».
وأمّا ما رواه الترمذيّ (٢٤٤٤)، وابن ماجه (٤٣٠٣) من حديث العباس بن سالم الدّمشقيّ، قال: نُبْئتُ عن أبي سلَّام قال: بعث إليَّ عمر بنُ عبد العزيز، فأتيتُه على بريد، فلمّا قَدِمْتُ عليه، قال: لقد شققنا عليك يا أبا سلام! في مركبك؟ قال: أجل واللَّه يا أميرَ المؤمنين. قال: واللَّهِ ما أردت المشقَّةَ عليك، ولكنْ حديثٌ بلغني أنَّك تُحدِّثُ به، عن ثوبان مولى رسول اللَّه ﷺ في الحوض، فأحببتُ أن تشافهني به. قال: فقلتُ: حدّثني ثوبانُ مولى رسول اللَّه ﷺ أنَّ رسول اللَّه ﷺ قال: «إنّ حوضي ما بين عدن إلى أَيْلةَ، أشدُّ بياضًا من اللَّبن وأَحْلَى من العَسَل، أَكَاويبُهُ كعددِ نجوم السّماء، مَنْ شرب منه شَرْبةً لم يظمأ بعدها أبدًا، وأوَّلُ من يَرِدُه عليَّ فقراءُ المهاجرين الدُّنْسُ ثيابًا والشُّعْثُ رُووسًا، الذين لا ينكحون المنَعَّمات، ولا يُفتَح لهم السُّدَدُ». قال: فبكى عمر حتى اخضلَّتْ لحيتُه، ثم قال: لكنّي قد نكحتُ المنعَّمَاتِ وفُتِحتْ لي السُّدَد، لا جَرَمَ أَنِّي لا أَغْسِلُ ثوبي الذي على جسدي حتى يتَّسِخَ، ولا أَدْهُنُ رأسي حتى يَشْعَثَ». فيه انقطاع؛ لأنّ العباس بن سالم
لم يبيّن الواسطة بينه وبين أبي سلّام.
وقد رواه الإمام أحمد (٢٢٣٧٦)، والحاكم (٤/ ١٨٤) وعنه البيهقيّ في «البعث» (١٣٥)، وتمّام في فوائده (١٧٦٠) من هذا الوجه، وله أوجه أخرى كلّها ضعيفة.
ولذا قال الترمذيّ: «حديث غريب من هذا الوجه» أي ضعيف.
وقال: «وقد رُوي هذا الحديث عن معدان بن أبي طلحة، عن ثوبان، عن النّبيّ ﷺ. وأبو سلّام الحبشيّ اسمه ممطور وهو شاميّ ثقة». انتهى:
قال الأعظمي: حديث معدان بن أبي طلحة عن ثوبان، رواه مسلم كما مضى.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن ابن عمر مرفوعًا: أَنّ النّبيّ ﷺ قال لأبي بكر:
«أنت صاحبي على الحوض، وصاحبي في الغار».
رواه الترمذيّ (٣٦٧٠) عن يوسف بن موسى القطّان البغداديّ، حدّثنا مالك بن إسماعيل، عن منصور بن أبي الأسود، حدّثني كثير أبو إسماعيل، عن جميع بن عُمير التّيميّ، عن ابن عمر، فذكره.
وكثير أبو إسماعيل ضعيف ضعّفه أبو حاتم، والنّسائيّ، والجوزجانيّ وغيرهم. ومع هذا ذكره ابنُ حبان في «الثقات» (٩/ ٣٠) وهو دليل على تساهله.
وشيخُه جُميع بن عُمير التّيميّ أبو الأسود الكوفيّ، قال فيه البخاريّ: في أحاديثه نظر، قال ابن عدي: هو كما قاله البخاريّ: في أحاديثه نظر، وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد. وقال ابن نمير: كان من أكذب الناس.
مع هذا فإنّ الترمذيّ هو الآخر مَنْ تساهل فقال: «حسن صحيح غريب».
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عبد اللَّه بن عمر أيضًا قال: إنّه سمع رسول اللَّه ﷺ يقول: «حوضي كما بين عدن وعمّان، أبردُ من الثّلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحًا من المسك، أكوابُه مثلُ نجوم السّماء، مَنْ شرب منه شَرْبةً لم يظمأ بعدها أبدًا، أوّل النّاس عليه وُرودًا صعاليكُ المهاجرين».
قال قائل: ومن هم يا رسول اللَّه؟ قال: «الشَّعَثَةُ رؤوسهم، الشّحبةُ وجوههم، الدَّنِسةُ ثيابُهم، لا يُفتح لهم السُّدَد، ولا يُنكحون المتنعمات، الذين يُعطُون كلّ الذي عليهم، ولا يأخذون الذي لهم».
رواه الإمام أحمد (٦١٦٢) عن أبي المغيرة، حدثنا عمرو بن عمرو أبو عثمان الأحموسي حدّثني المخارق بن أبي المخارق، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكره.
والمخارق بن أبي المخارق لم يرو عنه إِلَّا عمرو بن أبي عمرو، ولذا قال الحسينيّ: «مجهول». وهو الصّواب.
وأمّا قول ابن حبان: واسم أبيه عبد اللَّه بن جابر الأحمسيّ إن شاء اللَّه يروي عن ابن عمر، وروى عنه عمرو بن عمرو الأحمسيّ».»الثقات (٥/ ٤٤٤).
فهو وهم منه، فإنّ هذا رجل آخر وهو من رجال «التهذيب» متأخر عنه من رجال البخاريّ.
واغترّ به الحافظ الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٦٥ - ٣٦٦) فقال: «رواه أحمد والطبراني من رواية عمرو بن عمرو الأحمسيّ، عن المخارق بن أبي المخارق، واسم أبيه عبد اللَّه بن جابر، وقد ذكرهما ابن حبان في: الثقات».
والحافظ ابن حجر أيضًا نقل قول ابن حبان في: التعجيل (١٠١٦) ولم يعلق عليه بشيء.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أُبي بن كعب، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «وأنا على الحوض. قيل: وما الحوض يا رسول اللَّه؟ قال: والذي نفسي بيده إنّ شرابه أبيض من اللَّبن، وأحلى من العسل، وأبيض من الثّلج، وأطيب ريحًا من المسك، وآنيته أكثر عددًا من النّجوم، لا يشرب منه إنسان فيظمأ أبدًا، ولا يُصْرَف عنه إنسان فيروَى أبدًا».
رواه ابن أبي عاصم في: السنة (٧١٧) عن عقبة بن مكرم الضّبيّ، ثنا يونس بن بكير، ثنا عبد الغفار بن القاسم، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن أُبي بن كعب، فذكره.
وفيه عبد الغفار بن القاسم أبو مريم الأنصاريّ قال فيه أبو حاتم والنّسائيّ: متروك الحديث، وقال علي بن المديني: كان يضع الحديث. وقال أبو داود: وأنا أشهد أنّ أبا مريم كذّاب، لأني قد لقيته وسمعت منه، واسمه عبد الغفّار بن القاسم.
فمثله لا يستشهد بحديثه، كما أنه زاد في حديثه في آخره وهي قوله: «ولا يُصرفُ عنه إنسانٌ فيروى أبدًا. فإنّ هذه الزّيادة لم تثبت في الأحاديث الصّحيحة، وإن كان جاء في بعض الروايات الضعيفة، منها هذه:
وكذلك ما روي عن ابن مسعود مرفوعًا وفيه: «وإن حُرمه لم يُرْوَ بعده». وإسناده ضعيف. انظر تخريجه في «المقام المحمود».
وكذلك ما روي عن أنس، وفيه: «ومن لم يشربْ منه لم يُرْوَ أبدًا».
رواه البزّار، والطبرانيّ، ورواته ثقات غير المسعوديّ، قاله المنذريّ في الترغيب والترهيب (٤/ ٢٠٧). والمسعوديّ مختلط.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن جبير بن مطعم، قال: قال رسول اللَّه ﷺ:
«ألستُ مولاكم؟ ألستُ خيركم؟». قالوا: بلى يا رسول اللَّه. قال: «فإنّي فرطٌ لكم على الحوض يوم القيامة، واللَّهُ سائلُكم عن اثنتين، عن القرآن وعن عترتي».
رواه ابن أبي عاصم في السنة من وجهين (١٤٦٥، ٧٤٠) كلاهما عن إبراهيم بن محمد بن ثابت، حدثنا عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب، عن جبير بن مطعم، فذكر الحديث. واللّفظ للموضع الأوّل، وفي الموضع الثاني اختصره.
وفيه إبراهيم بن محمد بن ثابت الأنصاريّ ترجمه ابن عدي في «الكامل» (١/ ٢٦٠ - ٢٦١).
وقال: «مدنيّ روى عنه عمرو بن أبي سلمة وغيره مناكير. وذكر من طريق عمرو بن أبي سلمة أربعة أحاديث، وليس منها هذا الحديث، وقال: ولإبراهيم بن محمد بن ثابت هذا غير ما ذكرته من الأحاديث، وأحاديثه صالحة محتملة، ولعله أُتي ممن قد روى عنه». انتهى.
ولكن علّته الإرسال، فإنّ المطّلب وهو ابن عبد اللَّه بن حنطب قال فيه أبو حاتم: عامة روايته مرسل، ولم يذكر أحدٌ أنّه سمع جبير بن مطعم. بل قال البخاريّ: لا أعرف للمطّلب بن حنطب عن أحدٍ من الصّحابة سماعا إلّا قوله: حدّثني من شهد خطبة النبيّ ﷺ.
فأخشى أن يكون هذا الحديث أيضًا مما أرسله المطلب بن حنطب؛ لأني لم أقف على طريقه.
وفي الباب أيضًا عن زيد بن ثابت مرفوعًا: «إنّي تاركٌ فيكم الخليفتين من بعدي، كتاب اللَّه وعترتي: أهل بيتيّ، وإنّهما لن يتفرّقا حتى يردا الحوض».
إسناده ضعيف. رواه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (١١/ ٤٥٢)، وعنه ابن أبي عاصم في السنة (٧٥٤)، كما رواه أيضًا الإمام أحمد (٢١٥٧٨)، والطبرانيّ في الكبير (٤٩٢١) كلّهم من طريق شريك، عن الرُّكين، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت، فذكر مثله.
وشريك هو ابن عبد اللَّه النّخعيّ ضعيف لسوء حفظه. والقاسم بن حسان مجهول.
وعن أبي بكرة، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «ليردنَّ على الحوض رجالٌ ممن صحبني ورآني حتى إذا رُفعوا إليَّ ورأيتهم اختُلجوا دونِي فلأقولنَّ: ربِّ أصحابي اصحابي. فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك».
رواه الإمام أحمد (٢٠٤٩٤)، وابن أبي عاصم في السنة (٧٦٥) كلاهما من حديث عفّان، حدثنا حمّاد بن سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن الحسن، عن أبي بكرة، فذكر الحديث، واللّفظ لأحمد وفيه علتان.
الأولى: الحسن وهو البصريّ مدلس ولم يصرِّح بالسّماع.
والثانية: علي بن زيد وهو ابن جدعان ضعيف، إلا أنه توبع، فقد رواه ابن أبي عاصم في السنة (٧٦٦) من وجه آخر عن سعيد، عن قتادة، عن حسن، عن أبي بكرة، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «ليردنَّ أقوامٌ عليّ الحوض حتى إذا رفعوا رؤوسهم اختلجوا دوني».
وسعيد هو ابن بشير الأزدي ضعيف، وقتادة والحسن كلاهما مدلّسان، إنّ هذا الحديث مشهور عن سمرة بن جندب، وصوّبنا أنّه مرسل.
وفي الباب أيضًا عن عِرْباض بن سارية، أنّ النّبيّ ﷺ قال: «لتزدحمنَّ هذه الأمّة على الحوض ازدحام إبل وردت لخمس».
رواه الطبراني في الكبير (١٨/ ٢٥٣) عن عمرو بن إسحاق بن إبراهيم، ثنا أبي ح.
وحدّثنا عبد الرحمن بن معاوية العتبي، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن زبريق الحمصي، ثنا عمرو بن
الحارث، ثنا عبد اللَّه بن سالم، عن الزبيديّ، ثنا لقمان بن عامر، عن سويد بن جبلة، عن عرباض ابن سارية، فذكر الحديث.
قال الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٦٥): رواه الطبرانيّ بإسنادين وأحدهما حسن.
قال الأعظمي: ليس كما قال إِلَّا أن يكون قد اغترّ بصنيع ابن حبان فإنه ذكر إسحاق بن إبراهيم بن زبريق الحمصيّ وهو: إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زبريق الحمصيّ، وقد ينسب إلى جدّ أيه، أطلق عليه محمد بن عوف أنه كان يكذب، وقال النسائيّ: ليس بثقة.
وأمّا ابن حبان فذكره في الثقات (٨/ ١٦٣) وهو الذي حمل الهيثميّ أن يحسّن إسناده.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن البراء بن عازب قال: قال النبيُّ ﷺ: «حوضي ما بين أيلة إلى صنعاء، له ميزابان أحدهما من ذهب، والآخر من فضّة، آنيته عدد نجوم السّماء، أشدّ بياضًا من اللّبن، وأحلى من العسل، وريحُه أطيب من المسك. مَنْ شرب منه لم يظمأ أبدًا».
رواه الطبرانيّ في «الأوسط» (٣٤٠٨) عن جعفر، حدّثنا سفيان بن وكيع بن الجرّاح، قال: حدّثنا أبو داود الحفريّ، قال: حدّثنا مطيع الغزَّال، عن الشّخّير، عن البراء بن عازب، فذكره.
قال الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٦٧): «رواه الطبرانيّ في الأوسط، وفيه سفيان بن وكيع، وهو ضعيف».
قال الأعظمي: سفيان بن وكيع بن الجرّاح كان شيخًا فاضلًا، إِلَّا أنه ابْتُلي بورّاقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنُصح فلم يقبل، فسقط حديثه.
وأبو داود الحفريّ هو: عمر بن سعد بن عبيد، والحفري -بفتح المهملة والفاء- نسبة إلى موضع بالكوفة، من رجال مسلم.
وفي الباب عن عمر بن الخطّاب إِلَّا أنه موقوف ضعيف، رواه ابن أبي عاصم في السنة (٦٩٧) عن أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا عبد اللَّه بن إدريس، عن أشعث، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، قال: قال عمر بن الخطّاب: سيأتي قومٌ يكذبون بالقدر، ويكذبون بالحوض، ويكذبون بالشّفاعة، ويكذبون بقوم يخرجون من النّار.
وأشعث هو ابن بزار الهجيميّ البصريّ، قال ابن معين: ليس بشيء وتركهـ النّسائيّ. وقال البخاريّ: منكر الحديث. وذكره ابن حبان في المجروحين (١٠٥) وقال: يخالف الثقات في الأخبار، ويروي المنكر في الآثار حتى خرج عن حدّ الاحتجاج به، وترجمة العقيليّ في الضعفاء الكبير (١/ ٣٢) إِلَّا أنّه توبع. فقد رواه الإمام أحمد (١٥٦) عن هُشيم، أخبرنا علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال: خطب عمر بن الخطّاب -وقال هشيم مرة: خطبنا: - فحمد اللَّه وأثنى عليه، فذكر الرّجم، فقال: لا تُخْدَعُنَّ عنه، فإنّه حدٌّ من حدود اللَّه، ألا إنّ رسول اللَّه ﷺ قد رَجَم، ورجمنا بعده، ولولا أن يقول قائلون: زاد عمر في كتاب اللَّه عز وجل ما ليس
منه، لكتبْتُه في ناحية من المصحف، شهد عمر بن الخطاب -وقال هشيم مرة: وعبد الرحمن بن عوف وفلان وفلان- أنّ رسول اللَّه ﷺ قد رَجَم ورجَمْنا مِنْ بعدِه، ألا وإنّه سيكون مِنْ بعدكم قومٌ يكَذَّبون بالرَّجْم، وبالدّجّال، وبالشّفاعة، وبعذاب القبر، ويقوم يُخْرَجون من النّار بعد ما امْتَحَشُوا.
فانحصرتْ العلّةُ في علي بن زيد وهو ابن جدعان وهو ضعيف، ويوسف بن مهران لم يرو عنه إلّا علي بن زيد، وهو ليّن الحديث كما قال الحافظ في التقريب.
ولكن لبعض فقراته اسانيد صحيحة سأذكرها في مواضعها إن شاء اللَّه تعالى.
عن كعب بن عجرة، قال: خرج إلينا رسول اللَّه ﷺ ونحن تسعة، خمسة، وأربعة، أحد العددين من العرب، والآخر من العجم، فقال: «اسمعوا، هل سمعتم أنه سيكون بعدي أمراءُ، فمن دخل عليهم فصدّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولستُ منه، وليس بوارد عليّ الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يُعنهم على ظلمهم ولم يصدقهم بكذبهم فهو مني وأنا منه، وهو واردٌ علي».

صحيح: رواه الترمذي (٢٢٥٩) عن هارون بن إسحاق الهمدانيّ، حدّثني محمد بن عبد الوهاب، عن مِسْعَر، عن أبي حصين، عن الشّعبيّ، عن عاصم العدويّ، عن كعب بن عُجرة، فذكره.
وإسناده صحيح، ورجاله ثقات، وصحّحه ابنُ حبان (٢٧٩)، والحاكم (١/ ٧٩)، كلاهما من هذا الوجه.
قال الترمذيّ: «هذا حديث صحيح غريب، لا نعرفه من حديث مسعر إلّا من هذا الوجه. قال هارون: فحدّثني محمد بن عبد الوهاب، عن سفيان، عن أبي حصين، عن الشعبيّ، عن عاصم العدويّ، عن كعب بن عُجرة، عن النبيّ ﷺ، نحوه. قال هارون: وحدّثني محمد، عن سفيان، عن زُبيد، عن إبراهيم -وليس بالنّخعيّ- عن كعب بن عجرة، عن النبيّ ﷺ نحو حديث مسعر».
قال الأعظمي: وأما حديث سفيان فرواه النسائيّ (٧/ ١٦٠)، والإمام أحمد (١٨١٢٦) كلاهما من حديث يحيى بن سعيد، عن سفيان، بإسناده نحوه.
وصحّحه ابن حبان (٢٨٢، ٢٨٣، ٢٨٥)، والحاكم (١/ ٧٩).
وللحديث طرق أخرى صحيحة، ومنها ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (١١/ ٤٥٣) عن الفضل ابن دُكين، عن سفيان، بإسناده.
عن جابر بن عبد اللَّه، أنّ النّبيَّ ﷺ قال لكعب بن عُجْرةَ: «أعاذَك اللَّهُ من إمارة السُّفهاء». قال: وما إمارةُ السُّفهاء؟ قال: «أُمراءُ يكونون بعدي لا يقْتدون بهديي، ولا يستنّون بسنّتي، فمنْ صدَّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فأولئكَ ليسوا منّي، ولستُ منهم، ولا يَردوا عليَّ حَوْضي، ومن لم يُصَدِّقْهم بكذبهم، ولم
يُعنهُم على ظلمهم، فأولئك منّي وأنا منهم، وسيردوا عليَّ حَوْضي.
يا كعبَ بنَ عُجْرة: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، والصَّدقة تُطفئُ الخطيئة، والصّلاةُ قُربان -أو قال: بُرهان-.
يا كعب بن عُجْرة، إنّه لا يدخُلُ الجنَّةَ لَحْمٌ نبت من سُحتٍ، النّارُ أولى به، يا كعب بن عُجرة، النّاسُ غاديان: فمُبتاع نفسّه فمُعْتِقُها، وبائعٌ نفسه فمُوبقها».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٤٤٤١) عن عبد الرزّاق وهو في مصنّفه (٢٠٧١٩)، ومن طريقه أخرجه ابنُ حبان في صحيحه (٤٥١٤)، والحاكم (٤/ ٤٢٢) عن معمر، عن ابن خُثيم، عن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر، فذكره.
وإسناده حسن من أجل ابن خثيم وهو عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم -مصغرًا- القارئ المكيّ، وهو حسن الحديث، ومن طريقه رواه أيضًا أبو يعلى (١٩٩٩)، والبزّار - كشف الأستار (١٦٠٩).
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد». وهو لا يفرّق بين الحسن والصحيح.
قال الحاكم: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه».
عن حذيفة، عن النّبيّ ﷺ قال: «إنّها ستكون أمراء يكذبون ويظلمون، فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولستُ منه، ولا يرد علي الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه، وسيرد عليّ الحوض».

صحيح: رواه الإمام أحمد (٢٣٢٦٠)، والبزّار (٢٨٣٤) كلاهما من حديث إسماعيل ابن علية، عن يونس بن عبيد، عن محمد بن هلال -أو عن غيره- عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، فذكر مثله.
إلّا أنّ في البزّار: عن ربعي أو غيره، فجعل الشّك في ربعي لا في حميد، والصّواب أنّ الشّك في حميد؛ لأنّه رواه البزّار (٢٨٣٣)، والطبرانيّ في الأوسط (٨٤٨٦) من طريق سهل بن أسلم العدويّ، عن يونس بن عبيد، بإسناده بدون شك. قال البزّار: لم يشك فيه سهل بن أسلم.
وما رُوي عن ابن عمر مرفوعًا: «سيكون عليكم أمراء يأمرونكم بما لا يفعلون، فمن صدّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منه، ولن يرد عليّ الحوض». فهو ضعيف.
رواه الإمام أحمد (٥٧٠٢)، والبزار -كشف الأستار (١٦٠٨) - كلاهما من طريق العلاء بن المسيب، عن إبراهيم بن قُعَيس، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
وإبراهيم بن قُعيس هو إبراهيم بن إسماعيل بن قُعيس مولى بني هاشم ضعّفه أبو حاتم، ووثَّقه ابن حبان، وبه علّله الهيثميّ في «المجمع» (٥/ ٢٤٧).
وفيه أيضًا حديث خبّاب بن الأرت.
رواه الإمام أحمد (٢١٠٧٤)، والطبرانيّ (٢٦٢٧)، وصحّحه ابن حبان (٢٨٤)، والحاكم (١/ ٧٦) كلّهم من طريق حاتم بن أبي صغيرة أبي يونس القُشيريّ، عن سماك بن حرب، عن عبد اللَّه بن خبّاب، عن أبيه خبّاب، فذكر الحديث قريبًا منه. قال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم».
إلّا أنّهم لم ينتبهوا إلى أنّ فيه انقطاعًا بين سماك بن حرب، وبين عبد اللَّه بن خبّاب فقد قال عبد اللَّه بن أحمد: سألت أبي: سماك بن حرب سمع من عبد اللَّه بن خبّاب؟ فقال: لا. ذكره العلائيّ في جامع التحصيل في ترجمة سماك بن حرب (٢٦٥) وقال المزيّ في «تهذيب» في ترجمة عبد اللَّه بن خبّاب: «روى عنه سماك بن حرب، ولم يدركهـ». وفيه أيضًا حديث النّعمان بن بشير.
رواه الإمام أحمد (١٨٣٥٣)، وفيه رجل لم يُسم، كما ليس فيه ذكر للحوض.
وحديث أبي سعيد الخدريّ. رواه الإمام أحمد (١١١٩٢)، وفيه رجل مجهول، وليس فيه ذكر للحوض.
من الفوائد المهمّة:
قال القرطبيّ رحمه اللَّه تعالى: «ومما يجب على كلّ مكلَّف أنّ يعلمه ويصدِّق به: أن اللَّه تعالى قد خصَّ نبيَّه محمدًا ﷺ بالكوثر الذي هو الحوض المصرَّح باسمه، وصفته، وشرابه وآنيته في الأحاديث الكثيرة الصحيحة الشّهيرة، التي يحصل بمجموعها العلم القطعيّ، واليقين التواتريّ؛ إذ قد روى ذلك عن النبيّ ﷺ من الصّحابة نيّف على الثلاثين. في الصّحيحين منهم نيِّف على العشرين، وباقيهم في غيرهما مما صحَّ نقله، واشتهرتْ روايته، ثم قد رواها عن الصحابة من التابعين أمثالُهم، ثم لم تزلْ تلك الأحاديث مع توالي الأعصار، وكثرة الرواة لها في جميع الأقطار، تتوفّر هممُ الناقلين لها على روايتها وتخليدها في الأمهات وتدوينها، إلى أن انتهى ذلك إلينا، وقامتْ به حجّةُ اللَّه علينا، فَلَزِمَنَا الإيمانُ بذلك والتصديق به، كما أجمع عليه السّلف، وأهلُ السنة من الخَلَف، وقد أنكرته طائفةٌ من المبتدعة وأحالوه عن ظاهره، وغلوا في تأويله من غير إحالة عقليّة ولا عادية، تلزم من إقراره على ظاهره، ولا منازعة سمعية، ولا نقلية تدعو إلى تأويله، فتأويله تحريفٌ صدَرَ عن عقل سخيف، خرَق به إجماع السّلف، وفارق به مذهبَ أئمّة الخلف» انتهى. «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (٦/ ٩٠).
وأما قوله: «الكوثر هو الحوض». فالصّواب أنّ الكوثر نهر في الجنّة يصبُّ في الحوض، كما ثبت في الأحاديث الصّحيحة.
وقد نقل الحافظ ابن حجر في «الفتح» (١١/ ٤٦٧) كلام القرطبيّ السّابق إلّا أنه سقط منه ذكر «الكوثر»، فصارت العبارة هكذا: «قد خصَّ نبيَّه محمدًا ﷺ بالحوض المصرَّح باسمه. . . إلخ».
ثم قال الحافظ: «وأنكره الخوارج وبعض المعتزلة، وممن كان ينكره عبيد اللَّه بن زياد أحد أمراء العراق لمعاوية وولده».
قال الأعظمي: ثم آمن عبد اللَّه بن زياد بالحوض لما سمع كلام أبي سبرة وقال: «ما سمعتُ في الحوض حديثًا أثبت من هذا، فصدّق به، وأخذ الصّحيفة فحبسها عنده». وقد سبق الحديث بكامله مع تخريجه.

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 279 من أصل 361 باباً

معلومات عن حديث: الإيمان في إثبات حوض النبي ﷺ وصفاته ومن يرد عليه ومن يذاد عنه من

  • 📜 حديث عن الإيمان في إثبات حوض النبي ﷺ وصفاته ومن يرد عليه ومن يذاد عنه من

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ الإيمان في إثبات حوض النبي ﷺ وصفاته ومن يرد عليه ومن يذاد عنه من من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث الإيمان في إثبات حوض النبي ﷺ وصفاته ومن يرد عليه ومن يذاد عنه من

    تحقق من درجة أحاديث الإيمان في إثبات حوض النبي ﷺ وصفاته ومن يرد عليه ومن يذاد عنه من (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث الإيمان في إثبات حوض النبي ﷺ وصفاته ومن يرد عليه ومن يذاد عنه من

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث الإيمان في إثبات حوض النبي ﷺ وصفاته ومن يرد عليه ومن يذاد عنه من ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن الإيمان في إثبات حوض النبي ﷺ وصفاته ومن يرد عليه ومن يذاد عنه من

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع الإيمان في إثبات حوض النبي ﷺ وصفاته ومن يرد عليه ومن يذاد عنه من.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب