حديث: اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب تفسير سورة الفاتحة
حسن: رواه الترمذيّ (٢٩٥٤) عن محمد بن المثنى وبندار، قالا: حدّثنا محمد بن جعفر، قال: حدّثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن عبّاد بن حبيش، عن عدي بن حاتم فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. حديثك هذا حديث صحيح رواه الإمام الترمذي في سننه، وهو حسن. وهو حديث عظيم المعنى، جليل المغزى، يتعلق ببيان حال الطائفتين الكبيرتين من أهل الكتاب: اليهود والنصارى.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث على النحو المطلوب:
### أولاً. شرح المفردات
● مغضوب عليهم: المبغوضين من الله تعالى، الذين استحقوا غضبه بسبب علمهم بالحق ومعرفتهم به ثم مخالفتهم له وتعمدهم ترك العمل به.
● ضلّال: جمع ضال، وهو الذي فقد العلم بالحق، فلم يعرفه أصلاً، أو عرفه على وجه غير صحيح، فعمي عليه الطريق، فاتبع الباطل وهو يظن أنه على حق.
### ثانياً. شرح الحديث
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن حقيقتين ثابتتين في الكتاب والسنة regarding اليهود والنصارى:
1- حال اليهود (مغضوب عليهم):
- المقصود هنا وصف عموم أتباع الديانة اليهودية المحرفة، وليس كل فرد بعينه، فمنهم من قد يسلم أو يهتدي.
- سبب هذا الوصف أن اليهود عرفوا الحق وجاءهم العلم به (من خلال التوراة والأنبياء)، ولكنهم تعمدوا مخالفته، وكتموه، وحرفوه، وعاندوا أنبياءهم، بل وقتلوهم. فهم يعلمون الحق ويتركونه عن عمد وعناد، فاستحقوا بذلك غضب الله تعالى. قال الله عنهم: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عمران: 112].
2- حال النصارى (ضلّال):
- المقصود هنا أيضًا عموم أتباع الديانة النصرانية المحرفة.
- سبب هذا الوصف أن النصارى عبدوا الله على جهل وضلالة، دون علم صحيح بالمنهج القويم.他們 غلوا في دينهم، وابتدعوا ما لم يأذن به الله (كالتثليث، والصلب، وتأليه المسيح عليه السلام)، فحرفوا الإنجيل وضلوا عن الطريق المستقيم. هم يريدون عبادة الله ولكن على غير هدى، فوصفوا بالضلال. قال الله عنهم: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} [المائدة: 77].
### ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر
1- بيان عدل الله تعالى: فوصفهم بهذين الوصفين ليس ظلماً منهم، بل هو نتيجة أفعالهم وكسبهم، بسبب تحريفهم للدين وعصيانهم للأنبياء.
2- التفريق بين أنواع الضلال: فهناك ضلال الجهل (كحال النصارى) وضلال العناد (كحال اليهود)، وكلاهما مهلك، ولكن شدة الغضب على العالم المعاند أعظم.
3- الحذر من صفاتهم: فيجب على المسلم أن يحذر من أن يتصف بصفة اليهود (كالعلم بلا عمل، أو المعاندة) أو صفة النصارى (كالتعصب بغير علم، والغلو في الدين).
4- بيان نعمة الله على المسلمين: حيث أنعم الله علينا بالهدى إلى الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، غير المغضوب عليهم ولا الضالين. وهذا هو معنى سورة الفاتحة التي نقرأها في كل ركعة.
5- الدعوة إلى الله بالحكمة: يفيد الحديث في معرفة حال المدعوين، فمن كان منهم على شاكلة اليهود (عالم معاند) تخاطب بحجة وقوة، ومن كان على شاكلة النصارى (ضال جاهل) تخاطب باللين والبيان لتعليمه.
### رابعاً. معلومات إضافية مفيدة
- هذا الحديث هو تفسير قوله تعالى في سورة الفاتحة: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}. فالمغضوب عليهم هم اليهود، والضالون هم النصارى.
- الوصف عام، ولا ينفي وجود أفراد من هذه الأمم قد يكونون مسلمين أو ممن استجاب لدعوة الحق، كعبد الله بن سلام رضي الله عنه (من اليهود) والنجاشي ملك الحبشة (من النصارى).
- هذا الوصف لا يبيح للمسلم ظلمهم أو الاعتداء عليهم، خاصة إذا كانوا تحت حكم المسلمين ودفعوا الجزية، فلهم حقوق وعليهم واجبات.
أسأل الله تعالى أن يثبتنا على الصراط المستقيم، ويجنبنا طريق المغضوب عليهم والضالين، وأن يرزقنا الفقه في الدين والعمل به.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه الترمذي، وأحمد (١٩٣٨١)، وابن حبان (٧٢٠٦)، وابن جرير (١/ ١٨٦) كلهم من حديث سماك بن حرب بإسناده مطولّا وهذا لفظه: قال: أتيت رسول اللَّه ﷺ وهو جالس في المسجد، فقال القوم: هذا عدي بن حاتم، وجئت بغير أمان ولا كتاب فلما دفعت إليه أخذ بيدي، وقد كان قال قبل ذلك: «إني لأرجو أن يجعل اللَّه يده في يدي»، قال: فقام، فلقيه امرأة وصبي معها، فقالا: إن لنا إليك حاجة، فقام معهما حتى قضى حاجتهما، ثم أخذ بيدي حتى أتى بي داره، فألقت له الوليدة وسادة فجلس عليها، وجلست بين يديه، فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: «ما يفرك أن تقول: لا إله إلّا اللَّه؟ فهل تعلم من إله سوى اللَّه؟» قال: قلت: لا، قال: ثم تكلم ساعة، ثم قال: «إن ما تفر أن تقول اللَّه أكبر، وتعلم أن شيئًا أكبر من اللَّه؟» قال: قلت: لا. قال: «فإن اليهود مغضوب عليهم وإن النصارى ضلال» قال: قلت: فإني جئت مسلما، قال: فرأيت وجهه تبسط فرحًا، قال: ثم أمر بي فأنزلت عند رجل من الأنصار جعلت أغشاه آتيه طرفي النهار، قال: فبينا أنا عنده عشية إذ جاءه قوم في ثياب من الصوف من هذه النمار، قال: فصلى وقام فحث عليهم، ثم قال: «ولو صاع ولو بنصف صاع، ولو قبضة ولو ببعض قبضة، يقي أحدكم وجهه حر جهنّم أو النار ولو بتمرة ولو بشق تمرة، فإن أحدكم لاقي اللَّه وقائل له ما أقول لكم: ألم أجعل لك سمعًا وبصرًا؟ فيقول: بلى، فيقول: ألم أجعل لك مالًا وولدًا؟ فيقول: بلى، فيقول: أين ما قدمت لنفسك؟ ! فينظر قدامه وبعده، وعن يمينه وعن شماله، ثم لا يجد شيئًا يقي به وجهه حر جهنّم، ليق أحدكم وجهه النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيجة، فإني لا أخاف عليكم الفاقة، فإن اللَّه ناصركم ومعطيكم حتى تسير الظعينة فيما بين يثرب والحيرة أو أكثر ما يخاف على مطيتها السرق»، قال: فجعلت أقول في نفسي: فأين لصوص طي.
قال الترمذيّ: «هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب».
قال الأعظمي: في إسناده عبَّاد بن حُبَيش، لم يرو عنه غير سماك بن حرب، ولم يوثقه غير ابن حبان، ولذا قال الحافظ في التقريب: «مقبول» أي: عند المتابعة.
وقد تابعه مُرّي بن قطري، عن عدي بن حاتم، قال: سألت النبي ﷺ عن قول اللَّه عز وجل: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ قال: «هم اليهود».
رواه ابن جرير من طريق محمد بن مصعب، عن حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن مُرّي بن قطري.
ومرّي بن قطري وثقه ابن معين كما في رواية الدارميّ عنه. وللحديث أسانيد أخرى غير أن ما ذكرته هو أصحها.
ولذا قال الحافظ ابن كثير: «روي حديث عدي هذا من طرق، وله ألفاظ كثيرة يطول ذكرها».
وِقد روي نحو هذا عن جماعة من الصحابة والتابعين بأن ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ هم اليهود، و﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ هم النصارى.
قال ابن أبي حاتم في تفسيره: «ولا أعلم بين المفسرين في هذا اختلافًا».
لأن اللَّه تعالى حكم على اليهود بالغضب في قوله: ﴿مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ﴾.
وحكم على النصارى بالضلال في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ﴾.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 12 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 1 أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم
- 2 استجابة النبي ﷺ عند الدعاء أثناء الصلاة
- 3 يا أبي ألم تجد فيما أوحي إلي استجيبوا لله وللرسول
- 4 من كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم
- 5 فضل القرآن: الحمد لله رب العالمين
- 6 عليك السلام ورحمة الله وعليك السلام ورحمة الله وعليك السلام...
- 7 أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك، فاتحة الكتاب، وخواتيم...
- 8 من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج
- 9 قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين
- 10 إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين
- 11 المغضوب عليهم هم اليهود والضالون هم النصارى
- 12 اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون
- 13 الملائكة تستمع لقراءة القرآن وتظهر كالظلة
- 14 لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي...
- 15 آيتان في سورة البقرة تقرآن في دار ثلاث ليال لا...
- 16 يضع إحدى رجليه على الأخرى ويتغنّى ويدع سورة البقرة
- 17 البقرة سنام القرآن وذروته
- 18 الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه
- 19 أعطي رسول الله الصلوات الخمس وخواتيم سورة البقرة وغفر المقحمات
- 20 أعطيت خواتيم سورة البقرة من بيت كنز تحت العرش
- 21 آيتان ختم بهما سورة البقرة لا يقرآن في دار ثلاث...
- 22 إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي فلن يزال عليك...
- 23 أي آية من كتاب الله معك أعظم
- 24 ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ أعظم آية في...
- 25 فضل قراءة آية الكرسي بعد الصلاة المكتوبة
- 26 يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به
- 27 اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه
- 28 تعلّموا سورة البقرة وآل عمران فإنهما الزهراوان
- 29 اقرؤوا البقرة وآل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كغمامتين
- 30 من أخذ السبع الأوَل فهو حَبْرٌ
- 31 أوتي رسول الله سبعا من المثاني الطول
- 32 أعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني
- 33 فإن تاب ونزع واستغفر الله صقل قلبه
- 34 صيبًا نافعًا: دعاء النبي عند رؤية المطر
- 35 أن تجعل لله ندًا وهو خلقك
- 36 حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا
- 37 إنكم تشركون تقولون: ما شاء الله وشئت
- 38 ما شاء الله وشئت
- 39 معنى أرجو أن أكون أكثر الأنبياء تابعا يوم القيامة
- 40 لا شيء في الجنة يشبه ما في الدنيا
- 41 جشاء ورشح كرشح المسك
- 42 فضل كلمة: سبحان الله وبحمده
- 43 إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي
- 44 من رأى شيئًا من العوامر فليؤذنه ثلاثًا
- 45 يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار
- 46 خطباء يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم
- 47 الكمأة من المن الذي أنزل الله على بني إسرائيل
- 48 ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ
- 49 ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة
- 50 قلب أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر...
معلومات عن حديث: اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون
📜 حديث: اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








