حديث: ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قول: ﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨)﴾

عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ: «قال اللَّه لبني إسرائيل: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾».

صحيح: رواه أبو داود (٤٠٥٦) عن أحمد بن صالح وسليمان بن داود، حدّثنا عبد اللَّه بن وهب، حدّثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: فذكر هكذا.

عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ: «قال اللَّه لبني إسرائيل: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم حديث نبيه ﷺ.
الحديث الشريف:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «قال الله لبني إسرائيل: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾».


1. شرح المفردات:


* بني إسرائيل: هم قوم نبي الله موسى عليه السلام، وهم أبناء يعقوب (إسرائيل) عليه السلام.
* الْبَاب: المقصود به باب مدينة "أريحا" في فلسطين، والتي كانوا سيستعيدونها بفضل الله.
* سُجَّدًا: أي راكعين منحنين متواضعين لله تعالى، وليس المقصود السجود المعروف في الصلاة، بل الانحناء والخضوع.
* حِطَّةٌ: كلمة تعني "اغفر ذنوبنا وأزل عنا خطايانا واثقل أوزارنا". وهي تعبير عن التوبة والاستغفار والاعتراف بالذنب والافتقار إلى مغفرة الله.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث النبوي يفسر لنا الآية الكريمة من سورة البقرة (آية 58)، والتي تحكي قصة من قصص بني إسرائيل مع نبي الله موسى عليه السلام، بأسلوب نبوي بليغ.
القصة بإيجاز:
بعد أن أنجى الله بني إسرائيل من فرعون، وأغرقهم في البحر، أمرهم بدخول الأرض المقدسة (فلسطين) ومقاتلة القوم الجبارين فيها. لكنهم تمردوا وخافوا، فغضب الله عليهم وتاهوا في صحراء سيناء أربعين سنة. وبعد أن هلك الجيل العاصي، جاء الجيل الجديد بقيادة يوشع بن نون عليه السلام، فكانت وصية الله لهم عند دخولهم المدينة (أريحا) أن يدخلوا بابها خاضعين متواضعين لله، رافعين أصواتهم بكلمة "حطة"، أي طالبين مغفرة الله وتوبته، معترفين بفضله ونعمته عليهم بالنصر والتمكين، لا بقوتهم أو بأسهم.
المعنى العميق للأمر:
لم يكن الأمر مجرد حركة جسدية أو كلمة تقال، بل كان اختبارًا حقيقيًا للقلوب. كان الهدف هو غرس معنى العبودية الحقة في نفوسهم، وأن النصر والفتح من الله وحده، وأنهم لا يدخلون المدينة بقوتهم، بل بفضل الله ومغفرته لهم. فهو أمر يرمز إلى التواضع لله والاعتراف بالذنب والافتقار إليه.


3. الدروس المستفادة والعبر:


هذا الحديث العظيم يحمل كنوزًا من الحكم والعبر، منها:
1- وجوب التواضع لله تعالى: خاصة عند النعم والانتصارات، فلا يغتر الإنسان بنفسه أو بقوته، بل يعلم أن الفضل كله لله. قال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}.
2- الاستغفار والتوبة دائمًا: فالمؤمن لا يغفل عن طلب المغفرة في كل أحواله، في الشدة والرخاء، في الهزيمة والنصر.
3- الامتثال لأوامر الله كما جاءت: دون تحريف أو تأويل أو استكبار، كما فعل بنو إسرائيل الذين استبدلوا الأمر الإلهي وبدلوه.
4- الاعتبار بقصص الأمم السابقة: فهي ليست للتحلية والتسلية، بل للعظة والعبرة، لئلا نقع في ما وقعوا فيه من أخطاء.
5- الربط بين القرآن والسنة: فالحديث يوضح لنا معنى الآية القرآنية، مما يظهر مكانة السنة النبوية في تفسير وبيان القرآن الكريم.


4. معلومات إضافية:


* مصدر الحديث: أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 3403) والإمام مسلم (رقم 1676)، فهو حديث صحيح متفق عليه.
* ما حدث بعد ذلك (زيادة في الفائدة): لقد خالف بنو إسرائيل هذا الأمر الرباني الصريح، فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم (أدبارهم) بدلاً من الانحناء بخضوع، وقالوا "حبة في شعرة" سخرية واستهزاءً بكلمة "حطة". فكانت عقوبتهم أن مسخهم الله قردة وخنازير بسبب استهزائهم واستكبارهم عن أمر الله. وهذه العبرة العظيمة لمن يعرض عن أمر ربه ويستهزئ بشرعه.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يجعلنا من المتواضعين له المستغفرين آناء الليل وأطراف النهار.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٠٥٦) عن أحمد بن صالح وسليمان بن داود، حدّثنا عبد اللَّه بن وهب، حدّثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: فذكر هكذا.
قال أبو داود: وحدثنا جعفر بن مسافر، حدّثنا ابن أبي فديك، عن هشام بن سعد بإسناده مثله، هكذا مجملا ومختصرًا.
ورواه البزّار -كشف الأستار (١٨١٢) - مفصلا عن إسحاق بن بهلول، ثنا محمد بن إسماعيل ابن أبي فديك، ثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد أنه قال: خرجنا مع رسول اللَّه ﷺ حتى إذا كنا بعسفان قال لنا رسول اللَّه ﷺ: «إنّ عيون المشركين الآن على ضجنان، فأيكم يعرف طريق ذأت الحنظل؟» فقال رسول اللَّه ﷺ حين أمسى: «هل من رجل ينزل فيسعى بين يدي الركاب؟» فقال رجل: أنا يا رسول اللَّه، فنزل، فجعلت الحجارة تنكبه والشجر يتعلق بثيابه، فقال رسول اللَّه ﷺ: «اركب» ثم نزل آخر، فجعلت الحجارة تنكبه، والشجر يتعلق بثيابه، فقال رسول اللَّه ﷺ: «اركب» ثم وقعنا على الطريق، حتى سرنا في ثنية يقال لها الحنظل، فقال رسول اللَّه ﷺ: «ما مثل هذه الثنية إلا كمثل الباب الذي دخل فيه بنو إسرائيل، قيل لهم: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾، لا يجوز أحد الليلة هذه الثنية إلا غفر له»، فجعل الناس يسرعون ويجوزون، وكان آخر من جاز قتادة بن النعمان في آخر القوم، قال: فجعل الناس يركب بعضهم بعضًا حتى تلاحقنا، قال: فنزل رسول اللَّه ﷺ ونزلنا.
قال البزار: لا نعلم أحد رواه هكذا إلا محمد بن إسماعيل.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٦/ ١٤٤): رواه البزار ورجاله ثقات.
قلت. إسناده حسن من أجل محمد بن إسماعيل بن أبي فديك فإنه حسن الحديث.
أي أنهم خالفوا ما أمروا به من الفعل والقول فإنهم أمروا بالسجود -يعني الخضوع- فبدّلوا السجود بالزحف على أستاههم، وأمروا بقولهم: حطة أي مغفرة فبدّلوا بالحنطة استهزاء واستكبارا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 49 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة

  • 📜 حديث: ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب