حديث: إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل فأحبّه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إنّ جبريل بنادي في السّماء إنّ اللَّه يحب فلانًا فأحبّوه

عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ قال: «إنّ اللَّه إذا أحبَّ عبدًا دعا جبريل فقال: إني أحبُّ فلانًا فأحبّه فيحبُّه جبريل، ثم ينادي جبريل في السماء: إنّ اللَّه يحبّ فلانًا فأحبّوه فيحبُّه أهل السّماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبدًا دعا جبريل فيقول: إنّي أُبغضُ فلانًا فأبغضْه، قال: فيُبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إنّ اللَّه يُبْغضُ فلانًا فأبغضوه. قال: فيُبْغضونه، ثم توضع له البغضاءُ في الأرض».

متفق عليه: رواه مسلم في البر والصلة (٢٦٣٧) عن زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.

عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ قال: «إنّ اللَّه إذا أحبَّ عبدًا دعا جبريل فقال: إني أحبُّ فلانًا فأحبّه فيحبُّه جبريل، ثم ينادي جبريل في السماء: إنّ اللَّه يحبّ فلانًا فأحبّوه فيحبُّه أهل السّماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبدًا دعا جبريل فيقول: إنّي أُبغضُ فلانًا فأبغضْه، قال: فيُبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إنّ اللَّه يُبْغضُ فلانًا فأبغضوه. قال: فيُبْغضونه، ثم توضع له البغضاءُ في الأرض».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، يشرح لنا سنّة إلهية عظيمة في محبة الله تعالى وبغضه للعبد، وكيف أن هذه المحبة أو البغضة لا تبقى سراً بين العبد وربه، بل لها آثارها وعلاماتها في السماء والأرض.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● دعا جبريل: ناداه وأمره.
● يوضع له القبول في الأرض: يجعل الله له محبةً في قلوب الناس وقبولاً لديهم.
● البغضاء: المقت والكراهية.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يبيّن النبي ﷺ في هذا الحديث أن محبة الله تعالى للعبد ليست أمراً خفياً، بل لها نظامٌ علويٌّ يبدأ من الله تعالى، ثم ينتقل إلى الملأ الأعلى (جبريل ومن في السماء من الملائكة)، ثم ينزل أثرها إلى الأرض فيصير العبد محبوباً ومقبولاً لدى الناس. والعكس صحيح بالنسبة لمن أبغضه الله، فإن البغض يبدأ من الله، ثم ينتقل إلى الملائكة، ثم يوضع له البغض والكراهية في قلوب الناس.
ويمكن تفصيل هذه المراحل على النحو التالي:
في حالة المحبة:
1- المرحلة الأولى (من الله إلى جبريل): الله تعالى يعلن محبته لعبدٍ من عباده لجبريل عليه السلام، فيأمره بمحبته، فيستجيب جبريل ويحب هذا العبد.
2- المرحلة الثانية (في السماء): جبريل عليه السلام ينادي في الملائكة في السماوات بأن الله يحب هذا العبد، فيحبونه جميعاً طاعةً لله واتباعاً لأمره.
3- المرحلة الثالثة (في الأرض): تكون النتيجة الطبيعية لذلك هي أن يضع الله له "القبول في الأرض"، فيصير محبوباً لدى الناس، مقبول القول والعمل، تُقبل شهادته، ويُؤتمن على ما لديه، وتُطمئن النفوس إليه.
في حالة البغض:
1- المرحلة الأولى (من الله إلى جبريل): الله تعالى يعلن بغضه لعبدٍ لجبريل عليه السلام، فيأمره ببغضه، فيستجيب جبريل ويبغض هذا العبد.
2- المرحلة الثانية (في السماء): جبريل عليه السلام ينادي في الملائكة بأن الله يبغض هذا العبد، فيبغضونه جميعاً.
3- المرحلة الثالثة (في الأرض): تكون النتيجة أن "توضع له البغضاء في الأرض"، فيصير مبغوضاً من الناس، لا يُقبل قوله، ولا تؤتمن نفسه، وتنفر منه القلوب.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- حقيقة محبة الله وبغضه: محبة الله تعالى هي الغاية العظمى للعبد، وهي نعمة لا تعدلها نعمة، وهي أساس كل خير في الدنيا والآخرة. وبغض الله هو الشقاء الحقيقي.
2- علامة محبة الله للعبد: من أعظم العلامات الدنيوية على محبة الله للعبد أن يوفقه للطاعة، ويجعل له قبولاً في قلوب الناس ومحبةً منهم، كما قال بعض السلف: "إن الله إذا أحب عبداً حببه إلى عباده".
3- السبب الجالب لمحبة الله: محبة الله تعالى لا تُكتسب بالمال أو الجاه، بل تُنال بطاعة الله واتباع رسوله ﷺ. قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]. ومن أعظم الأسباب أيضاً: الإحسان في العبادة، والتقرب بالنوافل بعد الفرائض، كما في الحديث القدسي: «وما يزال العبد يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه».
4- التحذير من أسباب بغض الله: كما أن هناك أسباباً للمحبة، فهناك أسبابٌ تجلب بغض الله ومقته، وأعظمها الكفر والشرك، ثم يليها المعاصي والفسوق والعصيان.
5- الاستعانة بالله وليس بالخلق: على العبد أن يسعى دائماً لرضا الله تعالى أولاً وآخراً، فإذا نال محبة الله، أتته محبة الخلق تبعاً لها. فلا ينبغي له أن يتكسّب محبة الناس بمعصية الله، أو أن يخاف من بغضهم في الحق.
6- التثبت في الحكم على الناس: لا يجوز لنا أن نحكم على شخص بأن الله يحبه أو يبغضه بمجرد ظن، فقد يكون مقبولاً عند الناس وهو غير ذلك عند الله، والعكس صحيح. ولكن هذه العلامة (القبول أو البغض في الأرض) من الأدلة الظاهرة، لكن الحكم الحقيقي لله تعالى.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأحاديث المتعلقة بالعقيدة، ويؤكد على صفة المحبة لله تعالى كما يليق بجلاله، من غير تشبيه ولا تعطيل.
- الحديث يدل على علو الله تعالى واستوائه على عرشه، وأن جبريل والملائكة في السماء، وهذا من اعتقاد أهل السنة والجماعة.
- "القبول في الأرض" لا بالضرورة يعني أن كل من أحبه الناس فهو حبيب لله، فقد يحب الناس شخصاً لأجل دنيا يصيبها منهم، ولكن القبول الحقيقي المستمر المقرون بالطاعة هو العلامة الحسنة.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أحبابه وأوليائه، وأن يرزقنا القبول في الأرض والسماوات.
والله تعالى أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في البر والصلة (٢٦٣٧) عن زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
ووالد سهيل: هو أبو صالح.
ورواه البخاريّ في التوحيد (٧٤٨٥) من وجه آخر عن أبي صالح غير أنه لم يذكر البعض، وكذلك رواه البخاريّ من طرق أخرى عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن أبي هريرة (٣٢٠٩، ٦٠٤٠) مقتصرًا على الجزء الأوّل من الحديث فقط.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 578 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل فأحبّه

  • 📜 حديث: إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل فأحبّه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل فأحبّه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل فأحبّه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل فأحبّه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب