من قتل في سبيل الله صابرًا محتسبًا دخل الجنة إلا الدين

حديث: من قتل في سبيل الله صابرًا محتسبًا دخل الجنة إلا الدين

عن أنس بن مالك أن رجلًا قال: يا رسول الله، إدن قتلت في سبيل الله صابرًا محتسبًا أدخل الجنّة؟ فقال النَّبِيّ ﷺ: «نعم»، فلمّا ولى قال: «إِلَّا الدين».

حسن: رواه البزّار (٧٣٢٨) عن محمد بن يحيى بن عديّ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله الأنصاريّ، عن أبيه (هو عبد الله بن المثنى)، عن ثمامة، عن أنس .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم له دلالات كبيرة في الشريعة الإسلامية، وإليك شرحه الوافي على منهج أهل السنة والجماعة:

الحديث بلفظه كاملاً:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن قتلت في سبيل الله صابرًا محتسبًا أدخل الجنة؟ فقال النبي ﷺ: «نعم»، فلما ولى (أي: انصرف وولى ظهره) قال: «إِلَّا الدَّيْنَ».
(رواه النسائي في "السنن الكبرى"، وصححه الألباني).

١. شرح المفردات:

● إِنْ قُتِلْتُ: أي إن ماتَ قتالاً في المعركة.
● فِي سَبِيلِ اللهِ: أي في الجهاد الشرعي لإعلاء كلمة الله.
● صَابِرًا: أي صابرًا على أذى القتال ومشاقه.
● مُحْتَسِبًا: أي طالبًا الأجر من الله تعالى، لا رياء ولا سمعة.
● أَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟: استفهام استعلام واستيثاق لحكم الشرع.
● فَلَمَّا وَلَّى: أي عندما انصرف الرجل وأدار ظهره ليمشي.
● إِلَّا الدَّيْنَ: استثناء، أي لكن يستثنى من ذلك من عليه دين لم يقضه.

٢. شرح الحديث:

● السياق: جاء رجل إلى النبي ﷺ يسأل عن مرتبة الشهادة في سبيل الله، وهي من أعلى المراتب، فأخبره النبي ﷺ بأن من يُقتل في سبيل الله وهو صابر محتسب يدخل الجنة. هذا الجواب فيه بيان لعظم أجر الشهيد وفضله.
● الاستثناء (إِلَّا الدَّيْنَ): لكن النبي ﷺ استدرك بعد انصراف الرجل فقال: «إلا الدين»، أي أن هذا الوعد العظيم (دخول الجنة للشهيد) قد يعترضه مانع واحد وهو الدين الذي على الشهيد إذا لم يقضه.
● لماذا خصص النبي ﷺ الدين بالذكر؟
لأن حق العباد مبني على المشاحة (أي المطالبة والمنازعة)، بخلاف حق الله تعالى فهو مبني على المسامحة. فالله غفور رحيم، لكن حقوق العباد لا تسقط إلا بأدائها أو مسامحة أصحابها.

٣. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظم حق الدَّيْنِ في الإسلام: الحديث يرفع من شأن حقوق العباد، ويحذر من التهاون في الديون، حتى أن الشهادة في سبيل الله -وهي ذروة الشرف- لا تكفر عن الدين إذا لم يُسَدَّد.
2- وجوب المسارعة في قضاء الدين: على المسلم أن يحرص على أداء ما عليه من ديون، وأن لا يتهاون فيها مهما بلغ عمله الصالح.
3- العدل والمسؤولية: الإسلام دين العدل، فلا يُغفر للشهيد ذنبه في حق الله فحسب، بل يبقى الحق المالي للعباد قائمًا حتى يُقضى أو يُسامح صاحبه.
4- الحث على كتابة الديون والإشهاد عليها: من هدي الإسلام توثيق الديون لتجنب النزاع والنسيان، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282].
5- فضل الصبر والاحتساب في الجهاد: مع التحذير من الدين، يبقى أجر الشهيد عظيمًا إذا كان خاليًا من الموانع.

٤. معلومات إضافية مفيدة:

● هل يسقط الدين بالشهادة؟
كلا، لا يسقط الدين بالموت ولا بالشهادة، بل يجب أن يُقضى من تركته قبل تقسيم الميراث. فإن لم تكف تركته، فينتظر أن يتطوع أحد بسداده أو أن يسامح الدائن.
● هل يعني الحديث أن الشهيد الذي عليه دين لا يدخل الجنة؟
ليس بالضرورة، بل قد يتدخل الشفاعة أو فضل الله، لكن المقصود أن الدين حاجز وخطير، ويجب أن يُبادر إلى سداده.
● الفرق بين حق الله وحق العباد:
- حق الله: مثل الصلاة والصوم، يُغفر بالتوبة والاستغفار.
- حق العباد: مثل الديون والغصب، لا بد من ردها أو المسامحة.

خاتمة:

هذا الحديث يعلمنا أن الإسلام دين المسؤولية والعدل، حتى في أسمى لحظات البذل والتضحية (الشهادة) يبقى حق العبد محفوظًا يجب أداؤه. فلنحرص على تخلية ذممنا من الديون، ونسأل الله أن يعيننا على أداء الحقوق وأن يتقبل منا الصالحات.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزّار (٧٣٢٨) عن محمد بن يحيى بن عديّ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله الأنصاريّ، عن أبيه (هو عبد الله بن المثنى)، عن ثمامة، عن أنس .. فذكره.
وقال البزّار: «وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أنس إِلَّا من هذا الوجه، ولم نسمعه إِلَّا من محمد بن يحيى بن عديّ، وكان إن شاء الله من الصالحين.
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل ثمامة بن عبد الله، وعبد الله بن المثنى فإنهما صدوقان، وشيخ البزّار لم أقف على ترجمته إِلَّا أن البزّار وصفه بالصلاح. والله أعلم.
وأمّا ما رواه الترمذيّ في سننه (١٦٤٠)، وعلله الكبير (٢/ ٧٠٧) عن يحيى بن طلحة اليربوعي الكوفيّ، حَدَّثَنَا أبو بكر بن عَيَّاش، عن حميد، عن أنس. ففيه ضعف، وأعلّه البخاريّ. فقد قال الترمذيّ: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي بكر إِلَّا من حديث هذا الشّيخ. (يعني يحيى اليربوعي).
وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فلم يعرفه، وقال: أرى أنه أراد حديث حميد عن أنس عن النَّبِيّ ﷺ أنه قال: «ليس أحد من أهل الجنّة يسرّه أن يرجع إلى الدُّنيا إِلَّا الشهيد».
ويحيى بن طلحة اليربوعي ضعيف وإن كان ابن حبَّان ذكره في الثّقات إِلَّا أنه قال: كان يغرب عن أبي نعيم وغيره.
وحديث حميد عن أنس الذي أشار إليه البخاريّ ذكر في باب فضل الشهادة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 384 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من قتل في سبيل الله صابرًا محتسبًا دخل الجنة إلا الدين

📜 حديث: من قتل في سبيل الله صابرًا محتسبًا دخل الجنة إلا الدين

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من قتل في سبيل الله صابرًا محتسبًا دخل الجنة إلا الدين

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من قتل في سبيل الله صابرًا محتسبًا دخل الجنة إلا الدين

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من قتل في سبيل الله صابرًا محتسبًا دخل الجنة إلا الدين

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية