بعث النبي سبعين رجلاً يعلمون القرآن والسنة فقتلوا

حديث: بعث النبي سبعين رجلاً يعلمون القرآن والسنة فقتلوا

عن أنس بن مالك قال: جاء ناس إلى النَّبِيّ ﷺ فقالوا: أن ابعث معنا رجالًا يعلمونا القرآن والسنة فبعث إليهم سبعين رجلًا من الأنصار يقال لهم: القراء، فيهم خالي حرام يقرأون القرآن، ويتدارسون بالليل يتعلمون وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه في المسجد ويحتطبون فيبيعونه ويشترون به الطعام لأهل الصفة وللفقراء فبعثهم النَّبِيّ ﷺ إليهم فعرضوا لهم فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان فقالوا: اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا .. قال: وأتى رجل حرامًا خال أنس من خلفه فطعنه برمح حتَّى أنفذه فقال حرام: فزتُ ورب الكعبة فقال رسول الله ﷺ لأصحابه: «إنَّ إخوانكم قد قُتلوا وإنهم قالوا: اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك، ورضيت عنا».

متفق عليه: رواه مسلم في الإمارة (٦٧٧: ١٤٧) عن محمد بن حاتم، حَدَّثَنَا عفّان، حَدَّثَنَا حمّاد، أخبرنا ثابت، عن أنس بن مالك.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو من الأحاديث التي تُظهر صدق إيمان الصحابة واستعدادهم للتضحية في سبيل الله. سأشرحه لك جزءاً جزءاً مع بيان الدروس المستفادة.

أولاً. شرح المفردات:

● يتدارسون: يدرسون ويتعلمون ويتعاونون على فهم القرآن والسنة.
● أهل الصفة: فقراء الصحابة الذين كانوا يسكنون في صفة (ظلة) في مسجد النبي ﷺ وكانوا منقطعِين لطلب العلم والعبادة.
● أنفذه: أي خرج الرمح من الجانب الآخر من جسده.
● فزت: ربحت ونلت الفوز العظيم.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن مجموعة من الناس جاءوا إلى النبي ﷺ يطلبون منه معلمين يعلمونهم القرآن الكريم والسنة النبوية، فاستجاب النبي ﷺ لطلبهم وأرسل معهم سبعين رجلاً من الأنصار، وكانوا مشهورين بحفظهم للقرآن وتعلمهم للدين، وكان من بينهم خال أنس الذي اسمه "حرام بن ملحان".
هؤلاء السبعون كانوا يجمعون بين العلم والعمل، ففي الليل يدرسون القرآن ويتعاونون على فهمه، وفي النهار يعملون بجد؛ فيحضرون الماء ويضعونه في المسجد ليشرب الناس، ويجمعون الحطب ليبيعوه ويشتروا بثمنه الطعام لأهل الصفة والفقراء، مما يدل على تواضعهم واجتهادهم في الخير.
لكن عندما كانوا في طريقهم إلى القبيلة التي طلبت المعلمين، تعرض لهم مجموعة من المشركين الخائنين (من قبيلة بني عامر) فغدروا بهم وقتلوهم جميعاً قبل أن يصلوا إلى المكان المقصود.
وفي لحظات الاستشهاد، ظهر إيمانهم الراسخ، فدعوا الله أن يبلغ النبي ﷺ أنهم قد لَقُوا ربهم وهم راضون عنه، ويسألون الله أن يرضى عنهم.
ثم يأتي التفصيل في استشهاد خال أنس "حرام بن ملحان"، حيث طعنه أحد المشركين من الخلف برمح حتى اخترق جسده، وفي هذه اللحظة الصعبة قال كلمة عظيمة: "فزت ورب الكعبة"، أي نلت الفوز بالجنة.
ثم بلغ الخبر النبي ﷺ، فأخبر أصحابه بمصير هؤلاء الشهداء، وبلغهم رسالتهم التي فيها رضاهم عن الله وطلب رضاه عنهم.

ثالثاً. الدروس المستفادة:

1- فضل تعليم القرآن والسنة: فإن هؤلاء الصحابة خرجوا لنشر العلم وتعليم الناس، وهذا من أعظم القربات.
2- الجمع بين العلم والعمل: فهم لم يكونوا متعطلين، بل كانوا يعملون ويخدمون المجتمع مع اشتغالهم بالعلم.
3- الإخلاص والتضحية في سبيل الله: هؤلاء الصحابة قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل دعوة الناس إلى الله.
4- الرضا بقضاء الله: حتى في أقسى اللحظات، ظهر رضاهم عن الله تعالى، وهذا من علامات الإيمان الكامل.
5- ثبات القلب عند الموت: قول حرام "فزت ورب الكعبة" يدل على ثقته بوعد الله وفرحه بلقاء ربه.
6- مكانة الشهداء: فهم أحياء عند ربهم يرزقون، وقد قبل الله دعاءهم وبلغ رسالتهم.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هؤلاء الشهداء يعرفون بـ "شهداء بئر معونة" وقد نزل فيهم قرآن يتلى، حيث قال الله تعالى: {وَبلِّغُوا عَنِّي قَوْمِي} [الأحزاب: 67]، وقد ذكر المفسرون أن هذه الآية نزلت فيهم.
- قصة هؤلاء الشهداء تدل على أن الدعوة إلى الله تحتاج إلى صبر وتضحيات، وأن طريق العلم والدعوة ليس مفروشاً بالورود، لكن عاقبته حسنة للمؤمنين.
- يستحب الدعاء بالرضا عند الخروج للدعوة أو الجهاد، كما فعل هؤلاء الصحابة.
أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الإمارة (٦٧٧: ١٤٧) عن محمد بن حاتم، حَدَّثَنَا عفّان، حَدَّثَنَا حمّاد، أخبرنا ثابت، عن أنس بن مالك. فذكره.
ورواه البخاريّ في الجهاد والسير (٢٨٠١) من طريق إسحاق (هو ابن عبد الله بن أبي طلحة) عن أنس قال: «بعث النَّبِيّ أقواما من بني سليم إلى بني عامر في سبعين ...» الحديث بنحوه.
وقوله: «من بني سُليم إلى بني عامر» وهم كما نبّه عليه الحافظ في الفتح (٦/ ١٩) فقال: «التحقيق أن المبعوث عليهم بنو عامر، وأمّا بنو سليم فغدروا بالقراء المذكورين، والوهم في هذا السياق من حفص بن عمر شيخ البخاريّ فقد أخرجه هو في المغازي (٤٠٩١) عن موسى بن إسماعيل عن همام - يعني عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة - فقال: بعث أخا لأم سليم في سبعين راكبا وكان رئيس المشركين عامر بن الطفيل .. الحديث» اهـ
وفي الباب عن حسناء بنت معاوية الصريمية قالت: حَدَّثَنَا عمي قال: قلت للنبي ﷺ: من في الجنّة؟ قال: «النَّبِيّ في الجنّة، والشهيد في الجنّة، والمولود في الجنّة، والوئيد في الجنّة».
رواه أبو داود (٢٥٢١)، وأحمد (٢٠٥٨٣، ٢٠٥٨٥) من طرق عن عوف، عن حسناء بنت معاوية الصريمية، عن عمها .. فذكره. وفيه حسناء بنت معاوية الصريمية، لم يرو عنها سوى عوف الأعرابي ولم يوثقها أحد، ولذا قال الحافظ في التقريب: «مقبولة» أي عند المتابعة. ولم أجد له متابعا.
وفي الباب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «عرض عليّ أول ثلاثة يدخلون الجنّة وأول ثلاثة يدخلون النّار، فأما أول ثلاثة يدخلون الجنّة: فالشهيد، وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده، وعفيف متعفف ذو عيال. وأمّا أول ثلاثة يدخلون النّار فأمير مسلط، وذو ثروة من مال لا يعطي حق ماله، وفقير فخور».
رواه الترمذي (١٦٤٢)، والطيالسي (٢٦٩٠)، وأحمد (٩٤٩٢، ١٠٢٠٥)، وصحّحه ابن خزيمة (٢٢٤٩) وابن حبَّان (٤٣١٢، ٧٢٤٨، ٧٤٨١)، والحاكم (١/ ٣٨٧) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عامر العقيليّ، عن أبيه، عن أبي هريرة .. فذكره. والسياق لأحمد. ومنهم من اقتصر على ذكر أهل الجنّة، ومنهم من اقتصر على ذكر أهل النّار، ومنهم من ساقه بتمامه.
وقال الترمذيّ: «حديث حسن».
وقال الحاكم: «عامر بن شبيب العقيلي شيخ من أهل المدينة، مستقيم الحديث، وهذا أصل في هذا الباب، تفرّد به عنه يحيى بن أبي كثير ولم يخرجاه.
قال الأعظمي: كذا قال الحاكم: عامر بن شبيب، وقال البخاريّ في التاريخ الكبير (٦/ ٤٥٧) يقال: اسمه عقبة.
وعامر العقيلي هذا لم يرو عنه غير يحيى بن أبي كثير، ولم يوثقه أحد إِلَّا أن ابن حبَّان ذكره في ثقاته (٧/ ٢٥٠) ولذا قال الحافظ في التقريب: «مقبول» أي عند المتابعة، ولم أجد له متابعا، فهو لين الحديث.
وكذا والد عامر لم يرو عنه غير ابنه ولم أجد من وثَّقه، وهو على شرط ابن حبَّان، وقال الذّهبيّ في الديوان: «لا يعرف».
ورُوي أيضًا عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وهو وهم، كما قال الدَّارقطنيّ في العلل (٩/ ٢٦٩).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 376 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بعث النبي سبعين رجلاً يعلمون القرآن والسنة فقتلوا

📜 حديث: بعث النبي سبعين رجلاً يعلمون القرآن والسنة فقتلوا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: بعث النبي سبعين رجلاً يعلمون القرآن والسنة فقتلوا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: بعث النبي سبعين رجلاً يعلمون القرآن والسنة فقتلوا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: بعث النبي سبعين رجلاً يعلمون القرآن والسنة فقتلوا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية