قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن شكر الله وتسبيحه والثناء عليه في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 1]
أنعِم به من استهلالٍ يفتتح به المسلمُ تلاوته لكلام ربِّه؛ امتثالًا لأمره في أوَّل ما أنزل على نبيِّه: ﴿اقرَأ باسمِ ربِّكَ الَّذي خَلَق﴾ . |
﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]
كم نعمةٍ أسبغَها عليك تستَدعي حمدكَ إيَّاه في كلِّ لمحة، وكم مِنَّةٍ أسداها إليك تستوجبُ شكركَ له في كلِّ لحظة! فلا يزالُ لسانك رطبًا بالثناء عليه. كلُّ حمدٍ لأحدٍ من العالَمين فالله أَولى به، أوَليس قد خلق لك لسانًا حامدًا، ويسَّر لك أسبابَ حمدِه؟ إنَّ حمدك إيَّاه نعمةٌ تستوجبُ منك مزيدَ الحمد. هو ربُّ العالمين، وإليه مردُّ الأوَّلينَ والآخِرين، فيا خيبةَ مَن صرف شيئًا من العبادة والتعظيم، لمربوبٍ ضعيفٍ مثلِه وترك الجليلَ العظيم. |
﴿ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3]
سبحانه، هو وحدَه المستحقُّ لكلِّ حمد، فإن كنتَ حامدًا لأجل الكمال فإنه الله، أو للإحسان فإنه ربُّ العالمين، أو للرجاء فإنه الرَّحمنُ الرَّحيم، أو للخوف فإنه مالكُ يوم الدِّين. |
﴿مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4]
تأمَّل كيف أُفرِد يومُ الجزاء هاهنا بالذِّكر تعظيمًا له؛ فإن كلَّ مُلكٍ في الدنيا إلى زوال، ويبقى وحدَه يومئذٍ متفرِّدًا بالملك الذي لا يزول، ﴿لمَنِ المُلكُ اليومَ للهِ الواحدِ القهَّار﴾ . ليَطمئنَّ قلبُك إلى أن الجزاء على الأرض ليس هو الجزاءَ الأخير، ولتوقِنْ أن عمُرَك مهما كان محدودًا فهناك حياةٌ أخرى تنتظرك تستحقُّ أن تجاهدَ لها، وستُوفَّى فيها أجرَك غيرَ منقوص. |
﴿ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا سُبۡحَٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴾ [آل عمران: 191]
اللبيب هو المتَّصل بالله تعالى في كلِّ أحواله، الذاكرُ له أبدًا في جميع ساعاته، وكيف يغفُل عن الاتِّصال بشيءٍ به قِوامُ حياته؟! ذِكرُ الله هو النُّور الهادي للفكر، فمَن أكثرَ منه فُتحَ عليه من أنوار المعرفة، وأضواء الفهم والدراية. يحفظ على المرء عقلَه اشتغالُه بالعلم طلبًا وتحصيلًا، وبالقرآن تلاوةً وتعليمًا، ويُحيي قلبَه ذكرُه لله قيامًا وقعودًا. مَن زادت معرفتُه بربِّه زاد خوفُه منه وضَراعته إليه، ألا ترى المخلصين الذاكرين الطائعين، المتفكِّرين في عظمة الله تعالى، يسألونه العافيةَ من النار؟ |
﴿وَإِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ءَأَنتَ قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيۡنِ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أَقُولَ مَا لَيۡسَ لِي بِحَقٍّۚ إِن كُنتُ قُلۡتُهُۥ فَقَدۡ عَلِمۡتَهُۥۚ تَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِي وَلَآ أَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِكَۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ ﴾ [المائدة: 116]
ما كان عيسى عليه السلام ليأمرَ قومَه بغير ما أمرَه الله به، فما حصل من قولٍ باطل فهو ممَّن زعموا أنهم على دينه، وهو منهم بَراء. يا طاهرَ العِرض ويا عليَّ المقام، إذا رُميتَ بأوابد الزور والبهتان، فهوِّن عليك، فقد رُميَ بالبَهت مَن هو خيرٌ منك، واتُّهِمَ مَن هو أعلى مقامًا من مقامك. حين يبلغ التوحيدُ في القلب غايةً عُليا يُصبح همُّ صاحبه تنزيهَ الله عمَّا لا يليق به، فيقدِّمه على تنزيه نفسه وتبرئةِ ساحتها. إنها لَعظيمةٌ من العظائم تقعُ على النفس يوم يُنسَب لبريءٍ ما ليس منه، فكيف برسولٍ يدعو إلى التوحيد يُفترى عليه ما يناقض التوحيد؟! إن لم يكن للرسُل حقٌّ في الأُلوهيَّة فإن مَن دونَهم من باب أولى؛ فلا أحدَ يستحقُّ أن يكونَ إلهًا يُعبد من دون الله عزَّ وجلَّ. إنه الأدبُ الجمـيل في حضـرة الربِّ الجليـل، وغـايةُ الخضـوعِ والتواضع، وحسنُ تفويضِ الأمور بالكليَّة إلى الحقِّ جلَّ جلاله. |
﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَۖ ثُمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ ﴾ [الأنعام: 1]
الحمد لله الذي جعل في السماوات آياتٍ على إبداع خلقه وإتقانه، وفي الأرض براهينَ على قدرته وسلطانه، وفي آلائه على عباده شواهدَ على فضله وإنعامه. عجيبٌ أن ينطِقَ الكون كلُّه بعظمة الله وتوحيده، ويُعرِضُ عن ذلك أكثرُ من كلَّفَ من عبيده! |
﴿فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْۚ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [الأنعام: 45]
إهلاك الظالمين غيثُ رحمةٍ أزاح كدرَ الظلم والظلام، فأصبح الجوُّ برَّاقَ الثنايا مُشرقَ الجوانب، وتلك نعمةٌ تستحقُّ حمدَ الله وشكرَه. |
﴿إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُغۡشِي ٱلَّيۡلَ ٱلنَّهَارَ يَطۡلُبُهُۥ حَثِيثٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَٰتِۭ بِأَمۡرِهِۦٓۗ أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54]
أيها العباد، إنه سبحانه هو مربِّيكم والمنعم عليكم والهادي لقلوبكم إلى سواء الصراط، فلا ينبغي أن يُعبدَ معه غيرُه. هو القادرُ سبحانه على خلق ما يشاء كما يشاء في طَرفةِ عين، ولكن كم في التأنِّي من الحكمة ولطف التدبير، وإرشاد الخَلق إلى الأخذ بذلك في أمور حياتهم. ألا تَرهبُ النفسُ ربًّا استوى على عرش عظيم، وتمتلئ له إجلالًا وإعظامًا، وإكبارًا وتقديسًا؟ كما للخالق كمالُ الخلق وإتقانه، وإبداعُه وإحكامه، فله ذلك سبحانه في أمره ونهيه. تبارك ربُّنا في نفسه؛ لعظمة أوصافه، وكمالِ ذاته، وباركَ في غيره بإحلال الخير الجزيل فيه، فكلُّ بركةٍ في الكون فمن آثار بركاته ورحماته. |
﴿وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِي وَلَٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِيۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكّٗا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقٗاۚ فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 143]
إذا تفضَّل الله تعالى عليك بنعمةٍ في دينك فارجُ المزيد من نعمِه؛ فإن موسى عليه السلام لمَّا كلَّمه ربُّه أطمعَه تكليمُه في رؤيته. لكي يخفِّفَ الله على موسى ألمَ الردِّ أراه بعينه من تجلِّيه للجبل ما فهم منه أن المانعَ من جهته، فإن كان الجبلُ لم يستقرَّ، فكيف بالبشر؟ تجلَّى الله لجمادٍ لا ثوابَ له، ولا عقابَ عليه، أفيمتنع عن أنبيائه وأوليائه في دار كرامته ومستقرِّ رحمته؟! اللهم إنا نسألُك من فضلك. من دلائل صحَّة التوبة المبادرةُ بعدها إلى الصالحات، والإسراعُ إلى عمل القربات. |
﴿وَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوۡلَىٰكُمۡۚ نِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ ﴾ [الأنفال: 40]
لا يحزنُ المؤمنون من إعراض الكافرين عن الإسلام فيخافوا من ذلك الضعفَ والقِلَّة؛ فإن اللهَ بوَلايته ونصره لهم هو الغِنى عن كلِّ قوَّة ونصرة. نِعمَ الربُّ ربُّنا؛ لو أطعناه كما أمرَنا، لما تخلَّى عن عوننا ولنصرَنا. |
﴿دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [يونس: 10]
أُعطِي أهلُ الجنَّةِ فيها ما يشتهون، ولم تُبقِ لهم كثرةُ العطاء ما يؤمِّلون، فَحَلا لهم في مقام القُربِ من ربِّهم الثناءُ عليه وتسبيحُه وتمجيدُه. سلامُ دارِ السلام غيرُ سلامِ دار الآلام، فمن مَقاصد السلام في الدنيا العبادةُ والتأمين، ومن مَقاصده في الجنَّة التلذُّذ والأُنس، فما أحسنَ التحيَّةَ في تلك الدار السَّنِيَّة! لمَّا كان تعالى المحمودَ في كلِّ حال حمِدَ نفسَه عند ابتداء خلقِه واستمراره، وفي ابتداء كتابه وإنزاله، ويبقى حمدُه على ألسنة المؤمنين في جناتِ النعيم، فهو المحمود أبدًا. |
﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴾ [يونس: 18]
لا ترجُ غيرَ خالقك، ولا تخشَ سوى ربِّك، فإن غيرَه لن يملِك لك ضَرًّا ولا نفعًا، إلا ما شاء الله. لن تبلغَ المعبوداتُ أن تضُرَّ من شاء اللهُ حمايتَه من الضَّرِّ، أفليسَ من يمنعُ الضَّرَّ عن عباده هو الأحقَّ بالشكر؟! إن كانت عبادةُ غيرِ اللهِ ليست نافعةً أصحابَها؛ فإن عبادةَ الله تعالى بلا شكٍّ ستنفعُ أهلَها في العاجل والآجل. عجيبٌ كيف يصرُّ عبَّادُ الأصنام على الاستمرار في عبادتها، مع اعترافهم الدائم بأن المتصرِّفَ هو اللهُ تعالى وحدَه! ليس لما يعبُد الناسُ من دون الله عنده يدٌ، ولا نوعُ تصرُّفٍ، فمن طلبَ رضا هؤلاء الوُسطاء بعبادتهم فقد ظنَّ بالله ظنَّ السَّوء. اللهُ تعالى أقربُ إلى عباده مِن حاجته إلى شُفعاءَ يوصلونهم إليه، وأعظمُ من أن يكون له وُسَطاءُ يُزكُّون الناسَ لديه. تعالى ربُّنا أن يجهلَ أحوالَ خَلقه حتى يخبرَه بها أحد! لقد جَهلَ مقامَ الربوبيةِ والألوهية مَن شبَّهَ ربَّ العالمين بعبيده من الملوك الجاهلين العاجزين وغيرِهم. |
﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108]
من مزايا هذا الدين أنه يدعو إلى الإيمان به على بصيرة، وبرهانُ ذلك أنه عرضَ نظامَ الكون وما فيه من الإتقان على أنظارِ العقول، وطالبَها بالإمعان فيه لتصلَ إلى اليقين. سبيلُ محمَّد بن عبد الله ﷺ واضحةُ المعالم والغايات، قائمةٌ على أنصعِ البراهين والبيِّنات، فعلى كلِّ داعٍ إلى هذا الدين أن يتَّبعَ سيِّدَ المرسلين، ويقتديَ به على علم وهدى. على من تصدَّر للدعوة أن يدعوَ إلى الله مخلصًا، لا أن يدعوَ إلى نفسه لإيصالها إلى رُتبةِ إعجاب الناس ورضاهم. أيها الداعيةُ، نزِّه اللهَ تعالى عن كلِّ ما لا يليقُ به ممَّا ينسُبه إليه الجاهلون، وابرَأ إلى الله تعالى من جميع ما يفعلُه المشركون. |
﴿فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّٰجِدِينَ ﴾ [الحجر: 98]
بذكر الله تعالى وبالصلاة الخاشعة يتَّسعُ الصدر، وتَسعَدُ النفس، وينشرحُ القلب. إذا نابتك نائبةٌ وضاق صدرُك بضيقٍ فافزع إلى السجود، ففيه الراحةُ والسكينة، والطُّمَأنينة والانشراح. |
﴿أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴾ [النحل: 1]
حين يريد الله شيئًا كقيام الساعة، يتحقَّق موعودُه، وتمضي مشيئتُه التي لا يقدِّمها استعجال، ولا يؤخِّرها رجاء، ولا يحجُزُه عنها من الخلائق أحد. |
﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1]
يا له من خبرٍ عجيب دالٍّ على عظيم قدرة الله، إنه خبرُ الإسراء برسول الله ﷺ إلى بيت المقدِس في بعض ليلة، فاقتضى الحالُ أن ينطِقَ المتأمِّلُ بتسبيح الله تعالى. بلغَ نبيُّنا ﷺ بكمال عبوديَّته لربِّه رفيعَ الدرجات، ونال بها أعظمَ الأوسمة والمقامات. ما اصطفاه الله تعالى من الأماكن يكثُر خيرُه، وتعظُم بركتُه، فالقدس أضحت بالاصطفاء أرضَ الرسالات. لقد أكرم الله نبيَّنا الكريم بأن أراه آيةً من آياته عينَ اليقين، ولو أعلمه إعلامًا لكفاه، ولكنَّه مزيدُ العناية والرعاية. حادثة الإسراء حادثةٌ عظيمة جرت فيها أحداثٌ كبار، وصدَّقها المؤمنون وكذَّبها الكفَّار، وكلُّ ذلك بسمع الله وبصره. |
﴿وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡـُٔولٗا ﴾ [الإسراء: 34]
اليتيم إنسانٌ ضعيف مَهيض الجناح، قليلُ المعين والناصر؛ ولهذا كان معظَّمَ الحقِّ؛ وإن الاقتراب من ماله بالباطل فضلًا عن الولوغ فيه، خطرُه كبير وضريبتُه باهظة. ليتخيَّر مَن يملك التصرُّفَ بمال اليتيم أحسنَ الطرائق وأنفعها لليتيم؛ فإنه لم يُؤذَن له بغير ذلك. يربِّي الإسلام أتباعَه على الالتزام بمسؤوليَّة ما يصدُر عنهم من كلام، وفي ذلك تهذيبٌ للأخلاق، ومراعاةٌ للحقوق. |
﴿تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِيحَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا ﴾ [الإسراء: 44]
آفاقُ السماءِ وفِجاجُ الأرض تسبِّح بحمد ربِّها؛ فلِمَ لا ندخل في سِلك المسبِّحين كما يسبِّح الكونُ كلُّه؟ ألا ما أعظمَ حِلمَه سبحانه عن قول المفترين! وما أعظمَ مغفرتَه للعباد المقصِّرين! |
﴿وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا ﴾ [الإسراء: 111]
يستحقُّ الحمدَ والثناء، والتعظيمَ والإجلال، مَن بلغت نعوتُه الغايةَ في حُسنها وكمالها، وذلك اللهُ جلَّ جلاله. مهما أثنيتَ على ربِّك، واجتهدتَّ في طاعته وحمده، ونزَّهته ومجَّدتَّه، فاعلم أنك مقصِّر، فإن العبدَ لا يُحصي على الله ثناءً. |
﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ ﴾ [الكهف: 1]
الحمدُ لله أوَّلًا وآخرًا، دائمًا وأبدًا، مَن علَّمنا كيف نحمَده على نعمه الجليَّة، ومِننه الخفيَّة، ومن أعظمها بركةً نعمةُ القرآن، المستقيم على الحقِّ المبين، المنزَّه عن أدنى مَيل للأباطيل. من تمام فضل الله تعالى على عباده أن أنزل عليهم كتابًا مبيِّنًا كريمًا، ومنهاجًا مُصلِحًا قويمًا، فأين المستمسكون بهَديه، العاملون بما فيه؟ إن إنذارًا بالبأس لجديرٌ بالاهتمام، فكيف ببأسٍ شديد من لَدُن القويِّ العزيز؟! لن تكونَ أيها المؤمن مؤمنًا حتى تقيمَ على إيمانك دليلًا ساطعًا، وبرهانًا صادقًا، بأنه لا يزالُ قولك صالحًا، وعملك مَرضيًّا. |
﴿فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۗ وَلَا تَعۡجَلۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مِن قَبۡلِ أَن يُقۡضَىٰٓ إِلَيۡكَ وَحۡيُهُۥۖ وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا ﴾ [طه: 114]
وعدُ الله تعالى حقيقٌ بأن يُرجى، ووعيده جديرٌ بأن يخشى، فأقبِل على القرآن الكريم لتعرفَ وعده فتعمل له، ووعيدَه فتتجنب طريق الوصول إليه. سلِ اللهَ تعالى أن يفتح عليك من أسرار كتابه وكنوز آياته، ودعِ الاستعجال في قراءته وتلقيه؛ فإن الاستعجال من آفات الفهم، وقواطع الرسوخ في المعرفة. |
﴿فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ غُرُوبِهَاۖ وَمِنۡ ءَانَآيِٕ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡ وَأَطۡرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرۡضَىٰ ﴾ [طه: 130]
لن يسلم المؤمنُ من طعن أهل الباطل، وحرب ألسنتهم الذرِبة، وإيذاء إعلامهم الأفَّاك، ولكن في حصن الصبر منجى للمؤمنين من سهام أولئك الطاعنين المؤذين. ما أسعدَ تلك اللحظات التي يُعطى فيها المؤمن ثواب أعماله الصالحة بين يدي ربه، فيرضى بما أعطاه الله تعالى، ويتسع صدرُه سرورًا بما نال، على صالح الأعمال! حينما يوقنُ الإنسانُ بأن الله تعالى يُعطي عبده العامل يوم لقائه ما يُرضيه يطمئن قلبه، وتقَرُّ عينه بعبادة ربه، ويتسلى بها عن أذية الأعداء، فيخِف عليه حينئذ الصبر. |
﴿لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَآؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقۡوَىٰ مِنكُمۡۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمۡ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ﴾ [الحج: 37]
قال ابن زيد: (إن اتقيت الله في هذه البُدْن، وعملت فيها لله، وطلبت ما قال الله؛ تعظيمًا لشعائر الله ولحرمات الله، وجعلته طيبًا، فذلك الذي يتقبل الله، فأما اللحوم والدماء فمن أين تنال الله)؟ يا مَن أحسنتَ في عبادة الله وأحسنت لعباد الله ابتغاء وجه الله؛ أبشر بسعادة الدنيا ونعيم الآخرة بفضل الله. |
﴿وَجَٰهِدُواْ فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦۚ هُوَ ٱجۡتَبَىٰكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَٰهِيمَۚ هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ مِن قَبۡلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيۡكُمۡ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِۚ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ ﴾ [الحج: 78]
ختمُ هذه السورة بالأمر بالمجاهدة هو كالتنبيه على أن السلامة من أهوال القيامة، وأن أداء الواجبات في الحجِّ والهجرة، لا بدَّ لها من مجاهدة. يا مَن خصَّه الله تعالى بالتكليف، لقد حظيت بأعظم تشريف، أوليس قد اختارك مولاك لخدمته، والاشتغال بطاعته، فأيُّ رتبة أعلى من هذه الرتبة؟ مَن اعتقد أن فيما أمر الله به مثقال ذرة من حرج، فقد كذب الله ورسوله، فكيف بمن اعتقد أن المأمور به قد يكون فسادًا وضررًا لا منفعة فيه ولا مصلحة لنا؟! مَن اعتذر عن الإسلام بتقليده دينَ الآباء؛ أفلا كان اقتدى بأبيه إبراهيمُ عليه السلام الذي أعلن التوحيدَ وكسر الأصنام؟ ليس من الإسلام الافتخارُ بغيره من نسب أو بلد، أو جنس أو مذهب، أو طريقة أو انتماء آخر. على تتابع الأجيال والرسل والرسالات، كانت الأمة المسلمة ذات منهج واحد، وهو إسلام الوجه والقلب لله تعالى وحده، لا شريك له. بالصلاة تتوثق العلاقة بين العبد وربِّه، وبالزكاة تتعمق صلته بأفراد جنسه، وبالاعتصام بالله تعالى تتوحد الأمة على المنهج الربَّاني. كمالُ النصرة على العدو بحسب كمال الاعتصام بالله تعالى. إذا تولى الله تعالى عبدًا كفاه، وإذا نصر أحدًا أعلاه، ومَن أراد تلك الوَلاية فليُقِم الصلاة، وليؤت الزكاة. |
﴿ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَٰمٗا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَٰمَ لَحۡمٗا ثُمَّ أَنشَأۡنَٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 14]
تواضَع يا بن آدم، وتأمَّل في أصل خلقك وفي أوَّل أمرك، لتعرف بذلك مدى ضعفك، وعِظم قدرة ربِّك. انظر أيها الإنسان، كيف حفظك ربك في رحم أمك، في ذلك المستقر المكين، ورعاك في أطوار نشأتك فيه، حتى صرت بشرًا سويًّا، أفلا شكرت بالطاعة مَن حفظك وسوَّاك؟ ما أبعدَ ما بين بداءة المخلوق من طين، وصيرورته ذا جسد وروح، يسمع ويبصر! البَركةُ تكون من الله، فهو مَن يوجدها، وهو مَن يجعل العبد سببًا من أسباب حدوثها. |
﴿فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡكَرِيمِ ﴾ [المؤمنون: 116]
تأبى حكمةُ الله وعدلُه ورحمته ولطفه أن يكونَ خلقه للناس عبثًا، بل قضى بأن يكونَ هنالك يومٌ يرجِع فيه الخلائق جميعًا إليه سبحانه، ليُحِقَّ الحقَّ ويُبطِلَ الباطل. لا يدَع الملِك العظيم سبحانه وتعالى عباده همَلًا دون حساب وجزاء، فملكُه جل وعلا قد قام على الحقِّ والرحمة، والعدل والحكمة. العرش أعظم المخلوقات، والله تعالى هو ربه ومالكه، فمَن الإنسانُ أمام ذلك المخلوق حتى يظن أنه سيُعجز اللهَ أو ينجو من حسابه؟! |
﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]
ما أعظمَ بركاتِه سبحانه وتعالى، وما أوسعها وأكملَها وأكثرها! وما أسعدَ مَن يتدبَّر كتابه بها، وأقربه منها! إذا أردتَّ أن تعرفَ عظمة القرآن الكريم وبركته وقدْره وجلاله فاعرِف عظمةَ قائله ومُنزله وحافظه سبحانه وتعالى. القرآن العزيز يفرِّق بين الحقِّ والباطل، والهدى والضلال، ومناهج البشر وعهودهم، فما أهدى مَن اتَّبع هذا الكتابَ العظيم، في هذا التميُّز القويم! |
﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِيٓ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيۡرٗا مِّن ذَٰلِكَ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ وَيَجۡعَل لَّكَ قُصُورَۢا ﴾ [الفرقان: 10]
قضى الله بحكمته أن يكونَ إقبال الناس على الحقِّ مَبنيًّا على النظر والاستدلال، لا على ما يُلهي المشاعرَ والخيال بأنواع التشغيب والجدال. لو كانت الجنَّات والقصور خيرًا لرسول الله لأعطاها له، لكنَّ تكليفه بالنبوَّة ورعايته وهدايته، وتوفيقه لحلاوة مناجاته، والانشغال بطاعاته هي الخير الذي خصَّه الله به. |
﴿وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱلۡحَيِّ ٱلَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِهِۦۚ وَكَفَىٰ بِهِۦ بِذُنُوبِ عِبَادِهِۦ خَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 58]
لا يتَّكلنَّ العبد على مخلوق مُدبَّر لا يدري أيموت في يومه أم يبقى إلى غده! بل ليعلِّق آماله بالله القادر على كل شيء. علِّق بخالقك تحقيقَ ما ترغب، ودفعَ ما ترهَب؛ فإنه الحي القادر على كل ما تريد. احمَد الله على كماله وإفضاله، ونزهه عن كل نقصان لا يليق بجلاله؛ فمَن عرف كماله وجلاله فلن يتوكل على غيره. كم تحمل هذه الكلمات في طياتها من التسلية للنبي الكريم ﷺ، والوعيد لمَن كفر به! هو تعالى بذنوب خلقه عليمٌ خبير، وعلى محاسبتهم قوي قدير، فأين المهرب من حسابه، وأين المفر لمستحقي عقابه؟ |
﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجٗا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَٰجٗا وَقَمَرٗا مُّنِيرٗا ﴾ [الفرقان: 61]
انظر كيف زين الله السماء بالنجوم الكبار بمنازلها، وجعل فيها شمسًا تضيء في النهار، وقمرًا ينير في الليل، ألا يدعو ذلك إلى تعظيمه وتوحيده؟! |
﴿قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ وَسَلَٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَىٰٓۗ ءَآللَّهُ خَيۡرٌ أَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴾ [النمل: 59]
ألا تحمَد الله تعالى على جميل نعمه وآلائه، ولا سيَّما هدايتك إليه، وطريقه الذي عرَّفك إيَّاه وارتضاه لك؟ كم تعنَّى رسُل الله تعالى في نشر دينه بين العالمين، والصبر على المعرضين المكذِّبين! فكانوا جديرين بالسلام عليهم بعد حمد الله تعالى. ما أحسنَ ما أخذ به الخطباء والكتَّاب من الابتداء بحمد الله تعالى، والصلاة على رسوله ﷺ بين يدَي كلِّ عِلم، وفي مُفتَتح كلِّ خُطبة! أيُّ عاقل يؤثِر ما لا ينفعه ولا يضره على مَن أمرُه وخيره ونفعه كله بيديه؟ |
﴿وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَتَعۡرِفُونَهَاۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ﴾ [النمل: 93]
صدق الله تعالى، ففي كلِّ يوم يُري عبادَه بعضَ آياته في الأنفس والآفاق، ويكشف لهم عن بعض ما في هذا الكون من أسرار. مَن كان على بصيرة من أن مَن سيحاسبه غيرُ غافل عنه ولو للحظة استقام على أمره، وخشيَ أن يقعَ في نهيه وزجره. |
﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴾ [القصص: 68]
على الإنسان أن يعلم أن الخلق والاختيار، والإعزاز والإذلال، مفوَّضٌ إلى الله، ليس لأحد فيه شَرِكةٌ ومنازعة، فكيف لا ينزَّه عن شريك مخلوق لا يخلُق شيئًا، ولا اختيار له فيما يجري؟ الله تعالى أعلمُ بمواقع اختياره، ومحالِّ رضاه من بين خلقه، وما يصلُح للاختيار ممَّا لا يصلح، وليس للعبد إلا التسليمُ لخالقه، والرضا بما اختاره لنفسه أو لغيره. لو استقَّرت هذه الحقيقة في العقول والضمائر ما سخِط الناس شيئًا يحِلُّ بهم، ولا أحزنهم شيء يفوتهم أو يُفلِت منهم؛ إذ ليسوا هم الذين يختارون، إنما الله هو الذي يختار. |
﴿وَهُوَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ لَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأُولَىٰ وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [القصص: 70]
مَن كان له الحمد كاملًا دائمًا، فله وحده الدِّينُ خالصًا، فما أخسر مَن دعا غيره! وما أضلَّ مَن زعم أن له شريكا! في الإخبار بمرجع الخلق إلى الخالق تقوية لقلوب المطيعين، فربهم الذي يرجِعون إليه عادلٌ في حكمه، عالمٌ بكل عملِ عبده. إذا كان مرجعك إلى ربك، وإليه الحكم في عملك، وهو العليم بكل صغيرة وكبيرة منك، فماذا أعددت ليوم لقائه حتى تنجوَ من سَخطه؟ |
﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ مَوۡتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 63]
إذا كان الله تعالى قادرًا على أن يحييَ الأرض بعد جفافها، فلن يُعجزَه سبحانه أن يبعثَ الخلائقَ من بعد موتها. يا مَن يُقرُّ بعقله أنه لا خالقَ إلا الله، ولا مُبدئَ ولا معيدَ إلا هو؛ أفلا تتوجَّه إليه وتتوكل عليه وتخلص العبادة له؟ |
﴿فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ حِينَ تُمۡسُونَ وَحِينَ تُصۡبِحُونَ ﴾ [الروم: 17]
تأمَّل كيف يرتبط التسبيحُ والحمد بالأوقات، وبآفاق الأرض والسماوات؛ حتى يظلَّ القلب متصلًا بالله في كلِّ زمان ومكان. سبحان مَن جمع لنفسه الحمدَ كلَّه في الزمان والمكان، مثنِيًا بذلك على نفسه، ومعَلِّمًا عباده كيف يثنون عليه! |
﴿وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَعَشِيّٗا وَحِينَ تُظۡهِرُونَ ﴾ [الروم: 18]
تأمَّل كيف يرتبط التسبيحُ والحمد بالأوقات، وبآفاق الأرض والسماوات؛ حتى يظلَّ القلب متصلًا بالله في كلِّ زمان ومكان. سبحان مَن جمع لنفسه الحمدَ كلَّه في الزمان والمكان، مثنِيًا بذلك على نفسه، ومعَلِّمًا عباده كيف يثنون عليه! |
﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ ثُمَّ رَزَقَكُمۡ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡۖ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَفۡعَلُ مِن ذَٰلِكُم مِّن شَيۡءٖۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴾ [الروم: 40]
لمَّا كان الخلق خلقَ الله، والرزقُ رزقَه، والمرَدُّ إليه، والموقف بين يديه، والحساب عليه، فلمَ الجَورُ بنسبة الشريك إليه؟ تنزَّه الله تعالى عن شرك المشركين، وهو سبحانه الكامل في ذاته وصفاته، وسواه من المعبودات الباطلة ناقصٌ عن كل كمال. |
﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ﴾ [لقمان: 25]
من قواعد المنهج الجدليِّ البدءُ بالحوار من قاعدة يتَّفق عليها المتناظران، ثم ينطلقان بعد ذلك إلى ما يختلفان فيه. ألا يُحمد مَن أقام من دلائل الكون على وجوده واستحقاقه للعبودية دون غيره ما تشهد به الفطرة، ويقرِّه العقل، ويطمئن إليه القلب؟ لا ينفع علمٌ صاحبَه، مهما عظم، ما لم يعرِّفه بمعبوده الواحد سبحانه وتعالى. |
﴿وَسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 42]
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما: (لا يَفرِضُ الله على عباده فريضةً إلا جعل لها حدًّا معلومًا، ثم عذَر أهلها في حال عذر، غيرَ الذكر، فإن الله تعالى لم يجعل له حدًّا ينتهي إليه). إن غفَل الناسُ عن الذكر في أوقات راحتهم فلا تَغفُلنَّ عنه، وإن شغلتهم عنه المشاغل فلا تنشغل عنه أنت، وإن سبَّحوه في وقت من الأوقات فسبِّحه أنت في جميع الأوقات. استقبل نهارك بالتسبيح، فذلك يُعينك على مراقبة ربِّك في سائر نهارك، واختتمه بالتسبيح، فذلك يعينك على جمع قلبك من شَتات الدنيا. |
﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ ﴾ [سبأ: 1]
سورة سبأ تَعرِض إشراك المشركين بالله وتكذيبَهم لرسوله، وشكَّهم في الآخرة، واستبعادهم للبعث، وتستهلُّ ببيان أن الله تعالى يُـحمَد لذاته، ولإبداعه خلقًا يسبِّح كلُّه بحمده، فما قيمة مَن شذَّ عن حمده من البشر؟! المُلك بلا حمد يستلزم نقصًا، والحمد مع الملك غايةُ الكمال، فلذلك قرن الله تعالى بينهما. إن الله تعالى محمودٌ في الدنيا والآخرة، ولكنَّ محامده تتجلَّى في الآخرة حين ينكشف للعباد من حكمة الله تعالى وكمال عدله ما كان عنهم مستورًا. الحكيم الخبير اسمان كريمان دالَّان على كمال الإرادة والعلم، فكمال الإرادة أن تكونَ واقعةً على وجه الحكمة، وكمال العلم أن يكونَ كاشفًا عن الخبرة، فما أجلَّ صفاتِ الله ربِّ العالمين! يستحقُّ الحمد كلَّه مَن له الدنيا والآخرة، ويدبِّر أمر الوجود كلِّه بحكمة، ويعلم كلَّ شيء فيه عن إحاطة. |
﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ جَاعِلِ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلًا أُوْلِيٓ أَجۡنِحَةٖ مَّثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۚ يَزِيدُ فِي ٱلۡخَلۡقِ مَا يَشَآءُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ﴾ [فاطر: 1]
الثناء الكامل على الله المنعم على عباده بنعمه الظاهرة والباطنة، حيث خلق السماواتِ والأرضَ فسخَّر ما فيهما لمصالحهم، وأرسل الملائكةَ بالوحي لهدايتهم وإرشادهم. سبحان الخالق القادر الذي يخلُق فيَزيد في خلقه ما يشاء صفةً أو قدرًا! وليس لمشيئته سبحانه انحصارٌ ولا توقيت. |
﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَزۡوَٰجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنۢبِتُ ٱلۡأَرۡضُ وَمِنۡ أَنفُسِهِمۡ وَمِمَّا لَا يَعۡلَمُونَ ﴾ [يس: 36]
عجبًا لمَن رأى آثار نِعم الله تعالى متجلِّيةً في صنوف خلقه، ناطقةً بوَحدانيَّته وكمال قدرته، ثم اتجه إلى غيره بالتعظيم والرجاء! إن ما تجهله أيها الإنسانُ من عظيم صُنع الله في خلقه أكثر ممَّا تعلمه، ولكن حسبُك أن تقفَ عليه في نفسك وفيما حولك. |
﴿فَسُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [يس: 83]
ما تأمَّل عبدٌ في ملكوت الله وسلطانه إلا خشع بصره، وخضع قلبه، ونطق لسانه بتمجيد ربِّه وتنزيهه، فله وحدَه كمالُ المحامد والمدائح، والبراءة من كلِّ العيوب والقبائح. مهما طالت بنا الحياةُ فإن مردَّنا إلى مَن بيده ملكُ كلِّ شيء؛ أفلا يورثنا ذلك الرهبةَ منه والرغبةَ إليه؟! |
﴿سُبۡحَٰنَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلۡعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الصافات: 180]
لقد سبَّح نفسه تعالى عمَّا وصفه به المخالفون للرسُل، وحمِدَ نَفسه؛ إذ هو المَوصُوف بصفات الكَمال التي يستحقُّ لأجلها الحمد، وسلَّم على المرسَلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب. |
﴿وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [الصافات: 182]
لقد سبَّح نفسه تعالى عمَّا وصفه به المخالفون للرسُل، وحمِدَ نَفسه؛ إذ هو المَوصُوف بصفات الكَمال التي يستحقُّ لأجلها الحمد، وسلَّم على المرسَلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب. |
﴿لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ ﴾ [الزمر: 4]
لا يكون قهَّارًا حتى يكونَ مستغنيًا عن الولد وسائر الخلق، أمَّا المحتاجُ إلى الولد فهو المقهورُ بالضعف والموت، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا. |
﴿وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67]
مَن عرَف ربَّه حقًّا لم يجرؤ أن يَصرِفَ لسواه شيئًا من التعظيم والطاعة؛ ﴿رَبُّ السَّماواتِ والأرضِ وما بَينَهُما فاعبُدهُ واصطَبِر لِعِبادَتِهِ هَل تَعلَمُ لَه سَمِيًّا﴾ . إن رُمتَ سعادة الدنيا والفوزَ في الآخرة فتمثَّل في حياتك معنى: (لا إله إلا الله)، واشكر الله أنْ وفَّقك إليها. مهما بلَغتِ الإنسُ والجنُّ في إدراكها العقليِّ والعلميِّ لم يصل تصوُّرها إلى إدراك عظمة قُدرة الله، فتبارك سبحانه في عَليائه. تعظيم شعائر الإسلام، وتوقيرُ آي القرآن من مظاهر تعظيم الله وتقديسه، وقد خاب مَن لم يعرِف لله قَدْرًا! |
﴿وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعۡدَهُۥ وَأَوۡرَثَنَا ٱلۡأَرۡضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلۡجَنَّةِ حَيۡثُ نَشَآءُۖ فَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ ﴾ [الزمر: 74]
يعجِز لسان المؤمن عن التعبير عن الرضا بجزاء الله يوم القيامة، فينطق القلب منه بحمد الله والثناء عليه صادقًا مخلصًا. صدقوا الله في الدنيا إيمانًا ويقينًا واستقامة على الحقِّ، فصَدَقَهم الله في الآخرة وعدَه؛ فأكرمهم ونعَّمهم. انطلِقوا أيُّها المكرَّمون في جنَّات الخلود حيث شئتم، وارتَعوا أنَّى رغبتم، فطالما اجتهدتُّم في اجتناب مواطن الحرام والشبهة طاعةً لربِّكم. إنه أجرٌ جزيل كثير، وعطاءٌ عظيم وفير لمَن طلب رضا الله واتَّبع هداه، وأنعِم به من أجر وجزاء، فلنحرِص أن نكونَ له أهلا. |
﴿وَتَرَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [الزمر: 75]
أقرب الخلق إلى العرش يسبِّحون بحمد ربِّهم لما يعلمون من محبَّته سبحانه للتسبيح، وما أحرانا أن نفوزَ برضاه بالتسبيح بحمده بُكرةً وعشيًّا! الكون كلُّه بجماداته وأحيائه ينطِق لله العظيم بالحمد على جليل نَعمائه؛ رضًا بعدله وحُسن قضائه. |
﴿فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِبۡكَٰرِ ﴾ [غافر: 55]
مَن كان إيمانه بالله أكبر، ويقينه بموعوده من النصر والتمكين أوفر، كان صبرُه في النائبات أقوى، وتجلُّده في المُلمَّات أوفى. على المؤمن أن يكونَ تعظيمُ الله هو دأبَه في ليله ونهاره، فلا يَفتُر عنه، وسيأتي الله بالنصر من عنده متى شاء سبحانه. لا تتعجَّل النصرَ فإنه لا ريبَ آتٍ، ولكنْ أعِدَّ له أسبابه، والزَم الاستغفارَ فإنه من أسبابه، وكم من نصرٍ تأخَّر بسبب الذنوب! |
﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡۖ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [غافر: 64]
إن ما فوقك وما تحتك شاهدٌ على حفظ الله لك، ورحمته بك، وكثرة آلائه عليك، فإيَّاك والاستهانةَ بنعمه. قال ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما: (خُلق ابنُ آدمَ قائمًا معتدلًا؛ يأكل ويتناول بيده، وغيرُ ابن آدم يتناول بفيه)، فسبحان مَن خلق الإنسان في أحسن تقويم. يعجِز المرء عن إحصاء نِعَم الله عليه من الطيِّبات؛ من مأكلٍ ومشرب وملبَس وهلُمَّ جرًّا، أفلا يستحقُّ الله منَّا الثناء والحمد في كلِّ آن؟ |
﴿هُوَ ٱلۡحَيُّ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَۗ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [غافر: 65]
وحدَه سبحانه الحيُّ الباقي، وما سواه إلى زوال ماضٍ، فأيهما أحقُّ بخالص العبوديَّة؟ إقبال قلبك على ربِّك، وإخلاصُ الطاعة والدعاء له، نعمةٌ جليلة تستوجب حمدَك له ودوامَ شكرك، وبالشكر تدوم النعم. |
﴿سُبۡحَٰنَ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الزخرف: 82]
ما من شيء في السماوات أو في الأرض إلا ولله عليه فضلٌ ومِنَّة، فهو ربُّ العالمين، العالِم بأحوال عباده، المُمِدُّ لهم بأنواع العطايا والخيرات، فما أشقى مَن عصاه، وتنكَّر لفضله وآلائه! |
﴿وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [الزخرف: 85]
مَن فكَّر بأنه راجعٌ إلى مالك السماوات والأرض، واقفٌ بين يدي العليم بكلِّ شيء، الذي سيحاسبه على الدقيق والجليل؛ استعدَّ لذاك الموقف، وتهيَّأ لذلك اليوم العظيم. |
﴿فَلِلَّهِ ٱلۡحَمۡدُ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَرَبِّ ٱلۡأَرۡضِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [الجاثية: 36]
تفكَّر في نفسك، وتأمَّل ذاتَك وحياتك، تجِد نِعم الله ومِنَنه عليك وافرة. كم من نعمة لله علينا، وكم من لطف منه سبحانه وتعالى قد احتوانا، فكيف ينخرس اللسان عن حمده وشكره ولسان الكون كله يصدح بالحمد والثناء. حين يرى العبد آثارَ عظمة ربِّه وإمساكَه بمقاليد الكون، فإن ذلك يُذكِي فيه روحَ الاستسلام والخضوع لله تعالى، فما هو إلا ذرَّة في هذا الكون العظيم الطائع. هو ربُّ العالمين، كافرِهم ومؤمنهم، عاصيهم وطائعهم، يكرم المؤمنين بألوان ألطافه، ويفتح للعُصاة بابَ رحمته ورجائه. |
﴿وَلَهُ ٱلۡكِبۡرِيَآءُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ [الجاثية: 37]
الكبرياء من خصائصه جلَّ جلاله التي لا يَقبل فيها منازعةً أو مشاركة، فمَن نازعه فيها عذَّبه، كما ورد في الحديث. مَن دانت له السماواتُ والأرض ومَن فيهنَّ لا ريبَ في كونه عزيزًا قويًّا، ومَن نسج الكونَ على هذا النظام البديع لا شكَّ في كونه حكيمًا عليًّا. |
﴿لِّتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُۚ وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا ﴾ [الفتح: 9]
إن مضمونَ دعوة الحق: الإيمانُ بالله ورسوله، وتعظيمُ الله تعالى، وتنزيهه عن كلِّ سوء، ونصر دينه على أعدائه، فهل أدَّينا هذا التكليف؟ |
﴿فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ ﴾ [ق: 39]
طريقُ الدعوة محفوفٌ بالابتلاء، وألوان المصاعب والإيذاء، وعلى الدعاة أن يوطِّنوا أنفسَهم على الصبر في مقارعة الباطل. ممَّا يُعين الداعيةَ على التجلُّد والصَّبر، الصلاةُ ودوامُ التسبيح والذِّكر. |
﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَأَدۡبَٰرَ ٱلسُّجُودِ ﴾ [ق: 40]
طريقُ الدعوة محفوفٌ بالابتلاء، وألوان المصاعب والإيذاء، وعلى الدعاة أن يوطِّنوا أنفسَهم على الصبر في مقارعة الباطل. ممَّا يُعين الداعيةَ على التجلُّد والصَّبر، الصلاةُ ودوامُ التسبيح والذِّكر. |
﴿وَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعۡيُنِنَاۖ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ [الطور: 48]
كلُّ من حملَ على عاتقه أمانةَ الدعوة إلى الله عليه أن يهيِّئَ نفسَه لمشاقِّ الطريق الطويل؛ بالاحتساب والصبر الجميل. أيها العبدُ، كن مع الله ولا تُبالِ، فمَن أحاطَه الله برعايته وحِفظه لم يضرَّه شيء. التسبيحُ ودوام الذِّكر يشحَذُ الهمَّة على الصبر، ويزيدُ من قُدرة المرء على التجلُّد والثَّبات؛ فما أحرانا أن نستمسكَ به. |
﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَإِدۡبَٰرَ ٱلنُّجُومِ ﴾ [الطور: 49]
كلُّ من حملَ على عاتقه أمانةَ الدعوة إلى الله عليه أن يهيِّئَ نفسَه لمشاقِّ الطريق الطويل؛ بالاحتساب والصبر الجميل. أيها العبدُ، كن مع الله ولا تُبالِ، فمَن أحاطَه الله برعايته وحِفظه لم يضرَّه شيء. التسبيحُ ودوام الذِّكر يشحَذُ الهمَّة على الصبر، ويزيدُ من قُدرة المرء على التجلُّد والثَّبات؛ فما أحرانا أن نستمسكَ به. |
﴿وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ ﴾ [الرحمن: 27]
أيها العبدُ، لا تحزن ولا تبتئس، فمهما عصفَت بك المِحَن فإنَّ مصيرها إلى فَناء، ويبقى لك منها أجرُ الصبر والاحتساب. الزمنُ الذي نتقلَّب في ساعاته ما هو سوى خَلقٍ من خَلق الله، ومآلُه إلى ذهاب، فاحرِص على مَلئه بالطاعات قبل أن تتصرَّمَ الأوقات وتفنى الأعمار. كلُّ من نتعلَّق بهم راحلون، وكثيرٌ منهم في حياتهم يبخَلون، لكنَّ الله باقٍ بلا فَناء، وجُودُه دائمٌ بلا انقطاع، أفلا نعتصمُ بحبله؟! |
﴿تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ ﴾ [الرحمن: 78]
يومَ القيامة لا يبقى اسمُ أحد إلا اسمُ الله تعالى، به تدورُ الألسُن، ولا يكون لأحدٍ عند أحد حاجةٌ ولا من أحدٍ خوف، فإن تذاكروا تذاكروا باسم الله وحدَه. أتمُّ النِّعَم وأكملُ اللذَّات ذكرُ الله تعالى. |
﴿فَسَبِّحۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلۡعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 74]
أنَّى تلفَّتَ قلبُك وجالَ بصرُك وقف على شواهدَ ناطقةٍ بكمال قدرة الله وتناهي عظمته، فأدم التسبيحَ بحمده والتمجيدَ لفضله. إذا ما ركعتَ أيها المؤمنُ في صلاتك فاستحضِر مع ذكر الركوع أمرَ الله تعالى: ﴿فسبِّح باسمِ ربِّكَ العَظيم﴾ فإنَّ ذلك أدعى لخُشوع قلبكْ وحُضور فكرك. |
﴿فَسَبِّحۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلۡعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 96]
من أعظم الشُّكر لله تعالى على نعمة القرآن وما فيه من اليقين، كثرةُ التسبيح لله ربِّ العالمين. |
﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ [الحديد: 1]
إن هُديتَ إلى الحكمة من التشريع وأحكام الدين فنورٌ وبركة، وإن لم تهتدِ إليها فكن على يقينٍ أن العزيز الحكيم لا يشرع إلا ما فيه خيرٌ وحكمة، فسبحانه ما أعظمَه! |
﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ [الحشر: 1]
الكون كلُّه يسبِّح لله تعظيمًا وتنزيهًا، فهنيئًا لمَن حاز هذا الشرف. ما فطرَ الله الكائنات على التسبيح له إلا لمحبَّته هذا الذِّكر، فاجعله زادك عند ربِّك تفُز وتسعَد. لا تهِن أيها المسلمُ ولا تحزن، فإن ربَّك الحكيمَ في تدبيره وتقديره عزيزٌ قويٌّ قادر على نصر أوليائِه ومحق أعدائِه. |
﴿هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ [الحشر: 24]
يقينُ المؤمن أنَّ الله هو البارئ المصوِّر، يمنعه من الاعتراض على خَلقه، أو السُّخريَّة بمَن ابتلاهم بدَمامةٍ أو عيب خِلقيٍّ. تأمَّل كيف وصفَ الله أسماءه بأنها حُسنى؛ للدلالة على أنها بلغَت الغايةَ في الحُسن، وأنه لا نقصَ فيها بوجهٍ من الوجوه. أسماء الله توحي بالحُسن للقلوب ليصوغَ المؤمن نفسَه وَفق معانيها، فيتحقَّقَ بأوصاف الكمال ويترقَّى في معاليها. |
﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡمَلِكِ ٱلۡقُدُّوسِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ ﴾ [الجمعة: 1]
أذعَنَت الكائناتُ جميعًا لله سبحانه، فأفردته بالتنزيه والتقديس، فلنحذَر أن نتخلَّفَ عن رَكب المسبِّحين. من المروءة أن تشكرَ مَن أحسن إليك بمعروف، أفلا يستحقُّ ربُّنا العظيم منَّا دوامَ التسبيح والذِّكر، لدوام فضله وجليل عطائه؟ |
﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ ﴾ [التغابن: 1]
لو عرفتَ أيها العبدُ ربَّك حقَّ المعرفة، وأدركتَ عظيمَ ملكه، لخشعَت منك كلُّ خليَّة، ولنبض قلبُك بتمجيدِه، وانطلق لسانُك بتسبيحِه. أجل، إن الله على كلِّ شيء قدير، قديرٌ على إكرام أهل الذِّكر والشُّكر، وقديرٌ على إذلال أهل الجحود والكُفر، فيا خيبةَ من كان في الفريق الثاني! |
﴿تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ ﴾ [الملك: 1]
ما أعظمَكَ ربَّنا وما أكملَ قدرتَك؛ أبدعتَ ما أبدعتَ من مخلوقات على غير مثال، ولا نملكُ إلا أن نقول: تبارك الله أحسنُ الخالقين! إن الله هو المالكُ والمهيمن على كلِّ شيء، وإذا ما استقرَّت هذه الحقيقةُ في الضَّمير، فإنها تحدِّد للعبد الوجهةَ والمصير، لإفراد الله بالعبادة والتقدير. |
﴿قَالَ أَوۡسَطُهُمۡ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ لَوۡلَا تُسَبِّحُونَ ﴾ [القلم: 28]
ما أجملَ أن ينطلقَ اللسانُ بالاعتراف بالذَّنب، مع ندم القلب، فإنَّ باب التوبة لا يُغلَق في وجه عبدٍ صدقَ في توبته، وعزم على ترك الذنوب. كثرة التسبيح بالقلب واللسان، تَحولُ بين المرء والآثام، فلنُكثر التسبيحَ لله الرحمن؛ ليكونَ لنا عصمةً من الزَّلَل والافتتان. |
﴿قَالُواْ سُبۡحَٰنَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ ﴾ [القلم: 29]
ما أجملَ أن ينطلقَ اللسانُ بالاعتراف بالذَّنب، مع ندم القلب، فإنَّ باب التوبة لا يُغلَق في وجه عبدٍ صدقَ في توبته، وعزم على ترك الذنوب. كثرة التسبيح بالقلب واللسان، تَحولُ بين المرء والآثام، فلنُكثر التسبيحَ لله الرحمن؛ ليكونَ لنا عصمةً من الزَّلَل والافتتان. |
﴿فَسَبِّحۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلۡعَظِيمِ ﴾ [الحاقة: 52]
إن هذا القرآنَ قويٌّ في الحقِّ عميقٌ في اليقين، كيف لا وهو يكشفُ في كلِّ آيةٍ منه عن الحقِّ الخالص، واليقين المَحض؟ أفلا نتَّخذه منهجًا لحياتنا؟ امتنَّ الله على خَلقه بأن أنزلَ عليهم كتابًا عظيمًا فيه صلاحُهم في الدنيا وفلاحُهم في الآخرة، فلنعترف بفضله، بدوام تنزيهه وشُكره. سُئل عليٌّ رضي الله عنه عن كلمة التسبيح (سبحان الله)، فقال: (كلمةٌ رضيَها الله لنفسه فأوصى بها خَلقَه). فأكثروا من التسبيح عملًا بوصيَّة الربِّ الكريم. |
﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ ﴾ [المدثر: 3]
كلُّ ما سوى الله خاضعٌ لجبروته، مُنقادٌ لسلطانه، فإذا ما عظَّمتَ ربَّك حقَّ التعظيم لم تخَف أحدًا من البشَر مهما بلغ في السَّطوة والقوَّة. |
﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَٱسۡجُدۡ لَهُۥ وَسَبِّحۡهُ لَيۡلٗا طَوِيلًا ﴾ [الإنسان: 26]
هذا هو الزاد؛ زادُ المؤمن في غُربتِه، ورحلة دعوتِه، إنه الاتِّصال بيَنبوع القوَّة ومصدر المدَد؛ عبادةً وذكرًا ودعاء، فالطريق طويل، والعِبء ثقيل. أكثِر من السجود لربِّك بكثرة التطوُّع؛ فإنَّ أقرب ما يكون العبدُ من ربِّه وهو ساجد، وخصوصًا في سكون الليل وصفائه. |
﴿سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى ﴾ [الأعلى: 1]
استشعِر دومًا أن الله عالٍ بذاتِه، وعالٍ بصفاتِه، ولهذا كان الإنسانُ إذا سجد يقول: سبحان ربيَ الأعلى، ليتذكَّرَ كمالَ علوِّ ربِّه. |
﴿فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا ﴾ [النصر: 3]
إذا كان رسول الله ﷺ وقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يؤمَر بالاستغفار، فما الظنُّ بغيره ممَّن دَيدَنُه الزَّلَل والعصيان؟ من أعظم التوفيق أن تُهدى إلى توبةٍ نصوح واستغفارٍ صادق، لتَلقى ربَّك طاهرًا مطهَّرًا من كلِّ ذنب، راضيًا مرضيًّا. أكثِر أيها العبدُ من الاستغفار في كلِّ آن، خصوصًا في خواتيم المجالس؛ جَبرًا لما قد يَنِدُّ عنك من خطَلٍ وزلَل، واعترافًا بالعجز والفقر لله تعالى. التسبيح لله تنزيهٌ وطاعة، والاستغفار اعترافٌ بالذنب وبراءة، فاجمع بينهما يكتمِل قِوامُ دينك، وتفُز بالرِّضا والسعادة. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
عقوبة الظالمين المكذبين اسم الله الرحمن اليهود ضوابط الجهاد شهادة الزور اسم الله الغفّار نعم الله على بني اسرائيل قصة بلقيس (ملكة سبأ) ثمود (قوم صالح) اسم الله الهادي
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, December 27, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب