قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن وجود الله في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [البقرة: 28]
إن أمر الكفَّار لعجَب، كيف يجحدون بالله وأدلَّةُ عظمته وقدرته في أنفسهم وما يحيط بهم كثيرةٌ ظاهرة؟! (وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ / تدلُّ على أنه واحدُ). إلى الله تعالى مرجعُ الأوَّلين والآخرين، فعلامَ يعاند الكافرون ويصرُّ المستكبرون؟! هلَّا رجعوا إلى ربِّهم الحقِّ تائبين منيبين؟ |
﴿هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ ﴾ [البقرة: 29]
هما نعمتان جليلتان تستحقَّان عظيمَ الشكر لله؛ تسخيرُ ما في الأرض جميعًا للناس، وتكريمُهم وتفضيلهم واستخلافهم فيها. إن الذي خلق سبع سماواتٍ طباقًا أهلٌ لأن يُشكرَ صنعُه، ويُطاعَ أمرُه، ويُقامَ في الأرض منهجُه وشرعُه. فطوبى لمَن عرَف فلزم. شمولُ علمِه سبحانه كشمول تدبيره، إنه ليَحفِزُ إلى الإيمان به وحدَه، والإقرار بكماله، وإفراده بالعبادة والطاعة. |
﴿إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلۡفُلۡكِ ٱلَّتِي تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٖ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٖ وَتَصۡرِيفِ ٱلرِّيَٰحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلۡمُسَخَّرِ بَيۡنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164]
القلب المؤمن هو الذي تتجدَّد فيه مشاهدُ آيات الله في كونه، ويظلُّ أبدًا يتفكَّر في بديع صُنع الله فيها، فيتلقَّاها في كلِّ مرَّة كما لو أنه يراها أوَّلَ مرَّة. كما أنَّ كمال الانتفاع بالنِّعَم الدنيوية لا يكون إلا مع سلامة الحواسِّ، فإن الانتفاع بالنِّعَم الدينيَّة لا يكمُل إلا مع سلامة القلوب والعقول. عجبًا لمَن يرى آلةً من صُنع البشر فيَدهَش لإتقانها، وحُسن إحكامها، وأمام ناظريه مشاهدُ الكون برُمَّتها لا تحرِّك فيه ساكنًا، ولا يستشعر فيها عظمةَ مبدعها، وحكمةَ باريها! |
﴿شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلۡعِلۡمِ قَآئِمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]
شأن التوحيد عظيمٌ ومكانته عالية؛ ولذا شهد الله عليه بنفسه قولًا، وبما نصبَه من دلائله كونًا وشرعًا. مَن ضعُف علمه بـ (لا إله إلا الله)، وعَشِيَت بصيرتُه عن مقتضياتها، فليس معدودًا في العلماء وإن تزيَّا بلباسهم، وحشر نفسَه في زُمرتهم. حسبُ أهل العلم شرفًا أن الله تعالى استشهد بالعلماء على أجلِّ مشهودٍ عليه وهو توحيدُه، وقرَن شهادتهم بشهادته، وبشهادة ملائكته، ولا يستشهد سبحانه من خلقه إلا بالعُدول. ما أعظمَها من شهادةٍ تضمَّنت الدَّلالةَ على وحدانيَّة الله المنافية للشِّرك، وعدله المنافي للظُّلم، وعزَّته المنافية للعَجز، وحِكمته المنافية للجهل! العزَّة والحكمة صفتان لازمتان للقيام بالقِسط الذي هو وضعُ الأمور في مواضعها، مع القُدرة على إنفاذها. |
﴿إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ﴾ [آل عمران: 190]
كم من آيةٍ في الكون قد سخَّرها سبحانه لمعاش عباده وأرزاقهم، وراحتهم وهنائهم، تدلُّ على عظمته وجليل قُدرته، وغناه وبديع صَنعته! العاقل الحصيف يقرأ كتابَ الكون المفتوحَ فيستدلُّ بالخلق على الخالق، وبعظمة فِعاله على كماله وجلاله، وكلَّما كان المرءُ بالله وآياته أعلم، كان عقلُه أتمَّ وأحكم. |
﴿ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا سُبۡحَٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴾ [آل عمران: 191]
اللبيب هو المتَّصل بالله تعالى في كلِّ أحواله، الذاكرُ له أبدًا في جميع ساعاته، وكيف يغفُل عن الاتِّصال بشيءٍ به قِوامُ حياته؟! ذِكرُ الله هو النُّور الهادي للفكر، فمَن أكثرَ منه فُتحَ عليه من أنوار المعرفة، وأضواء الفهم والدراية. يحفظ على المرء عقلَه اشتغالُه بالعلم طلبًا وتحصيلًا، وبالقرآن تلاوةً وتعليمًا، ويُحيي قلبَه ذكرُه لله قيامًا وقعودًا. مَن زادت معرفتُه بربِّه زاد خوفُه منه وضَراعته إليه، ألا ترى المخلصين الذاكرين الطائعين، المتفكِّرين في عظمة الله تعالى، يسألونه العافيةَ من النار؟ |
﴿وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ وَيَوۡمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُۚ قَوۡلُهُ ٱلۡحَقُّۚ وَلَهُ ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِۚ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 73]
الكون بما فيه عالَمٌ من البراهين والحُجَج الدالَّة على قدرة الله وعِلمه وحكمته، وبديع خلقه، أفلا يقودُ ذلك ذوي الألبابِ إلى توحيده وتركِ ما سواه؟ لا مردَّ لأمر اللهِ تعالى، ولا تخلُّفَ لقضائه وحُكمه، فكلُّ ما أمرَ به حقٌّ؛ فإن الخلقَ حقٌّ، والأمرَ حقٌّ. إن ادَّعى الخلقُ في الدنيا مُلكًا وتصريفًا وأمرًا، فلن يدَّعوا مثلَ ذلك يومَ يُنفخُ في الصُّور، ويُبعثَرُ ما في القبور، فلا مالكَ يومئذٍ إلا الله. سبحان خالقِنا العليم الخبير، الذي استوى عنده علمُ الغيب والشهادة، فلا تخفى عليه خافية، ولا تفوته صغيرةٌ ولا كبيرة، فكان أهلًا أن يُتَّقى ويُخشى في العلانية والنجوى. |
﴿وَحَآجَّهُۥ قَوۡمُهُۥۚ قَالَ أَتُحَٰٓجُّوٓنِّي فِي ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنِۚ وَلَآ أَخَافُ مَا تُشۡرِكُونَ بِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيۡـٔٗاۚ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمًاۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام: 80]
مناظرة أهلِ الحقِّ للمكذِّبين المُبطلين، دعوةٌ قرآنيَّة لإقرار توحيدِ ربِّ العالمين، وإبطالِ دَعاوى الشِّرك والمشركين. ما أحوجَ صاحبَ الحقِّ في مناظراته أهلَ الباطل إلى تمام هداية الله له، ليظفرَ بعَونه ووقايته من الانحراف، فإن الشُّبَهَ خطَّافة والقلوبَ ضعيفة. طِب نفسًا أيها المؤمن، فإذا كان اللهُ معك فمَن عليك، وكن دومًا على حذر فإن الله إن تخلَّى عنك فمَن معك؟ مع رسوخ الإيمان في القلب لا مكانَ للخوف من قوَّة الباطل. الإغراق في الضلال يولِّدُ غفلةً تجمَحُ بأهلها عن استماع الذِّكرى والاستفادةِ منها، فما أحوجَ الغافلين إلى استمرار النصح والتذكير! |
﴿أَوَلَمۡ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٖ وَأَنۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقۡتَرَبَ أَجَلُهُمۡۖ فَبِأَيِّ حَدِيثِۭ بَعۡدَهُۥ يُؤۡمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 185]
لا ينظرُ في الكون امرؤٌ بقلبِ عاقلٍ وعينِ بصيرٍ إلا عرفَ فيه إبداعًا وإعجازًا يشهد على قدرة خالقه جلَّ جلالُه. في الكون من الدلائل على وجود الله تعالى ما لا يلتبسُ على ناظر، ولا يخفى على قارئ؛ لأنه اللغةُ التي لا تحتاجُ إلى ترجمة. العاقل إذا علم اقترابَ أجلِه بادر إلى طلب الحقِّ؛ عساه يفوزُ بمغفرة ربِّه، وينجو من عذابه. قد بلغ إلى الكافرين مُنتهى البيان بما وصل إليهم من لسان رسول الله ﷺ من الآيات، وبما نصبَ اللهُ لعباده من البيِّنات في أصناف المخلوقات. |
﴿إِنَّ فِي ٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 6]
لا يُظلِمُ الليلُ على شيء ثمَّ يُشرِقُ عليه نهارٌ إلا وهو ينادي بعظَمةِ خالقه وقدرةِ صانعه. المتَّقون يخافونَ العواقبَ في أمورهم، فيَحمِلهم الخوف على التدبُّر والنظر. القُرب من التقوى يقرِّبُ من الانتفاع بالآيات، والتذكُّرِ بالعِبَر والعِظات. |
﴿وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَكَانَ عَرۡشُهُۥ عَلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۗ وَلَئِن قُلۡتَ إِنَّكُم مَّبۡعُوثُونَ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡمَوۡتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ ﴾ [هود: 7]
الخالقُ لكلِّ شيء من غير شيء، قادرٌ على إعادة المكلَّفين بعد موتهم، فيجازيهم على أفعالهم؛ إنه عظيمُ الشأن، حكيم التدبير لشؤون خلقه. احرِص أن تكونَ أحسنَ عملًا قبل أن تكونَ أكثرَ عملًا، فإن العمل بإخلاص واتِّباع يُبارَك فيه وإن قلَّ، والعمل بلا إخلاص واتِّباع يُمحَق ولو كثُر. |
﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيۡرِ عَمَدٖ تَرَوۡنَهَاۖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ يُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُم بِلِقَآءِ رَبِّكُمۡ تُوقِنُونَ ﴾ [الرعد: 2]
أوَ يَعدِلُ العاقلُ عن حقٍّ أنزله مبدعُ ما نشاهده في خلق السماوات والأرض لأجلِ أهواءِ أكثرِ الناس؟ يا مَن ترى من عالمِ الشهادة خلقًا في السماء يستحقُّ الإكبار، إن في عالم الغيب خلقًا آخرَ تتقاصرُ دونه المداركُ والأبصار. أيُّ تدبيرٍ وأيُّ تقديرٍ ذاك الذي يُدبِّرُه ويقدِّره مَن يُمسكُ الأفلاكَ الهائلة، والأجرامَ السابحةَ في الفضاء، فيُجريها لأجلٍ لا تتعداه! ما أكثرَ البراهينَ العقديةَ في القرآن الكريم التي تبعثُ على الإيمان بالله تعالى، وتدعو إلى اليقينِ بما وعَد وأوعد! من رحمةِ الله تعالى بعباده أن فصَّلَ الآياتِ الدالةَ عليه، وصرَّفها في خلقه حتى لا يبقى لهم عذرٌ عنده. سبحانَ مَن بسطَ الأرضَ فجعلها قرارا، وأجرى لعباده فيها أنهارا، وأرسى فيها جبالًا لئلا تميدَ بأهلِها! |
﴿وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۡهَٰرٗاۖ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ جَعَلَ فِيهَا زَوۡجَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِۖ يُغۡشِي ٱلَّيۡلَ ٱلنَّهَارَۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الرعد: 3]
انظر أيها الإنسانُ إلى فضلِ الله عليك فيما رزقَك من الثمرات، كيف سخَّرها ونوَّعها، فلم تكن بعيدةَ المنال، ولا على صِنفٍ واحد فتضيقَ حالك لقلة أشكالها. العاقل يجعلُ من مرور الليل والنهار مثارَ تأملٍ وتفكيرٍ في ناموسِ هذا الكون، وفي قدرةِ الله المبدعة التي ترعاه، ولا يدَعُ إلفَ رؤيةِ هذه الآية يُبعدُه عن ذلك الاعتبار. |
﴿وَفِي ٱلۡأَرۡضِ قِطَعٞ مُّتَجَٰوِرَٰتٞ وَجَنَّٰتٞ مِّنۡ أَعۡنَٰبٖ وَزَرۡعٞ وَنَخِيلٞ صِنۡوَانٞ وَغَيۡرُ صِنۡوَانٖ يُسۡقَىٰ بِمَآءٖ وَٰحِدٖ وَنُفَضِّلُ بَعۡضَهَا عَلَىٰ بَعۡضٖ فِي ٱلۡأُكُلِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ ﴾ [الرعد: 4]
مَن نظرَ إلى تلك القطع المتلاصقة المتجاورة ذاتِ الأرض المتنوِّعة بين الطيِّب والرَّديء، والصُّلب والرِّخو؛ يجد فيها دليلًا شاهدًا على الخالق المصوِّر، القادر المقتدر سبحانه. ما خلق اللهُ في الدنيا من شيءٍ عبثًا، حتى مظاهرُ الاجتماع والاختلاف في الكائنات هي من تمام نِعَم الله تعالى على عباده لمَن تدبَّرها وتفكَّر فيها. كيف تكون أرضٌ واحدة، تُسقى بماءٍ واحد، تُنتجُ أنواعًا شتَّى من النبات مختلفةَ الألوان والأطعمة، والأشكال والأحجام، لولا أنها من صُنع الحكيم الخبير؟! كم ذا يمرُّ على صفحاتِ هذا الكونِ من قُراء له! ولكن أيُّهم هذا الذي يُعمِلُ فيه عقلَه حتى ينتفعَ به في دنياه وأخراه؟ الإيمانُ بالله تعالى وتوحيده هو المعيارُ الحقيقي على مدى تَعقلِّ المرء وصحةِ تفكيره. |
﴿أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٖ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلَٰلُهُۥ عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَٱلشَّمَآئِلِ سُجَّدٗا لِّلَّهِ وَهُمۡ دَٰخِرُونَ ﴾ [النحل: 48]
هذا الكونُ برُمَّته منقادٌ لخالقه، طائعٌ لأوامره، فكلُّ عصيان وكلُّ تكذيب فإنما هو شذوذٌ عن ذلك النهج القويم. مشهد الظِّلال وهي تمتدُّ وتتراجع وتثبُت وتتمايل، مشهدٌ موحٍ لمَن يفتح قلبَه ويوقظ حِسَّه ويتجاوبُ مع الكون حوله، يُستدَلُّ به على مُدبِّره العظيم، فيا خسارةَ مَن استمتع بنِعَمه ثم كفرها! ما سجد لله جلَّ جلاله مَن أظهرت جوارحُه التذلُّلَ بين يديه، في حين قلبُه قد مُلئ كِبْرًا، ونفسُه أُشبِعَت عُجبًا. يَرقى الموحِّدُ بتوحيده إلى أشرف المراتب، وينزلُ المشركُ بشِركه إلى ما دون رتبةِ البهائم. لو أنفق المؤمن التقيُّ عُمرَه كلَّه في الطاعة لخشيَ التقصيرَ في جنب الله، وحُقَّ لمَن عرَف مقامَ الله أن يخافَه. |
﴿وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَٰلٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡجِبَالِ أَكۡنَٰنٗا وَجَعَلَ لَكُمۡ سَرَٰبِيلَ تَقِيكُمُ ٱلۡحَرَّ وَسَرَٰبِيلَ تَقِيكُم بَأۡسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡلِمُونَ ﴾ [النحل: 81]
هل تأمَّلتَ في نعمة الظلِّ فشكرتَ اللهَ عليها؟ فمَن غفَل عن ذلك ففي لهيب الشمسِ ما يذكِّره بهذه النعمة. لا يريد الله بعبده عُسرًا؛ ولهذا جعل لجسمك ممَّا خلق وقايةً وحماية، ففي المساكن والملابس ما يقيك البردَ والحرَّ، ويدفع عنك الشرَّ والضرَّ، ويستر منك ما تكره اطِّلاعَ الناس عليه. العاقل من الخلق إذا رأى إحسانَ الله إليه، وإنعامَه عليه، سلَّم أمرَه لربِّه، وانقادَ لوحيه. من غايات النِّعَم سَوقُ الناس إلى الله، لتكمُلَ لهم النعمةُ في جنَّته، فيا ويلَ مَن أعرض عن ربه وهو يريد أن يوصله إلى نجاة نفسه وتمامِ نعمته! |
﴿وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ ءَايَتَيۡنِۖ فَمَحَوۡنَآ ءَايَةَ ٱلَّيۡلِ وَجَعَلۡنَآ ءَايَةَ ٱلنَّهَارِ مُبۡصِرَةٗ لِّتَبۡتَغُواْ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكُمۡ وَلِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَۚ وَكُلَّ شَيۡءٖ فَصَّلۡنَٰهُ تَفۡصِيلٗا ﴾ [الإسراء: 12]
الليل والنهار خَلقانِ من خلق الله، وآيتان على وجوده، جعلهما الله على هذا الوجه تسخيرًا لعباده، فطوبى لمَن دلَّتاه على ربِّه، وانتفع بهما في وجوه الخير في حياته. ليس لمَن يبتغي تحصيلَ الرزق سوى أن يطلبَه ويبذلَ فيه جُهده، أمَّا العطاءُ فهو من الله وحده، يتفضَّل به على من يشاء. آيات الله تبارك وتعالى الشرعيَّةُ تضع للبشرية نظامًا مفصَّلًا، فكلُّ ما يحتاج إليه العباد لتحصيل السعادتين من عقائد الحق، وأخلاق الصدق، وأحكام العدل، ووجوه الإحسان، كلُّ هذا فُصِّل في القرآن تفصيلًا على غاية البيان والإحكام. |
﴿كُلُواْ وَٱرۡعَوۡاْ أَنۡعَٰمَكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ ﴾ [طه: 54]
مَن رأى بعين التأمل هذه الأرضَ وما فيها من المنافع والمسالك التي خلقها الله تعالى فيها؛ كيف يجحد خالقها ويُقبل على عبادة غيره؟ المطر وآثاره على الأرض آيةٌ أخرى تدعو إلى توحيد الله تعالى؛ إذ كيف ينصرف العبد عمن قيامُ الحياة بيده، ومعاشُ أهلها نازل من عنده؟ بين الأرض الممهدة والسماء الهاطلة يُرزق ابن آدم وترزق أنعامه، فكيف يجحد نعمة الله! أهلُ العقولِ السليمة هم المستفيدون من آيات الله على هذه الأرض، فقد جعلوا نعمةَ الله عليهم بسلامة النُّهى وسيلةً إلى الهدى، وتوحيد الله جل وعلا. من شأن العقول أن تنهى صاحبَها عن الغيِّ، فمَن عميَ عن الهداية فبماذا نفعه عقلُه؟ |
﴿أَفَلَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ يَمۡشُونَ فِي مَسَٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ ﴾ [طه: 128]
اقرأ تاريخَ الأمم الغابرة، وقلِّب صفحات الأقوام الداثرة؛ فإنك ستجد في حياتها ومصيرها عبرةً للرشاد، وموعظة تهديك إلى رب العباد. ما نزل بالأمم المكذبة من الهلاك آيةٌ ناطقة بصحة ما جاءت به الرسل، وسببٌ من أسباب الهداية إلى طريق الحق، فإذا وقفت على شيء من ذلك فأعمِل عقلك في الاعتبار بها، وانهَ نفسك عن عمل أهلها. |
﴿وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ ﴾ [الأنبياء: 33]
التأمل في توالي الليل والنهار، وفي حركة الشمس والقمر، بهذه الدقة التي لا تختل؛ جديرٌ بأن يهدي القلب إلى توحيد الخالق المبدع. |
﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسۡجُدُۤ لَهُۥۤ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلۡجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ وَكَثِيرٞ مِّنَ ٱلنَّاسِۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيۡهِ ٱلۡعَذَابُۗ وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّكۡرِمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ۩ ﴾ [الحج: 18]
أيها المؤمن؛ لست وحدك الساجدَ لله في هذا الكون، فكلُّ الخلائق خاضعة لربها ساجدة له، ولا يشِذ عن ذلك النظام سوى العصاة. أما تأمَّلَ عابدو الشمس والقمر والنجوم في حال هذه المخلوقات التي يعبدونها أنها ساجدةٌ لخالقها، مربوبةٌ مسخَّرة لربِّها، فكيف يعبدونها من دون الله، وهي تعبده وتخضع لسلطانه؟! ألا يستحي الإنسانُ العاقل المكلَّف من ترك الخضوع لربِّه والاستجابة لأمره وهو يرى المخلوقاتِ الجامدةَ غير المكلَّفة ساجدةً لربِّها خاضعةً لأمره؟! ما من عزٍّ للعبد كخضوعه لربِّه بسجوده بين يديه، وانقياده لشرعه، وذلك خضوعٌ لا يعرف لذَّته سوى المؤمنين، ولا يُحرم منه إلا مَن هان على ربِّه من المخلوقين. مَن هان عليه السجودُ لله تعالى واستخف به ولم يفعله أهانه الله؛ إذ لا كرامةَ للعبد إلا بإكرام الله إياه، فالعزيزُ مَن أعزَّه، والذليل مَن ابتغى العزَّة عند غيره، فاستحق منه أن يهينه ويعذِّبه. الأمور كلها بيد الله؛ يوفِّق مَن يشاء لطاعته برحمته، ويخذُل مَن يشاء بعدله، ويُشقي مَن أراد بحكمته، ويُسعد مَن أحب بفضله، فالخلق خلقه والأمر أمره، وما استُمد التوفيقُ لعبادته وإعانته بمثل سؤاله. |
﴿وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٖ مِّن مَّآءٖۖ فَمِنۡهُم مَّن يَمۡشِي عَلَىٰ بَطۡنِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن يَمۡشِي عَلَىٰ رِجۡلَيۡنِ وَمِنۡهُم مَّن يَمۡشِي عَلَىٰٓ أَرۡبَعٖۚ يَخۡلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ﴾ [النور: 45]
هذا الماء قد جعله الله تعالى أصلَ وجودك، ومنه ما هو سببٌ لدوام حياتك، فهلَّا حمِدتَّ الله تعالى على نعمة وجوده؟ تشترك الحيَوانات جميعها في مادَّة تكوينها، وتختلف في أشكالها وأفعالها وأسلوب حياتها، وكلُّها لله تعالى مطيعة منقادة إلى ما خلقها له، فسبحان الخالق العليم! |
﴿وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَآءِ بَشَرٗا فَجَعَلَهُۥ نَسَبٗا وَصِهۡرٗاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرٗا ﴾ [الفرقان: 54]
جلَّ الذي خَلق من ماء مَهين هذا الإنسانَ فصيَّره بشرًا يرغب ويُرغب إليه، ويناسب ويصاهر، بعد أن لم يكن شيئًا مذكورًا. |
﴿ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ ٱلرَّحۡمَٰنُ فَسۡـَٔلۡ بِهِۦ خَبِيرٗا ﴾ [الفرقان: 59]
هلَّا توكلت على مَن خلق الأجرام العظام بإبداع وإحكام، على نمط فائق، ونسق رائق، بتدبير متين، وترتيب رصين. يا مَن تريد أن تعرف الله تعالى حقَّ المعرفة، تدبَّر في كتابه الكريم معانيَ جميلِ أسمائه، وجليل صفاته، وحسن أفعاله في خلقه. |
﴿قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ وَسَلَٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَىٰٓۗ ءَآللَّهُ خَيۡرٌ أَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴾ [النمل: 59]
ألا تحمَد الله تعالى على جميل نعمه وآلائه، ولا سيَّما هدايتك إليه، وطريقه الذي عرَّفك إيَّاه وارتضاه لك؟ كم تعنَّى رسُل الله تعالى في نشر دينه بين العالمين، والصبر على المعرضين المكذِّبين! فكانوا جديرين بالسلام عليهم بعد حمد الله تعالى. ما أحسنَ ما أخذ به الخطباء والكتَّاب من الابتداء بحمد الله تعالى، والصلاة على رسوله ﷺ بين يدَي كلِّ عِلم، وفي مُفتَتح كلِّ خُطبة! أيُّ عاقل يؤثِر ما لا ينفعه ولا يضره على مَن أمرُه وخيره ونفعه كله بيديه؟ |
﴿أَمَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَنۢبَتۡنَا بِهِۦ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهۡجَةٖ مَّا كَانَ لَكُمۡ أَن تُنۢبِتُواْ شَجَرَهَآۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٞ يَعۡدِلُونَ ﴾ [النمل: 60]
كلما تأملت في جمال الطبيعة فبعثت في قلبك الفرح والبهجة فتذكر أنها إبداع مولاك الخلاق جلَّ جلاله، واشكره ملء نفسك التي استمتعت بذلك الجمال الأنيق. إذا نظر المؤمن إلى أسباب وجود الأشياء في هذه الحياة فإنها لا تَصرِفه عن مسببها جل وعلا، فالشجر ينبت بالماء، والله خلق السبب والمسبَّب كليهما، وجعل للسبب تأثيرًا بمشيئته وحده. الله هو الخالق لأصول النعم وفروعها، فكيف تَحسُن عبادة ما لا منفعة منه البتة على الحقيقة؟ ثمَّةَ أقوامٌ لا يُقلعون عن شركهم، ولا يَرعَوُون عن تسويتهم خالقَ العالمين بما سواه من المخلوقين، وإن تتالت عليهم الدلائل والبراهين. |
﴿خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 44]
خلقُ السماوات والأرض آيةٌ لكلِّ عاقل، ولكنَّ المؤمنين هم مَن يعقِلون تلك الآيةَ ويتفكرون فيها. |
﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ ﴾ [العنكبوت: 61]
الإقرار لله بأفعال الربوبية لا يكفي صاحبه للنجاة حتى يقوم بأفعال العبودية. |
﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ مَوۡتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 63]
إذا كان الله تعالى قادرًا على أن يحييَ الأرض بعد جفافها، فلن يُعجزَه سبحانه أن يبعثَ الخلائقَ من بعد موتها. يا مَن يُقرُّ بعقله أنه لا خالقَ إلا الله، ولا مُبدئَ ولا معيدَ إلا هو؛ أفلا تتوجَّه إليه وتتوكل عليه وتخلص العبادة له؟ |
﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ ﴾ [الروم: 20]
يا لها من نُقلة ضخمة من صورة ترابٍ ساكن زهيد، إلى صورة إنسان متحرِّك حسن التقويم! تثير التأمُّل في صنع الله، وتستجيش الضميرَ لحمده وتسبيحه وتمجيده. قل لمَن تكبر فوق التراب: انظر إلى التراب الذي تسير عليه فإنه أصلك قبل وجودك، ومنزلك بعد موتك، فعلامَ الغرورُ على خلق الله؟! |
﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ [الروم: 27]
لئن كان الناس يرَون أن البدء لا بدَّ أن يسبقه تفكيرٌ وتخطيط بخلاف الإعادة، إنَّ الأمر عند الله تعالى سواء، والكلُّ عنده هيِّن، فلا يفتقر إلى شيء في البدء ولا في الإعادة. كلُّ صفة كمال في المخلوقات فخالقها سبحانه أحقُّ بالاتِّصاف بها، وكلُّ نقص في المخلوق ينَزَّه عنه، فتنْزيه الخالق عنه من باب أولى. سبحان الذي إذا أراد شيئًا كان له في غاية الانقياد كائنًا ما كان، وإذا خلق شيئًا أو قدره كان في غاية الإحكام والإتقان! |
﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن يُرۡسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَٰتٖ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحۡمَتِهِۦ وَلِتَجۡرِيَ ٱلۡفُلۡكُ بِأَمۡرِهِۦ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ﴾ [الروم: 46]
يَنزل المطر فتخضر الأرض، ويَدِر الضرع، وتحيا الكائنات، وتطيب الأجواء والنفوس، وكل ذلك مجرد إذاقة من رحمته تبارك وتعالى! فكيف بمن نال رحمته في دار كرامته؟ حين يذوق المؤمن بعض آثار رحمة الله في الأرض من نزول المطر وصلاح حياة الناس به، يزداد يقينًا بأن رحمة الله هي سفينة النجاة لعباده، فيسارع للعمل الصالح؛ شكرًا لله، وطلبًا لمزيد رحمته. مَن نظر إلى البحر العظيم وعليه تلك المراكبُ الصغيرة التي يبلغ بها الإنسانُ إلى مقاصده ومنافعه؛ شكر الله تعالى على هذه النعمة المسخَّرة في هذا الخضمِّ المَهُول. |
﴿هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ﴾ [لقمان: 11]
أيُّ ظلمٍ وجهلٍ عند مَن يسوِّي المخلوق العاجز بالخالق العزيز الحكيم، الذي ظهرت في مخلوقاته آثارُ عزته وحكمته وإحسانه؟ |
﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ﴾ [لقمان: 25]
من قواعد المنهج الجدليِّ البدءُ بالحوار من قاعدة يتَّفق عليها المتناظران، ثم ينطلقان بعد ذلك إلى ما يختلفان فيه. ألا يُحمد مَن أقام من دلائل الكون على وجوده واستحقاقه للعبودية دون غيره ما تشهد به الفطرة، ويقرِّه العقل، ويطمئن إليه القلب؟ لا ينفع علمٌ صاحبَه، مهما عظم، ما لم يعرِّفه بمعبوده الواحد سبحانه وتعالى. |
﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱلۡفُلۡكَ تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنۡ ءَايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ ﴾ [لقمان: 31]
ألا تفكَّر راكبُ البحر وهو يَمخُر عُبابَه أن الذي يحرُس الفُلكَ في البحر ويحميها وَسْطَ الأمواج والعواصف، هو الله وحده لا شريك له؟ ومَن نظر إلى جرَيان السفُن في ظهور البحار ومتون المحيطات ألفى آياتٍ تدلُّ على عظمة الخالق وقدرته، ورحمته بعباده ولطفه بهم. المؤمن القويُّ لا يجزَع عند البلاء، بل يستشعر على الدوام لطفَ الله تعالى وحسنَ تدبيره وإحسانه إليه، فلا يزال يحمَده ويشكره. هنالك أقوامٌ طبَعهم الله على الخير، ووفقهم للهدى، وأعانهم على الاستقامة، فهم يعرفون عظمته سبحانه في الرخاء كما يعرفونها في الشدة. |
﴿وَءَايَةٞ لَّهُمُ ٱلۡأَرۡضُ ٱلۡمَيۡتَةُ أَحۡيَيۡنَٰهَا وَأَخۡرَجۡنَا مِنۡهَا حَبّٗا فَمِنۡهُ يَأۡكُلُونَ ﴾ [يس: 33]
مثالٌ حيٌّ تدركه الحواسُّ على الدوام، ولكن أين القلوبُ الغافلة منه؟ إن الذي أحيا الأرضَ بالنبات، سيُحيي الخلقَ بعد الممات. |
﴿إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ ﴾ [يس: 44]
مهما عظُمت السفن وثقُلت، ومهما أُتقنت صنعتُها وأُحكمت، فإنها كريشةٍ في مهبِّ الريح، إذا لم تتداركها رحمةُ الله هلكت بمَن فيها. يُفسح الله لعباده المسرفين ما شاء، فإن لم يتوبوا، وإلى الحقِّ يؤوبوا، أخذهم بالبأساء والضرَّاء، فهل ترى لهم من شفيع أو منقذ؟ |
﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلۡ هُنَّ كَٰشِفَٰتُ ضُرِّهِۦٓ أَوۡ أَرَادَنِي بِرَحۡمَةٍ هَلۡ هُنَّ مُمۡسِكَٰتُ رَحۡمَتِهِۦۚ قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ عَلَيۡهِ يَتَوَكَّلُ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [الزمر: 38]
حتى المشركون الكافرون يُدركون في قرارة نفوسهم وعُمقِ فطرتهم أن الله تعالى هو وحدَه الخالق البارئ، ولكنَّه الزيغ واتِّباع الهوى! ما الذي يخشاه داعيةٌ إلى الله تعالى، وما الذي يرجوه؟ وليس أحدٌ من البشر بصارفٍ السوءَ عنه، ولا مانع الخير؛ إلا أن يشاء الله؟ قُل: (حسبيَ الله)، ولو كنتَ ضعيفًا فقيرًا، لا حولَ لك ولا قوَّة. قُلها بلسانك، وأيقِن بها بقلبك، تَحصُل لك بها الكفايةُ التامَّة والرعاية الخالصة. |
﴿هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزۡقٗاۚ وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ ﴾ [غافر: 13]
بيَّن الله لعباده الآياتِ الدالَّةَ على وَحدانيَّته وربوبيَّته؛ إذ بها قِوام دينهم، وأنزل لهم الأرزاق؛ إذ بها قِوام أبدانهم، فأين الذي يرجِع إلى الله وحده في طلب الهدى وفي طلب الرزق؟! آيات الله تعالى تحيط بنا من كلِّ جانب، وهي ظاهرةٌ جليَّة في المخلوقات الكبيرة والدقائق الصغيرة، فأين المعتبرون؟ قال رسول الله ﷺ: «كلُّ بني آدمَ خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون»، الذين يجدِّدون توبتهم وأوبتهم بتجدُّد أنفاسهم، وتكرُّر ذنوبهم. |
﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيۡلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ لَا تَسۡجُدُواْ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ ﴾ [فصلت: 37]
إن في آيات الله الظاهرة أوضحَ دليل على وَحدانيَّة الله، فمَن تفكَّر فيها أفاق من غفلته، ونهض من كَبوته، وأقبل نحو ربِّه، طالبًا رضاه. مهما رأيتَ من عظيمٍ فإنَّ الله أعظم، وما ينبغي للمؤمن أن ينقادَ أو يذِلَّ إلا للعليِّ العظيم، إليه تُرفَع الرغائب، وبه تُستجلَب المطالب. |
﴿فَإِنِ ٱسۡتَكۡبَرُواْ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُۥ بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمۡ لَا يَسۡـَٔمُونَ۩ ﴾ [فصلت: 38]
مَن علم عظمة الخالق وافتقارَ الخلق إليه جَدَّ في عبادته وطاعته، وجرى تسبيحُه على لسانه جريَ أنفاسه، ولنا في الملائكة خيرُ قدوة. الله غنيٌّ عن عباده، لا تضرُّه معصيتهم ولا تنفعه طاعتهم، ولئن استكبر المشركون عن طاعته إنَّ له عبادًا مقربين لَهِجَت ألسنتُهم بذكره، وعمرت قلوبهم بمحبَّته. |
﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنَّكَ تَرَى ٱلۡأَرۡضَ خَٰشِعَةٗ فَإِذَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهَا ٱلۡمَآءَ ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡۚ إِنَّ ٱلَّذِيٓ أَحۡيَاهَا لَمُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ ﴾ [فصلت: 39]
ما نراه من تقلُّب الأحوال من الجَدْب إلى الخِصْب ومن الضَّعة إلى الرِّفعة ليس أمرًا عابرًا، ولكنه دعوةٌ إلى تعظيم قدرة الله، والاعتبار بحال كلِّ شيء وعاقبته. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا لَا يَخۡفَوۡنَ عَلَيۡنَآۗ أَفَمَن يُلۡقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيۡرٌ أَم مَّن يَأۡتِيٓ ءَامِنٗا يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ ٱعۡمَلُواْ مَا شِئۡتُمۡ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [فصلت: 40]
آياتُ الله حقٌّ وهدًى، فمَن مالَ عنها إلى الضلالة، فقد مالَ بنفسه إلى المهالك. يا له من تهديد لمَن عقَل! إن الله بصيرٌ بعملكم، عليمٌ بظاهركم وباطنكم، وقد أعلمكم مصيرَ المحسن والمسيء، فليختَر أحدُكم ما يشاء. |
﴿سَنُرِيهِمۡ ءَايَٰتِنَا فِي ٱلۡأٓفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ أَوَلَمۡ يَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ ﴾ [فصلت: 53]
بلى؛ حسبُنا أن الله شاهدٌ على أعمالنا وعلى تقلُّبات حياتنا، لا نسأل سواه ولا نلوذ إلا بحِماه، عليه توكَّلنا وإليه أنبنا. |
﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٖۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمۡعِهِمۡ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٞ ﴾ [الشورى: 29]
كما لم يتعذَّر على الله خلقُ الخلق وبثُّهم في كونه الذي أحاط به، لا يتعذَّر عليه سبحانه جمعُهم يوم القيامة، فأين المفرُّ من الله؟ |
﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلۡجَوَارِ فِي ٱلۡبَحۡرِ كَٱلۡأَعۡلَٰمِ ﴾ [الشورى: 32]
هل نظرتم إلى السفُن العظيمة الجارية في البحر كأنها الجبالُ الشامخة؟ هلَّا تدبَّرتم قليلًا وسألتم مَن الذي أجراها؟ إنه ذو السلطان النافذ، لا إله إلا هو. |
﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ ﴾ [الزخرف: 9]
معرفة أن الله هو الخالقُ والرازق لا تنفع صاحبها شيئًا ما لم تثمر هذه المعرفةُ في حياته العبوديَّة الحقَّة التي أرادها الله سبحانه وتعالى. عزَّة الله وعلمه صفتان تبدِّدان حُججَ المشركين في جعل الأصنام أندادًا لله، فتلك الأصنام على خلاف ذلك؛ إذ إنها عاجزةٌ عن فعل شيء، جاهلة بما يدور حولها. |
﴿قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ ﴾ [الزخرف: 81]
الرسُل أسبقُ الناس للكمالات، وأبعدهم عن الشرور، فهم يأتمرون بأمر ربِّهم، لا يَحيدون عنه لمعرفتهم به، فما أسعدَ مَن اقتدى بهداهم! |
﴿إِنَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ ﴾ [الجاثية: 3]
هذه الآيات تملأ الآفاق، قد بثَّها الله تعالى في السماوات والأرض، فكلُّ حركة أو سكنة تُرشد العبد إلى عظمة الخالق جلَّ جلاله. |
﴿وَفِي خَلۡقِكُمۡ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ ءَايَٰتٞ لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ ﴾ [الجاثية: 4]
لو تفكَّر الإنسان في خلقه وفي غيره من مخلوقات ربِّه، لرأى آياتٍ بيِّنةً تدلُّه على بارئه تبارك وتعالى، وتجعله من أهل اليقين بالله وبما شرَع سبحانه. |
﴿وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن رِّزۡقٖ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَا وَتَصۡرِيفِ ٱلرِّيَٰحِ ءَايَٰتٞ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ ﴾ [الجاثية: 5]
مَن غيرُ الله يستطيع تقليبَ الليل والنهار؟ فهل من أحد يملك اختلافهما أو التحكُّم فيهما؟ تعالى ربُّنا في سمائه، وعَظُم بقدرته وكبريائه. سبحان مَن جعل من الماء حياةً ورزقًا، يُحيي به الأرض المَوات، فتنبت به من الخيرات والطيِّبات. الرياح مسخَّرة بأمر ربِّها، يوجِّهها أنَّى يشاء، ويُصرِّفها كيفما يريد، ويجعلها سببًا للخير للخلق، وجندًا يذيق بها الكافرين ألوانَ العذاب. حريٌّ بكلِّ ذي عقل ولُبٍّ أكرمه الله به وميَّزه من الأنعام والدوابِّ، أن يتفكَّر في خلق الله ليزدادَ إيمانًا وثباتًا ويقينا. |
﴿أَفَلَمۡ يَنظُرُوٓاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوۡقَهُمۡ كَيۡفَ بَنَيۡنَٰهَا وَزَيَّنَّٰهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٖ ﴾ [ق: 6]
التفكُّر في صُنع الله وآلائه يهدي العقول الحَيرى، إلى الإيمان بالحقائق الكُبرى. جمالُ السماء في عَليائها، وإحكامُ خَلقها وصَنعتها، دليلٌ بيِّن على كمال صانعها وباريها. |
﴿رِّزۡقٗا لِّلۡعِبَادِۖ وَأَحۡيَيۡنَا بِهِۦ بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗاۚ كَذَٰلِكَ ٱلۡخُرُوجُ ﴾ [ق: 11]
من عظيم رحمة الله أنه لم يَقصِر رزقَه على المؤمنين الطائعين، ولكنَّه تكفَّل برزق عباده أجمعين، ولو كانوا كافرين مكذِّبين. أفاضَ الله الكريم على خَلقه بصُنوف الخير والرزق، ولكن قليلٌ من عباده الشَّكور. إن الذي أخرج من النَّواة النخلَ، وأحيا الأرضَ بعد موتها لقادرٌ على إحياء الناس للحساب، فاعتبروا يا أولي الأبصار. العاقل من تفكَّر في تصريف الله لكونه، وتأمَّل بديعَ صفاته، وكمالَ قُدرته. |
﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ ﴾ [التغابن: 1]
لو عرفتَ أيها العبدُ ربَّك حقَّ المعرفة، وأدركتَ عظيمَ ملكه، لخشعَت منك كلُّ خليَّة، ولنبض قلبُك بتمجيدِه، وانطلق لسانُك بتسبيحِه. أجل، إن الله على كلِّ شيء قدير، قديرٌ على إكرام أهل الذِّكر والشُّكر، وقديرٌ على إذلال أهل الجحود والكُفر، فيا خيبةَ من كان في الفريق الثاني! |
﴿هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ فَمِنكُمۡ كَافِرٞ وَمِنكُم مُّؤۡمِنٞۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [التغابن: 2]
ما أكثرَ نِعَمَ الله علينا وما أوسعَ فضلَه سبحانه! ومِن أولاها بالثناء والشُّكر نعمةُ الخَلق ونعمةُ الإيمان ونعمةُ الهداية. إن الله بصيرٌ بك وبعملك، وبصيرٌ بظاهرك وباطنك، وبصيرٌ بما يجول بفكرك، وما توسوس به نفسُك، فلا تُرِ ربَّك منك ما يكره! منحَ الله خلقَه إرادةً حُرَّة، وعرَّفهم طريقَ الهداية ورغَّبهم فيها، وطريقَ الضَّلالة وحذَّرهم منها، وهو بصيرٌ بهم وبما يختارون ويعملون. أحسنَ الله صورتكَ وجعلكَ في خير تقويم، فإن لم تشكره فإلى أيِّ أرض تفرُّ وبأيِّ سماء تستظلُّ، والأرض والسماوات وما بينهما كلٌّ خاضعٌ لأمره؟ اعلم أن المصيرَ والمآل إلى الله تعالى، فقدِّم بين يدَي لقائه ما يُنجيك من عذابه، ويبلِّغك رضوانه وجنَّته. |
﴿خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡۖ وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [التغابن: 3]
ما أكثرَ نِعَمَ الله علينا وما أوسعَ فضلَه سبحانه! ومِن أولاها بالثناء والشُّكر نعمةُ الخَلق ونعمةُ الإيمان ونعمةُ الهداية. إن الله بصيرٌ بك وبعملك، وبصيرٌ بظاهرك وباطنك، وبصيرٌ بما يجول بفكرك، وما توسوس به نفسُك، فلا تُرِ ربَّك منك ما يكره! منحَ الله خلقَه إرادةً حُرَّة، وعرَّفهم طريقَ الهداية ورغَّبهم فيها، وطريقَ الضَّلالة وحذَّرهم منها، وهو بصيرٌ بهم وبما يختارون ويعملون. أحسنَ الله صورتكَ وجعلكَ في خير تقويم، فإن لم تشكره فإلى أيِّ أرض تفرُّ وبأيِّ سماء تستظلُّ، والأرض والسماوات وما بينهما كلٌّ خاضعٌ لأمره؟ اعلم أن المصيرَ والمآل إلى الله تعالى، فقدِّم بين يدَي لقائه ما يُنجيك من عذابه، ويبلِّغك رضوانه وجنَّته. |
﴿يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾ [التغابن: 4]
قد يُخفي بعض الناس سوء طويَّته عن الآخرين، فيخدَعُهم ويغشُّهم، ولكن هيهاتَ أن يخدعَ بذلك مَن يعلم السرَّ وأخفى. على العاقل اللبيب أن يحرِصَ على حفظ باطنه من الأخلاق الرذيلة، كحِرصه على تحسين ظاهره بالفِعال الجميلة. راقب نيَّتك أيها العبدُ في كلِّ ما تأتي من عمل وتذَر، فإن الله مطَّلعٌ عليها كما يطَّلع الناس على ظاهر عملك. |
﴿ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗاۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورٖ ﴾ [الملك: 3]
إن الله يُباهي بإحكام خَلقه وإتقان صَنعته، أفلا نتعلَّم من هذا إحسانَ العمل وتجويدَه، وجعلَه إلى الكمال والتمام أقرب؟ أقام الله الكونَ وَفق نظام مُحكَم سديد، يُلائم عيشَ البشر ويلبِّي احتياجاتهم، ولو كان فيه أدنى اضطراب لاختلَّ نظامُهم وفسدَت معيشتُهم. طولُ الإلف يُفضي إلى الغفلة، فما أحسنَ أن نجدِّدَ بين حين وحين التأمُّلَ في ملكوت الله تعالى؛ لنقفَ على ما فيه من روائعَ ناطقةٍ بجليل خَلقه، وتمام صُنعه. إذا كان الله سبحانه قد أحكم خَلقه إحكامًا، فإنَّ شرعه الذي أرسله لعباده لهو أشدُّ إحكامًا وأتمُّ كمالًا، فيا خيبةَ من حاد عنه! |
﴿أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلطَّيۡرِ فَوۡقَهُمۡ صَٰٓفَّٰتٖ وَيَقۡبِضۡنَۚ مَا يُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱلرَّحۡمَٰنُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءِۭ بَصِيرٌ ﴾ [الملك: 19]
كم من طائر رأيتَه يحلِّق فوقك عاليًا، هلَّا سألتَ نفسَك: مَن الذي هداه للطيَران وعلَّمَه، ومَن الذي أمسكه عن السُّقوط وسلَّمَه! سبحان من خضعَ لجبَروته كلُّ شيء، حتى حركاتُ جناح الطائر في عُلوِ السماء هي بأمره وهديه، وتحت سمعه وبصره. إن الله بصيرٌ بكلِّ شيء؛ يراه ويتصرَّف به ويرعاه رعايةَ الخبير الحكيم العالم بما هو أصلحُ لعباده، أفلا يستحقُّ أن نستقيمَ على أمره؟ |
﴿قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَصۡبَحَ مَآؤُكُمۡ غَوۡرٗا فَمَن يَأۡتِيكُم بِمَآءٖ مَّعِينِۭ ﴾ [الملك: 30]
إذا فتحتَ الماء فتدفَّقَ عذبًا وافرًا، فاحمَد اللهَ على نعمه، فكم من محرومٍ منها، وبالشُّكر تدوم النِّعَم. ما لك تُطاول الجبالَ صلَفًا وكِبْرًا؟ أرأيتَ إن غارَتِ المياه في الأرض، فمَن ذا الذي يُخرجها؟ فلنتواضع لله، ولنُقرَّ بعَجزنا. بعض المسائل لا تحتاجُ إلا إلى سؤالٍ يدفع العقلَ إلى التفكُّر في حقائقَ لا مناصَ من الإقرار بها والتسليم لها. |
﴿أَلَمۡ تَرَوۡاْ كَيۡفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗا ﴾ [نوح: 15]
مَن تأمَّل خلقَ الله العظيم من سماواتٍ وشمس وقمر تأمُّلًا واعيًا، استشعرَ عظمةَ الله وجلالَه، فخضعَ لأمره وأذعنَ لهديه. رفع الله السماء فوقنا سقفًا يحفظنا، ويحمي أرضَنا، وجعل فيها الشمسَ والقمر مسخَّرةً لنا؛ بكثرة منافعها، وجليل عوائدها، فللّه الحمدُ والمنَّة. |
﴿ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ ﴾ [الأعلى: 2]
مَن علم أن الله هو وحدَه الخالقُ والهادي، لم يملِك إلَّا أن يستهديَ بهُداه، ويستمسكَ بشريعته ورضاه. يقينُ العبد أن كلَّ ما في الكون والحياة إنما هو بقَدَرِ الله تعالى؛ يبعثُ في نفسه الرِّضا والطُّمَأنينَة، والرَّاحةَ والسَّكينَة. |
﴿وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ﴾ [الأعلى: 3]
مَن علم أن الله هو وحدَه الخالقُ والهادي، لم يملِك إلَّا أن يستهديَ بهُداه، ويستمسكَ بشريعته ورضاه. يقينُ العبد أن كلَّ ما في الكون والحياة إنما هو بقَدَرِ الله تعالى؛ يبعثُ في نفسه الرِّضا والطُّمَأنينَة، والرَّاحةَ والسَّكينَة. |
﴿وَٱلَّذِيٓ أَخۡرَجَ ٱلۡمَرۡعَىٰ ﴾ [الأعلى: 4]
من الأرض القاحلة الجَدباء ينبُت المَرعى الخِصبُ الأخضر؛ دَلالةً على تصرُّف الله تعالى في خَلقه، وعظيم حَوله وطَوله. |
﴿فَجَعَلَهُۥ غُثَآءً أَحۡوَىٰ ﴾ [الأعلى: 5]
من الأرض القاحلة الجَدباء ينبُت المَرعى الخِصبُ الأخضر؛ دَلالةً على تصرُّف الله تعالى في خَلقه، وعظيم حَوله وطَوله. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
عدم إذاعة الأخبار اسم الله الوكيل نور السماوات والأرض الملابس وجوب الحكم بما أنزل الله مقابلة الإساءة بالاحسان قصر الصلاة أقوال النصارى طاعة ولي الأمر العلاقات السياسية
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, December 6, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب