كسرت ثنية جارية، فطلبوا الأرش

حديث: كسرت ثنية جارية، فطلبوا الأرش

عن أنس أن الرُّبيّع وهي ابنة النضر كسرت ثنية جارية، فطلبوا الأرش، وطلبوا العفو، فأبوا، فأتوا النبي ﷺ، فأمرهم بالقصاص، فقال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الربيع يا رسول الله؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها. فقال: «يا أنس، كتاب الله القصاص»، فرضي القوم وعفوا، فقال النبي ﷺ: «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره».

متفق عليه: رواه البخاري في الصلح (٢٧٠٣) عن محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني حميد أن أنسا حدثهم فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه:

نص الحديث:

عن أنس أن الرُّبيّع (وهي ابنة النضر) كسرت ثنية جارية، فطلبوا الأرش، وطلبوا العفو، فأبوا، فأتوا النبي ﷺ، فأمرهم بالقصاص. فقال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الربيع يا رسول الله؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها. فقال: «يا أنس، كتاب الله القصاص». فرضي القوم وعفوا. فقال النبي ﷺ: «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره».

شرح المفردات:

● الرُّبيّع: هي أخت أنس بن مالك، وابنة النضر بن أنس.
● ثنية: السن الأمامية في الفم.
● الأرش: الدية أو التعويض المالي في الجروح التي دون القتل.
● العفو: المسامحة والتجاوز عن الحق.
● القصاص: العقوبة بالمثل، أي كسر سنها كما كسرت سن الجارية.
● أقسم على الله: حلف بالله عز وجل.
● أبره: يحقق قسمه ويستجيب له.

شرح الحديث:

1- وقائع القصة:
كسرت الربيع (أخت أنس بن مالك) سن جارية من قوم آخرين، فطالب أولياء الجارية بالقصاص (أي كسر سن الربيع مثلاً)، أو بدفع الأرش (دية مالية)، أو بالعفو. لكنهم رفضوا العفو والأرش وأصرّوا على القصاص.
2- تدخل أنس بن النضر:
عندما أمر النبي ﷺ بالقصاص وفق حكم الله، قال أنس بن النضر (عم أنس بن مالك وخال الربيع) متعجباً ومتحيراً: "أتكسر ثنية الربيع يا رسول الله؟" ثم حلف بالله أن ذلك لن يحدث. وهذا يدل على شدة غيرته وحبه لأهل بيته، لكنه نسّي في تلك اللحظة حكم الله تعالى.
3- رد النبي ﷺ:
ذكّره النبي ﷺ بقوله: «يا أنس، كتاب الله القصاص»، أي أن حكم الله تعالى نافذ ولا بد من تطبيقه، وهو القصاص في هذه الجناية. وهذا تأكيد على وجوب تطبيق شرع الله دون محاباة أو تحيز.
4- عفو الأولياء:
عندما رأى أولياء الجارية تمسك النبي ﷺ بالعدل وتأكيده على حكم الله، بجانب غيرة أنس بن النضر ومحبته لأخته، رضوا وعفوا عن القصاص، فسامحوها بدون تعويض.
5- ثناء النبي ﷺ على أنس بن النضر:
بعد أن عفا القوم، похвали النبي ﷺ أنس بن النضر بقوله: «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره»، أي أن أنساً من أولياء الله الصالحين الذين إذا حلفوا على شيء فإن الله يحقق قسمهم تكريماً لهم، ولكن هذا مشروط بإذن الله ومشيئته.

الدروس المستفادة:

1- وجوب تطبيق شرع الله:
يجب على المسلم الرضا بحكم الله وتنفيذه حتى لو كان على أقرب الناس إليه، كما في قول النبي ﷺ: «كتاب الله القصاص».
2- العدل أساس الحكم:
النبي ﷺ لم يحابِ أحداً، بل طبق الشرع دون خوف أو محاباة، مما جعل الخصوم يرضون ويعفون.
3- فضل العفو والصفح:
عفْو أولياء الجارية يدل على خلق الإسلام العظيم، وهو العفو عند المقدرة، وقد أثنى الله على العافين عن الناس.
4- مكانة الصالحين عند الله:
ثناء النبي ﷺ على أنس بن النضر يدل على أن الله يكرم أولياءه ويحترم أيمانهم إذا كانت خالصة لوجهه، لكن هذا لا يعني جواز الحلف بغير الله أو التعجل في الأيمان.
5- الحكمة من القصاص:
القصاص فيه تحقيق للعدالة وردع للجناة، كما قال تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (البقرة: 179).

معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بالجنايات والعقوبات.
- أنس بن النضر هو عم أنس بن مالك، وكان من شهداء أحد، وقد استشهد فيها دفاعاً عن الإسلام.
- القصاص في الإسلام ليس انتقاماً، بل تحقيق للعدالة وضمان لحقوق الناس.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا للعمل بشرعه، إنه سميع مجيب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الصلح (٢٧٠٣) عن محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني حميد أن أنسا حدثهم فذكره.
هكذا رواه البخاري في عدة مواضع في كتابه بأن القصة وقعت للربيع ابنة النضر. ولكن رواه مسلم في القسامة والمحاربين (١٦٧٥: ٢٤) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد، أخبرنا ثابت، عن أنس أن أخت الربيع أم حارثة جرحت إنسانا فاختصموا إلى النبي ﷺ، فقال رسول الله ﷺ: «القصاص القصاص». فقالت أم الربيع: يا رسول الله! أيقتص من فلانة؟ والله! لا يقتص منها. فقال رسول الله ﷺ: «سبحان الله يا أم الربيع القصاص في كتاب الله».
قالت: لا والله! لا يقتص منها أبدا، قال: فما زالت حتى قبلوا الدية، فقال رسول الله ﷺ: «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره».
بأن القصة وقعت لأخت الربيع، فرجح كثير من أهل العلم أن ذكر أخت في صحيح مسلم خطأ، وذهب البعض إلى أن القصة وقعت للاثنين.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 320 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كسرت ثنية جارية، فطلبوا الأرش

📜 حديث: كسرت ثنية جارية، فطلبوا الأرش

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كسرت ثنية جارية، فطلبوا الأرش

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كسرت ثنية جارية، فطلبوا الأرش

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كسرت ثنية جارية، فطلبوا الأرش

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية