من أحبني فليحب أسامة

حديث: من أحبني فليحب أسامة

عن فاطمة بنت قيس - في سياق حديث الجساسة - قالت: فلما تأيمت خطبني عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحاب رسول الله ﷺ، وخطبني رسول الله ﷺ على مولاه أسامة بن زيد، وكنت قد حُدِّثْتُ أن رسول الله ﷺ قال: «من أحبني فليحب أسامة».

صحيح: رواه مسلم في الفتن (٢٩٤٢ - ١١٩) من طرق عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن الوارث، عن الحسين بن ذكوان، حدثنا ابن بريدة، حدثني عامر بن شراحيل الشعبي، أنه سأل فاطمة بنت قيس فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره، يحمل في طياته دروساً عظيمة وفوائد جليلة، سأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:

● تأيمت: أي صرت أيِّمًا، والأيم هي المرأة التي لا زوج لها، سواء كانت بكراً أم ثيباً، لم تتزوج أو توفي زوجها.
● خطبني: طلب يدي للزواج.
● عبد الرحمن بن عوف: أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن كبار أغنياء الصحابة وأسخيائهم.
● في نفر من أصحاب رسول الله ﷺ: أي جاء لخطبتها ومعه مجموعة من أصحاب النبي ﷺ كي يشفعوا له ويساعدوه في الأمر.
● مولاه: هنا بمعنى مولى النبي ﷺ بالعتق، وهو أسامة بن زيد رضي الله عنهما، وكان النبي ﷺ يحبه حباً شديداً.
● حُدِّثْتُ: أي بلغني وخبرت.

ثانياً. شرح الحديث:

تخبرنا السيدة فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وهي من كريات نساء الصحابة وأفقههن، أنها بعد أن أصبحت بدون زوج (وذلك بعد طلاقها من زوجها)، تقدّم لخطبتها شخصيتان عظيمتان:
1- عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: وهو صحابي جليل، من السابقين إلى الإسلام، ومن أغنى الأغنياء الذين أنفقوا أموالهم في سبيل الله، ومعه جماعة من أصحاب النبي ﷺ لتأكيد رغبته الجادة في الزواج منها.
2- رسول الله ﷺ: ولكن ليس لنفسه، بل يخطبها لوليه ومُعْتقه أسامة بن زيد رضي الله عنهما. وكان أسامة شاباً صغير السن في ذلك الوقت، وهو ابن حب رسول الله ﷺ (زيد بن حارثة رضي الله عنه).
ثم تذكر السيدة فاطمة السبب الذي جعلها تميل إلى قبول خطبة النبي ﷺ لأسامة، وهو أنها سمعت أن رسول الله ﷺ قال: «مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ».
وفي رواية أخرى في الصحيحين: فزوجني رسول الله ﷺ من أسامة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- مكانة أسامة بن زيد رضي الله عنه: يظهر هذا الحديث عظم منزلة أسامة بن زيد في قلب النبي ﷺ، حتى جعل حبه جزءاً من حبه شخصياً ﷺ. وهذا بسبب ما عُرف عن أسامة من التقوى والورع والشجاعة والإيمان، رغم صغر سنه.
2- الحكمة من تزويجها لأسامة: قد يتساءل البعض: لماذا فضل النبي ﷺ تزويجها لأسامة الشاب على عبد الرحمن بن عوف الكبير الغني؟ والحكمة التي يذكرها العلماء:
● تربية الأمة على النظر إلى الدين والخلق، لا إلى المال والجاه: فالنبي ﷺ يريد أن يعلم المسلمين أن المعيار في اختيار الزوج هو تقواه وأخلاقه، لا غناه أو منصبه. فأسامة كان فقيراً شاباً، بينما عبد الرحمن كان غنياً كبيراً ومشهوراً.
● إكرام أسامة وإعلاء شأنه: تحقيقاً لمحبته ﷺ له، وبراً بوالده زيد الذي استشهد في سبيل الله.
3- فضل السيدة فاطمة بنت قيس وذكاؤها: حيث فضلت الزواج ممن أحبه النبي ﷺ، طاعة للرسول ﷺ واقتداءً به، وثقة بقوله وعلمه، فقدمت معيار الدين على معيار الدنيا.
4- مشروعية الخطبة عن طريق الوسطاء: كما فعل عبد الرحمن بن عوف حين أتى بجماعة من الصحابة معه.
5- جواز أن يخطب الرجل للمرأة وليها أو من ترضاه: كما فعل النبي ﷺ حيث كان يخطب للصحابة.
6- قوة تأثير قدوة الخير: فقد قبلت فاطمة بنت قيس بهذا الزواج بسبب كلمة سمعتها عن النبي ﷺ في حب أسامة، فكانت سبباً في قرارها المصيري.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث جزء من حديث طويل ومشهور هو "حديث الجساسة" الذي talks about the story of Tamim al-Dari and the Dajjal, والذي فيه إثبات صفة العلو لله تعالى.
- السيدة فاطمة بنت قيس هي أخت الضحاك بن قيس الفهري أحد commanders المعروفين، وهي من المهاجرات الفاضلات.
- استمر زواج السيدة فاطمة من أسامة بن زيد، وعاشا together حتى توفي عنها.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الفتن (٢٩٤٢ - ١١٩) من طرق عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن الوارث، عن الحسين بن ذكوان، حدثنا ابن بريدة، حدثني عامر بن شراحيل الشعبي، أنه سأل فاطمة بنت قيس فذكرته.
وفي معناه روي عن عائشة قالت: لا ينبغي لأحد أن يبغض أسامة بعد ما سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من كان يحبُّ الله عز وجل ورسوله فليحبَّ أسامة».
رواه أحمد (٢٥٢٣٤) عن حسين بن علي، عن زائدة، عن مغيرة (هو ابن مقسم الضبي)، عن الشعبي قال: قالت عائشة: فذكرته.
وإسناده منقطع، فإن الشعبي - هو عامر بن شراحيل - لم يسمع من عائشة، قاله ابن معين وأبو حاتم. «جامع التحصيل» (ص: ٢٠٤).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 302 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أحبني فليحب أسامة

📜 حديث: من أحبني فليحب أسامة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من أحبني فليحب أسامة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من أحبني فليحب أسامة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من أحبني فليحب أسامة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية