فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة

حديث: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة

عن أنس بن مالك قال: لما نزلت: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ إلى قوله: ﴿وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [الحجرات: ٢] قال: قال ثابت بن قيس: أنا والله الذي كنت أرفع صوتي عند رسول الله ﷺ، وأنا أخشى أن أكون من أهل النار، فقال النبي ﷺ: «بل هو من أهل الجنة» قال: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل
الجنة، أو كما قال.

صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١١٩/ ١٨٨) عن هريم بن عبد الأعلى الأسدي، حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يذكر عن ثابت، عن أنس فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وفيه قصة نزول آيات من سورة الحجرات، وموقف صحابي جليل من هذه الآيات، وتطمين النبي ﷺ له. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. نص الحديث وتخريجه:

الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب التفسير، باب قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: ٢]، حديث رقم 4848)، والإمام مسلم في صحيحه (كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، حديث رقم 220).

ثانياً. شرح المفردات:

● {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}: خطاب من الله تعالى للمؤمنين يأمرهم بعدم رفع أصواتهم فوق صوت النبي ﷺ في المجالس والخطاب.
● {وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}: أي أنهم قد يفعلون ذلك من غير قصد سوء أو استخفاف، ولكنهم لا يدركون حرمة ذلك.
● ثابت بن قيس: هو ثابت بن قيس بن شماس، خطيب النبي ﷺ، من خيار الصحابة.
● أنا والله الذي كنت أرفع صوتي: اعتراف منه بأنه كان من الذين يرفعون أصواتهم في حضور النبي ﷺ.
● أخْشَى أن أكون من أهل النار: خاف على نفسه من العقاب بسبب ذلك.
● «بل هو من أهل الجنة»: تطمين من النبي ﷺ له بأنه من أهل الجنة.
● فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة: أي أن الصحابة بعد هذا القول من النبي ﷺ كانوا ينظرون إلى ثابت بن قيس على أنه من أهل الجنة.

ثالثاً. شرح الحديث:

1- سبب نزول الآية:
نزلت الآيات من سورة الحجرات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: ٢]، لتعليم الصحابة أدب الخطاب مع النبي ﷺ، وعدم رفع الصوت في حضرته كما يفعل بعضهم مع بعض.
2- موقف ثابت بن قيس رضي الله عنه:
عندما سمع ثابت بن قيس هذه الآية، تأثر بها تأثراً شديداً، لأنه كان صاحب صوت جهوري، وكان خطيباً، فخاف أن يكون قد وقع في هذا الخطأ دون أن يشعر، فاعتزل الناس وحزن حزناً كبيراً، وخاف أن يكون من أهل النار بسبب ذلك.
3- تطمين النبي ﷺ له:
علم النبي ﷺ بحاله، فطمأنه بقوله: «بل هو من أهل الجنة»، أي أن عمله الصالح وإيمانه يغفران لهذه الزلة، وأنه ليس من أهل النار، بل هو من أهل الجنة.
4- دلالة على فضل ثابت بن قيس:
هذا الحديث يدل على مكانة ثابت بن قيس رضي الله عنه، وأنه من أهل الجنة، وقد استشهد في معركة اليمامة شهيداً، وكان من خيار الصحابة.

رابعاً. الدروس المستفادة من الحديث:

1- وجوب الأدب مع النبي ﷺ:
الحديث يدل على وجوب الأدب مع النبي ﷺ في الخطاب والمجلس، وعدم رفع الصوت فوق صوته، وهذا الأدب باقٍ بعد وفاته ﷺ بتعظيمه وتوقيره.
2- خوف الصالحين من الذنوب:
موقف ثابت بن قيس يدل على خوف الصالحين من الذنوب ولو كانت صغيرة، وتأثرهم بآيات الوعيد، وهذا من علامات الإيمان.
3- سعة رحمة الله تعالى:
الله تعالى غفور رحيم، ويغفر الذنوب للتائبين، وثابت بن قيس قد تاب من هذا الفعل وخاف منه، فغفر الله له.
4- الشفاعة والتبشير لأهل الإيمان:
النبي ﷺ بشّر ثابت بن قيس بالجنة، وهذا من فضل الله على عباده المؤمنين.
5- الاعتبار بحال الصحابة:
الصحابة رضي الله عنهم كانوا أسرع الناس استجابة لأمر الله ورسوله، وأشدهم خوفاً من الله، وهذا قدوة للمسلمين.

خامساً:

معلومات إضافية:
- ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه كان خطيب النبي ﷺ، وشهيد معركة اليمامة.
- الآية نزلت في أدب الخطاب مع النبي ﷺ، وهي تدل على تعظيمه وتوقيره.
- هذا الحديث من الأحاديث التي تبشر المؤمنين بالجنة، وتدل على أن الخوف من الله والاستجابة لأمره من أسباب المغفرة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعلمنا الأدب مع رسول الله ﷺ، وأن يوفقنا لطاعته وطاعة رسوله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الإيمان (١١٩/ ١٨٨) عن هريم بن عبد الأعلى الأسدي، حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يذكر عن ثابت، عن أنس فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 327 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة

📜 حديث: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية