ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم

حديث: ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم

عن أبي هريرة أن فاطمة أتت النبي ﷺ تسأله خادما، وشكت العمل فقال: «ما ألفيتيه عندنا». قال: «ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم؟ تسبحين ثلاثا وثلاثين، وتحمدين ثلاثا وثلاثين، وتكبرين أربعا وثلاثين حين تأخذين مضجعك».

صحيح: رواه مسلم في الذكر والدعاء (٢٧٢٨) عن أمية بن بسطام العيشي حدثنا يزيد يعني ابن زريع، حدثنا روح بن القاسم، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن سيدة نساء أهل الجنة فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث غاية في الأهمية، يحمل دروساً عظيمة في التوكل على الله واللجوء إليه، وفي فضل الذكر.

أولاً. شرح المفردات:

● أتت النبي ﷺ تسأله خادماً: جاءت إليه طالبةً مُخَدِّمةً تعينها في شؤون البيت.
● وشكت العمل: اشتكت ثقل العمل والتعب الناتج عنه من طحن الحبوب (بالرحى) وجر الماء وغيرها من أعباء المنزل.
● «ما ألفيتيه عندنا»: ما وجدتِه عندنا، أي ليس عندي الآن خادم أعطيكِ إياه. (ألفى: وجد).
● «حين تأخذين مضجعك»: عندما تهمين بالنوم وتستعدين له.

ثانياً. شرح الحديث:

تأتي السيدة فاطمة رضي الله عنها إلى أبيها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي متعبة من شدة العمل المنزلي، فتطلب منه خادماً يساعدها في تخفيف هذا الحمل. والرسول صلى الله عليه وسلم هو أرحم الناس بأهله وأحبهم لهم، لكنه لم يكن يملك في تلك اللحظة ما يعطيه لها، فلم يجد عند ما تقاضيه.
فبدلاً من أن يتركها خائبة أو يحزنها، دلّها على كنز عظيم، وهو كنز الذكر، الذي هو خير لها من الدنيا وما فيها، وخير من أي خادم. علمها هذا الذكر البديل الذي يجلب لها المنفعة العاجلة والآجلة.
والذكر الذي علمها إياه هو:
● تسبحين ثلاثاً وثلاثين: أي تقولين: "سبحان الله" 33 مرة.
● وتحمدين ثلاثاً وثلاثين: أي تقولين: "الحمد لله" 33 مرة.
● وتكبرين أربعاً وثلاثين: أي تقولين: "الله أكبر" 34 مرة.
ومجموع ذلك مائة مرة. ويكون ذلك عند النوم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- التوكل على الله واللجوء إليه أولاً: لم تيأس فاطمة من روح الله، بل لجأت إلى أبيها النبي صلى الله عليه وسلم طالبة العون، وهو بدوره وجهها إلى источник القوة الحقيقي، وهو الله تعالى. هذا درس في أن نبدأ بالله قبل كل شيء.
2- الذكر خير من الدنيا وما فيها: بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الذكر "خير لك من خادم". فمنفعة الخادم منفعة مؤقتة ودنيوية زائلة، أما منفعة ذكر الله فهي دائمة، تنفع في الدنيا بالراحة والطمأنينة وتفريج الهم، وفي الآخرة بالأجر العظيم والثواب الجزيل.
3- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم التربوية: لم يرفض طلبها مباشرة، بل قدم لها بديلاً أفضل وأعظم نفعاً. وهذا من حسن التربية والتعليم، بأن نعوّد أنفسنا وأهلنا على البحث عن الحلول الروحية والإيمانية قبل المادية.
4- بيان فضل هذا الذكر بعينه: هذا الذكر المخصوص (33 تسبيحة، 33 تحميدة، 34 تكبيرة) من الأذكار العظيمة التي تقال بعد الصلوات وعند النوم. وهو يثقل الميزان يوم القيامة، كما في رواية أخرى، ويُغفر لصاحبه ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر.
5- الجمع بين أنواع التسبيح: في هذا الذكر جمع بين أنواع الثناء على الله: التسبيح (تنزيه الله عن كل نقص)، والتحميد (الثناء على الله بنعمه وأفضاله)، والتكبير (تعظيم الله تعالى). فهو ثناء كامل متكامل.
6- التيسير على الأمة وعدم التشديد: لو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالصبر فقط لكان كافياً، لكنه علمها ما يخفف عنها ويجبرها بأجر أعظم. وهذا من رحمة الله تعالى بهذه الأمة.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- يستحب للإنسان أن يقول هذا الذكر بعد كل صلاة، كما ورد في أحاديث أخرى، وهو من أسباب مغفرة الذنوب.
- كما يستحب قوله عند النوم، كما في هذا الحديث، فهو يجلب الرزق، ويمنع الفقر، ويكون للمؤمن حارساً من الله حتى يصبح.
- من قال هذا الذكر بعد الصلاة، غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر، كما في الحديث.
- يجوز أن تقول التسبيح والتحميد والتكبير بأي صيغة، مثل: "سبحان الله"، "الحمد لله"، "الله أكبر".
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذاكرين الله كثيراً، والذاكرات، وأن ينفعنا بما علمنا، ويجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الذكر والدعاء (٢٧٢٨) عن أمية بن بسطام العيشي حدثنا يزيد يعني ابن زريع، حدثنا روح بن القاسم، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 473 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم

📜 حديث: ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية