الرجل مزكوم

حديث: الرجل مزكوم

عن سلمة بن الأكوع أنه سمع النبي ﷺ وعطس رجل عنده، فقال له: «يرحمك الله» ثم عطس أخرى، فقال له رسول الله ﷺ: «الرجل مزكوم».

صحيح: رواه مسلم في الزهد والرقائق (٢٩٩٣) من طرق عن عكرمة بن عمار، حدثني إياس
ابن سلمة بن الأكوع، عن أبيه فذكره.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع.
هذا حديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه، وغيره، عن الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.

أولاً. شرح المفردات:

● عطس: خرج النفس من الأنف والفم بعنفٍ عند تهيج في باطن الأنف.
● «يرحمك الله»: هذا هو الدعاء المشروع لمن عطس فحمد الله.
● عطس أخرى: أي عطسة ثانية.
● مزكوم: من الزكام، وهو مرض معروف يصيب الأنف، فيكثر صاحبه من العطاس.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه عن موقف حصل في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، حيث عطس رجل حاضرٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم.
● ففي المرة الأولى: سمع النبي صلى الله عليه وسلم عطسته، فدعا له بقوله: «يرحمك الله». وهذا هو الحكم الشرعي الثابت: أنه يشرع لمن سمع عاطسًا يحمد الله (يقول: الحمد لله) أن يدعو له بقول: «يرحمك الله».
● ثم عطس الرجل مرة ثانية: فلم يعد النبي صلى الله عليه وسلم يقول له: «يرحمك الله»، بل علَّل ذلك بقوله: «الرجل مزكوم».
ومعنى هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أن هذا العطاس المتكرر ليس عطاسًا عاديًا يستوجب الدعاء بالرحمة في كل مرة، بل هو ناتج عن مرض الزكام. فاكتفى بالدعاء له في المرة الأولى، ونبه على أن سبب تكرر عطاسه هو الزكام، فلا حاجة لتكرار الدعاء في كل عطسة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:

1- مشروعية التشميت: التشميت هو الدعاء للعاطس بالرحمة بقول «يرحمك الله» إذا حمد الله (قال: الحمد لله). وهو حق للمسلم على أخيه، ومن تركها فقد ترك خيرًا عظيمًا.
2- أن التشميت يكون مرة واحدة: إذا تكرر عطاس الشخص بسبب مرض مثل الزكام، فلا يشرع تكرار الدعاء («يرحمك الله») في كل مرة، بل يكتفى بالمرة الأولى. وهذا من رحمة الإسلام ورفقه، لئلا يتحول الأمر إلى مشقة على الناس.
3- الفقه والنظر في أسباب الأمور: لم يكتفِ النبي صلى الله عليه وسلم بعدم التكرار، بل بيَّن الحكمة والسبب وراء ذلك، وهو أن الرجل «مزكوم» ليعلم الصحابة ومن بعدهم حكم هذه المسألة وعلتها، فيطبقوها على كل عطاس متكرر سببه المرض.
4- الأدب واللطف في التعليم: قدم النبي صلى الله عليه وسلم التوجيه بشكل لطيف ومباشر، دون أن يجعل العاطس يشعر بإحراج، بل بين السبب بشكل واضح ومفهوم للجميع.
5- جواز الكلام على المرض وإخباره: إذا كان فيه مصلحة شرعية، كبيان حكم، فلا بأس بذكره.

رابعاً. معلومات إضافية:

- إذا عطس الشخص ولم يحمد الله، فلا يشرع تشميته، بل يذكر بأن يقول: «الحمد لله».
- يرد العاطس على من دعا له بالرحمة بقوله: «يهديكم الله ويصلح بالكم» أو ما شابه ذلك من صيغ الرد الواردة.
- هذا الحديث أصل من أصول فقهاء أهل السنة والجماعة في مسألة "العِلل" في الأحكام، حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم أن العلة في عدم تكرار التشميت هي كون الرجل مزكومًا.
أسأل الله أن يرزقنا الفقه في دينه، والاتباع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزهد والرقائق (٢٩٩٣) من طرق عن عكرمة بن عمار، حدثني إياس
ابن سلمة بن الأكوع، عن أبيه فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 512 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الرجل مزكوم

📜 حديث: الرجل مزكوم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الرجل مزكوم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الرجل مزكوم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الرجل مزكوم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية