حديث: اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب جامع في الدعاء

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء؟ قولوا: اللهم! أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك».

صحيح: رواه أحمد (٧٩٨٢) قال: قرأت على أبي قرة الزبيدي موسى بن طارق، عن موسى - يعني ابن عقبة-، عن أبي صالح السمان وعطاء بن يسار -أو عن أحدهما-، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء؟ قولوا: اللهم! أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع:

الحديث:


عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَتُحِبُّونَ أَنْ تَجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ؟ قُولُوا: اللَّهُمَّ! أَعِنَّا عَلَى شُكْرِكَ وَذِكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ».
(رواه الإمام أحمد في مسنده، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"، وصححه الألباني)


1. شرح المفردات:


* أَتُحِبُّونَ: أترغبون وتريدون.
* أَنْ تَجْتَهِدُوا: أن تبذلوا وسعكم وتجهدوا أنفسكم.
* أَعِنَّا: ساعدنا وأيدنا وقوِّنا.
* شُكْرِكَ: الاعتراف بنعمك وآلائك، والثناء عليك بها، واستخدامها في طاعتك.
* ذِكْرِكَ: ذكرك بالقلب واللسان، وأداء الصلوات، والتسبيح والتحميد وغيرها من الأذكار.
* حُسْنِ عِبَادَتِكَ: إتقان العبادة وإخلاصها لله، واتباع السنة فيها، وأداؤها على الوجه الأكمل.


2. شرح الحديث:


يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم حديثه بسؤال استنهاضي للمشاعر وتنبيه للهمم، فيقول: «أَتُحِبُّونَ أَنْ تَجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ؟» أي: أترغبون في أن يكون دعاؤكم مجدياً، ناجعاً، مقبولاً، جامعاً للخير كله؟ فهذا هو معنى الاجتهاد النافع في الدعاء.
ثم يرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى دعاء عظيم الجامعية، يحوي أهم مقاصد العبد في دنياه وآخرته، وهو: «اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى شُكْرِكَ وَذِكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ».
* اللهم أعنا على شكرك: الشكر هو القيام بحق الله تعالى على عبده في مقابل إنعامه عليه. والنعم لا تُحصى، كما قال تعالى: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}. فالعبد عاجز عن شكر الله حق شكره بمفرده، لذا يسأل ربه المعونة على ذلك. وشكر النعمة يكون بالقلب (اعترافاً بها)، واللسان (ثناءً وحمداً)، والجوارح (استعمالها في الطاعة).
* اللهم أعنا على ذكرك: الذكر هو غذاء الروح وقوت القلب، وهو سبب لطمأنينة النفس وراحة البال. وهو يشمل ذكر الله بالقلب واللسان، وأعظم الذكر الصلاة، كما قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}. والعباد يحتاجون إلى معونة الله ليلهمهم الذكر، ويوفقهم للاستمرار عليه، ويحفظوه من الغفلة.
* اللهم أعنا على حسن عبادتك: "حسن العبادة" يجمع أمرين عظيمين:
1- الإخلاص: أن تكون العبادة خالصة لوجه الله تعالى.
2- الاتباع: أن تكون العبادة موافقة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
فحسن العبادة هو إتقانها ظاهراً وباطناً. والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة. والعبد لا يستطيع إحسان عبادته بمجرد قوته وإرادته، بل يحتاج إلى توفيق الله وعونه.


3. الدروس المستفادة منه:


1- حاجة العبد الدائمة إلى عون ربه: الحديث كله سؤال لله بالمعونة، وهذا يغرس في قلب المسلم شعور العجز والافتقار الدائم إلى الله تعالى في كل شؤونه، خاصة في عباداته.
2- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في التربية: بدأهم صلى الله عليه وسلم بسؤال يستثير حماسهم ويجذب انتباههم لأهمية ما سيقوله.
3- جامعية هذا الدعاء: جمع هذا الدعاء القصير أصول الدين العملية كلها (الشكر، الذكر، العبادة)، فهو من جوامع الكلم.
4- أن الدعاء نفسه عبادة: تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لهم هذا الدعاء هو تعليم لهم عبادة من أعظم العبادات.
5- السؤال لله تعالى بالمعونة على الطاعة: من أعظم أسباب الثبات على الدين أن يسأل العبد ربه العون على الطاعة، لا أن يعتمد على نفسه.
6- التدرج في الدعاء: بدأ بالشكر (وهو نتيجة النعمة)، ثم الذكر (وهو وسيلة القرب من الله)، ثم حسن العبادة (وهو الغاية الكبرى للخلق).


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الدعاء من الأدعية النبوية التي كان الصحابة يحافظون عليها، وينبغي للمسلم أن يكثر من هذا الدعاء العظيم في صلاته وفي أوقات إجابة الدعاء.
* يدل الحديث على أن طلب العون من الله على فعل الطاعات هو من أجلّ القربات وأفضل الدعاء.
* يستحب للداعي أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقدم بين يدي دعائه صدقة، فهذه من أسباب إجابة الدعاء.
أسأل الله تعالى أن يعيننا على شكره وذكره وحسن عبادته، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٧٩٨٢) قال: قرأت على أبي قرة الزبيدي موسى بن طارق، عن موسى - يعني ابن عقبة-، عن أبي صالح السمان وعطاء بن يسار -أو عن أحدهما-، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده صحيح، والتردد في الإسناد غير قادح فإن أبا صالح وعطاء بن يسار كلاهما ثقة.
وأما ما روي عن أبي هريرة قال: دعاء حفظته من رسول الله ﷺ لا أدعه: «اللهم! اجعلني أعظم شكرك، وأكثر ذكرك، وأتبع نصيحتك، وأحفظ وصيتك» فإسناده ضعيف.
رواه الترمذي (٣٦٠٤/ ٢)، وأحمد (٨١٠١)، والطيالسي (٢٦٧٦) كلهم من طرق، عن الفرج ابن فضالة، عن أبي سعيد -أو أبي سعد- عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده ضعيف لضعف الفرج بن فضالة وقد اختلف عليه في اسم شيخه ونسبته وهو مجهول.
وقال الترمذي: «هذا حديث غريب».
وفي الباب عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ دعا سلمان الخير فقال: «إن نبي الله يريد أن يمنحك كلمات تسألهن الرحمن، وترغب إليه فيهن، وتدعو بهن في الليل والنهار قل: اللهم! إني أسألك صحة في إيمان، وإيمانا في خلق حسن، ونجاحا يتبعه فلاح، ورحمة منك، وعافية ومغفرة منك، ورضوانا».
رواه النسائي في عمل اليوم والليلة (٢١)، والحاكم (١/ ٥٢٣) كلاهما من طريق عبد الله بن الوليد، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد».
قال الأعظمي: في سنده عبد الله بن الوليد وهو ابن قيس المصري روى عنه جمع وذكره ابن حبان في الثقات، وضعفه الدارقطني فقال: «لا يعتبر به».
وفي الباب عن أنس قال: كان النبي ﷺ يقول في دعائه: «يا ولي الإسلام وأهله ثبتني به حتى ألقاك».
رواه الطبراني في الأوسط (مجمع البحرين ٤٦٧٨) -ومن طريقه الضياء في المختارة (٦/ ٢٧٠) - وأبو يعلى (مطالب ٢٩٦٥) كلهم من طرق، عن أبي الواصل عبد الحميد بن واصل، عن أنس بن مالك فذكره. واللفظ للطبراني.
وقال الطبراني: «لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد تفرد به أبو الواصل».
قال الأعظمي: أبو الواصل عبد الحميد بن واصل لم يوثقه أحد إلا أن ابن حبان ذكره في ثقاته، وقد ذكر ابن حجر هذا الحديث في ترجمة عبد الواحد بن واصل أبي واصل، ونقل عن الأزدي تضعيفه. والظاهر أنهما واحد غلِطَ في اسمه أحد الرواة. والله أعلم.
وكذلك لا يصح ما روي عن عمر بن الخطاب قال: علمني رسول الله ﷺ قال: «قل: اللهم! اجعل سريرتي خيرا من علانيتي، واجعل علانيتي صالحة، اللهم إني أسألك من صالح ما تؤتي الناس من المال والأهل والولد غير الضال ولا المضل».
رواه الترمذي (٣٥٨٦) عن محمد بن حميد حدثنا علي بن أبي بكر عن الجراح بن الضحاك الكندي عن أبي شيبة عن عبد الله بن عكيم عن عمر بن الخطاب فذكره.
وقال الترمذي: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بالقوي».
قلت وهو كما قال فإن في إسناده أبو شيبة وهو مجهول، ويحتمل أن يكون أبو شيبة الواسطي واسمه عبد الرحمن بن إسحاق وهو ضعيف.
ومحمد بن حميد هو الرازي ضعيف أيضًا.
وكذلك لا يصح ما روي عن أبي هريرة: أن رجلا قال: يا رسول الله! سمعت دعاءك الليلة فكان الذي وصل إلي منه أنك لقول: «اللهم! اغفر لي ذنبي ووسع لي في رزقي وبارك لي فيما رزقتني قال فهل تراهن تركن شيئًا».
رواه الترمذي (٣٥٠٠) عن علي بن حجر، حدثنا عبد الحميد بن عمر الهلالي، عن سعيد بن إياس الجريري، عن أبي السليل، عن أبي هريرة فذكره.
وقال: «هذا حديث غريب، وأبو السليل اسمه ضريب بن نفير، ويقال: ابن نقير».
قال الأعظمي: ضريب لم يسمع من أبي هريرة كما قال المزي.
وعبد الحميد بن عمر الهلالي كذا وقع عند الترمذي، وهو وهم كما قال المزي، والصواب أنه عبد الحميد بن الحسن الهلالي كما عند الطبراني في المعجم الصغير (١٠١٩)، وصعفه جمهور أهل العلم منهم أبو زرعة وأحمد وابن المديني، واختلف فيه قول ابن معين.
وخالفه شعبة فرواه عن أبي مسعود (وهو سعيد بن إياس الجريري) عن حميد بن القعقاع، عن رجل جعل يرصد نبي الله ﷺ فذكره. أخرج حديثه أحمد (٢٣١١٤) عن محمد بن جعفر، عن شعبة به.
وقد اختلف فيه على شعبة أيضا لكن مدار روايته على حميد -أو عبيد- ابن القعقاع، وهو ممن لا يعرف حاله. انظر: تعجيل المنفعة (١/ ٤٧٧). وبه أعله الهيثمي في المجمع (١٠/ ١١٠).
ورُوي أيضا من حديث أبي موسى الأشعري نحوه، رواه أحمد (١٩٥٧٤) من طريق أبي مجلز (هو لاحق بن حميد)، عن أبي موسى.
وفي سماع أبي مجلز من أبي موسى نظر، وإليه مال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (١/ ٢٦٣).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 607 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك

  • 📜 حديث: اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب