حديث: قصة موسى والخضر من صحيح البخاري

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (٦٠) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (٦١) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (٦٢) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (٦٣) قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (٦٤) فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (٦٥) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (٦٦) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (٦٨) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (٦٩) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (٧٠) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (٧١) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٢) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (٧٣) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (٧٤) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٥) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (٧٦) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (٧٧) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ

عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن نوفًا البكالي يزعم أن موسى صاحبَ الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل، فقال ابن عباس: كذب عدو الله، حدثني أبي بن كعب أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «إن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل، فسُئل أي الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عليه، إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه: إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال: يا رب فكيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتا، فتجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثَمّ، فأخذ حوتا، فجعله في مكتل، ثم انطلق وانطلق معه بفتاه يوشع بن نون، حتى أتيا الصخرة وضعا رءوسهما، فناما واضطرب الحوت في المكتل، فخرج منه، فسقط في البحر: ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (٦١) وأمسك الله عن الحوت جرية الماء، فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه: ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (٦٢) قال: ولم يجد موسى النصب حتى جاوزا المكان الذي أمر الله به، فقال له فتاه: ﴿أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (٦٣) قال: فكان للحوت سربا ولموسى ولفتاه عجبا، فقال موسى: ﴿ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (٦٤) قال: رجعا يقصان آثارهما، حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى ثوبا، فسلم عليه موسى، فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام؟ قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني ﴿مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (٦٦) قال: ﴿قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٦٧) يا موسى! إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علّمك الله لا أعلمه، فقال موسى: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (٦٩) فقال له الخضر: ﴿فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (٧٠) فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرت
سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم، فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها ﴿لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (٧١) قال: ﴿أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٢) قال ﴿لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (٧٣): قال: وقال رسول الله ﷺ: - وكانت الأولى من موسى نسيانا - قال: وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة، فنقر في البحر نقرة، فقال له الخضر: ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر، ثم خرجا من السفينة فبينا هما يمشيان على الساحل إذْ بصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر رأسه بيده، فاقتلعه بيده فقتله، فقال له موسى: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (٧٤) قال: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٥) قال: وهذا أشد من الأولى، قال: ﴿قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (٧٦) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ - قال: مائل - فقام الخضر ﴿فَأَقَامَهُ﴾ بيده، فقال موسى: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا، ﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (٧٧) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾ إلى قوله: ﴿ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (٨٢) فقال رسول الله ﷺ: «وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما.
قال سعيد بن جبير: فكان ابن عباس يقرأ: (وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا)، وكان يقرأ (وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين).

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٧٢٥) - والسياق له -، ومسلم في الفضائل (٢٣٨٠) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، حدثنا عمرو بن دينار، قال: أخبرني سعيد بن جبير، قال: فذكره.

عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن نوفًا البكالي يزعم أن موسى صاحبَ الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل، فقال ابن عباس: كذب عدو الله، حدثني أبي بن كعب أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «إن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل، فسُئل أي الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عليه، إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه: إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال: يا رب فكيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتا، فتجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثَمّ، فأخذ حوتا، فجعله في مكتل، ثم انطلق وانطلق معه بفتاه يوشع بن نون، حتى أتيا الصخرة وضعا رءوسهما، فناما واضطرب الحوت في المكتل، فخرج منه، فسقط في البحر: ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (٦١)﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء، فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه: ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (٦٢)﴾ قال: ولم يجد موسى النصب حتى جاوزا المكان الذي أمر الله به، فقال له فتاه: ﴿أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (٦٣)﴾ قال: فكان للحوت سربا ولموسى ولفتاه عجبا، فقال موسى: ﴿ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (٦٤)﴾ قال: رجعا يقصان آثارهما، حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى ثوبا، فسلم عليه موسى، فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام؟ قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني ﴿مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (٦٦)﴾ قال: ﴿قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٦٧)﴾ يا موسى! إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علّمك الله لا أعلمه، فقال موسى: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (٦٩)﴾ فقال له الخضر: ﴿فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (٧٠)﴾ فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرت
سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم، فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها ﴿لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (٧١)﴾ قال: ﴿أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٢)﴾ قال ﴿لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (٧٣)﴾: قال: وقال رسول الله ﷺ: - وكانت الأولى من موسى نسيانا - قال: وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة، فنقر في البحر نقرة، فقال له الخضر: ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر، ثم خرجا من السفينة فبينا هما يمشيان على الساحل إذْ بصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر رأسه بيده، فاقتلعه بيده فقتله، فقال له موسى: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (٧٤)﴾ قال: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٥)﴾ قال: وهذا أشد من الأولى، قال: ﴿قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (٧٦) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ - قال: مائل - فقام الخضر ﴿فَأَقَامَهُ﴾ بيده، فقال موسى: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا، ﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (٧٧) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾ إلى قوله: ﴿ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (٨٢)﴾ فقال رسول الله ﷺ: «وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما.
قال سعيد بن جبير: فكان ابن عباس يقرأ: (وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا)، وكان يقرأ (وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين).

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن حديث لقاء موسى بالخضر من الأحاديث العظيمة التي تحوي دروسًا جليلة، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● عتب الله عليه: أي أنكر عليه وعاقبه بالعتاب.
● مكتل: وعاء من الخوص أو الجلد يوضع فيه الطعام.
● مسجى ثوبًا: مغطى بثاب يستره.
● بغير نول: بدون أجر.
● الإمر: الأمر الشديد المنكر.
● نكرًا: منكرًا عظيمًا.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحكي هذا الحديث قصة نبي الله موسى عليه السلام مع العبد الصالح الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه الخضر.
البداية: قام موسى خطيبًا في بني إسرائيل، فسُئل: أي الناس أعلم؟ فأجاب بأنه أعلم الناس، فعاتبه الله لأنه لم يرد العلم إلى الله، فعلمه أن هناك عبدًا أعلم منه عند مجمع البحرين.
الرحلة: انطلق موسى مع فتاه يوشع بن نون، ومعهما حوت في مكتل، وكان العلامة أن يفقد الحوت فهناك يجد العبد العالم. ناما عند صخرة، فتحرك الحوت وعاد إلى البحر، ونسي الفتى إخبار موسى إلى أن تجاوزا المكان.
اللقاء: عندما تذكر الفتى، رجعا إلى الصخرة فوجدا الخضر، فعرفه موسى وسلم عليه، وطلب منه أن يتبعه ليتعلم منه.
الشروط والمواقف: اشترط الخضر على موسى ألا يسأله عن شيء حتى يحدث له منه ذكرًا، ثم جرت المواقف الثلاثة:
1- خرق السفينة: خرق الخضر سفينة حملوهما مجانًا، فاعترض موسى.
2- قتل الغلام: قتل الخضر غلامًا يلعب، فأنكر موسى بشدة.
3- إقامة الجدار: أقام جدارًا يكاد ينهار لأهل قرية بخول، فاستغرب موسى.
التأويل: بين الخضر لموسى حكمة هذه الأفعال:
- خرق السفينة لأن هناك ملكًا ظالمًا يأخذ كل سفينة صالحة غصبًا، فجعلها معيبة لتنقذ من الظلم.
- قتل الغلام لأنه كان كافرًا وكان أبواه مؤمنين، خشي أن يفتنهما عن دينهما.
- إقامة الجدار لأنه كان تحته كنز لغلامين يتيمين في المدينة، فأراد الله أن يبلغا أشدهما.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- التواضع في العلم: رد موسى العلم إلى الله بعد عتابه له.
2- السعي في طلب العلم: تحمل موسى المشاق للقاء المعلم.
3- حكمة الله في أقضائه: أفعال الخضر التي بدت منكرة كانت لحكم عظيمة.
4- الصبر على التعلم: ضرورة الصبر على المتعلم وعدم استعجال الحكمة.
5- أن العلم لا يحاط به: فموسى النبي كان يجهل أمورًا يعلمها الخضر.

رابعًا. معلومات إضافية:


- الخضر نبي أو ولي على خلاف بين العلماء، والأكثر على أنه نبي.
- قصة موسى مع الخضر مذكورة في سورة الكهف (الآيات 60-82).
- الحديث رواه البخاري ومسلم، وهو من أصح الأحاديث.
- يؤكد الحديث أن موسى صاحب الخضر هو نبي الله موسى بن عمران، ورد على من زعم غير ذلك.
نسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٧٢٥) - والسياق له -، ومسلم في الفضائل (٢٣٨٠) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، حدثنا عمرو بن دينار، قال: أخبرني سعيد بن جبير، قال: فذكره.
قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ﴾ هو: يوشع بن نون وهو خادمه اختاره موسى عليه السلام نائبا له، وأوصاه قيادة بني إسرائيل بعده.
قوله: ﴿حُقُبًا﴾ أي: زمانا وجمعه أحقابا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 833 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قصة موسى والخضر من صحيح البخاري

  • 📜 حديث: قصة موسى والخضر من صحيح البخاري

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قصة موسى والخضر من صحيح البخاري

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قصة موسى والخضر من صحيح البخاري

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قصة موسى والخضر من صحيح البخاري

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب