حديث: لا نورث ما تركنا فهو صدقة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦)﴾

عن عائشة أن أزواج النبي ﷺ حين توفي رسول الله ﷺ أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر الصديق فيسألنه ميراثهن من رسول الله ﷺ. فقالت لهن عائشة: أليس قال رسول الله ﷺ: «لا نورث ما تركنا فهو صدقة»؟ .

متفق عليه: رواه مالك في الكلام والغيبة والتقى (٢٧) عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة فذكرته.

عن عائشة أن أزواج النبي ﷺ حين توفي رسول الله ﷺ أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر الصديق فيسألنه ميراثهن من رسول الله ﷺ. فقالت لهن عائشة: أليس قال رسول الله ﷺ: «لا نورث ما تركنا فهو صدقة»؟ .

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تُبيّن حكمة الله تعالى في تشريعه، وتوضح علوّ همة أمهات المؤمنين وفقههنّ، خاصة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

أولاً. شرح المفردات:


● أردن أن يبعثن عثمان: أرادن أن يرسلن عثمان بن عفان رضي الله عنه (وكان من كبار الصحابة وذوي المكانة) رسولاً وسفيراً لهن.
● ليسألنه ميراثهن: ليطلب من أبي بكر الصديق رضي الله عنه (الذي كان الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم) أن يعطيهن حصصهن من الميراث مما تركه النبي صلى الله عليه وسلم.
● لا نورث: نحن (الأنبياء) لا يُورَث عنا مال كما يُورث عن غيرنا.
● ما تركنا فهو صدقة: كل ما نتركه من مال بعد وفاتنا ليس ميراثاً لورثتنا، بل هو صدقة تُصرف في مصارف الخير والمنافع العامة للمسلمين.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا هذا الحديث عن موقف جليل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. حيث اجتمعت أزواجه الطاهرات رضي الله عنهن، واشتغلن بالتفكير في أمر دنيوي بحت، وهو المطالبة بحقهن في ميراث النبي صلى الله عليه وسلم من الأموال التي خلّفها. فأرَدن أن يرسلن عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى الخليفة أبي بكر الصديق ليسأله عن ذلك.
هنا، قامت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها – وكانت من أفقه الصحابة – بتذكيرهنّ بما كنّ قد سمعنه من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، وهو قوله: «لا نورث، ما تركنا فهو صدقة».
فمعنى هذا الحديث النبوي الشريف أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يورثون كما يورث غيرهم. فما يتركونه من مال بعد وفاتهم لا يقسم على الورثة الشرعيين، بل يحكم له بحكم الصدقة، فيصرف في وجوه البر والمصالح العامة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفق فيها في حياته، كالفقراء والمساكين وفي سبيل الله وغيرها من مصارف الزكاة والصدقات.
وبهذا التذكير الحكيم من السيدة عائشة، تراجعن عن طلبهن، ورضين بحكم الله ورسوله، وعلمن أن هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم التي ميّزه الله بها.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عدم إرث الأنبياء: من خصائص الأنبياء والرسل أن أموالهم لا تورث عنهم، بل تكون صدقة من بعدهم. وهذا حكم شرعي خاص بهم، يدل على كمال زهدهم وعدم تعلقهم بالدنيا، وأنهم لم يجعلوا دعوتهم وسيلة للغنيمة أو جمع المال.
2- الحكمة من التشريع: في هذا الحكم الكريم حكمة عظيمة، وهي صيانة دعوة الأنبياء من أن يتّهمهم أحد بأنهم كانوا يجمّعون الأموال لورثتهم، أو أن الورثة قد يستغلون نسبهم للنبي للمطالبة بأمور دنيوية.
3- فضل أبي بكر الصديق وثباته: فقد كان أبو بكر رضي الله عنه عالمًا بهذا الحديث عاملاً به، ولو لم تذكّره عائشة لكان قد رده عليهن، لأنه كان حافظاً للسنة عاملاً بها. وهو ما حدث في روايات أخرى حيث جاءته فاطمة رضي الله عنها تسأل ميراثها فردّ عليها بهذا الحديث.
4- فقه أم المؤمنين عائشة وعلوّ همتها: حيث إنها رضي الله عنها لم تنس هذا الحديث في هذا الموقف العصيب (وفاة أبيها وأبيها الروحي النبي صلى الله عليه وسلم)، بل تذكرته وأنكرت على من أراد خلافه، مما يدل على قوة حفظها وفقهها العميق.
5- الرد على من طعن في أبي بكر بشأن فدك: يستدل بهذا الحديث على بطلان ما يروجه بعض المغرضين من أن أبا بكر رضي الله عنه ظلم السيدة فاطمة رضي الله عنها ومنعها إرثها من النبي. فالحديث واضح أن النبي نفسه هو الذي أخبر أن ما تركه صدقة، وأبو بكر لم يمنعها حقها، بل منعها مما لم يكن حقًا لها شرعًا.
6- قبول الحق والانقياد له: حيث إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما ذُكّرن بالحديث قبلن وتراجعن عن طلبهن، وهذا من أدبهنّ وامتثلهنّ لأمر الله ورسوله.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل عظيم في بيان أن أموال الأنبياء ليست ميراثاً، بل هي صدقة.
- العمل بهذا الحديث هو إجماع من الصحابة رضي الله عنهم، فقد وقف أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم جميعاً عند هذا الحديث ولم يورثوا النبي صلى الله عليه وسلم.
- يؤخذ منه فضل أبي بكر الصديق في تمسكه بالسنة وثباته على الحق.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في دينه، والاتباع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الكلام والغيبة والتقى (٢٧) عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة فذكرته.
ورواه البخاري في الفرائض (٦٧٣٠)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٥٨) كلاهما من طريق مالك به.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 848 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا نورث ما تركنا فهو صدقة

  • 📜 حديث: لا نورث ما تركنا فهو صدقة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا نورث ما تركنا فهو صدقة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا نورث ما تركنا فهو صدقة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا نورث ما تركنا فهو صدقة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب