المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثا

حديث: المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثا

عن علي بن أبي طالب قال: ما عندنا شيءٌ إلّا كتاب اللَّه، وهذه الصّحيفة عن النبيّ ﷺ: «المدينة حرمٌ ما بين عائر إلى كذا، من أحدث فيها حدَثًا، أو آوي محدثًا فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين. . .».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (١٨٧٠)، ومسلم في الحجّ (١٣٧٠) كلاهما من حديث الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، فذكره، واللّفظ للبخاريّ، ولفظ مسلم مثله.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو حديث صحيح متفق على صحته، أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 1867) ومسلم في صحيحه (رقم 1370)، وغيرهما.

أولاً. شرح المفردات:

● ما عندنا شيءٌ إلّا كتاب اللَّه، وهذه الصّحيفة: أي أن الأحكام التي نأخذها ونعمل بها مصدرها هذان الأصلان: القرآن الكريم، والسنة النبوية المدونة في هذه الصحيفة.
● حَرَمٌ: مكان له حرمة خاصة، يحرم انتهاكه، ويُمنع فيه ما يُباح في غيره، تشبيهاً بحرم مكة.
● ما بين عائر إلى كذا: "عَائِر" اسم لجبل قرب المدينة، و"كذا" في الرواية للاختصار، والمقصود تحديد حدود الحرم المعروفة، والتي بينها النبي صلى الله عليه وسلم تفصيلاً في روايات أخرى، وهي من جبل عير إلى جبل ثور (وهما جبلان معروفان يحدان المدينة).
● أَحْدَثَ فيها حَدَثًا: أي ارتكب إثماً أو جريمة، كالقتل أو السرقة أو الظلم.
● أَوْ آوَى مُحْدِثًا: أي أخفى أو استخفّ أو أعان مُجْرِماً عالماً بجرمه.
● فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ: اللعنة هي الطرد والإبعاد عن رحمة الله، وهذا وعيد شديد على هذا الفعل.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يبدأ الحديث بتأكيد علي رضي الله عنه على أن مرجعية المسلمين هي القرآن والسنة، ممثلة في هذه الصحيفة التي دون فيها أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم يذكر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل المدينة المنورة - مثل مكة المكرمة ● حَرماً آمناً له حرمة خاصة يجب احترامها. وقد حدد حدود هذا الحرم بين جبلين معروفين. ثم توعد صلى الله عليه وسلم بأشد الوعيد لكل من يتجرأ على انتهاك حرمة هذا المكان بأن يرتكب فيه جريمة (كقتل أو سرقة أو ظلم)، أو حتى من يُعين المجرمين ويخبئهم ويحميهم من العقاب. وعيده أن يكون مستحقاً للعنة من الله تعالى، ثم من ملائكته، ثم من جميع الناس.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفَوائد:

1- الحرمة الخاصة للمدينة المنورة: للمدينة مكانة عظيمة في الإسلام، فهي دار الهجرة، وعاصمة الدولة الإسلامية الأولى، ومهبط الوحي، وهي محرمة ذات حرمة يجب على المسلمين احترامها. ومن مظاهر هذه الحرمة تحريم صيدها وقطع شجرها، وتشديد العقوبة على من يعصي الله فيها.
2- تحريم الإجرام والإخلال بالأمن: الحديث تحذير صريح من ارتكاب الجرائم والمعاصي في أرض المدينة خاصة، وفي بلاد المسلمين عامة.
3- تحريم إيواء المجرمين والتعاون على الإثم: ليس العقاب على الفاعل فقط، بل وعلى المتستر عليه والمتعاون معه، لأن في ذلك إضعافاً لأمر المجتمع وأمنه. وهذا أصل عظيم في الشريعة في تحريم التعاون على الإثم والعدوان.
4- شدة وعيد من يفعل ذلك: توعده باللعنة من الله والملائكة والناس أجمعين يدل على عظم هذه الجريمة وخطورتها على المجتمع وأمنه واستقراره.
5- مكانة السنة النبوية: بدأ علي رضي الله عنه بقوله "ما عندنا شيء إلا كتاب الله، وهذه الصحيفة" مما يؤكد أن السنة هي المصدر الثاني للتشريع، وهي المبينة للقرآن.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث يدخل في باب "حدود الحرم" و"فضائل المدينة" وأحكامها.
- يستفاد منه مشروعية اتخاذ الوسائل لكتابة العلم وحفظه، كما فعل علي رضي الله عنه مع هذه الصحيفة.
- يعمل بهذا الحديث جمهور العلماء على تأكيد حرمة المدينة وتحريم الإحداث فيها.
- هذا الوعيد الشديد يظهر حرص الإسلام على حفظ دماء الناس وأموالهم وأعراضهم، وعلى تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع.
نسأل الله أن يحفظ بلاد الحرمين، وأن يعيذنا من فعل ما يستوجب اللعنة، وأن نكون ممن يعظم حرمات الله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحجّ (١٨٧٠)، ومسلم في الحجّ (١٣٧٠) كلاهما من حديث الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، فذكره، واللّفظ للبخاريّ، ولفظ مسلم مثله.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 545 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثا

📜 حديث: المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية