حديث: ذمّة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب لعنة الملائكة مَنْ أخفر مسلمًا ذمَّته

عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ذمّة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة اللَّه والملائكة والنّاس أجمعين. لا يقبل منه صرف ولا عدْلٌ».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (١٨٧٠)، ومسلم في الحجّ (١٣٧٠) كلاهما من حديث الأعمش، عن إبراهيم التيميّ، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، فذكره.

عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ذمّة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة اللَّه والملائكة والنّاس أجمعين. لا يقبل منه صرف ولا عدْلٌ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من حديث نبينا الكريم.
الحديث الذي طلبت شرحه: عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ».
هذا حديث عظيم، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تؤسس لقاعدة أخلاقية وقانونية راسخة في المجتمع الإسلامي.

### أولاً. شرح المفردات
● ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ: الذمة هنا تعني العهد والأمان والضمان. والمقصود أن عهود المسلمين كلهم معتبرة ومحترمة، وكأنها عهد واحد.
● أَخْفَرَ: من الإخْفار، وهو نقيض الإيفاء- أخفر ذمته يعني: نَقَضَ عهده، وأخلف وعده، ولم يفِ بضمانه وأمانه.
● لَعْنَةُ اللَّهِ: اللعنة هي البُعد والإبعاد من رحمة الله.
● صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ: هذان مصطلحان فقهيان:
● الصَّرْف: هو الفداء أو البدل الذي يقدمه الإنسان ليفتدي نفسه من عقابٍ ما.
● العَدْل: هو الفداء أو البدل الذي يقدمه عن غيره.
والمعنى المجمل: لا يُقبل منه فداء ولا عوض ولا بدل يعفيه من هذه اللعنة والعقاب، مما يدل على عظم الجرم.

### ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث
يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على قدسية العهود والمواثيق في الإسلام، ويجعلها مسؤولية جماعية. فالمعنى أن عهد أي مسلم – سواء كان حاكماً أو محكوماً، رجلاً أو امرأة، صغيراً أو كبيراً – هو عهد على جميع المسلمين احترامه والدفاع عنه. فمن تعهد لشخص – مسلماً كان أو غير مسلم – بأمان أو عهد، فإن هذا العهد يصبح مُلزِماً ومحترماً لدى جميع المسلمين.
ثم يتهدد النبي صلى الله عليه وسلم من ينقض هذا العهد ويخونه بأشد الوعيد، وهو لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وأن هذه الجريمة من الكبائر التي لا يُقبل فيها توبة بالمال أو فداء، بل لا بد من التوبة النصوح والاستغفار والرجوع إلى الله.

### ثالثاً. الدروس المستفادة والفَوائد
1- قدسية العهد وأهمية الوفاء به: الإسلام دين المروءة والوفاء، والغدر من صفات المنافقين. قال تعالى: *«وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا»* [الإسراء: 34].
2- المسؤولية الجماعية: الحديث يبني مجتمعاً متكافلاً، يشعر كل فرد فيه بأن عهده ليس مسؤوليته وحده، بل مسؤولية الجميع. هذا يعزز الثقة بين أفراد المجتمع وبين المسلمين وغيرهم.
3- حماية حقوق غير المسلمين: من أعظم ما يفهم من هذا الحديث أن العهد إذا أعطي لغير المسلم (كالمستأمن أو المعاهد أو الذمي) فإنه يصبح واجب الوفاء، وحماية حياته وماله وعرضه تصبح مسؤولية المسلمين جميعاً. وهذا من عدل الإسلام وسماحته.
4- عظم جرم الغدر: الحديث يضع جريمة الغدر في أعلى مراتب الإثم، حيث توعد فاعلها بلعنة الخلق جميعاً وعدم قبول الفداء، مما يدل على أنها من الكبائر التي توجب سخط الله تعالى.
5- الترهيب من التلاعب بحقوق الناس: سواء كان ذلك في المعاملات المالية (كعدم الوفاء بالدين أو خيانة الأمانة)، أو في العلاقات الدولية والمواثيق، أو في العلاقات الشخصية بين الناس.

### رابعاً. معلومات إضافية
- هذا الحديث أصل من أصول الفقه السياسي الإسلامي في علاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول، وفي موضوع الأمان الذي يُمنح للأفراد من غير المسلمين.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على وجوب الوفاء بالعقود والمواثيق كلها، دينية كانت أو دنيوية.
- التوبة من هذه المعصية مقبولة بشروطها المعروفة (الندم والإقلاع والعزم على عدم العودة)، ولكن الوعيد بعدم قبول "الصرف والعدل" يدل على أن الجرم عظيم ولا يكفر عنه بمجرد المال، بل لابد من توبة صادقة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الَّذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق، وأن يحفظنا من الغدر والخيانة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحجّ (١٨٧٠)، ومسلم في الحجّ (١٣٧٠) كلاهما من حديث الأعمش، عن إبراهيم التيميّ، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، فذكره.
واللّفظ للبخاريّ، ولفظ مسلم: «لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل».
وقوله: «أخْفر» معناه نقض أمان مسلم للكافر.
يقال: أخفرت الرّجل إذا نقضتُ عهده، وخفرته إذا أمّنتَه.
وسبق حديث أبي هريرة قريبًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 550 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ذمّة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله

  • 📜 حديث: ذمّة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ذمّة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ذمّة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ذمّة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب