من قتل في سبيل الله أدخله الله الجنة

حديث: من قتل في سبيل الله أدخله الله الجنة

عن سبرة بن أبي فاكه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه، فقعد له بطريق الإسلام، فقال: تسلم، وتذر دينك، ودين آبائك، وآباء أبيك، فعصاه، فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة، فقال: تهاجر، وتدع أرضك، وسماءك، وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطِّوَل، فعصاه فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد، فقال: تجاهد فهو جهد النفس والمال، فتقاتل فتقتل، فتنكح المرأة، ويقسم المال، فعصاه فجاهد، فقال رسول الله ﷺ: فمن فعل ذلك، كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة، ومن قتل كان حقًّا على الله عز وجل أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو وقصته دابته، كان حقا على الله أن يدخله الجنة».

حسن: رواه النسائي (٣١٣٤)، وأحمد (١٥٩٥٨)، وابن أبي شيبة (٥/ ٢٩٣)، وصحّحه ابن حبان (٤٥٩٣)، كلهم من طريق موسى بن المسيب، أخبرني سالم بن أبي الجعد، عن سبرة بن أبي فاكه فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأشرح هذا الحديث الشريف شرحاً وافياً مستعيناً بالله تعالى، معتمداً على كلام أهل العلم المعتبرين.

الحديث بلفظه:

1. شرح المفردات:

● قعد لابن آدم بأطرقه: أي جلس له على طرق الخير ومسالكه؛ ليصده عنها.
● بأطرقه: جمع طريق، وهي السبل والمسالك التي يسلكها الإنسان.
● تذر: تترك.
● الهجرة: الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام.
● الطّول: جمع طولة، وهي الحبل الذي يُربط به الفرس، وشبه المهاجر بالفرس المربوط بالطَّوَل؛ لأنه مقيد بالالتزام بأحكام الإسلام، أو لأنه بعيد عن وطنه.
● الجهاد: بذل الجهد في قتال الكفار لإعلاء كلمة الله.
● جهد النفس والمال: مشقة وتعب على النفس والمال.
● وقصته دابته: أي طرحته وألقته على عنقها فمات.

2. شرح الحديث:

يصور هذا الحديث الشريف حقيقة صراع الإنسان مع الشيطان، حيث يبيّن النبي ﷺ أن الشيطان لا ييأس من صد بني آدم عن الخير، فيتربص بهم على كل طريق يؤدي إلى رضا الله تعالى، محاولاً ثنيهم عنها بواسطة الوساوس والشبهات.
● المرحلة الأولى: طريق الإسلام
يقف الشيطان أمام الإنسان حين يريد اعتناق الإسلام، فيوسوس له قائلاً: أتترك دين آبائك وأجدادك؟! وهو وسواس يهدف إلى التخويف من تغيير المعتقد والخروج عن المألوف. فإذا عصى الإنسان الشيطان وأسلم، نجا من كيده.
● المرحلة الثانية: طريق الهجرة
بعد الإسلام، يقف الشيطان في طريق الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، قائلاً: أتترك أرضك وسماءك ووطنك؟! ومَثَّل المهاجر بالفرس المربوط بالطَّوَل؛ إما لأنه مقيد بالالتزام الشرعي، أو لأنه بعيد عن أهله ووطنه. فإذا عصى المسلم الشيطان وهاجر، نجا مرة أخرى.
● المرحلة الثالثة: طريق الجهاد
ثم يقف الشيطان في طريق الجهاد، محذراً من مشقته وتعب النفس والمال، ومُغرياً بالحياة الدنيا من زواج وغنى بعد الموت، فيوسوس: أتقاتل فتُقتل؟! فإذا عصاه المسلم وجاهد، نجا من مكره.
ثم يختم النبي ﷺ الحديث بالبشارة العظيمة:
أن من فعل هذه الأمور - الإسلام ثم الهجرة ثم الجهاد - فإن الله تعالى قد أوجب على نفسه إدخاله الجنة، وهذا من فضله وكرمه، فإن الله لا يُخلف الميعاد.
ويذكر صوراً من أنواع الموت التي تكون سبباً لدخول الجنة، كالقتل في سبيل الله، والغرق، والموت بسبب دابة، وغير ذلك من أنواع الموت التي قد يحصل بها الشهادة.

3. الدروس المستفادة منه:

1- الشيطان عدو للإنسان، يتربص به على طرق الخير، ويحاول صده عنها بشتى الوسائل.
2- العصمة من كيد الشيطان تكون بطاعة الله واتباع أوامره، ومعصية الشيطان ووساوسه.
3- مراتب الدين متتالية، فبعد الإسلام تأتي الهجرة، ثم الجهاد، وهي من أعلى مراتب الإيمان.
4- الموت في سبيل الله بشتى صوره طريق إلى الجنة، وهذا يدل على عظم فضل الشهادة في سبيل الله.
5- الوعد الإلهي بدخول الجنة للمؤمنين المجاهدين حقٌ يجب الإيمان به، فهو من فضل الله تعالى على عباده.
6- الحث على التمسك بالإسلام والهجرة والجهاد، والثبات أمام وساوس الشيطان.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والنسائي، والحاكم، وغيرهم، وهو حسن.
- الحديث يظهر أن الشيطان لا ييأس من المؤمن، بل يطارده في كل مرحلة من مراحل الإيمان، ويجب على المسلم أن يكون يقظاً قوياً في إيمانه.
- الهجرة والجهاد من الأعمال العظيمة التي ترفع درجة العبد عند الله تعالى، وقد ذكرها الله في القرآن في عدة مواضع.
- دخول الجنة له أسباب، وأعظمها التوحيد والإيمان، ثم الأعمال الصالحة كالهجرة والجهاد، والله تعالى يجزي المحسنين بأفضل مما عملوا.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيذنا من كيد الشيطان ووساوسه، وأن يوفقنا لطاعته وطاعة رسوله ﷺ.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٣١٣٤)، وأحمد (١٥٩٥٨)، وابن أبي شيبة (٥/ ٢٩٣)، وصحّحه ابن حبان (٤٥٩٣)، كلهم من طريق موسى بن المسيب، أخبرني سالم بن أبي الجعد، عن سبرة بن أبي فاكه فذكره.
وإسناده حسن من أجل موسى بن المسيب، فإنه حسن الحديث.
وقد حسّن الحافظ إسناده في ترجمة سبرة بن أبي فاكه من الإصابة (٤/ ٢١٩).
وقوله: «الطول» بكسر الطاء وفتح الواو، وهو الحبل الذي يشد أحد طرفيه في الوتد، والطرف الآخر في يد الفرس.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 35 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من قتل في سبيل الله أدخله الله الجنة

📜 حديث: من قتل في سبيل الله أدخله الله الجنة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من قتل في سبيل الله أدخله الله الجنة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من قتل في سبيل الله أدخله الله الجنة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من قتل في سبيل الله أدخله الله الجنة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية