حديث: لا يلج النار أحد بكى من خشية الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فضل من اغبرت قدماه في سبيل الله

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «لا يلج النارَ أحدٌ بكى من خشية الله عز وجل حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله، ودخان جهنم في منخري امرئ أبدًا».

صحيح: رواه أحمد (١٠٥٦٠) - واللفظ له - عن يزيد (هو ابن هارون) وأبي عبد الرحمن المقرئ - والترمذي (١٦٣٣)، والنسائي (٣١٠٨) من طريق ابن المبارك - والحاكم (٤/ ٢٦٠) من طريق جعفر بن عون - كلهم عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة .

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «لا يلج النارَ أحدٌ بكى من خشية الله ﷿ حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله، ودخان جهنم في منخري امرئ أبدًا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول. هذا حديث عظيم من أحاديث الرجاء والبشارة، يرويه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أولاً. شرح المفردات:


● لا يَلِجُ النارَ: لا يدخلها.
● حتى يعود اللبن في الضرع: أي حتى يرجع اللبن الذي حُلِبَ من الضرع (ثدي الشاة أو البقرة) إليه مرة أخرى. وهذا من الأمور المستحيلة طبعاً، فهو كناية عن استحالة دخول صاحب هذه الصفة النار.
● غُبار في سبيل الله: الغبار الذي يعلو المجاهدين حين يسيرون للقتال لإعلاء كلمة الله.
● دُخان جهنم: هو العذاب والشدة التي يتنفسها أهل النار.
● في مَنخري امرئ: المنخران هما فتحتا الأنف، والمقصود استحالة جمع هذه الأمور المتناقضة في شخص واحد.


ثانياً. شرح الحديث:


يُبشّر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ببشرى عظيمة لأمته، ويقرر حقيقةً ناصعة، وهي:
أن من بكى خوفاً من الله تعالى وخشيةً منه، فإن هذه الدمعة الصادقة النابعة من تقوى القلوب ستكون حاجزاً بينه وبين النار، ولن يدخلها أبداً. وشبّه النبي صلى الله عليه وسلم استحالة دخوله النار باستحالة عودة اللبن إلى الضرع بعد حَلبه، وهو أمر لا يُعقل حدوثه.
ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً آخر لنفي اجتماع نقيضين، فقال: "ولا يجتمع غبار في سبيل الله، ودخان جهنم في منخري امرئ أبدًا".
فالمجاهد الذي يعلو غبار الطريق وجهه وثيابه وهو في سبيل إعلاء كلمة الله، لا يمكن أبداً أن يجتمع هذا الغبار المشرّف، مع دخان جهنم وعذابها في أنفه. فإما أن يكون عبداً مجاهداً مُعَظَّماً عند الله، وإما أن يكون عبداً عصى ربه فاستحق العذاب، ولا يجتمعان أبداً في شخص واحد.
فالحديث يشير إلى أن البكاء من خشية الله والجهاد في سبيله من أعظم الأعمال التي تقي صاحبها من النار وتدخله الجنة.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظم فضل البكاء من خشية الله: فهو دليل على إيمان صاحبه ويقينه، وسبب للنجاة من النار. قال تعالى: *"وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ"* [المائدة: 83].
2- الرجاء والطمأنينة: الحديث مصدر عظيم للطمأنينة والرجاء في رحمة الله، فمن كانت هذه صفاته فله البشرى بالجنة والنجاة من النار.
3- فضل الجهاد في سبيل الله: وأنه من أسباب تكفير الذنوب والنجاة من العذاب، وأن الغبار الذي يعلو المجاهد هو غبار مبارك مشرف.
4- حثّ المسلم على مجاهدة نفسه: فالبكاء من خشية الله هو ثمرة مجاهدة القلب وخوفه من ربه، والجهاد في سبيل الله هو ذروة سنام الإسلام.
5- الترغيب في الأعمال الصالحة: يربط النبي صلى الله عليه وسلم بين العمل الصالح (البكاء من الخشية، الغبار في سبيل الله) والجزاء العظيم (النجاة من النار) لترغيب المسلمين فيها.


رابعاً. معلومات إضافية:


● درجة الحديث: صححه العديد من الأئمة منهم الإمام الترمذي والحاكم والنووي، وقال الشيخ الألباني: "صحيح".
● منزلة الخشية: الخشية هي خوفٌ مقرون بالتعظيم والمهابة، وهي من صفات العارفين بالله.
● ليس البكاء فقط بالدموع: المقصود بالبكاء هنا هو البكاء الحقيقي بالدمع، أو – على أقل الأحوال – البكاء المعنوي الذي هو خضوع القلب وخشوعه وخوفه، وإن لم تدمع العين. ولكن البكاء بالدموع هو الكمال.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يبكون من خشيته، وأن يتقبل منا صالح الأعمال، وأن يحفظنا من عذاب النار.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٠٥٦٠) - واللفظ له - عن يزيد (هو ابن هارون) وأبي عبد الرحمن المقرئ - والترمذي (١٦٣٣)، والنسائي (٣١٠٨) من طريق ابن المبارك - والحاكم (٤/ ٢٦٠) من طريق جعفر بن عون - كلهم عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة .. فذكره.
وإسناده صحيح، والمسعودي اختلط بأخرة لكن سماع أبي عبد الرحمن - وهو عبد الله بن يزيد المقرئ - وجعفر بن عون قبل الاختلاط.
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».
وللحديث طرق أخرى وألفاظ مختلفة لا تسلم من مقال، وقد أكثر النسائي (٣١٠٧ - ٣١١٥) من تخريج طرقها وألفاظها. انظر: مسند أحمد (٧٤٨٠، ٨٤٧٩) والجهاد لابن أبي عاصم (١٢١)، وعلل الدارقطني (٨/ ٣٣٦).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 38 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا يلج النار أحد بكى من خشية الله

  • 📜 حديث: لا يلج النار أحد بكى من خشية الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا يلج النار أحد بكى من خشية الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا يلج النار أحد بكى من خشية الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا يلج النار أحد بكى من خشية الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب