عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة

حديث: عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش. طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع».

صحيح: رواه البخاري في الجهاد والسير (٢٨٨٧) عن عمرو (هو أبن مرزوق)، أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث بطوله:
عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش. طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع».
أولاً: شرح المفردات:
* تعس: كلمة دعاء عليه بالهلاك والخيبة والشر. وهي تعني سقط وانقلب على رأسه، أو لزم التعاسة والشقاء.
* عبد الدينار، عبد الدرهم، عبد الخميصة: العبودية هنا حقيقية وليست مجازية. فهو عبدٌ لهذه الأشياء، مُتَذِلِّلٌ لها، مُقدِّمٌ لها على طاعة الله، فصار كالعبد المملوك لها.
* الدينار والدرهم: هما العملات الذهبية والفضية في ذلك الزمان، ويمثلان المال والثروة بشكل عام.
* الخميصة: نوع فاخر من الثياب مُخَصَّصٌ أو مُبَرَّزٌ بنسيج جميل، وتمثل حب الزينة والملبس الفاخر والوجاهة الدنيوية.
* انتكس: انقلب على عقبيه ورجع خاسئًا، أو ارتد عن الهدى إلى الضلال.
* شِيك: أي دخلت فيه شوكة. (وفي رواية: "إِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ").
* فلا انتقش: أي فلا خرجت منه، فلا يستطيع إخراجها، كناية عن شدة البلاء الذي لا مخرج له.
* طوبى: كلمة تعني السعادة العظمى والغبطة والفضل الكبير، وهي من أسماء الجنة أو شجرة فيها.
* آخذ بعنان فرسه: ممسك بلجام فرسه، مجاهد راكب في سبيل الله.
* أشعث رأسه: الذي تَهُرَّأ شعره وتفرق من طول السفر وعدم الاهتمام بهيئته الدنيوية.
* مغبرة قدماه: من كثرة السير والغبار، دليل على المشقة في الطاعة.
* الحراسة: يكون في مقدمة الجيش يحرسه من مباغتة العدو.
* الساقة: يكون في مؤخرة الجيش يحميه.
* إن استأذن لم يؤذن له: إذا طلب الإذن للعودة من الغزو أو للراحة لم يُؤذَن له (لشدة حاجة الجيش إليه وثقته به).
* وإن شفع لم يشفع: إذا طلب أن يشفع في أحد لأمر من الأمور لم تقبل شفاعته (لأنه لا يطلب إلا في الحق، وقد لا يكون الأمر حقًا فيُرفض طلبه).

ثانيًا: شرح الحديث:
ينقسم الحديث إلى قسمين متقابلين: تحذير من حال، وتبشير بحال آخر.
القسم الأول: الذم والتحذير (عبد المادة):
يصور النبي ﷺ حال الإنسان الذي جعل همّه الدنيا وزينتها، وجعلها غاية حياته، فتعلّق قلبه بالمال (الدينار والدرهم) والملبس الفاخر والمنصب (الخميصة). فأصبح عبدًا لها:
* "إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط": هذه علامة العبودية الحقيقية، فمزاجه مرتبط بحصوله على الدنيا أو فواتها، فهو في رضا وسخط دائمين على أهواء نفسه، لا على رضا ربه.
* "تعس وانتكس": دعاء عليه بالخيبة والسقوط والارتداد عن طريق الحق.
* "وإذا شيك فلا انتقش": هذا تمثيل لشدة عذابه وبؤسه في الدنيا والآخرة، كمن دخلت في جسده شوكة مؤلمة لا يستطيع إخراجها، فبلاؤه مستمر وعذابه دائم.
القسم الثاني: المدح والتبشير (عبد الله المجاهد):
في مقابل ذلك، يبشر النبي ﷺ من جعل همه الآخرة ورضا الله، ومثال ذلك المجاهد في سبيل الله الذي يتحمل المشاق ويبتعد عن زينة الدنيا:
* "طوبى لعبد...": بشرى له بالسعادة الأبدية والجنة.
* "آخذ بعنان فرسه في سبيل الله": فهو في عبادة عظيمة وهي الجهاد.
* "أشعث رأسه مغبرة قدماه": هذه الهيئة دليل على إعراضه عن زينة الدنيا والتزامه بالطاعة حتى لو كانت شاقة، وهي علامة على تواضعه وإخلاصه.
* "إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة": هذا دليل على كمال طاعته وتفانيه، فهو يقبل بالمهمة wherever placed، لا يطلب المركز الأبرز، بل يرضى بما فيه نفع الإسلام والمسلمين.
* "إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع": هذه منقبة عظيمة له، لا ذم. فهي تدل على أنه من القلة الثقات الذين لا يُستغنى عنهم، وأنه لا يطلب إلا الحق، فلا يُقبل طلبه إلا إذا كان فيه حق. فرفض إذنه أو شفاعته دليل على مكانته وثقته وإخلاصه، لا على هوانه.

ثالثًا: الدروس المستفادة والعبر:
1- خطر حب الدنيا: التحذير الشديد من التعلق بالمال والزينة وجعلها الهدف الأسمى، فإن ذلك يؤدي إلى عبودية حقيقية لها وسبب للشقاء في الدنيا والآخرة

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجهاد والسير (٢٨٨٧) عن عمرو (هو أبن مرزوق)، أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة .. فذكره.
وقوله: «إذا شيك فلا انتقش» أي إذا أصابته الشوكة فلا وجد من يخرج منها بالمنقاش.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 47 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة

📜 حديث: عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية