انطلق رسول الله ﷺ في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ

حديث: انطلق رسول الله ﷺ في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ

عن ابن عباس قال: ما قرأ رسول الله ﷺ على الجن وما رآهم، انطلق رسول الله ﷺ في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب. قالوا: ما ذاك إلا من شيء حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء؟ فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة وهو بنخل - عامدين إلى سوق عكاظ - وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر - فلما سمعوا القرآن استمعوا له، وقالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء فرجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدًا، فأنزل الله عز وجل على نبيه محمد ﷺ: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ الحديث.

متفق عليه: رواه البخاري في كتاب الأذان (٧٧٣) عن مسدد - وفي كتاب التفسير (٤٩٢١) عن موسى بن إسماعيل - ومسلم في كتاب الصلاة (٤٤٩ - ١٤٩) عن شيجان بن فروخ - كلهم من رواية أبي عوانة، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما، والمتفق على صحته، يروي قصة إسلام الجن، وهو من الأحاديث التي لها شأن عظيم في السيرة النبوية.

أولاً. شرح المفردات:

● حيل بين الشياطين وبين خبر السماء: أي مُنِعُوا ومنعوا من الاستماع إلى أخبار السماء كما كانوا يفعلون من قبل.
● أرسلت عليهم الشهب: القذائف النارية من النجوم التي يرمى بها الشياطين إذا حاولوا استراق السمع.
● اضربوا مشارق الأرض ومغاربها: سيروا في جهات الأرض كلها شرقاً وغرباً للبحث والاستقصاء.
● تهامة: منطقة بين مكة والطائف.
● وهو بنخل: موضع بين مكة والطائف، وقيل هو وادٍ هناك.
● قرآنا عجباً: قرآنًا عجيباً في فصاحته وبلاغته ومعانيه.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ لم ير الجن قط ولم يقرأ القرآن عليهم مباشرة، بل سمعوا القرآن من بعيد.
وكانت القصة كما يلي:
- خرج النبي ﷺ مع عدد من أصحابه متجهين إلى سوق عكاظ (أشهر أسواق العرب للخطابة والتجارة في الجاهلية) ليعرض الإسلام على القبائل.
- في تلك الفترة، منع الله تعالى الشياطين من استراق السمع إلى أخبار السماء، وكانوا يفعلون ذلك ثم يختلطون بالكهنة ويوهمونهم بأن عندهم علماً بالغيب.
- أُرسلت الشهب (النيازك المحرقة) على الشياطين لمنعهم من الاستماع، فرجعوا إلى قومهم حائرين.
- ظنوا أن هذا المنع بسبب حدث جلل حصل على الأرض، فبعثوا جماعات منهم لتقصي الأمر في جميع أنحاء العالم.
- من بين تلك الجماعات، مجموعة اتجهت نحو أرض تهامة، وتحديداً عند مكان يسمى "نخل".
- وفي وقت الفجر، كان النبي ﷺ يصلي بأصحابه صلاة الفجر ويقرأ القرآن.
- عندما سمع أولئك الجن القرآن، انبهروا به وأدركوا على الفور أنه سبب حيلولة بينهم وبين استراق السمع، لأنه كلام الله الذي يمحق الباطل.
- رجعوا إلى قومهم ودعوهم إلى الإيمان بهذا القرآن، وقالوا مقولتهم الشهيرة: {إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا}.
- ثم أنزل الله تعالى على نبيه ﷺ سورة الجن وأخبره بقصة هؤلاء الجن واستماعهم للقرآن، فقال تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} [الجن: 1].

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظمة القرآن الكريم: فإن تأثيره يشمل الإنس والجن، بل إن الجن انبهروا به عند أول سماع.
2- حكمة الله في خلق الجن: وبيان أن منهم الصالح والطالح، ومنهم من استجاب لدعوة الحق.
3- انقطاع علم الغيب عن الشياطين والكهنة: بعد بعثة النبي ﷺ، حيث منعوا من استراق السمع، فبطل بذلك ما كان يدعيه الكهنة من معرفة الغيب.
4- اهتمام الجن بالبحث عن الحق: حيث بحثوا في أقطار الأرض ليعرفوا سبب انقطاع أخبار السماء عنهم.
5- فضل الصحابة: وصبرهم على accompanying النبي ﷺ في دعوته حتى في الأسفار والأسواق.
6- قوة تأثير القرآن: فهو يهدي إلى الرشد ويخرج الناس من الظلمات إلى النور.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما.
- سورة الجن هي السورة التي أخبرت عن هذه القصة بتفصيل أكثر.
- يستحب للإنسان أن يقرأ القرآن في بيته، فإنه لا только يطرد الشياطين ولكن قد يهدي جنّ البيت إلى الإسلام.
- القصة تدل على أن الجن مكلفون مثل البشر، ويبعث لهم الرسل من البشر، وخاتمهم محمد ﷺ.
أسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وأن ينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في كتاب الأذان (٧٧٣) عن مسدد - وفي كتاب التفسير (٤٩٢١) عن موسى بن إسماعيل - ومسلم في كتاب الصلاة (٤٤٩ - ١٤٩) عن شيجان بن فروخ - كلهم من رواية أبي عوانة، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره .. واللفظ لمسلم.
وأما البخاري فلم يذكر أول كلام ابن عباس وهو قوله: ما قرأ رسول الله ﷺ على الجن وما رآهم مع أن أبا نعيم في المستخرج رواه عن الطبراني، عن معاذ بن المثنى، عن مسدد شيخ البخاري وذكر فيه كلام ابن عباس كما رواه مسلم عن شيبان بن فروخ، عن أبي عوانة، وكذلك رواه الإمام أحمد (٢٢٧١) عن عفان عن أبي عوانة.
فهل حذف البخاري عمدًا لأنه مخالف لحديث ابن مسعود الذي أثبت قراءة النبي ﷺ على الجن وهو مقدم على نفي ابن عباس، أو هكذا وصلتْ إليه رواية مسدد. والأول أولى.
وقد حمل البيهقي - كما في دلائل النبوة - حديث ابن عباس أول ما سمعت الجن قراءة رسول الله ﷺ وعلمت حاله وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم ولم يرهم، ثم بعد ذلك أتاه داعي الجن فذهب معه وقرأ عليهم القرآن، ودعاهم إلى الله عز وجل كما في رواية ابن مسعود.
ذكره ابن كثير في تفسير سورة الأحقاف (٧/ ٢٧٤) فصحّ الخبران.
«والنخلة»: موضع بين مكة والطائف، وقد يقال لها: بطن نخلة.
ورواه أحمد (١/ ٢٧٤)، والترمذي (٣٣٢٤)، والنسائي في الكبرى (١١٥٦٢) كلهم من طرق عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، حدثنا أبو إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان الجن يصعدون إلى السماء يسمعون الوحي، فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعا، فأما الكلمة فتكون حقًّا، وأما ما زاد فيكون باطلا، فلما بعث رسول الله ﷺ منعوا مقاعدهم، فذكروا ذلك لإبليس، ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك، فقال لهم إبليس: ما هذا إلا من أمر قد حدث في أرض؟ فبعث جنوده، فوجدوا رسول الله ﷺ قائما يصلي بين جبلين - أراه قال: بمكة - فأتوه فأخبروه، فقال: هذا الذي حدث في الأرض.
هذا لفظ الترمذي وقال عقبه: «هذا حديث حسن صحيح».
ويستفاد من الحديث أن إبليس بعث جنوده للاستطلاع على السبب فاستمعوا القرآن وأسلموا ورجعوا منذرين إلى قومهم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 42 من أصل 93 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: انطلق رسول الله ﷺ في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ

📜 حديث: انطلق رسول الله ﷺ في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: انطلق رسول الله ﷺ في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: انطلق رسول الله ﷺ في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: انطلق رسول الله ﷺ في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية