إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب

حديث: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب

عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم».
وفي رواية: «إن عرش إبليس على البحر، فيبعث سراياه فيفتنون الناس، فأعظمهم عنده
أعظمهم فتنة».
وفي رواية: «إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجي أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا فيقول: ما صنعت شيئا قال: ثم يجئ أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال: فيدنيه منه ويقول: نِعْمَ أنتَ».

صحيح: رواه مسلم في صفات المنافقين (٢٨١٢) الروايتين من طريق جرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه يحمل معاني جليلة وتحذيرات مهمة للأمة، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بحسب الطلب:

أولاً. شرح المفردات:

● أيْس: يئس وقنط من الأمر، أي فقد الأمل في تحقيقه.
● التحريش بينهم: الإفساد وإثارة الفتنة والبغضاء بين الناس.
● عرش إبليس: مركز قيادته وسلطانه، أو كرسي ملكه.
● سراياه: جنديه وبعوثه الذين يرسلهم للإغواء.
● أدناه منه منزلة: أقربهم إليه مكانة ودرجة.
● نِعْمَ أنتَ: مدح وإعجاب بما فعل، كقولنا: "أحسنت" أو "ما أفعلك!".

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن حقيقة الشيطان وخطته التي يحيكها ضد بني آدم، ويمكن تقسيم الشرح إلى نقاط:
1- يأس الشيطان من العبادة المباشرة: لقد أدرك إبليس أنه لن يستطيع أن يصد المسلمين في جزيرة العرب -وهي موطن الإسلام الأول- عن عبادة الله إلى عبادة الأصنام والأوثان كما كان في الجاهلية، فقد محا الإسلام تلك الشروكيات.
2- تحول استراتيجية الشيطان: إذ لم يعد هدفه الصريح هو الشرك بالله (العبادة لغير الله)، بل تحول إلى هدف قد يكون أخطر وهو "التحريش بينهم"، أي بث الفرقة والعداوة والبغضاء بين المسلمين، وإشعال نار الفتنة بينهم.
3- هيكلية عمل الشيطان: يشبه النبي صلى الله عليه وسلم structure تنظيم الشيطان بـ "عرش" على البحر (رمز للغموض والخفاء والاضطراب)، ومن هناك يوجه "سراياه" (وساوسه وإغراءاته واتباعه من الجن والإنس) لتنفيذ مخططاته.
4- معايير النجاح عند الشيطان: ليست كل الوساوس والأعمال السيئة متساوية عند إبليس. فهو لا يهتم بالمعاصي الفردية الصغيرة بقدر ما يهتم بالأعمال التي تسبب تمزق المجتمع الإسلامي وتفكك روابطه. لذلك، فإن الجندي الذي ينجح في تفريق بين الزوجين، أو قطع صلة الرحم، أو إثارة فتنة بين جماعتين من المسلمين، هو الأعظم مكانة عند سيده إبليس.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- خطر الفرقة والخلافات: الحديث تحذير صريح من الوقوع في الفتن والخصومات التي تمزق وحدة الصف المسلم. فالشيطان يجعلها من أولوياته.
2- الحفاظ على روابط المجتمع: يجب على المسلم أن يكون حريصاً على كل ما يعزز التماسك الاجتماعي: صلة الرحم، حقوق الجوار، العلاقة بين الزوجين، وحدة الصف في الصلاة والجهاد وغيرها.
3- فهم حيل العدو: معرفة أن عدونا (الشيطان) لا ييأس، بل يغير تكتيكاته. إذا فشل في معصية، دفعك لأخرى. فالحذر والحذر.
4- عدم الاستهانة بذنب التفريق بين الناس: قد يستهين المرء بنميمة أو كذبة تفرق بين صديقين أو زوجين، وهي في ميزان الشيطان أعظم من معصية فردية أخرى.
5- وجوب إصلاح ذات البين: المقابل الذي أمرنا به الله ورسوله هو الإصلاح بين الناس، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10]. فمن كان سبباً في الإصلاح فله أجر عظيم، ومن كان سبباً في الفرقة فعليه وزر عظيم.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث جزء من الحرب المستمرة بين الإنسان والشيطان، والتي بدأت بقصة آدم عليه السلام وإبليس.
- "التحريش" لا يقتصر على الفرقة بين الأفراد، بل يشمل أيضاً إثارة الفتن الطائفية والمذهبية والعنصرية بين المسلمين.
- من أعظم ما يعصم المسلم من هذه الفتن: التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولزوم جماعة المسلمين، والدعاء بـ "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".
أسأل الله أن يحفظنا من فتن الشيطان وشروره، وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في صفات المنافقين (٢٨١٢) الروايتين من طريق جرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر.
والرواية الثالثة عن أبي معاوية، حدثنا الأعمش به مثله.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 59 من أصل 93 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب

📜 حديث: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية