حديث: اذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في خلق الأنعام والدواب

عن أبي لاس الخزاعي قال: حمَلَنا رسول الله ﷺ على إبل من إبل الصدقة للحج فقلنا: يا رسول الله، ما نرى أن تحملنا هذه قال: «ما من بعير لنا إلا في ذروته شيطان، فاذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها كما أمرتكم، ثم امتَهِنوها لأنفسكم فإنما يحمل الله عز وجل».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٧٩٣٨)، والطبراني في الكبير (٢٢/ ٣٣٤) كلاهما من حديث محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن أبي لاس الخزاعي .

عن أبي لاس الخزاعي قال: حمَلَنا رسول الله ﷺ على إبل من إبل الصدقة للحج فقلنا: يا رسول الله، ما نرى أن تحملنا هذه قال: «ما من بعير لنا إلا في ذروته شيطان، فاذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها كما أمرتكم، ثم امتَهِنوها لأنفسكم فإنما يحمل الله ﷿».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديثٌ عظيمٌ يجمع بين التوكل على الله والأخذ بالأسباب، وسأشرحه لك وفق النقاط المطلوبة بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:


● حَمَلَنَا: أي أوصلنا وأركبنا.
● إبل الصدقة: هي الإبل التي جُمعت من أموال الزكاة.
● ما نرى أن تحملنا هذه: تعبير عن الاستغراب وعدم الثقة في قدرة هذه الإبل على حملهم، لظهورها ضعيفة أو هزيلة.
● في ذروته شيطان: "الذروة" هي أعلى الشيء، والمقصود أن كل بعير لا يخلو من أن يكون له شيطان يريد إيذاء راكبه أو إفساد الرحلة.
● امْتَهِنُوها: من المهانة، أي استخدموها واستعملوها في حاجتكم بثقة وقوة دون خوف أو تردد.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل أبو لاس الخزاعي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ حمّله ورفاقه على إبل من إبل الصدقة (أي من إبل الزكاة التي كانت تحت يد النبي لإنفاقها في مصارفها) لأداء فريضة الحج.
فلما رأوا حال هذه الإبل – وقد تكون ظهر عليها الهزال أو الضعف – استغربوا وقالوا: "يا رسول الله، ما نرى أن تحملنا هذه"، أي لا نظن أنها قوية بما يكفي لحملنا وإيصالنا إلى目的地.
فأجابهم النبي ﷺ رداً حكيماً علّمهم فيه أمرين:
1- الأمر الأول (التعويذ والتحصين): أخبرهم أن كل بعير لا يخلو من شيطان يريد إيذاء راكبه أو إقلاق رحلته، سواء كانت الإبل قوية أو ضعيفة. وهذا من باب ذكر الخطر الحقيقي الذي لا نراه، وهو كيد الشيطان الذي لا يتوقف على قوة البعير أو ضعفه. ثم أمرهم بالعلاج الناجع لهذا الخطر، وهو ذكر اسم الله تعالى عند الركوب ("بسم الله" أو "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم") كما علّمهم من قبل. فذكر الله هو الحاجز والحصن من كيد الشيطان.
2- الأمر الثاني (الثقة والتوكل): بعد أن يحصنوا أنفسهم بذكر الله، أمرهم بأن "يمتهنوها لأنفسكم"، أي أن يركبوها بثقة وقوة ويستعملوها في حاجتهم دون تردد أو خوف من أنها لن تحتملهم. ثم بين لهم الحكمة الكبرى خلف هذا الأمر فقال: "فإنما يحمل الله". أي أن الحامل الحقيقي الذي يسير هذه الدابة ويحفظكم عليها هو الله تعالى، وليس قوة البعير بذاته. فالمؤمن يتوكل على الله الذي بيده مقاليد كل شيء، وهو الذي يسخر له هذه الدابة ويحفظه عليها.

ثالثاً. الدروس المستفادة منه:


1- الجمع بين التوكل والأخذ بالأسباب: التوكل على الله لا يعني إهمال الأسباب الظاهرة (كاختيار الدابة المناسبة)، ولكن إذا اضطر الإنسان لسبب ما ضعيف، فإنه لا يعتمد على ضعفه بل يتوكل على الله الذي بيده كل شيء.
2- ذكر الله تعالى عند البدء في أي أمر: هو مفتاح البركة والسلامة من الشرور والخطر، وهو سلاح المؤمن ضد كيد الشيطان الذي لا يفارق ابن آدم.
3- الثقة بالله تعالى فوق الثقة بالماديات: القوة الحقيقية ليست في متانة المركوب، بل في قوة الإيمان والتوكل على الله.
4- تهذيب النفس من الخوف والتردد: نهى النبي ﷺ عن التردد والخوف المذعور الذي لا فائدة منه، وحث على الثقة بقضاء الله وقدرته بعد الأخذ بالأسباب المتاحة.
5- حكمة النبي ﷺ التربوية: لم يزجرهم على قولهم، بل وجههم توجيهاً إيمانياً يعالج جذور الخوف في قلوبهم.

رابعاً. معلومات إضافية:


- الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله.
- هذا الحديث من جوامع كلم النبي ﷺ، حيث جمع في جمل قصيرة معاني عظيمة في التوكل والإيمان.
- يستفاد منه في كل وسائل النقل والمركوبات في عصرنا، فالمؤمن يذكر الله عند ركوب سيارته أو طائرته، ويتوكل على الله الحامل الحقيقي لها.
أسأل الله أن يرزقنا حسن التوكل عليه، والالتجاء إليه في كل أمورنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٧٩٣٨)، والطبراني في الكبير (٢٢/ ٣٣٤) كلاهما من حديث محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن أبي لاس الخزاعي .. فذكره.
وإسناده حسن، لأن محمد بن إسحاق قد صرّح بالتحديث في رواية عند الإمام أحمد (١٧٩٣٩).
وصحّحه ابن خزيمة (٢٣٧٧)، والحاكم (١/ ٤٤٤) وقال: «على شرط مسلم»، وزادوا بعد قوله إبل الصدقة: «ضعافٍ» للحج.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 87 من أصل 93 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها

  • 📜 حديث: اذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب