اللهم الرفيق الأعلى

حديث: اللهم الرفيق الأعلى

عن عائشة قالت: كان النبي ﷺ يقول - وهو صحيح -: «إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة، ثم يخير» فلما نزل به، ورأسه على فخذي غشي عليه، ثم أفاق، فأشخص بصره إلى سقف البيت، ثم قال: «اللهم الرفيق الأعلى». فقلت: إذا لا يختارنا، وعرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا وهو صحيح، قالت: فكانت آخر كلمة تكلم بها: «اللهم الرفيق الأعلى».

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٤٦٣) ومسلم في فضائل الصحابة (٢٤٢٤: ٨٧) كلاهما من طريق الزهري، أخبرني سعيد بن المسيب في رجال من أهل العلم أن عائشة قالت: فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول. هذا الحديث العظيم الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، يحمل في طياته معاني سامية ودروساً عظيمة، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:

● يُقبَض: أي تُقبض روحه، أي يموت.
● مقعده من الجنة: مكانه ومنزله الذي أعده الله له فيها.
● يُخيَّر: يُعطى الخيار بين البقاء في الدنيا أو الانتقال إلى الآخرة.
● نزل به: حضرته الوفاة واشتد به المرض.
● غشي عليه: ذهب وعيه وإدراكه.
● أفاق: رجع إليه وعيه.
● أشخص بصره: رفع بصره وثبته.
● الرفيق الأعلى: وهو الله تعالى، أو ما عند الله من النعيم والرفقة الصالحة من الأنبياء والصديقين.

ثانياً. شرح الحديث:

تصف لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مشهداً من أشرف المشاهد وأعظمها، وهو لحظات الاحتضار الأخيرة في حياة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
1- الخيار في ساعة الوفاة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخبر أصحابه وهو في صحة وعافية، بأنه من كرامة الله على أنبيائه أنهم عند اقتراب أجلهم يُعرض عليهم مقعدهم في الجنة، فيرى ما أعد الله له من الكرامة والنعيم، ثم يُخيَّر بين البقاء في الدنيا أو الانتقال إلى رحمة الله وجنته. وهذا من تكريم الله لهم وتطيباً لخاطرهم.
2- المشهد المهيب: عندما حضرت الوفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رأسه الشريف على حجر زوجته الوفية عائشة، أغمي عليه من شدة سكرات الموت. ثم أفاق من غشيته، فرفع بصره إلى سقف البيت، وكان ينظر إلى عالم الغيب، حيث يُرى له مقعده من الجنة.
3- الاختيار والوداع: في تلك اللحظة الحاسمة، خُيّر النبي صلى الله عليه وسلم بين البقاء في الدنيا أو اللحاق بالرفيق الأعلى. فاختار ما عند الله، وقال: «اللهم الرفيق الأعلى». فأدركت عائشة رضي الله عنها أن هذا هو تحقيق للحديث الذي كان يحدثهم به، وأنه لن يختار البقاء معهم، بل اختار اللحاق بالله.
4- آخر كلمة: كانت كلمة «اللهم الرفيق الأعلى» هي آخر ما نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما يدل على شدة شوقه إلى لقاء ربه، وثقته بما عنده سبحانه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- اليقين بالآخرة وشوق الصالحين لها: يظهر الحديث شوق النبي صلى الله عليه وسلم إلى لقاء ربه، وثقته الكاملة بما أعده الله له من الكرامة. وهذا درس للمؤمن أن يكون قلبه معلقاً بالآخرة، راغباً فيما عند الله.
2- كرامة الأنبياء عند الله: من تكريم الله لأنبيائه أن يريهم مقاعدهم في الجنة عند الوفاة، لتطيب أنفسهم ويختاروا اللحاق به.
3- سكرات الموت وحقيقتها: الموت له سكرات وآلام، ولو على الأنبياء، ولكن الله يخفف عنهم ويعطيهم من الكرامة ما يهون عليهم.
4- قوة حفظ الصحابة وحرصهم على السنة: دقة ملاحظة عائشة رضي الله عنها وربطها بين ما سمعه من النبي في صحته وبين ما حدث في مرضه، يدل على فهمها العميق وحفظها الدقيق.
5- حب النبي لأمته وشفقته عليها:رغم أن خُيّر بين البقاء لأمته أو اللحاق بالله، فكان اختياره للقاء الله لأنه يعلم أن ذلك هو الخير له ولأمته، حيث يكمل الله به الدين ويتم النعمة.
6- الاستعداد للموت: على المسلم أن يستعد للموت بالإكثار من الطاعات، وأن يكون آخر كلامه خيراً، كما كان لنبيه صلى الله عليه وسلم.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر بشيء وهو صحيح ثم تحقق كما أخبر.
- فيه بيان أن الموت له أوقات وأحوال، وأن الله يكرم أولياءه عند الوفاة.
- «الرفيق الأعلى» قيل: هو الله تعالى، كما في قوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة: 121]. وقيل: ما عند الله من النعيم والرفقة الصالحة.
أسأل الله أن يرزقنا حسن الخاتمة، وأن نلتقي بنبينا في الجنة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٤٦٣) ومسلم في فضائل الصحابة (٢٤٢٤: ٨٧) كلاهما من طريق الزهري، أخبرني سعيد بن المسيب في رجال من أهل العلم أن عائشة قالت: فذكرته.
وزاد مسلم مع سعيد بن المسيب عروة بن الزبير في الإسناد.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 827 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اللهم الرفيق الأعلى

📜 حديث: اللهم الرفيق الأعلى

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اللهم الرفيق الأعلى

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اللهم الرفيق الأعلى

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اللهم الرفيق الأعلى

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية