بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنة

حديث: بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنة

عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله ﷺ ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، ولا بالأبيض الأمهق، ولا بالآدم، ولا بالجعد القطط، ولا بالسبط، بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنة، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.

متفق عليه: رواه مالك في صفة النبي ﷺ (١)، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أنس بن مالك قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث الشريف الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو خادم رسول الله ﷺ ومن أكثر الصحابة ملازمة له، يصف لنا هيئة النبي ﷺ الظاهرة ويسرد بعضًا من أهم محطات حياته المباركة. وهو حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه.

أولاً. شرح المفردات:

● ليس بالطويل البائن: ليس بطويل بشكل واضح جدًا وبين للناظر.
● ولا بالقصير: ليس قصيرًا أيضًا، بل كان معتدل القامة.
● ولا بالأبيض الأمهق: ليس بالأبيض الشديد الذي يميل إلى الحمرة أو الذي يكون لونه أبيضَ مصفرًّا (كبعض ألوان البهاق).
● ولا بالآدم: ليس بالأسمر الشديد السواد.
● ولا بالجعد القطط: ليس شديد الجعودة، حيث يكون الشعر ملتفًا على بعضه بشكل حلقات مضغوطة.
● ولا بالسبط: ليس مسترسل الشعر شديد الاسترسال حتى يصل إلى شحمة الأذن أو أكثر.
● بعثه الله على رأس أربعين سنة: أي أُوحي إليه ونُبئ وهو ابن أربعين سنة كاملة.
● أمهق: صفة للبياض الشديد غير المستحب.

ثانيًا. شرح الحديث:

يصف أنس بن مالك رضي الله عنه، الذي خدم النبي ﷺ عشر سنوات، خلقة النبي ﷺ الظاهرة التي هي أكمل الخلائق وأتمها، فيبين أنها خلقة متوسطة معتدلة في كل صفاتها، لا إفراط فيها ولا تفريط، وهذا من كماله ﷺ.
- فكان ﷺ معتدل القامة، ليس بالطويل المفرط الذي ينكر، ولا بالقصير، بل كان ربعة من الرجال (أي متوسط الطول)، وهذا من كمال الهيئة.
- وكان لون بشرته ﷺ أبيض مشربًا بحمرة، ليس بالأبيض الباهت الذي يشبه مرض البهاق (الأمهق)، ولا بالأسمر الداكن (الآدم)، بل كان أبيضَ مليحًا، مشربًا بحمرة، وكان ذلك من أحسن الألوان.
- وكان شعر رأسه ﷺ معتدلاً، ليس شديد الجعودة حتى يتكور، ولا شديد الاسترسال حتى يبلغ المنكبين، بل كان فيه تموج وانبطاح، يصل إلى ما بين أذنيه وعاتقه.
ثم ينتقل الحديث إلى سردٍ مختصرٍ ومهمٍ لأبرز محطات عمره ﷺ:
● بعث على رأس أربعين سنة: وهذا هو سن الكمال والعقل، فلم يبعثه الله تعالى شابًا حديث السن، بل نضجًا وكهولة.
● أقام بمكة عشر سنين: بعد البعثة، يدعو إلى الله فيها، ويصبر على أذى قومه.
● وبالمدينة عشر سنين: هاجر إليها وأقام دولة الإسلام، وانتشر دين الله فيها.
● وتوفاه الله على رأس ستين سنة: أي توفي ﷺ وهو ابن ستين سنة.
● وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء: وهذا من إكرام الله لنبيه، حيث حفظه من مشيب الشيخوخة المبكر، فلم يشِب إلا قليلاً جدًا، حتى إن البياض لم يبلغ عشرين شعرة، مع بلوغه سن الستين، وهي علامة على قوة بنيته ونضارة طلعته ﷺ.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- كمال خلق النبي ﷺ: فهيئته الظاهرة كانت متناسبة مع كماله الباطن في الخُلُق والدين.
2- التوسط في كل شيء: حتى في الخِلقة، فلم يخلق الله نبيه بشيء منفر أو مفرط، بل كان معتدلاً في كل صفاته، وهذه الأمة أمة وسط.
3- بلوغ الأربعين سن الكمال: حيث يكون العقل قد نضج والتجربة قد اكتملت، فكانت أنسب وقت لتحمل أعباء النبوة والرسالة.
4- صبر النبي ﷺ: قضى عشر سنوات في مكة يدعو في ظروف صعبة، قبل أن يهاجر إلى المدينة وينتشر الدين.
5- إكرام الله لنبيه: بتأخير المشيب عنه، وجعل هيئته هيئةً مكتملةً مباركة حتى في شيخوخته.
6- حب الصحابة للنبي ﷺ: حيث كانوا يحرصون على وصفه بدقة لأمته من بعدهم، ليتصوروا هيئته الكريمة ويقتدوا به.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الوصف جزء من جملة أوصاف كثيرة وردت في الأحاديث الصحيحة التي تصف النبي ﷺ، والتي جمعها العلماء في كتب called "الشمائل المحمدية".
- الاعتدال في الهيئة صفة محمودة، وكان النبي ﷺ يكره الإفراط في المظهر أو التفريط فيه.
- بلوغ الأربعين هو سن الكمال في العقل والرأي، كما قال تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [الأحقاف: 15].
نسأل الله أن يرزقنا حب نبيه ﷺ والاقتداء به في هديه وخُلُقه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في صفة النبي ﷺ (١)، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أنس بن مالك قال: فذكره. ورواه البخاري في المناقب (٣٥٤٨) وفي اللباس (٥٩٠٠) ومسلم في الفضائل (١١٣: ٢٣٤٧) كلاهما من طريق مالك به.
قوله: «ليس بالطويل البائن»: أي المفرط الطول.
وقوله: «الأمهق» هو الكريه البياض.
وقوله: «الجعد» خلاف السبط. والسبط: الشعر المسترسل.
قوله: «أقام بمكة عشر سنين»: الصواب أنه قام بمكة ثلاث عشرة سنة، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة كما في الروايات العديدة فتحمل هذه الرواية على أن الراوي حذف الكسر الزائد على عشرة وعلى ستين.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 913 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنة

📜 حديث: بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية