قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن وجوب الإيمان بالكتاب في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3]
ليس الفضل والمزيَّة في الإيمان بما تشاهده بعينيك فحسبُ، ولكن في الإيمان بما لا تُدركه حواسُّك ممَّا أخبر به الوحيُ. ألا ترى أن المتَّقين قد مُدحوا بإقامة الصلاة لا بمجرَّد أدائها؟ إن في إقامتها معنى المحافظة عليها، والوفاء بحقوقها. فيا أيها المؤمنُ، صلاتُك صِلتُك بربِّك، فأحسن الصِّلة! لو استحضرنا فضلَ الله علينا وعظيمَ بِرِّه بنا وجميلَ إحسانه إلينا، لكان ذلك دافعًا لنا إلى البِرِّ بعباده الضعفاء، والإحسان إلى المحتاجين والفقراء. مَن أيقن بالخلَف من الله الرزَّاق جادت نفسُه بالبذل والعطاء، فلا تبخل بما آتاك، وأنفِق يُنفَق عليك. شيوع النفقة في المجتمع المسلم يجعل الحياةَ مجالَ تعاونٍ وتراحُم، لا مُعترَكَ تطاحُنٍ وتزاحُم، ويُشعر العاجزين والضعفاء أنهم يعيشون بين قلوبٍ ونفوس، لا بين أنيابٍ ومخالب! أيها المؤمن، لا يطلُب الله تعالى منك أن تتصدَّق بكلِّ ما رزقك، بل يدعوك إلى أن تنفقَ ممَّا وهبك، فلا تبخل بالإنفاق في مَحابِّ مَن أعطاك. |
﴿وَلَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖۖ وَمَا يَكۡفُرُ بِهَآ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقُونَ ﴾ [البقرة: 99]
على تباعد الأمصار، وتعاقب الأيام والأعصار، تجد المارقين من هَدي الله يتعامَون عن الآيات الظاهرات، ويردُّون الحُجَجَ الواضحات، استكبارًا وعِنادًا. |
﴿ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَتۡلُونَهُۥ حَقَّ تِلَاوَتِهِۦٓ أُوْلَٰٓئِكَ يُؤۡمِنُونَ بِهِۦۗ وَمَن يَكۡفُرۡ بِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ﴾ [البقرة: 121]
قِس إيمانك بارتباطك بكتاب الله تعالى وأداء حقِّه؛ قراءةً وتدبُّرًا وعملًا. مِنَّة الله عليك ليست في حفظ كتابه فحَسب، ولكن في حفظه وفقهه والقيام بحقِّه. مَن أعظمُ خسارةً ممَّن كذَّب نبأ أصدق القائلين، وأعرضَ عن الإيمان به والاهتداء بنوره؟! |
﴿قُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِـۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ ﴾ [البقرة: 136]
يا لهذا الدين الذي انتظم خيارَ أهل الأرض منذ خلقَ الله الأرض! هم الرَّكبُ فالحَق بهم، ولا تنشغل عنهم ببنيَّات الطريق. الإسلام دين الجلال والكمال، وهو امتدادٌ للرسالات السماوية السالفة، أفلا يزيدُنا هذا إيمانًا وثباتًا، ويقينًا ورسوخًا؟! |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَشۡتَرُونَ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَٰٓئِكَ مَا يَأۡكُلُونَ فِي بُطُونِهِمۡ إِلَّا ٱلنَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 174]
ما كلُّ مَن حمل العلمَ زكا به، فكم من عالمٍ كاتم للحقِّ، محرِّف للشرع، خائن لأمانة البلاغ، قد باع دينَه وعلمه بعرَضٍ من الدنيا قليل! هكذا هي النفوسُ الدنيئة؛ تُؤثر القليلَ التافه الماضي، على الكثير الجليل الباقي. |
﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَفِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ ﴾ [البقرة: 176]
مهما بذل أهلُ الباطل في التنقيب عن خَلَلٍ في القرآن أو عَيب، فإنهم لن يعودوا إلا بالخيبة والإخفاق، وسيبقَون أبدًا في اختلافٍ وشقاق. القرآن مشتملٌ على الحقِّ الموجب للاتِّفاق عليه، وعدم الافتراق فيه، وما خالفه أحدٌ إلا كان في البعد من الحقِّ والمنازعة فيه بقدر مخالفته. |
﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلۡحَقِّ بِإِذۡنِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 213]
النجاة من الخلاف والخصام والبغضــاء، هدايــةٌ وتوفيــق واصطفـاء، وفضلٌ من خالق الأرض والسماء. لن تستقيمَ الحياة ويعُمَّ السلام ويُقطَعَ دابرُ الشِّقاق إلَّا بتحكيم الحقِّ الذي جاءت به الشَّرائع في كلِّ ما يختلف فيه الناس. لا يختلف اثنان على الحقِّ الواضح الجليِّ في كتاب الله تعالى إلا وفي نفسَيهما أو أحدهما بغيٌ وهوًى. إذا رُمتَ الهدايةَ إلى الصِّراط المستقيم، والنجاةَ من سبُل أهل الضلالة أجمعين، فتمسَّك بحبل الإيمان، واطلب الهُدى من الكريم المنَّان. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ ءَامِنُواْ بِمَا نَزَّلۡنَا مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبۡلِ أَن نَّطۡمِسَ وُجُوهٗا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰٓ أَدۡبَارِهَآ أَوۡ نَلۡعَنَهُمۡ كَمَا لَعَنَّآ أَصۡحَٰبَ ٱلسَّبۡتِۚ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ مَفۡعُولًا ﴾ [النساء: 47]
إنما أُنزل الكتاب ليُعملَ به، فمَن طمس حقائقَه وأدبر عنه استحقَّ من الله أشدَّ العقاب، وإن في السبت لتذكيرًا بعقوبةِ الماضين، ولنا في مصيرهم عِبرة. قدرة الله تعالى شاملة، ومقدوراتُه لا تنحصر، يطمس وجهَ من شاء، ويلعنُ من شاء، لا تخلُّفَ لحُكمه، ولا رادَّ لأمره. |
﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا ﴾ [النساء: 82]
لعلَّ في الحديث عن تدبُّر القرآن عَقِبَ وصفِ أعتى الأمراض وهو النفاق، تنبيهًا على أن مَن كان النفاق داءَه كان التدبُّر دواءَه. تدبُّر كتاب الله يصلُ بالعبد إلى درجة اليقين بأنه كلام الله؛ فإنك ترى الحِكَم والقَصَص والأخبارَ تُعاد في القرآن وتتكرَّر، وهي كلُّها متوافقة لا ينقضُ بعضُها بعضًا. لا يخلو كتابٌ بشريٌّ من عيبٍ ونقص، وكتبُ النقد بذلك شاهدة، فأين هي من وحي الله الذي لا تنقضي عجائبُ إعجازه وإحكامه؟! |
﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمٗا ﴾ [النساء: 105]
أنزلَ الله الكتابَ بالحقِّ؛ ليكونَ به حُكم الخَلق، فلا حُكمَ في الشرع المنزَّل بآراء البشر المخالفةِ لهذا الكتاب، فما وافقَه منها فهو الحقُّ، وما خالفه فهو الباطل. الوحي علمٌ يقينيٌّ لا يتطرَّق إليه شكٌّ البتَّة، فهو بمنزلة الرؤية في الظهور والقوَّة، فمَن استنار به وضَحَت له السُّبل، ومَن عَشا عنه تحيَّرَ في كلِّ واد. من منهج الأنبياء العدلُ في الأحكام، وتركُ محاباة الأنام، والالتزامُ بحُكم الله عزَّ وجلَّ، ورفضُ المجادلة عن كلِّ خائن، والبعدُ عن مجاملة كلِّ عاصٍ. مَن سلَّمه الله عزَّ وجلَّ من جناية الخيانة، فليُنزِّه لسانَه عن الدفاع عن الخائنين؛ فإن تركَ الخيانة لا يكون إلا بترك أهلها. |
﴿وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ وَرَحۡمَتُهُۥ لَهَمَّت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيۡءٖۚ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ عَظِيمٗا ﴾ [النساء: 113]
سَلِ الله تعالى مقلِّبَ القلوب أن يثبِّتَ قلبك على دينه؛ فإنك ما اهتديتَ إلى الحقِّ إلا بفضله عليك، فلا تأمن على نفسك الحَوْرَ بعد الكَوْر، والضلال بعد الهُدى. إضلال المرء غيرَه عائدٌ على نفسه؛ إذ لا يمكن أن يَضُرَّ مَن هدى الله ممَّن اعتصم بالله تعالى ووحيه، مهما اجتهد في إضلاله وإغوائه. اعتصِم بالكتاب والسنَّة حقَّ الاعتصام تَنجُ من كلِّ ضلال؛ فإن القرآن والسنَّة أصلُ الهداية. لكلِّ مُتباهٍ بعلمه، مُتعالٍ بفهمه، متكبِّرٍ على بني جنسه: اعلم أن كلَّ ما لديك، إنما هو من فضل الله عليك، فبماذا تفخَر؟ وعلامَ تزهو وتبطَر؟! |
﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 116]
أنَّى لطريقين أن يلتقيا؛ وأحدُهما ينطلق إلى أعلى ما في الوجود وأسماه، والآخرُ يغوص إلى أدنى ما في الكون وأخزاه؟ افترى المشركُ بدعواه إثمًا عظيمًا، وضلَّ بالعمل بما ادَّعاه ضلالًا بعيدًا، فهو مُفترٍ ساء اعتقادُه فساء سلوكُه. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُم بُرۡهَٰنٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ نُورٗا مُّبِينٗا ﴾ [النساء: 174]
مَن رامَ البراهينَ الساطعة، والحُجَجَ الصريحةَ القاطعة، فليقرأ القرآن، ولينظر فيما جاء به نبيُّنا ﷺ من الهُدى والتِّبيان، يجِدْ فيهما بُغيتَه وما يكفي حاجتَه. حسبُك ببرهانٍ مصدرُه الربُّ الخبير، لتحصُلَ به الكفاية، ويُبلَغَ به الغاية. بنزول القرآن ورسالةِ خير البشر لم يُبقِ اللهُ ظُلمةً إلا محاها، ولا غُمَّةً إلا جَلاها، فهل نطلب الحقَّ في سواهما؟! |
﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ كَثِيرٗا مِّمَّا كُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖۚ قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ ﴾ [المائدة: 15]
تخلِّي الإنسان عمَّا يأمر به لقبُه الحسَن أو وصفُه الجميل وصمةٌ تَشِينُه؛ فأهل الكتاب ما كان أحراهم بالعمل به، ومراعاةِ أحكامه، والقيام بما فيه حقَّ القيام! لا ينقطع وهَجُ دين الله جلَّ جلاله، ولا أنوارُ بيانه، فإن أظلمَت غفلةُ العباد ومعاصيهم بعضَ آفاقه قيَّض اللهُ للناس مَن يعيد إلى تلك الآفاقِ ضياءها وسَناءها. كتمان الحقِّ صفةُ ذمٍّ في أهل الكتاب، فمَن كتم العلمَ من العلماء عمَّن يستحقُّه ففيه شَبهٌ باليهود والنصارى، وقد أُمرنا بمخالفتهما. إبداء ضلالاتِ الكافرين والمنافقين وإعلانُها ينبغي أن تُراعى فيه الحكمةُ والتبصُّر في المآلات، فإن أغنى القليلُ عن الكثير فقد تمَّ به البيان. نور الهداية بالقرآن وبإرسال خاتَم الرسُل فضلٌ من الله تعالى، فما أعظمَه من نورٍ عمَّ الثقَلَين، وملأ الخافقَين! نور القرآن نورٌ خالد لا يحتجب، وضياءٌ ساطع لا يأفُل، فكم أنار اللهُ به من بصائرَ فمازَت به طريقَ الحقِّ من طريق الباطل! |
﴿يَهۡدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ وَيُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [المائدة: 16]
القرآن كتابُ هداية، وسبيلُ سلامةٍ من العذاب، ولكنَّ ذلك لا يكون إلا لمَن سلك دربَ رضوان الله بالإيمان والعمل الصالح. في اتِّباع الوحي سلامٌ مع الحياة والكون، سلامٌ لا تجده البشريةُ إلا في هذا الدين ومجتمعه القائم على عقيدته وشريعته. مَن سلك سبيلَ الشريعة سلوكًا صحيحًا فقد سلِم سلامةً مطلقة في عقيدته وحياته وجزائه؛ لأن هذا المسلكَ سيؤدِّي به إلى دار السلام التي يدعو اللهُ تعالى إليها. الجاهلية بحرٌ من الظلمات المتراكمة، فيها تتلاطم أمواجُ الشبُهات والشهَوات، والأساطير والخُرافات، والحَيرة ورديءِ التصوُّرات. كانت رسالة نبيِّنا ﷺ سفينةَ النجاة التي أنقذت العالمَ الغارقَ في أوحال الجاهلية، فمَن استمرَّ عليها إلى شاطئ الآخرة ربحَ السلامةَ الدائمة. يُنجي اللهُ من المهالك، ويوضحُ أبينَ المسالك، وينفي الضلالة، ويُرشد إلى أقوم حالة، فمَن رغِبَ في هذه العَطايا الجزيلة فليطلبها في القرآن العظيم، وسُنَّةِ النبيِّ الكريم ﷺ. |
﴿وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَمُهَيۡمِنًا عَلَيۡهِۖ فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَكُمۡ فِي مَآ ءَاتَىٰكُمۡۖ فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ ﴾ [المائدة: 48]
كم معانٍ للحقِّ تتجلّى في هذا الكتاب الكريم! ولا غَروَ؛ فإنه منزَّل من عند الله الحقِّ العظيم، فالحقُّ يُشرق في عقائده وأحكامه، وأخباره ومواعظه. إذا كان القرآنُ الكريم مهيمنًا على الكتب السابقة وهي كتب الله، فكيف لا يكون مهيمنًا على آراء الأنام، وتصوُّراتِ الأفهام، وأقلام الكتاب، ونتائج الألباب؟! تحكيم الشريعة لا يقوم على إرضاء الأهواء، وتجميع مختلِفي الآراء، وإنما يقوم على القضاء بالحقِّ، رضيَ مَن رضي، وسَخِط مَن سخِط. لمَّا قامت طرائقُ المُعرضين عن الشرع على الضَّلال الموافقِ للشهَوات سماها الله أهواءً؛ لصُدورها عنها. إذا كان الرسولُ الكريم ﷺ قد نُهيَ عن اتِّباع أهواء الناس وهو المؤيَّد من ربِّه، البريءُ من أهواء نفسه، فما بالك بغيره ممَّن ينازعُه الهوى ويغالبه، وتحاصرُه الشهواتُ وتحاربه؟ ما من طريقٍ ثالث لصاحب الحقِّ مع المخالف. إما أن يسلكَ معه جادَّتَه، وإما أن يذَرَه ومنهاجَه. سُنة من الابتلاء ماضيةٌ، وطريقةٌ في الحياة باقية، أن الناسَ لا يزالون مختلفين، وعلى الحقِّ متنازعين، فجمعُهم كلِّهم على نهج واحد محاولةٌ عقيمة لا تكون، وغايةٌ بعيدةٌ لا تُدرَك. في طريق الخيرات لا تستعمل كوابحَ الوقوف، ولا تُبطِئ إن رأيتَ كثرة الواقفين، ولكن استَبِق وسارع، واغتنم ونافس. بيَّن الله للناس في الدنيا ما فيه يختلفون، بإرسال المرسَلين، وإظهار أدلَّة الحقِّ المبين، ومع ذلك قد يَخفى المحقُّ من المُبطل، لكنَّه في الآخرة إذا جازاهم امتاز أهلُ الحقِّ من أهل الباطل. |
﴿وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ ﴾ [المائدة: 49]
ما أكثرَ ما يحتال الفاجرون على ذوي الاستقامة لإقناعهم بالحَيدة عن بعض الأحكام الشرعيَّة! وتلك هي الفتنةُ التي لا بدَّ فيها من الحذر. سُلَّم التنازلات عن الثوابت لا تنتهي درجاتُه في مطالب المُبطلين، فتنازلُ صاحب الحقِّ عن بعض الحقِّ لا يُشبع نَهَمَ ذوي الأهواء، وإن البقاء على قمة الحقِّ خيرٌ من الاستيقاظ في سَفحه. إذا كان عقابُ بعض الذنوب قد كفى لإهلاك العباد في الدنيا، فكيف يكون عقابُ جميعِها يوم القيامة؟ حين كان الحقُّ مُلجِمَ الشهوات، وفاطمَ النفس عن النزَوات، صار أهلُه قليلين، والخارجون عنه كثيرين، وفي هذا تسليةٌ للمؤمن عندما يرى ازدحامَ سبيل الباطل بالسالكين. |
﴿۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُۥۚ وَٱللَّهُ يَعۡصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [المائدة: 67]
العلم بدين الله نورٌ يضيء للناس الطريقَ المستقيم، وحاملُ هذا النور مأمورٌ بتبليغه، فإن كتمَه فإنه لم يبلِّغ رسالةَ ربِّه، وكفى بهذا ذمًّا. لله في ثنايا التكاليف ألطافٌ تعين عليها، فانظر كيف أمر الله رسولَه بالصَّدع والبلاغ، والقومُ مبغِضون له معاندون، ثم كفَلَ له العصمةَ من الناس إن قام بالتكليف، وقد فعل. فما أحرانا أن نتأسَّى بنبيِّنا في تبليغ رسالة ربِّنا، متَّكلين عليه وحدَه! يا داعيَ الحقِّ، ثِق بحُسن العاقبة إن كانت دعوتُك إليه خالصة، وعلى سبيله مستقيمة، فأنت في أمانه وكلاءته، وحفظه ورعايته، فاحفظ الله يحفَظك. حسبُك أيها الداعية البلاغُ المبين، فمَن اهتدى فلنفسه، أمَّا الكافرون الذين لا قصدَ لهم إلا اتِّباعُ أهوائهم فإن الله لا يَهديهم ولا يوفِّقهم للخير؛ لإصرارهم على الكفر وعنادهم. |
﴿قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَسۡتُمۡ عَلَىٰ شَيۡءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗاۖ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [المائدة: 68]
التديُّن الصحيحُ هو القائم على الانقياد لنصوص الدين والعملِ بها، وبيانِها بلا مداهنةٍ ولا مصانعة، وإلا فهو دعوى بلا فحوى. التسليم الكاملُ لنصوص الحقِّ يقتضي الاستجابةَ لها وإن خالفتِ الآراء، ولم تحقِّق مطالبَ الأهواء، فالحسد والبغيُ إن وقفا عائقَين عن قَبول الحقيقةِ فقد دلَّا على أن تديُّن صاحبهما مَظهَر لا مَخبَر. مَن أعرضَ عن الهدى وقد جاءه، وحارب داعيَه وناوأه، فليس حقيقًا بالحزن عليه، والأسفِ على سوء المصير الذي يؤول إليه. |
﴿قُلۡ أَيُّ شَيۡءٍ أَكۡبَرُ شَهَٰدَةٗۖ قُلِ ٱللَّهُۖ شَهِيدُۢ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ لِأُنذِرَكُم بِهِۦ وَمَنۢ بَلَغَۚ أَئِنَّكُمۡ لَتَشۡهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخۡرَىٰۚ قُل لَّآ أَشۡهَدُۚ قُلۡ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ وَإِنَّنِي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ ﴾ [الأنعام: 19]
أعظم الشهاداتِ شهادةُ الله تعالى؛ إذ هو العالمُ بالقائل وما قال، وبالسامع وما سمع، وهو العليمُ بالأقوال والردود، وبالإقرار والجحود. ما أثبتَه محكَمُ الآيات فلا يُحتاج بعدَه إلى إثبات، وما جاء به الشرع فإنه القولُ الفصل. لا وسيلةَ أعظمُ من القرآن في الإنذار ولا أنفع، ولا وعظَ أجدى من وعظه ولا أوقع. مَن بلغَهُ القرآنُ بلغةٍ يفهمها فقد قامت عليه الحجَّة به، وبلغَه الإنذار، وحَقَّ عليه العذابُ إن كذَّب بعد البلاغ. قال الربيع بن أنس: (حقٌّ على من اتبع رسولَ الله ﷺ أن يدعوَ كالذي دعا رسولُ الله، وأن يُنذرَ بالذي أنذَر). أقبحُ ما عرَف الناسُ من شهاداتِ الزُّور ادِّعاءُ أن للهِ شريكًا في ملكِه وحُكمه. لا مُداهنةَ في العقيدة ولا مساومةَ في التوحيد، فمَن لم يشهد ببُطلانِ الآلهة سوى اللهِ عزَّ وجلَّ فما عرَف التوحيدَ ولا الإخلاص. |
﴿قُل لَّآ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ وَلَآ أَقُولُ لَكُمۡ إِنِّي مَلَكٌۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۚ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام: 50]
على داعيةِ الحقِّ أن يكونَ واضحًا في دعوته، معلنًا بصدق منهجه وواقعيَّته، فلا يستدعي الأتباعَ بمطامعَ مزعومة، ولا يُغري المستجيبين بوعودٍ موهومة؛ فإن الحقَّ غنيٌّ عن كلِّ هذا. العقيدة مُستغنيةٌ عن كلِّ زُخرُف، فمَن أرادها لذاتها فهي أكبرُ من كلِّ قيمة، وأعظمُ من كلِّ غنيمة، ومَن أرادها سلعةً فهو لم يُدرك طبيعتَها، وهي لن تُغنيَه بهذه النيَّة الدنيَّة. العمل بغير الوحيِ كخَبط الأعمى، وهو عملُ الأدعياء. والعمل بمُقتضى الوحيِ كسَير البَصير، وهو عملُ الأنبياء. فلنسِر على مِنهاجهم. أنِر تفكيرَك بأنوار الوحي؛ حتى ترى الأمورَ على حقيقتها؛ لأن النظرَ إليها بغير ضياء السماء عَمًى يمنع من رؤية الصورة الصحيحة للأشياء. |
﴿وَكَذَّبَ بِهِۦ قَوۡمُكَ وَهُوَ ٱلۡحَقُّۚ قُل لَّسۡتُ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ ﴾ [الأنعام: 66]
مهما أصرَّ أهلُ العناد على تكذيب الحقِّ وردِّه، فإن ذلك لا يَنقُصُ من قَدره ولا الثقةِ به؛ إذ تكفيه شهادةُ الله له. يا داعيَ الحقِّ، إذا ردَّ دعوتَك أكثرُ الناس فلا تذهب نفسُك حسَرات؛ فقد ردُّوا دعوةَ مَن هو مؤيَّدٌ بالآيات والمعجزات! أيظنُّ المعرضون أنهم يَغيظون بصدِّهم مَن دعاهم إلى الحقِّ؟ أوَ لا يعلمون أن الداعيَ مكلَّفٌ بإبلاغ الدعوة لا بنتائجها؟ |
﴿وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ ﴾ [الأنعام: 155]
القرآن الكريم كثيرُ البركة في ألفاظه ومعانيه، وفي تدبُّره والتأمُّل فيه، وفي استماعه والعملِ به، وفي الاحتجاج به والتحاكُم إليه. هذا القرآن عظيمُ الشأن، فبِنُونِ التعظيم عبَّر عن إنزاله، وبوصفِ البركة أثنى على ثمراته وآثاره. اتِّباع القرآنِ صدقًا لا دعوى سببٌ من أسباب نيلِ رحمةِ الله، وعلى قدر اتِّباع الإنسانِ للقرآن، ينال من رحمة ربِّه الرحيم الرحمن. |
﴿أَن تَقُولُوٓاْ إِنَّمَآ أُنزِلَ ٱلۡكِتَٰبُ عَلَىٰ طَآئِفَتَيۡنِ مِن قَبۡلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمۡ لَغَٰفِلِينَ ﴾ [الأنعام: 156]
القرآن حجَّةٌ تُنيرُ المَحَجَّة، وتسقِطُ الشُّبهة، وتعالجُ الشهوة، وتردُّ ضُلَّالَ الأهواء إلى جادَّة الحقِّ، بما فيها من القوَّة في الاحتجاج، والدعوة إلى صفاء المِنهاج. كم أغنت دراسةُ القرآن عن غيره من الكتب المُنزَلة! فهل يتنبَّهُ إلى ذلك الغافلون عن الإسلام؟ |
﴿أَوۡ تَقُولُواْ لَوۡ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا ٱلۡكِتَٰبُ لَكُنَّآ أَهۡدَىٰ مِنۡهُمۡۚ فَقَدۡ جَآءَكُم بَيِّنَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞۚ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَصَدَفَ عَنۡهَاۗ سَنَجۡزِي ٱلَّذِينَ يَصۡدِفُونَ عَنۡ ءَايَٰتِنَا سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصۡدِفُونَ ﴾ [الأنعام: 157]
لم يُبقِ القرآنُ لمَن ترك الاستهداءَ به عذرًا؛ فقد أبانَ السبيل، وأقام لدعوةِ الحقِّ كلَّ دليل. جُلُّ مقاصد القرآن في الدعوة إظهارُ البيِّنة والهداية، وسلوكُ سبيلِ الحكمة والرحمة، وهذه دعوةٌ لكلِّ داعٍ إلى الحقِّ أن تقومَ دعوتُه على هذه المقاصد الحسنة. كيف يكذِّب عاقلٌ آياتِ الله ويُعرِض عنها وهي تدعوه إلى الهُدى والرشاد، وتنقذُه من الشُّرور والفساد، فأيُّ ظلمٍ أعظمُ من هذا؟! يا لَبؤسِ مَن أعرض عن الحقِّ؛ إيثارًا للدنيا الفانية، وانصرفَ عن آيات الله إلى حظوظه العاجلة، فما أقربَ حالَه من حال المكذِّبين المعاندين، وما أشدَّ عذابَهم يوم الدين! |
﴿كِتَٰبٌ أُنزِلَ إِلَيۡكَ فَلَا يَكُن فِي صَدۡرِكَ حَرَجٞ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 2]
القرآن العظيمُ كتابُ هدايةٍ ونور، وشفاءٍ لما في الصدور، فمَن كان مؤمنًا فلا ينبغي أن يشكَّ فيه، ولا يتحرَّجَ في إبلاغه والإنذارِ به. كان الناسُ قبل نزول القرآنِ في حرج وعمًى، فلمَّا نزل القرآنُ ذهب ذلك عمَّن آمن، ولكنَّه باقٍ لدى مَن لم يؤمن به، ولم يتَّبع ما جاء فيه. الإنذار والذكرى بالقرآن من غايات إنزاله؛ فالإنذار يُقبِلُ بالشاردين، والذكرى تنفع المؤمنين، حيث تذكِّرهم بالله وبدينه. |
﴿ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۗ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 3]
اتِّباع الكتاب يعود بالخير على مَن اتَّبعه؛ فهو منزَلٌ من الربِّ الذي شأنُه الإحسانُ إلى عباده بتربيتهم، وإمدادِهم بأسباب صلاح حياتهم. مَن لم يتَّبع وحيَ الرحمن، سيتَّبع وحيَ الشيطان، ولن يكونَ العبدُ وليًّا حتى يكونَ للوحي متَّبعًا. حقٌّ على مَن أنزل له ربُّه كتابَه الكريم، واختاره لهذا الأمر العظيم، وتفضَّل عليه بالخير العميم، أن يتذكَّر ربَّه، وأن يشكرَ خيرَه. |
﴿وَلَقَدۡ جِئۡنَٰهُم بِكِتَٰبٖ فَصَّلۡنَٰهُ عَلَىٰ عِلۡمٍ هُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 52]
أحكام كتاب الله مبناها على علمٍ تامٍّ، ليس فيه من خطأ، فمَن استند إليه استند إلى برهانٍ قاطع، وحجَّةٍ ما لها من دافع. بمقدار ابتعاد المرء عن آيات القرآن، يكونُ ابتعادُه عن الهدى والرحمة والإيمان. |
﴿وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ ﴾ [الأعراف: 170]
التمسُّك بالكتاب بقوَّة، وتحكيمُه في حياة الناس، مع إقامة الصَّلاة، وسائر شعائر العبادة؛ هي أسسُ المنهج الربَّانيِّ لصلاح الحياة والنفوس. يا ويلَ مَن ضيَّعَ عبادةَ الصلاة التي لها في الإسلام شأنٌ عظيم؛ حتى إنها لَتُذكر بالخصوص بعد عموم يحتويها؛ تعظيمًا لشأنها. |
﴿وَإِذَا لَمۡ تَأۡتِهِم بِـَٔايَةٖ قَالُواْ لَوۡلَا ٱجۡتَبَيۡتَهَاۚ قُلۡ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ مِن رَّبِّيۚ هَٰذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمۡ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 203]
ما كانت الآياتُ لتتنزَّلَ وَفقَ الأهواء والاقتراحات؛ لأن من ينزِّلها عالمٌ بالهدى وبما يُصلح العباد، فما خالفَها مقترِحٌ إلا باينَ ذلك الهُدى. كم في القرآن من بصائرَ تُنير الأحلام، وتُصلِح الاعتقادات، وتهدي لأحسن المعاملات، وتَدلُّ على الخير، وتحذِّرُ من الشر! |
﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204]
إذا استمعَت النفسُ لقراءة القرآن بإنصات رُجيَ لها التأثُّر بما فيه من العِظات، فكانت أقربَ لنَيل رحمة الدنيا والآخرة. |
﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ ﴾ [يونس: 108]
سبحانه من إلهٍ يحبُّ صلاحَ عباده، ويدعوهم إلى ما فيه نفعُهم! صنيعَ من يُربِّيهم فيسوسُهم ويدبِّرُ أمورَهم. يا من تعلَمُ أن الهدايةَ هي خيرٌ سيقَ لنفسك، هلَّا عرفتَ فضلَ رسولِ الله ﷺ عليك، وشكرتَ لله الذي أرسلَه إليك؟ |
﴿أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ وَيَتۡلُوهُ شَاهِدٞ مِّنۡهُ وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةًۚ أُوْلَٰٓئِكَ يُؤۡمِنُونَ بِهِۦۚ وَمَن يَكۡفُرۡ بِهِۦ مِنَ ٱلۡأَحۡزَابِ فَٱلنَّارُ مَوۡعِدُهُۥۚ فَلَا تَكُ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُۚ إِنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ ﴾ [هود: 17]
لا يستوي مَن تواردت عليه شواهدُ الإيمان، وقامت لديه أدلَّةُ اليقين والاطمئنان، مع غارقٍ في الظلمات، أسيرٍ في قبضة الجهالات. إنما يكونُ الإيمانُ بالقرآن إيمانَ معرفة وإذعان، وعلى علمٍ بما فيه من الهدى والفرقان. مَن كان على بيِّنة من ربِّه كانت جوارحُه وقفًا على الطاعات والمُوافَقات، ولسانُه ناطقًا بالذكر والثناء، ونشرِ الآلاء والنعماء. لا يكفرُ بالقرآن الكريمِ أحدٌ إلى قيام الساعة إلا دخلَ النار. كيف يرتابُ عبدٌ في كتاب الله تعالى وقد نهاه مولاه ومربِّيه ومدبِّرُ أموره عن الشكِّ فيه، وأكَّدَ له أنه الحق؟! حين كانت الأفهامُ عقيمة، والمقاصدُ غيرَ مستقيمة لدى المكذِّبين، كفروا بالقرآن، ولو حسُنت مقاصدُهم، وصفَت أفهامُهم لآمنوا؛ لأنهم يرَون فيه ما يدعوهم إلى الإيمان به. |
﴿ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهِ إِلَيۡكَۖ وَمَا كُنتَ لَدَيۡهِمۡ إِذۡ أَجۡمَعُوٓاْ أَمۡرَهُمۡ وَهُمۡ يَمۡكُرُونَ ﴾ [يوسف: 102]
كم من تفصيلٍ دقيقٍ لقصصِ الأنبياءِ السابقين لا يَعلمُه إلا اللهُ، يذكرُ الله لنا منه في القرآن ما فيه لنا مُعتَبر وآية على نبوة النبي ﷺ. مهما تعرَّضَ الأنبياءُ للمكر فإن اللهَ تعالى لهم حافظٌ وناصرٌ، وجاعلٌ العاقبةَ لهم. |
﴿وَمَا تَسۡـَٔلُهُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٞ لِّلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [يوسف: 104]
الناسُ يريدون أن يكون داعيهم غيرَ طامع في دنياهم، حتى يعلموا صدقَ دعوته، فمتى أراد دنياهم عرَفوا انحرافَ نيَّته. لا يحتكرُ هذا الدينَ جنسٌ ولا أمَّةٌ ولا قبيلة، ولا يمتازُ به الأغنياءُ ولا ذوو القدرة والجاه والمكانة، بل هو للخَلق أجمعين. |
﴿الٓمٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِۗ وَٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ ﴾ [الرعد: 1]
يا لَفخامةِ ما أُنزل! ويا لَجلال مَن أنزل! ويا لَشَرفِ مَن أُنزل عليه! مَن علمَ أن هذا الكتابَ مُنزلٌ من ربِّه سبحانه، وأن ما فيه هو الحقُّ؛ أقبلَ عليه واعتبرَ بآياته. لم يدرك معنى الحقِّ مَن ظنَّ أن معيارَه في كثرة الإقبال عليه، وازدحامِ سبيله بالسائرين إليه، فتركَ الحقَّ لقلةِ أهله، وبحثَ عن مكان الكثرة. |
﴿كَذَٰلِكَ أَرۡسَلۡنَٰكَ فِيٓ أُمَّةٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهَآ أُمَمٞ لِّتَتۡلُوَاْ عَلَيۡهِمُ ٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَهُمۡ يَكۡفُرُونَ بِٱلرَّحۡمَٰنِۚ قُلۡ هُوَ رَبِّي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ مَتَابِ ﴾ [الرعد: 30]
تلاوةُ رسولِ اللهِ القرآنَ على أمته من مقاصدِ رسالته، فمَن لم يجعل هدى القرآن أصلًا من أصول دعوته، فما أبعدَه عن كتاب ربه وهدي رسوله الكريم! سبحانَ ربِّنا الحليمِ على مَن عصاه! إنهم ليكفرون به، ويقابلون إحسانَه إليهم بالإساءة، وهو مع ذلك يرحمُهم ويُمهِلهم! صلَّى الله وسلَّم على مَن أقرَّ بالتوحيد لربِّه، وسعى في إبطال كفر الجاحد وشركِه، وبيَّن أن التوكُّل كلَّه على الله، وأن المتابَ إليه لا إلى أحدٍ سواه. |
﴿وَلَوۡ أَنَّ قُرۡءَانٗا سُيِّرَتۡ بِهِ ٱلۡجِبَالُ أَوۡ قُطِّعَتۡ بِهِ ٱلۡأَرۡضُ أَوۡ كُلِّمَ بِهِ ٱلۡمَوۡتَىٰۗ بَل لِّلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ جَمِيعًاۗ أَفَلَمۡ يَاْيۡـَٔسِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن لَّوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۗ وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوۡ تَحُلُّ قَرِيبٗا مِّن دَارِهِمۡ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ وَعۡدُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ ﴾ [الرعد: 31]
لقد صنع القرآنُ في النفوس التي تلقَّته عجائبَ ما أبعدَ آثارَها في أقدار الحياة! فكم غيَّرَ وجهَ الأرض وصفحةَ التاريخ! القرآن أصلُ الهداية، فمَن لم يَهدِه القرآنُ الذي لو نَزل على جبلٍ لتصدَّع من خشية الله ، فما الذي سيهديه إذن؟! ليس لأهواءِ الناسِ مكانٌ أمامَ أمرِ الله تعالى وحُكمِه، فإنه العليمُ بما يُنزلُ من الآيات، وما في إنزالها من البركات. الهداية بيد الله تعالى، فلو شاء أن يهديَ عبدًا لهداه، ولو لم يدعه أحد، فالأمرُ له سبحانه يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. حينَ لا يُجدي الدليلُ ولا ينفعُ البرهانُ، فلا بدَّ عند ذاك من شدَّةٍ تُصيبُ، أو قارعةٍ تُزلزل؛ جزاءً للمعاندين، وعِبرة لمَن يعتبر. المشركون هم أَولى الخَلق بالخوف؛ لعِظَم ذنبهم، وشناعة جُرمهم، فلا أمنَ لهم ولا طُمَأنينة، بل هم مهدَّدون بشنيع النَّقِمات، في جميع الأوقات. |
﴿وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ حُكۡمًا عَرَبِيّٗاۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم بَعۡدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا وَاقٖ ﴾ [الرعد: 37]
جمعَ اللهُ تعالى في القرآن الكريم كمالَ المعنى فجعله حُكمًا، وجمالَ المبنى فأنزله عربيًّا مُبينًا، فأيُّ كتابٍ يبلغُ شأوَه؟! اتِّباعُ أهواءِ المشركين وتمويهاتِ المضلِّلين ممَّا نزل القرآنُ بالتحذير منه، لما له من أثرٍ في الصدِّ عن الحق. مَن أرادَ الظَّفرَ بوَلايةِ الله ومعيَّتِه فليدَع الأهواءَ، وليتبع وحيَ السماء. |
﴿هَٰذَا بَلَٰغٞ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِۦ وَلِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ﴾ [إبراهيم: 52]
القرآنُ كتابُ بلاغٍ وإنذارٍ، فأحسِن توظيفَ هذه الأهدافِ في دعوة الناس. لا فضيلةَ للإنسان ولا مَنقَبةَ له إلا بما يُحسِنُه من إعمال عقله، ولتذكير أمثالِ هؤلاء العقلاء جاءت الكتبُ والرسل. |
﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]
لقد حفظ الله القرآن، فقيَّضَ له مَن يحفظه، حتى لو زِيدَ في القرآن حرفٌ واحد لأخرجه آلافٌ من الأطفال الصغار، فضلًا عن القُراء الكبار. لله الحمدُ الجزيل على حفظِ كتابه من التحريف والتبديل، مع كثرة أعداء هذا الدين الذين يتربَّصون به الدوائر، ويبغون له ولأهله الغوائلَ والفواقر، وهذا من آيات صدق القرآن أنه نزل من عند الله. |
﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِمۡۖ فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]
هنيئًا لقومٍ ائتمنهم الله تعالى على وحيه، وأمر الناسَ بالرجوع إليهم وسؤالهم، فكانوا كما أحبَّ ربُّهم، فنالوا منه التعديلَ والتزكية، والأجرَ والمثوبة. الرجال أقدرُ من النساء على الاضطلاع بأعباء النبوَّة، وصعودِ منابر البلاغ، ومواجهةِ المخالفين؛ فلذلك كانت الرسالةُ فيهم. الجاهل القادر على معرفة الحقِّ لا يُعذَر بترك السؤال، فما الظنُّ بمَن يعلم الحقَّ ويتَّبع الجهل؟! |
﴿بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلزُّبُرِۗ وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44]
لم يبعث الله نبيًّا إلا بآية تبيِّن صدقَه، وتقوم بها الحجَّة؛ وذلك لكمال عدله سبحانه ورحمته، وإحسانه وحكمته، ومحبَّته للعذر وإقامته للحجَّة. لا غَناء عن السنَّة النبوية، فهي أعلى ما يبيَّن به القرآنُ الكريم، ويُعلَم به مرادُ الله. كم وجَّه الكتاب والسنَّة العبادَ إلى إجالة الفكر في الآيات الشرعيَّة والكونيَّة للاعتبار بها، والاستدلال على الحقِّ من خلالها! |
﴿وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ﴾ [النحل: 64]
إذا مسَّ الأمَّةَ الاختلافُ فعلاجُه الرجوعُ إلى دواء الوحي، ففيه الشفاءُ والرشد، فمَن تركه إلى غيره فلا شفاءَ له. العمل بالقرآن هدًى ورحمة، وتركُه ضلالٌ ولعنة، فأهلُ الإيمان مَهديُّون مرحومون لعملهم به، وأهلُ الضلال بعيدون عن ذلك لتركهم له. |
﴿وَيَوۡمَ نَبۡعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٖ شَهِيدًا عَلَيۡهِم مِّنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَجِئۡنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِۚ وَنَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ تِبۡيَٰنٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِينَ ﴾ [النحل: 89]
لمَّا كان رسولُ كلِّ أمَّة هو أكثرَ أمَّته اطِّلاعًا على أعمالها، وأشدَّهم عليها شفقة، كان من عدل الله تعالى ولطفه أن جعله عليهم شاهدًا. كم في كتاب الله تعالى من ذخائرَ وكنوز، في أصول الدين وفروعه، وفي أحكام الدارَين وكلِّ ما يحتاجُ إليه العباد، قد بُيِّنت فيه أتمَّ تبيين، بألفاظٍ واضحةٍ ومعانٍ جليلة. قال مسروقٌ: (ما نسألُ أصحابَ محمَّدٍ ﷺ عن شيءٍ إلا عِلمُه في القرآن، إلا أنَّ عِلمَنا يَقصُر عنه). شريعة الله تعالى كاملة، ولا حاجةَ إلى طلبِ الزيادةِ عليها، أو النقصانِ منها. ينتفع المسلم بهُدى الله ورحمته وبُشراه بمقدارِ تمكُّنه من إسلامه واتِّباعه واستجابته. |
﴿إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَبِيرٗا ﴾ [الإسراء: 9]
من تدبَّر القرآن وعمل به سلمَ من الحَيدة عن الطريق الأقوم، فإن في القرآن حمايةً للعقول، ورعايةً للآداب، وعنايةً بجميل الطبائع والأخلاق. تأمَّل، فإن القرآن لا يهدي للطريق القويم فحسب، ولكنَّه يهدي إلى أقوم الطرق وأحسنها؛ لأنه يدلُّ على أعلى سبُل الاستقامة والكمال في كلِّ شيء. أعظِم بأجرٍ وعدَ الله به! فما ظنُّك بذلك الأجر وقد وصفه الله بالكبير؟! |
﴿كَذَٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ مَا قَدۡ سَبَقَۚ وَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ مِن لَّدُنَّا ذِكۡرٗا ﴾ [طه: 99]
كم في أسلوب الدعوة بالقَصص الحقِّ من منافع ودروس، وكم يستلهم منه العالم والداعية الحصيف من عِبر يُصلح بها النفوس! لما كان القرآن ذكرًا للرسول الكريم ولأمته، فينبغي تلقيه بالقبول والتعظيم، والبعد عن الإعراض عنه تلاوةً وعملًا. |
﴿مَّنۡ أَعۡرَضَ عَنۡهُ فَإِنَّهُۥ يَحۡمِلُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وِزۡرًا ﴾ [طه: 100]
كم في أسلوب الدعوة بالقَصص الحقِّ من منافع ودروس، وكم يستلهم منه العالم والداعية الحصيف من عِبر يُصلح بها النفوس! لما كان القرآن ذكرًا للرسول الكريم ولأمته، فينبغي تلقيه بالقبول والتعظيم، والبعد عن الإعراض عنه تلاوةً وعملًا. |
﴿وَهَٰذَا ذِكۡرٞ مُّبَارَكٌ أَنزَلۡنَٰهُۚ أَفَأَنتُمۡ لَهُۥ مُنكِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 50]
كيف يمكن إنكارُ هذا الكتاب العظيم مع كثرة منافعه، واشتماله على النظم العجيب، وبيان الشرائع؟ |
﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]
ما أعظمَ بركاتِه سبحانه وتعالى، وما أوسعها وأكملَها وأكثرها! وما أسعدَ مَن يتدبَّر كتابه بها، وأقربه منها! إذا أردتَّ أن تعرفَ عظمة القرآن الكريم وبركته وقدْره وجلاله فاعرِف عظمةَ قائله ومُنزله وحافظه سبحانه وتعالى. القرآن العزيز يفرِّق بين الحقِّ والباطل، والهدى والضلال، ومناهج البشر وعهودهم، فما أهدى مَن اتَّبع هذا الكتابَ العظيم، في هذا التميُّز القويم! |
﴿وَلَا يَأۡتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَأَحۡسَنَ تَفۡسِيرًا ﴾ [الفرقان: 33]
في القرآن الكريم تقرير للحق، لا مجرد الانتصار في الجدل، والغلبة في المحاججة. القرآن العزيز هو خير ما يكشف عَوار المضلين، وأحق ما يُستدل به على إبطال شبُهات المبطلين. دحضُ شبهات أهل الباطل وإبطالها مظهرٌ من مظاهر تأييد الله تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام. |
﴿تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ ﴾ [الشعراء: 2]
بالقرآن الكريم يستبين الهدى من الضلال، والرُّشد من الغَيِّ، والحقُّ من الباطل، فمعالمه واضحةٌ لا التباسَ فيها ولا غموض، ولا بواطنَ له تخالف مقتضى الظاهر. |
﴿وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [الشعراء: 192]
القرآن الكريم مصدر صلاح وهداية وتربية لكلِّ عباد الله تعالى، وكيف لا يكون كذلك وهو كلام ربِّ العالمين؟ |
﴿وَمَا تَنَزَّلَتۡ بِهِ ٱلشَّيَٰطِينُ ﴾ [الشعراء: 210]
حفظَ الله هذا الكتابَ من أيدي الخائنين، حيثُ نزل به جبريل الأمين ولم تتنزَّل به الشياطين؛ إذ لا ينبغي في حكمة الله أن يجعلَ ذلك لهم، ولا في مقدورهم. |
﴿طسٓۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡقُرۡءَانِ وَكِتَابٖ مُّبِينٍ ﴾ [النمل: 1]
من عظمة هذا الكتاب الكريم أنه كتاب كامل البيان لأحكامه وحِكمه، وذلك من مظاهر إعجازه وتمام تأثيره. |
﴿وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ﴾ [النمل: 92]
لكلِّ داعية من توجيه هذه الآية نصيب؛ بأن يُبلِّغ وحيَ ربِّه، وينذرَ قومه، ولا يضرُّه بعد ذلك مَن لم يستجب له. تلاوة القرآن من أعظم أسباب الهداية، ومن أقوم الطرق لإيصال الرسالة، فما أحسنَ أن يكونَ ذلك مصحوبًا بتبيُّن مبانيها، وكشف أسرار معانيها! إن القرآن لعظمته وجلاله لا يستطيع أحدٌ أن يقفَ منه موقفَ حياد من غير أن يغنَم أو يغرَم، فالقرآن حجَّة لك أو عليك. شأن الأنبيـاء وأتباعِهـم أنهـم يوقظــون في النــاس الفطــرة، ويبلِّغونهم الوحي، دون أن يَحملوهم على الحقِّ كُرهًا، أو يسوقوهم إلى الدين مرغمين، فمَن آمن من الناس نجا، وإلا فحسابه على الله. |
﴿وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَتَعۡرِفُونَهَاۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ﴾ [النمل: 93]
صدق الله تعالى، ففي كلِّ يوم يُري عبادَه بعضَ آياته في الأنفس والآفاق، ويكشف لهم عن بعض ما في هذا الكون من أسرار. مَن كان على بصيرة من أن مَن سيحاسبه غيرُ غافل عنه ولو للحظة استقام على أمره، وخشيَ أن يقعَ في نهيه وزجره. |
﴿۞ وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [القصص: 51]
تأمَّل طريقةَ القرآن الكريم في سرده الزواجــرَ والمواعــظ والأحــــكام والبراهــين، بحيث تُقبل عليها النفوسُ بشغَف فلا تمَلُّها ولا تسأمُ منها. |
﴿ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِهِۦ هُم بِهِۦ يُؤۡمِنُونَ ﴾ [القصص: 52]
لا يدَعُ الإيمانَ بالقرآن من أهل الديانات الأخرى إلا مَن يجهل ما أصابها من تحريف أو مَن كان صاحبَ هوًى. |
﴿وَإِذَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِهِۦٓ إِنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إِنَّا كُنَّا مِن قَبۡلِهِۦ مُسۡلِمِينَ ﴾ [القصص: 53]
إن القرآن من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى أكثر من الإصغاء إليه، فيعرف الذين عرَفوا الحقَّ من قبلُ أنه من ذلك المَعين الصادق والمصدر الواحد الذي لا يكذب. الذين عمَروا قلوبهم بالانقياد لله ربِّ العالمين من أهل الكتاب سَرعانَ ما يستجيبون لنور الإسلام إذا لاحت لعيونهم أنوارُه من غير تردُّد. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٖۚ قُل رَّبِّيٓ أَعۡلَمُ مَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ وَمَنۡ هُوَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ﴾ [القصص: 85]
ما أحسنَ التطمينَ من الربِّ الكريم لرسوله الأمين بأنه سيعود إلى مكةَ بعدما أُخرج منها! ليشيرَ بذلك إلى نصره وعلوِّ دينه حين يتحقَّق وعده الذي وعده. إذا ما أدَّى داعي الحقِّ رسالة ربِّه وبيَّنها أتمَّ البيان وأوضحَه، فلم يرَ ممَّن دعاه إلا التماديَ في العِناد والمراء فلا أحسنَ من المتاركة على تفويض أمر الاهتداء والضلال إلى الله تعالى. |
﴿ٱتۡلُ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45]
لا تكون تلاوةُ القرآن الحقَّة إلا باتِّباع ما فيه، وتدبُّر معانيه، وإقامة أحكامه، وتصديق أخباره. الصلاة تعني أن ترحلَ عن خطاياك إلى الله؛ لتَخرجَ من درَكات العادة إلى درجات العبادة، وليتغيَّر طعم المنكر في قلبك فلا تجد له لذَّة، فالصلاةَ الصلاة؛ فإنها تصنعك. مَن لم تستمرَّ صَلاتُه في نهيه عن الفحشاء والمنكر فليراجع صلاته. بالصلاة تَدفع المكروهَ من الفحشاء والمنكر، وبها تحصِّل المحبوب. ذِكرُ الله سبحانه أكبر من أن يبقى معه فاحشةٌ ومنكر، بل إذا تمَّ الذكر محَقَ كلَّ خطيئة ومعصية. عن معاذ رضي الله تعالى عنه قال: (ما عملَ آدميٌّ عملًا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله)، قالوا: يا أبا عبد الرحمن، ولا الجهادُ في سبيل الله؟ قال: (ولا؛ إلا أن يضربَ بسيفه حتى ينقطع؛ لأن الله تعالى يقول في كتابه: ﴿ولذكرُ الله أكبر﴾ ). لازمِ العمل كما يلازم الصانع صنعته، وأقِم الذكر حتى يصير لك طبعًا صحيحا، ومقصودًا صريحا. |
﴿وَلَقَدۡ ضَرَبۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ وَلَئِن جِئۡتَهُم بِـَٔايَةٖ لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا مُبۡطِلُونَ ﴾ [الروم: 58]
كم في هذا الكتاب العظيم من صروف الأمثال، وأنماطٍ حسنة من الخطاب، ووسائلَ نافعةٍ لإيقاظ القلوب والعقول، وتعابير موحيةٍ عميقةِ التأثير في النفوس! لمَّا كان مَن لا يريد الحقَّ ولا يقبله غيرَ قادر على مقابلته بالحجَّة والمنطق، فإنه يلجأ إلى الدَّعاوى العريضة والاتِّهامات الباطلة؛ ليثبُتَ على باطله. |
﴿تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ ﴾ [لقمان: 2]
إذا قرأت القرآن متدبِّرًا وجدتَّ الحكمة تتفجَّر من بين ألفاظه ومعانيه، وأخباره وأحكامه، وعلومه ومعارفه، فابحث وراء كلِّ حرف منه عن الحكمة؛ لعلَّ الله يفتح بها عليك. |
﴿وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ ﴾ [سبأ: 6]
ما أحسن العلم النافع حينما يغرِس في قلوب أصحابه اليقينَ بأن ما جاء إلى رسول الله ﷺ من عند ربه هو الحق الهادي إلى أهدى سبيل! القرآن كتاب مفتوح للأجيال، فيه من الحق ما يكشف عن نفسه لكل ذي علم صحيح، وهو يكشف عن الحق المستكِنِّ في كيان هذا الوجود كله. يا مَن أنعم الله سبحانه وتعالى عليه بالهداية؛ إنك بعزة الله منصور، وعلى اهتدائك محمود. |
﴿كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ﴾ [ص: 29]
مَن اقتصرَ من القرآن على تلاوة كلماته، دون الإبحار في فهم آياته، والغوص في حِكمه ودَلالاته، فقد ضيَّع على نفسه الكثيرَ من بركاته. علامة صحَّة العقل ورُشده التذكُّر بالقرآن، ومَن لم يتذكَّر به فليس بذي عقل ولو حصَّل أعلى الشهادات، وارتقى أرفع الدرجات. |
﴿وَٱتَّبِعُوٓاْ أَحۡسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ بَغۡتَةٗ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ ﴾ [الزمر: 55]
تحذيرٌ بعد تحذير، وإنذارٌ بعد إنذار، فهل لك أيُّها المسلم من عُذرٍ بترك امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه؟ اتباع الوحي سبيلُ النجاة والفلاح، فمَن ضرب بعِظاته وهديه عُرضَ الحائط أتاه العذابُ فجأةً من غير إنذار ولا تنبيه. |
﴿تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ ﴾ [غافر: 2]
إن كتابًا أنزله العزيز الذي لا يُغلَب، والعليم الذي أحاط بكلِّ شيء علمًا؛ لكتابٌ عظيم جليل، فأيُّ شرفٍ لمَن استمسك بهديه وعمل بشرعه؟ |
﴿تَنزِيلٞ مِّنَ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾ [فصلت: 2]
مَن تمسَّك بكتاب الله وجبَت له الرحمة وحقَّت له السعادة، فما أحرانا أن نغرفَ من هدي القرآن، لنحيا به في طُمَأنينة وأمان. |
﴿كِتَٰبٞ فُصِّلَتۡ ءَايَٰتُهُۥ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ ﴾ [فصلت: 3]
آيات القرآن بلغت الغايةَ في الكمال؛ شمولًا وإحكامًا وتفصيلًا وبيانًا؛ لترتويَ النفوسُ من مَعينها، وتستنـيرَ القلوب بضيائها. جلال ما اشتمل عليه القرآنُ من معان سامية، وأحكام دقيقة وافية، اقتضى أن يكونَ بلغة رائقة المباني، غنيَّة المعاني، وهل في سموِّ العربيَّة لغةٌ أو بيان؟! |
﴿بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا فَأَعۡرَضَ أَكۡثَرُهُمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ ﴾ [فصلت: 4]
وحيُ الله بشيرٌ يملأ قلوبَ الطائعين بالرجاء، ونذيرٌ لمَن عصى ربَّه وسلك دروبَ الشقاء. إن لم ينتفع المرء بما يسمع، ولم يتَّعظ بما يرى، كان كمَن لا سمعَ له ولا بصر. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكۡرِ لَمَّا جَآءَهُمۡۖ وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٞ ﴾ [فصلت: 41]
ما أبأسَ حالَ مَن لم يَرفع بالقرآن رأسًا؛ إيمانًا وذكرًا وعملًا! تراه في الدنيا يَخبِط على غير هدًى، ويوم القيامة يرى باطلَ عمله مُحضرًا. وكيف لا يكون القرآن عزيزًا، وقد حفظه ربُّه من التغيير والتبديل، وجعله بصحَّة معانيه حِصنًا حصينا، وبرِفعةِ بيانه صرحًا مَكينا؟! اتلُ أيُّها المسلم كتابَ ربِّك بعينَي فؤادك وقلبك، وتدبَّر مقاصدَ آياته وعِظاته، تجد فيه ما تجيش له النفسُ، تعظيمًا لحكمة الله، وحمدًا على نعمته. |
﴿لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ ﴾ [فصلت: 42]
ما أبأسَ حالَ مَن لم يَرفع بالقرآن رأسًا؛ إيمانًا وذكرًا وعملًا! تراه في الدنيا يَخبِط على غير هدًى، ويوم القيامة يرى باطلَ عمله مُحضرًا. وكيف لا يكون القرآن عزيزًا، وقد حفظه ربُّه من التغيير والتبديل، وجعله بصحَّة معانيه حِصنًا حصينا، وبرِفعةِ بيانه صرحًا مَكينا؟! اتلُ أيُّها المسلم كتابَ ربِّك بعينَي فؤادك وقلبك، وتدبَّر مقاصدَ آياته وعِظاته، تجد فيه ما تجيش له النفسُ، تعظيمًا لحكمة الله، وحمدًا على نعمته. |
﴿وَلَوۡ جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَانًا أَعۡجَمِيّٗا لَّقَالُواْ لَوۡلَا فُصِّلَتۡ ءَايَٰتُهُۥٓۖ ءَا۬عۡجَمِيّٞ وَعَرَبِيّٞۗ قُلۡ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدٗى وَشِفَآءٞۚ وَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ فِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٞ وَهُوَ عَلَيۡهِمۡ عَمًىۚ أُوْلَٰٓئِكَ يُنَادَوۡنَ مِن مَّكَانِۭ بَعِيدٖ ﴾ [فصلت: 44]
لمَّا كان اللسان العربيُّ أكملَ الألسنة وأحسنَها بيانًا للمعاني، كان نزول الكتاب به من أعظم النِّعَم، ولكنَّ الظالمين بآيات الله يجحَدون. القرآن هدًى وشفاء، ولكن هيهاتَ أن ينتفعَ به إلا المؤمنون، الصادقون المخلصون، فإنَّ بمقدار اليقين به يكون الانتفاع. حال الناس مع القرآن كحال الليل والنهار، فمنهم مَن تفتَّحت إليه عقولهم، وأبصرت به قلوبهم، ومنهم مَن أظلمت دونه أفئدتهم، وعَمِيت عنه بصائرهم. أنَّى للمُعرضين عن القرآن أن تخالطَهم بشاشةُ هداياته؟! فمَن أعرض عنه طُمس على قلبه وخُتم على بصيرته، وصُمَّت أذناه دون ندائه، فلا يتبيَّن بعدُ من الحقِّ شيئًا. |
﴿قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرۡتُم بِهِۦ مَنۡ أَضَلُّ مِمَّنۡ هُوَ فِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ ﴾ [فصلت: 52]
دعوةٌ للتأمُّل والتفكُّر في حالنا مع القرآن؛ عملًا بأحكامه وامتثالًا لأوامره ونواهيه، فإنه حقٌّ أكيد، وليس بعد الحقِّ إلا الضلال. |
﴿كَذَٰلِكَ يُوحِيٓ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ [الشورى: 3]
شتَّان بين وحي الله الكامل في عزَّته، والكامل في علمه وحكمته، وبين قوانين البشر الموضوعة بعقولهم القاصرة، وقدراتهم الناقصة. إنه وحيُ السماء لأهل الأرض، قد بلغ الغايةَ في الكمال، والحكمة والجلال، فاستمسِك بهُداه، ودعك ممَّا سواه. |
﴿وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ يَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ فَرِيقٞ فِي ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي ٱلسَّعِيرِ ﴾ [الشورى: 7]
إنزال القرآن على العرب بلغتهم فيه توجيهٌ للدعاة إلى ضرورة مخاطبة الناس بما يَعقِلون، وتبليغهم من الحقِّ ما يفهمون ويعون. على الداعي إلى الله أن يبدأ في الدعوة بأرضه التي يعيش فيها ما أمكنه ذلك، ثمَّ ينتقل عنها إلى ما حولها، وهكذا دعا رسولنا عليه الصلاة والسلام. |
﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ ﴾ [الشورى: 17]
كان أصحابُ رسول الله ﷺ يستحضرون الساعةَ في أوقاتهم كلِّها؛ تعظيمًا لشأنها، وفزَعًا من أهوالها، فأين نحن منهم؟! يحجُب الله قلوبَ المرتابين عن استشعار خطر الساعة، فيمضون عنها غافلين، وبعذابها غيرَ مبالين. لا يدري المؤمنون مصيرَهم في الآخرة، فيعيشون في فزَع من لقائها، ولا يدري الكافرون حقيقةَ أمرها فلا يبالون بها ولا بما فيها! وهل أضلُّ ممَّن يرى آيات ربِّه في نفسه وآفاق كونه، ثم يُماري ويُجادل في الساعة وحقيقة قيامها؟ نعم إنه ضلالٌ بعيد؛ لأن إنكار الجزاء غالبًا ما يُفضي إلى الذهاب بعيدًا في الظلم والعدوان، والبغي والعصيان، وارتكاب صنوف الآثام. |
﴿وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [الشورى: 52]
القرآن رُوحٌ من أمر الله يحيي به القلوب، ونورٌ يضيء به الأرواحَ والدروب، فهنيئًا لمَن عَمَرَ فؤادَه بالقرآن، واشتغل عُمُرَه بهدي الفرقان. المتَّبع للكتاب والسنَّة تراه قد كُسيَ من الرَّوحِ والنور، ومن الجلال والوقار ما حُرمه غيرُه، فلنَحرِص على أن نكونَ منهم. قد تزِلُّ القدم بعد ثبوتها، ويعتري الفطرةَ الزيغُ والضلال، فلا بدَّ لها من مرشد ناصح، وليس ككلام الله وسنَّة رسوله مرشدٌ هاد. لا تُغني الكتبُ عن الرسُل والدعاة إليها، المبصِّرين بهديها والناشرين لطيبها، فجزى الله عنَّا نبيَّنا محمَّدًا ﷺ خيرَ ما جزى نبيًّا عن أمَّته. |
﴿إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ﴾ [الزخرف: 3]
لمَّا أقبل العربُ على هذا الكتاب الذي نزل بلسانهم انتقلوا من رعي الغنم، إلى سيادة الأمم، وعودةُ مجدهم اليوم تقتضي عودتهم إلى ما كانوا عليه من الإقبال على هذا الكتاب. لا يكون المرءُ ذا عقل ما لم يمنعه عقله من ارتكاب المحظور، ويحجُزه عن الوقوع في الإثم، فمَن كان كذلك استحقَّ أن يُنعتَ بالعقل. |
﴿وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [الزخرف: 4]
أرأيتَ الشمس في سَنائها؟ لا يمكن لأحد حجبُ أنوارها، وكذا القرآنُ مهما حاول المشكِّكون طمسَ أنواره سينتهي عملهم إلى بَوار، ومكرهم إلى إخفاق. |
﴿فَٱسۡتَمۡسِكۡ بِٱلَّذِيٓ أُوحِيَ إِلَيۡكَۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [الزخرف: 43]
الاستمساك بالوحي واتِّباعه هو مِعراجُ الوصول إلى خيرَي الدنيا والآخرة، ومَن كان كذلك فليطمئنَّ؛ فإنه على الطريق الراشد، والدرب القويم. إنْ علِمَ المؤمنُ وأيقنَ بأن هذا الصراطَ مستقيمٌ لا اعوجاج فيه، أورثه ذلك طُمَأنينةً وراحةً يواجه بها عوائق هذا الطريق. |
﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةٖ مُّبَٰرَكَةٍۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ﴾ [الدخان: 3]
ما أعظمَ ليلةَ القدر وأجلَّ بركاتها! ومن أظهرها بهاءً وأبرزها جلاء: ابتداءُ نزول الوحي فيها؛ ليكونَ هدًى للبشريَّة، بمنهج الفِطرة السويَّة. |
﴿فَإِنَّمَا يَسَّرۡنَٰهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [الدخان: 58]
ما أرسل الله من رسول إلا بلسان قومه؛ ليَعقِلوا عنه، وتقومَ عليهم الحُجَّة، وعلى الدعاة أن يُخاطبوا الناسَ بما يعقلون. |
﴿تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ ﴾ [الجاثية: 2]
لن تكونَ للمرء عِزَّة ما لم يستنِر بنور القرآن ويهتدي بهديه، فإذا خالط القرآنُ لحمه ودمه بوَّأه الله مكانًا عليًّا. لا تجد لفظةً في كتاب الله إلا ولها حكمةٌ في لفظها وموضعها، ولذلك كان القرآن محكمًا، لا يَصمُد معاندوه أمامه طرفةَ عين. |
﴿تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ ﴾ [الأحقاف: 2]
دونك مَنهلَ العزَّة والحكمة فتَضلَّع منهما، فإنْ رجوتهما في غير كتاب ربِّك فقد أتعبتَ نفسك وأرهقت بدنك. |
﴿وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةٗۚ وَهَٰذَا كِتَٰبٞ مُّصَدِّقٞ لِّسَانًا عَرَبِيّٗا لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُحۡسِنِينَ ﴾ [الأحقاف: 12]
يتنزَّل القرآنُ رحمةً بالناس وإرشادًا لهم إلى الخير، وأخذًا بأيديهم إلى ما فيه صلاحُ دينهم ودنياهم، فما أعظمَه من نعمة! شرَّف الله عزَّ وجلَّ أمَّة العرب أن أنزل القرآنَ بلسانها، فاعتنى بها اعتناءً خاصًّا، وقدَّمها على غيرها من الأمم، فعليها أن تعرِفَ قَدْر هذا الشرف بتدبُّر هذا الكتاب والعمل به. |
﴿وَإِذۡ صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوۡاْ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِينَ ﴾ [الأحقاف: 29]
في تسخير الجنِّ للإيمان به ﷺ تسليةٌ له، وتثبيتٌ لفؤاده، وتعويضٌ له عن أولئك البشر الذين آذَوه وقاتلوه، ومَن أعرض استبدله الله بخير منه. من تمام الأدب مع الله التأدُّبُ مع كلامه، فلا يعبث المرء بشيء حالَ استماعه، بل يُنصت في خشوع وخضوع، وتفكُّر وتدبُّر. إذا ما وعى القلب الرسالةَ وأدرك معانيَها فلا بدَّ أن ينهضَ لتبليغها، مقتديًا في ذلك بالأنبياء والمرسلين ومَن تَبِعهم في هذا الطَّريق. |
﴿قَالُواْ يَٰقَوۡمَنَآ إِنَّا سَمِعۡنَا كِتَٰبًا أُنزِلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [الأحقاف: 30]
ما أسعدَ القلبَ الذي يعيش مع القرآن! يستغني به المرء عن كلِّ كلام؛ إذ إنه لا يماثله كلام، ومَن تدبَّره أيقن علوَّ منزلته ورفعة شأنه. إن طريق القرآن لا يوصل إلا إلى وِجهة واحدة هي السعادة والطمأنينة في الدارين، وتكتمل تلك الراحة في مقعد صدق عند مليك مقتدر. لا يمكن لأيِّ حجاب أن يمنع أنوار القرآن، أو أن يطمس هدايته، فكم من الناس لمَّا تُلي عليه القرآن أسلم وانقاد لله جلَّ جلاله! |
﴿يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ ﴾ [الأحقاف: 31]
إجابة الداعي لا تكون بالادِّعاء، وإنما تكون بنصرة دعوته، واقتفاء أثره، وإيصال رسالته إلى خلق الله. العبد المؤمن دائم التذكُّر لذنوبه، كثير العدِّ لها، فيكون منها على وجَل دائم، وخوف شديد. |
﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَءَامَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٖ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ كَفَّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَأَصۡلَحَ بَالَهُمۡ ﴾ [محمد: 2]
هيَّج ذكرُ النبيِّ ﷺ شوقَ المحبِّين له، المتمنِّين لرؤيته، فدفعهم ذلك الشوق إلى التمسُّك بنهجه والثبات على سُنَّته. لا يطمئنُّ قلب المرء، ولا يَحسُن حاله ما لم يَصلُح باله، فصلاح البال فيه استقامةُ الشعور، واطمئنانُ القلب، والتنعُّم في هذه الحياة. |
﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ ﴾ [محمد: 24]
لو رجَع الناسُ إلى القرآن لوجدوا فيه صلاحَ حياتهم، وراحة نفوسهم، ولهداهم طريقًا مستقيمًا، ولو اقتربوا من ضيائه لانتشر نوره في جنَبات قلوبهم، ولزالت عنهم ظلماتُ المعاصي، ولَبانَ لهم خطأ ما هم عليه. المؤمن إذا أعمل فكرَه في تدبُّر آيات الله جنى ثمارَ ذلك قربًا من الله، وثباتًا على طاعة مولاه. لا أملَ في تذكُّر المنافقين ما لم يَنزِعوا أقفال النفاق عن قلوبهم، ويزيلوا تلك الأفكارَ من عقولهم. تدبُّر القرآن يكشف الغِشاوةَ عن العيون، ويفتح نوافذ الحقِّ إلى القلوب، فيَسكُب فيها النور، ويُنشئ حياةً للروح تَنبِض بها وتُشرِق. إن الله عزَّ وجلَّ لم يحرِم عبادَه من الهدى والقرآنُ بين أيديهم، ولم يكتب عليهم الشقاء وقد أنزله عليهم، لكن الظالم من ظلم نفسه، وأغلق سمعَه، وصرَف بصره عن هدايات القرآن. |
﴿وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ ﴾ [القمر: 17]
القرآن كلامُ الله المعجِز الذي يراه البلغاء قد استوفى البيانَ ولطائفَ التعبير، ويراه العامَّة أحسنَ كلام وأقربَه إلى نفوسهم وعقولهم. |
﴿وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ ﴾ [القمر: 22]
قال ابن عبَّاس: (لولا أن الله يسَّر القرآنَ على لسان الآدميِّين ما استطاعَ أحدٌ من الخَلق أن يتكلَّمَ بكلام الله). |
﴿وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ ﴾ [القمر: 32]
ينال العبدُ من يُسر القرآن وبركَته، بقَدر ادِّكاره واعتباره. |
﴿وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ ﴾ [القمر: 40]
مَن قصدَ العلمَ بالقرآن أُعين عليه، ومَن قصدَ تلاوتَه وحِفظه وتدبُّره وُفِّق إليه، فهلمَّ إلى دَوحته الغنَّاء للتبصُّر بمعانيه والاعتبار بهُداه. |
﴿إِنَّهُۥ لَقُرۡءَانٞ كَرِيمٞ ﴾ [الواقعة: 77]
من مظاهر كرم القرآن: ما يمنحُه لتاليه من ثواب جزيل، وأثر في القلب جميل، وما فيه للضالِّين من نُصح وهداية وصَلاح، وللمتبصِّرين من علم وفقه وفَلاح. كيف لا يكون القرآن عظيمًا كريمًا؛ وهو كلامُ الملِك الأرحَم، بسِفارة الملَك الأكرَم، على قلب النبيِّ الأعظَم، بلسان عربيٍّ فصيح، وبيان عذبٍ مَليح؟ |
﴿فِي كِتَٰبٖ مَّكۡنُونٖ ﴾ [الواقعة: 78]
من فضل الله على عباده أنْ حَفِظَ لهم كتابهم وصانه من كلِّ تغيير وتحريف، وجعله محفوظًا في لوح السماء، وصُدور الصَّالحين الأتقياء، وأسطُر المصاحف، وحريٌّ بنا أن نكونَ من حفَظَته. |
﴿لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا ٱلۡمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 79]
لا يُدرك معانيَ القرآن ويذوق حلاوةَ لطائفه إلا القلوبُ الطاهرة الزكيَّة، أمَّا القلوبُ المتلوِّثة بالبدَع والضَّلالات فهيهاتَ أن تنالَ من بركاته، ويُفتَح عليها من خَيراته! |
﴿تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [الواقعة: 80]
لمَّا كان القرآن تنزيلَ ربِّ العالمين، كان بلا مِريةٍ دليلَ هداية ونجاة، ودستورَ صلاح وإصلاح لكلِّ العالَمين، في حياتهم وفي مَعادهم. |
﴿لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الحشر: 21]
لو أنزل الله القرآنَ على جبل وأمره بما أمرنا، وخوَّفه بالذي خوَّفنا، لخشعَ وتصدَّع من خوف الله، أوَلَسنا أحقَّ بالخوف والخشية منه؟ إذا كانت الجبالُ الضخمة الصُّلبة تتزلزل وتتصدَّع من خشية ما في القرآن من مواعظَ وعِبَر، أفلا تَلينُ لها قلوبُ الخَلق من البشَر؟ إنَّ أمر القرآن لعظيم، وإن قدره لرفيع، وحريٌّ بنا أن تخشعَ له قلوبُنا، وتذرِفَ عيونُنا؛ لما فيه من الوعد الحقِّ والوعيد الأكيد. عن مالك بن دينار قال: (أُقسم لكم، لا يُؤمن عبدٌ بهذا القُرآن إلَّا صدَّع قلبَه). من لطف الله تعالى بعباده المسلمين ورأفته بهم أنه يضربُ لهم الأمثالَ تبصيرًا لعقولهم، وإيقاظًا لقلوبهم، فمَن تدبَّرها حسُن فكرُه، واستنارَت بصيرتُه. |
﴿فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَٱلنُّورِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلۡنَاۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ ﴾ [التغابن: 8]
هي دعوةٌ من الله باقية؛ ازدادوا أيها الناسُ إيمانًا ويقينًا، واتِّباعًا للرسول وتأسِّيًا، واستبصارًا بالوحي واهتداء، تفلحوا في الدنيا والآخرة. إنَّ حاجتك إلى نور يُضيء لك طريقَك إلى الآخرة أشدُّ من حاجتك إلى ضياء يبصِّرك في ظلام دنياك. لنكُن على يقين أنَّ الله لا يخفى عليه شيءٌ من أقوالنا وأعمالنا، وأنه لا بدَّ مجازينا، أفلا نخافُه ونراقبُه في سرِّنا وعلانيتنا؟! |
﴿أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ قَدۡ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكُمۡ ذِكۡرٗا ﴾ [الطلاق: 10]
العقل السليمُ يوقن أن الذي أهلك القرونَ السابقة بكُفرهم وتكذيبهم يُهلك مَن بعدهم كما أهلكهم؛ لاشتراكهم بالفعل القبيح. إنما سُمِّي القرآن ذكرًا لما تضمَّنه من تذكير الناس بما هم عنه غافلون من التوحيد والتكليف، ولما فيه من وعدٍ لمَن تمسَّك به بالرِّفعة والشرف المُنيف! ما قيمةُ العقل الراجح إن لم يحجُز صاحبَه عن المحرَّمات والمنكرات، ولم يهدِه إلى المبرَّات والصالحات؟ شتَّانَ بين نور الوحي والعلم الذي جاء به النبيُّ ﷺ، وظلام الجهل والضَّلال، وشتَّان بين نورٍ في القلب يَهدي صاحبَه إلى الحقِّ، وظلامٍ يُعميه عن أوضح الحقائق وأظهر المسلَّمات. بطَلَ العذرُ والاعتذار مع قيام الحُجَّة على الخَلق؛ بإرسال كتاب مبيِّن للحلال والحرام، وللأمر والنهي، فهل من مدَّكر؟! لا تستصغر أيَّ عمل صالح مهما ضَؤُل، فلا تدري أيَّ عملك يكون لك نورًا تمشي به في الدنيا، وتجتاز به الصِّراطَ في الآخرة. من إكرام الله تعالى لأهل طاعته أنه ينعِّمهم في دار الخلود مع أحبابهم من ذرِّياتهم وإخوانهم، لتتمَّ لهم السعادةُ والسرور. |
﴿رَّسُولٗا يَتۡلُواْ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُدۡخِلۡهُ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ قَدۡ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ لَهُۥ رِزۡقًا ﴾ [الطلاق: 11]
العقل السليمُ يوقن أن الذي أهلك القرونَ السابقة بكُفرهم وتكذيبهم يُهلك مَن بعدهم كما أهلكهم؛ لاشتراكهم بالفعل القبيح. إنما سُمِّي القرآن ذكرًا لما تضمَّنه من تذكير الناس بما هم عنه غافلون من التوحيد والتكليف، ولما فيه من وعدٍ لمَن تمسَّك به بالرِّفعة والشرف المُنيف! ما قيمةُ العقل الراجح إن لم يحجُز صاحبَه عن المحرَّمات والمنكرات، ولم يهدِه إلى المبرَّات والصالحات؟ شتَّانَ بين نور الوحي والعلم الذي جاء به النبيُّ ﷺ، وظلام الجهل والضَّلال، وشتَّان بين نورٍ في القلب يَهدي صاحبَه إلى الحقِّ، وظلامٍ يُعميه عن أوضح الحقائق وأظهر المسلَّمات. بطَلَ العذرُ والاعتذار مع قيام الحُجَّة على الخَلق؛ بإرسال كتاب مبيِّن للحلال والحرام، وللأمر والنهي، فهل من مدَّكر؟! لا تستصغر أيَّ عمل صالح مهما ضَؤُل، فلا تدري أيَّ عملك يكون لك نورًا تمشي به في الدنيا، وتجتاز به الصِّراطَ في الآخرة. من إكرام الله تعالى لأهل طاعته أنه ينعِّمهم في دار الخلود مع أحبابهم من ذرِّياتهم وإخوانهم، لتتمَّ لهم السعادةُ والسرور. |
﴿وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكۡرٞ لِّلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [القلم: 52]
دعوتنا دعوةٌ عالميَّة، وهذا يقتضي منَّا اتِّباعَ أرقى وسائل الحكمة في الدعوة، مع مراعاة تبايُن الشعوب واختلاف ألسنتها وثقافاتها. كيف يوصَف بالجنون من أُرسل بهذا الذِّكر الكامل والشريعة المحكَمة التي لا يحتملُ عِبءَ تبليغها إلا مَن كان أعقلَ الناس وأرجحَهم رأيًا؟ لكنَّه العِناد الذي يحمل صاحبَه على قول المتناقضات. |
﴿إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ ﴾ [الحاقة: 40]
هذا أعمُّ قسَمٍ في القرآن؛ يشمل العُلويَّات والسُّفليَّات، والدنيا والآخرة، وما يُرى وما لا يُرى؛ ليكونَ القرآن آيةً على صدق رسوله، وما جاء به من لدُن ربِّه. كيف لا يكون كريمًا من حَباه الله باجتماع الكمالات، ونزَّهه عن النقائص المَعيبات؟ وإنَّ من أجلِّ الكمال تبليغَ الرسالة بأمانة وإخلاص. |
﴿وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَاعِرٖۚ قَلِيلٗا مَّا تُؤۡمِنُونَ ﴾ [الحاقة: 41]
الداعية يمضي في دعوته متجلِّدًا صبورًا، غيرَ عابئ بتثبيط المثبِّطين، ولا افتراءات المفترين، والله يدافعُ عنه وينصر دعوته، ما أخلصَ واستقام. يُدرك العربيُّ الفصيح بفِطرته البَونَ البعيد بين القرآن في علوِّ بيانِه، وسموِّ تبيانِه، وبين ما سواه من قولٍ وكلام، ولكنَّه الكِبرُ واتِّباع الهوى! |
﴿وَلَا بِقَوۡلِ كَاهِنٖۚ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الحاقة: 42]
الداعية يمضي في دعوته متجلِّدًا صبورًا، غيرَ عابئ بتثبيط المثبِّطين، ولا افتراءات المفترين، والله يدافعُ عنه وينصر دعوته، ما أخلصَ واستقام. يُدرك العربيُّ الفصيح بفِطرته البَونَ البعيد بين القرآن في علوِّ بيانِه، وسموِّ تبيانِه، وبين ما سواه من قولٍ وكلام، ولكنَّه الكِبرُ واتِّباع الهوى! |
﴿تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [الحاقة: 43]
الداعية يمضي في دعوته متجلِّدًا صبورًا، غيرَ عابئ بتثبيط المثبِّطين، ولا افتراءات المفترين، والله يدافعُ عنه وينصر دعوته، ما أخلصَ واستقام. يُدرك العربيُّ الفصيح بفِطرته البَونَ البعيد بين القرآن في علوِّ بيانِه، وسموِّ تبيانِه، وبين ما سواه من قولٍ وكلام، ولكنَّه الكِبرُ واتِّباع الهوى! |
﴿وَإِنَّهُۥ لَتَذۡكِرَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ ﴾ [الحاقة: 48]
لا يُدرك قيمةَ الجوهرة النفيسة إلا عارفٌ خبير، وكذلك القرآنُ لا ينتفع بكنوزه ودُرَره إلا عارفٌ بمزاياه، مهيَّأ للاستفادة والاتِّعاظ. |
﴿وَإِنَّهُۥ لَحَسۡرَةٌ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [الحاقة: 50]
سيغدو القرآنُ حسرةً على المكذِّبين به تَفري قلوبَهم فَريًا؛ لِما يرَون من ثواب من آمن به واهتدى بهُداه. |
﴿وَإِنَّهُۥ لَحَقُّ ٱلۡيَقِينِ ﴾ [الحاقة: 51]
إن هذا القرآنَ قويٌّ في الحقِّ عميقٌ في اليقين، كيف لا وهو يكشفُ في كلِّ آيةٍ منه عن الحقِّ الخالص، واليقين المَحض؟ أفلا نتَّخذه منهجًا لحياتنا؟ امتنَّ الله على خَلقه بأن أنزلَ عليهم كتابًا عظيمًا فيه صلاحُهم في الدنيا وفلاحُهم في الآخرة، فلنعترف بفضله، بدوام تنزيهه وشُكره. سُئل عليٌّ رضي الله عنه عن كلمة التسبيح (سبحان الله)، فقال: (كلمةٌ رضيَها الله لنفسه فأوصى بها خَلقَه). فأكثروا من التسبيح عملًا بوصيَّة الربِّ الكريم. |
﴿قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا ﴾ [الجن: 1]
لنتأمَّل حالَ الجنِّ بعد إصغائهم إلى آيات القرآن، كيف امتلأت نفوسُهم بمعاني الإعجاب والتعظيم، لهذا البيان المحكَم الكريم، أوَ لسنا أولى بهذا منهم؟ ما أحرانا أن نجتهدَ وننشطَ في تبليغ القرآن وإسماعه للعالمين؛ لعلَّ الله يُجري الخيرَ على أيدينا ويجعلنا سببًا لهداية الناس بكلامه المبين. مَن لم يهدِه القرآنُ للحقِّ والتوحيد الخالص، فلن تنفعَه آلافُ كتب الجدل والفلسفة والمنطق، فاستمسك بالقرآن تُفلح. |
﴿يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا ﴾ [الجن: 2]
لنتأمَّل حالَ الجنِّ بعد إصغائهم إلى آيات القرآن، كيف امتلأت نفوسُهم بمعاني الإعجاب والتعظيم، لهذا البيان المحكَم الكريم، أوَ لسنا أولى بهذا منهم؟ ما أحرانا أن نجتهدَ وننشطَ في تبليغ القرآن وإسماعه للعالمين؛ لعلَّ الله يُجري الخيرَ على أيدينا ويجعلنا سببًا لهداية الناس بكلامه المبين. مَن لم يهدِه القرآنُ للحقِّ والتوحيد الخالص، فلن تنفعَه آلافُ كتب الجدل والفلسفة والمنطق، فاستمسك بالقرآن تُفلح. |
﴿أَوۡ زِدۡ عَلَيۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]
صلاةُ الليل وذكرُ الله زادٌ يعين المؤمنَ على تحمُّل أثقال الحياة وتجاوز عقَباتها، وأَولى من يتزوَّد به العلماءُ والدعاة. المقصود من الترتيل حضورُ القلب وتدبُّر المعاني؛ فمَن تدبَّر القرآنَ ابتهج فؤادُه، واستشعر حلاوةَ الإيمان وبردَ اليقين. إن الله لا يكلِّف نفسًا إلا وسعَها، فقُم من الليل ما تستطيع، وتهجَّد ما كان قلبك حاضرًا، وفؤادك ناشطًا، فإذا أثقلك النعاسُ فنَم. |
﴿۞ إِنَّ رَبَّكَ يَعۡلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدۡنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيۡلِ وَنِصۡفَهُۥ وَثُلُثَهُۥ وَطَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَۚ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحۡصُوهُ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرۡضَىٰ وَءَاخَرُونَ يَضۡرِبُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَبۡتَغُونَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَءَاخَرُونَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنۡهُۚ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗاۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٗا وَأَعۡظَمَ أَجۡرٗاۚ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمُۢ ﴾ [المزمل: 20]
قليلٌ يدوم خيرٌ من كثير ينقطع؛ فمهما كانت حالك، وأيًّا كان عُذرك فاحرِص على القيام، ولو بصلاة ركعتين ترتِّل فيهما القرآنَ في هَدأة الليل. لنتأمَّل هذا التأكيدَ الصَّريح: ﴿فاقرَءُوا ما تيسَّرَ مِنه﴾ ، ولنتأمَّل حالنا وأين نحن منه! قلَّما يخلو امرؤٌ في عمله وعبادته من تفريط، فلنلزَم الاستغفارَ في جميع أحوالنا؛ جبرًا لما بدرَ منَّا من تقصير، فإنَّ الله غفور رحيم. فضل الله واسعٌ عظيم، وجوده وافرٌ عميم، وما عليك إلا أن تسعى في مناكبِ الأرض تبتغي من رزقه الحلال. هل بعد هذا الإغراء من إغراء؟ ما تُقدِّم من عملٍ صالح أشبهُ بقَرض مضمونِ الأداء، مع زيادةٍ مضاعفة أضعافًا كثيرة، فهلمَّ نستبق إلى الخيرات. |
﴿كـَلَّآ إِنَّهُۥ تَذۡكِرَةٞ ﴾ [المدثر: 54]
القلوب الحيَّة بالإيمان، هي وحدَها التي تتَّعظ بآيات القرآن، وتنتفع بالذِّكرى، فهنيئًا لمَن اتَّعظَ وذَكَر. |
﴿فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ ﴾ [المدثر: 55]
القلوب الحيَّة بالإيمان، هي وحدَها التي تتَّعظ بآيات القرآن، وتنتفع بالذِّكرى، فهنيئًا لمَن اتَّعظَ وذَكَر. |
﴿لَا تُحَرِّكۡ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعۡجَلَ بِهِۦٓ ﴾ [القيامة: 16]
يا مَن ترومُ الفوزَ بشرف حفظ القرآن، لا تتعجَّل الحفظ، وأكثر من القراءة والإصغاء إلى القرَّاء، واستعِن على الحفظ بتدبُّر الآيات وفهم المعاني. ما أجدرَ أن نتَّبعَ القرآنَ تلاوةً وعملًا، حتى يصيرَ لنا خُلقًا، فيقودَنا إلى كلِّ بِرٍّ وخير؛ ﴿إنَّ هذا القُرآنَ يَهدي للَّتي هي أقوَمُ﴾ . |
﴿إِنَّ عَلَيۡنَا جَمۡعَهُۥ وَقُرۡءَانَهُۥ ﴾ [القيامة: 17]
يا مَن ترومُ الفوزَ بشرف حفظ القرآن، لا تتعجَّل الحفظ، وأكثر من القراءة والإصغاء إلى القرَّاء، واستعِن على الحفظ بتدبُّر الآيات وفهم المعاني. ما أجدرَ أن نتَّبعَ القرآنَ تلاوةً وعملًا، حتى يصيرَ لنا خُلقًا، فيقودَنا إلى كلِّ بِرٍّ وخير؛ ﴿إنَّ هذا القُرآنَ يَهدي للَّتي هي أقوَمُ﴾ . |
﴿فَإِذَا قَرَأۡنَٰهُ فَٱتَّبِعۡ قُرۡءَانَهُۥ ﴾ [القيامة: 18]
يا مَن ترومُ الفوزَ بشرف حفظ القرآن، لا تتعجَّل الحفظ، وأكثر من القراءة والإصغاء إلى القرَّاء، واستعِن على الحفظ بتدبُّر الآيات وفهم المعاني. ما أجدرَ أن نتَّبعَ القرآنَ تلاوةً وعملًا، حتى يصيرَ لنا خُلقًا، فيقودَنا إلى كلِّ بِرٍّ وخير؛ ﴿إنَّ هذا القُرآنَ يَهدي للَّتي هي أقوَمُ﴾ . |
﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيۡنَا بَيَانَهُۥ ﴾ [القيامة: 19]
يا مَن ترومُ الفوزَ بشرف حفظ القرآن، لا تتعجَّل الحفظ، وأكثر من القراءة والإصغاء إلى القرَّاء، واستعِن على الحفظ بتدبُّر الآيات وفهم المعاني. ما أجدرَ أن نتَّبعَ القرآنَ تلاوةً وعملًا، حتى يصيرَ لنا خُلقًا، فيقودَنا إلى كلِّ بِرٍّ وخير؛ ﴿إنَّ هذا القُرآنَ يَهدي للَّتي هي أقوَمُ﴾ . |
﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا ﴾ [الإنسان: 23]
إن الله أكرمكم معشرَ المسلمين بالقرآن العظيم منهجًا ودستورًا، فاصبروا وصابروا على ما تلقَونه باستعصامكم به سبحانه، فإنه وليُّكم، وهو لا شكَّ ناصرُكم. في الأثر: (المرءُ على دينِ خَليلِه)، فلنحذَر من رفقة السُّوء؛ فإن طاعتَهم خسرانٌ ومَهلَكة. |
﴿كـَلَّآ إِنَّهَا تَذۡكِرَةٞ ﴾ [عبس: 11]
مواعظ القرآن نافعةٌ لكلِّ من تجرَّد عن حظوظ النفس والعِناد والمكابرة، فمَن لم يتَّعظ بها فلأنه لم يشأ أن يتَّعظ، ويا له من محروم! |
﴿فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ ﴾ [عبس: 12]
مواعظ القرآن نافعةٌ لكلِّ من تجرَّد عن حظوظ النفس والعِناد والمكابرة، فمَن لم يتَّعظ بها فلأنه لم يشأ أن يتَّعظ، ويا له من محروم! |
﴿فِي صُحُفٖ مُّكَرَّمَةٖ ﴾ [عبس: 13]
إن حظَّك أيها المسلمُ من الرفعة والطُّهر بقدر حظِّك من كتاب الله تعالى، وإن الله ليرفعُ بالقرآن أقوامًا ويضعُ به أقوامًا. |
﴿مَّرۡفُوعَةٖ مُّطَهَّرَةِۭ ﴾ [عبس: 14]
إن حظَّك أيها المسلمُ من الرفعة والطُّهر بقدر حظِّك من كتاب الله تعالى، وإن الله ليرفعُ بالقرآن أقوامًا ويضعُ به أقوامًا. |
﴿بِأَيۡدِي سَفَرَةٖ ﴾ [عبس: 15]
هذه صفاتُ حمَلة القرآن من الملائكة الكرام، وما أحراكَ يا حافظَ القرآن أن تكونَ مطهَّرًا في أخلاقك، بارًّا في فِعالك. |
﴿كِرَامِۭ بَرَرَةٖ ﴾ [عبس: 16]
هذه صفاتُ حمَلة القرآن من الملائكة الكرام، وما أحراكَ يا حافظَ القرآن أن تكونَ مطهَّرًا في أخلاقك، بارًّا في فِعالك. |
﴿إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ ﴾ [التكوير: 19]
أثنى الله تعالى على أفضل الملائكة بحَمل القرآن الكريم، فما أعظمَ شرفَ أهل القرآن، وما أجلَّ ما يحملون. جعلنا الله من حفظتِه، العاملين بآياتِه. |
﴿وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَيۡطَٰنٖ رَّجِيمٖ ﴾ [التكوير: 25]
عن قَتادة قال: (كان هذا القرآنُ غيبًا أعطاه الله تعالى محمَّدًا ﷺ، فبذله وعلَّمه ودعا إليه وما ضنَّ به). |
﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٞ لِّلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [التكوير: 27]
على الدعاة مراعاةُ عالميَّة الإسلام واختلافِه عن بقيَّة الشرائع، وما أحراهم أن يتَّبعوا أحسـنَ الوسـائل وأحدثَها في تبليغ رسالته. |
﴿بَلۡ هُوَ قُرۡءَانٞ مَّجِيدٞ ﴾ [البروج: 21]
ما من أمَّةٍ حملت هذا القرآنَ بحقِّه، وأقامت حدودَه وأحكامه، إلا نالت المجدَ والعزَّة، وتمامَ السُّؤدَد والرِّفعة. |
﴿فِي لَوۡحٖ مَّحۡفُوظِۭ ﴾ [البروج: 22]
ما من أمَّةٍ حملت هذا القرآنَ بحقِّه، وأقامت حدودَه وأحكامه، إلا نالت المجدَ والعزَّة، وتمامَ السُّؤدَد والرِّفعة. |
﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1]
الصِّلة بين الدِّين والعلم وثيقةٌ جدًّا، كيف لا وأوَّل آيةٍ أُنزلت على سيِّد الأنام تدعو إلى القراءة والعلم؟ افتُتحَت السورة بالأمر بالقراءة باسم الله، وخُتمت بالأمر بالسُّجود؛ لأنَّ القراءة مفتاحٌ للوصول إلى العلم بالله وعبادته. |
﴿رَسُولٞ مِّنَ ٱللَّهِ يَتۡلُواْ صُحُفٗا مُّطَهَّرَةٗ ﴾ [البينة: 2]
هذا رسولكم أيها المسلمون، جعله الله حُجَّةً واضحةً على العالمين، فحذارِ أن تحيدوا عن صراطِه، فإنكم أولى الناس به وبرسالتِه. حريٌّ بنا أن نُقبلَ على كتاب ربِّنا تلاوةً وفهمًا وتدبُّرًا وحفظًا، فهو كتابٌ عظيم طهَّره الله من الكذب والباطل، ومن التحريف والتبديل. |
﴿فِيهَا كُتُبٞ قَيِّمَةٞ ﴾ [البينة: 3]
من تطهير الله لكتابه أن جعله أخبارًا صادقة، وأحكامًا عادلة، وحُجَجًا بيِّنات، وآياتٍ واضحات، فيا خُسرَ من اتَّخذَ هذا القرآنَ مهجورًا! |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
الإعراض عن الله أدلة إثبات اليوم الآخر تحريم البغاء وعد الله للمؤمنين القوامة القارعة حسن السلوك الإعفاء لا تحزن على ما فاتك نبي الله لوط
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 21, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب