تفسير سورة الدخان كاملة مختصر

  1. التفسير
  2. سور أخرى
  3. السورة mp3
تفسير القرآن | surah (الدخان) - تفسير سورة الدخان - تفاسير معتمدة | رقم السورة 44 - عدد آياتها 59 - مدنية صفحتها في القرآن 496.

قراءة و تفسير سورة الدخان Ad-Dukhaan.

bismillah & auzubillah

الدخان مكتوبة سورة الدخان mp3

حم(1)

التفسير المختصر:
(حم) تقدم الكلام على نظائرها في بداية سورة البقرة.
تفسير الجلالين:
 «حم» الله أعلم بمراده به.
تفسير السعدي:
تقدم تفسير الحروف المتقطعة

وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ(2)

التفسير المختصر:
أقسم الله بالقرآن الموضح لطريق الهداية إلى الحق.
تفسير الجلالين:
 «والكتاب» القرآن «المبين» المظهر الحلال من الحرام.
تفسير السعدي:
هذا قسم بالقرآن على القرآن.

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ(3)

التفسير المختصر:
إنا أنزلنا القرآن في ليلة القدر، وهي ليلة كثيرة الخيرات، إنا كنا مخوِّفين بهذا القرآن.
تفسير الجلالين:
 «إنا أنزلناه في ليلة مباركة» هي ليلة القدر أو ليلة النصف من شعبان، نزل فيها من أم الكتاب من السماء السابعة إلى سماء الدنيا «إنا كنا منذرين» مخوِّفين به.
تفسير السعدي:
فأقسم بالكتاب المبين لكل ما يحتاج إلى بيانه أنه أنزله فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ أي: كثيرة الخير والبركة وهي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فأنزل أفضل الكلام بأفضل الليالي والأيام على أفضل الأنام، بلغة العرب الكرام لينذر به قوما عمتهم الجهالة وغلبت عليهم الشقاوة فيستضيئوا بنوره ويقتبسوا من هداه ويسيروا وراءه فيحصل لهم الخير الدنيوي والخير الأخروي ولهذا قال: إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا أي: في تلك الليل الفاضلة التي نزل فيها القرآن

فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ(4)

التفسير المختصر:
في هذه الليلة يفصل كل أمر محكم يتعلق بالأرزاق والآجال وغيرهما مما يحدثه الله تلك السنة.
تفسير الجلالين:
 «فيها» أي في ليلة القدر أو ليلة النصف من شعبان «يفرق» يفصل «كل أمر حكيم» محكم من الأرزاق والآجال وغيرهما التي تكون في السنة إلى مثل تلك الليلة.
تفسير السعدي:
يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أي: يفصل ويميز ويكتب كل أمر قدري وشرعي حكم الله به، وهذه الكتابة والفرقان، الذي يكون في ليلة القدر أحد الكتابات التي تكتب وتميز فتطابق الكتاب الأول الذي كتب الله به مقادير الخلائق وآجالهم وأرزاقهم وأعمالهم وأحوالهم، ثم إن الله تعالى قد وكل ملائكة تكتب ما سيجري على العبد وهو في بطن أمه، ثم وكلهم بعد وجوده إلى الدنيا وكل به كراما كاتبين يكتبون ويحفظون عليه أعماله، ثم إنه تعالى يقدر في ليلة القدر ما يكون في السنة، وكل هذا من تمام علمه وكمال حكمته وإتقان حفظه واعتنائه تعالى بخلقه.

أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا ۚ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ(5)

التفسير المختصر:
نفصل كل أمر محكم من عندنا، إنا كنا باعثين الرسل.
تفسير الجلالين:
 «أمراً» فرقاً «من عندنا إنا كنا مرسلين» الرسل محمداً ومن قبله.
تفسير السعدي:
أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا أي: هذا الأمر الحكيم أمر صادر من عندنا.
إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ للرسل ومنزلين للكتب والرسل تبلغ أوامر المرسل وتخبر بأقداره.

رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(6)

التفسير المختصر:
نبعث الرسل رحمة من ربك -أيها الرسول - لمن أرسلوا إليهم، إنه سبحانه هو السميع لأقوال عباده، العليم بأفعالهم ونياتهم، لا يخفى عليه شيء من ذلك.
تفسير الجلالين:
 «رحمة» رأفة بالمرسل إليهم «من ربك إنه هو السميع» لأقوالهم «العليم» بأفعالهم.
تفسير السعدي:
رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ أي: إن إرسال الرسل وإنزال الكتب التي أفضلها القرآن رحمة من رب العباد بالعباد، فما رحم الله عباده برحمة أجل من هدايتهم بالكتب والرسل، وكل خير ينالونه في الدنيا والآخرة فإنه من أجل ذلك وسببه، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ أي: يسمع جميع الأصوات ويعلم جميع الأمور الظاهرة والباطنة وقد علم تعالى ضرورة العباد إلى رسله وكتبه فرحمهم بذلك ومن عليهم فله تعالى الحمد والمنة والإحسان.

رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ(7)

التفسير المختصر:
رب السماوات ورب الأرض ورب ما بينهما إن كنتم موقنين بذلك فآمنوا برسولي.
تفسير الجلالين:
 «رب السماوات والأرض وما بينهما» برفع رب خبر ثالث وبجره بدل من ربك «إن كنتم» يا أهل مكة «موقنين» بأنه تعالى رب السماوات والأرض فأيقنوا بأن محمداً رسوله.
تفسير السعدي:
رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا أي: خالق ذلك ومدبره والمتصرف فيه بما شاء.
إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ أي: عالمين بذلك علما مفيدا لليقين فاعلموا أن الرب للمخلوقات هو إلهها الحق .

لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ(8)

التفسير المختصر:
لا معبود بحق غيره، يحيي ويميت، لا محيي ولا مميت غيره، ربكم ورب آبائكم المتقدمين.
تفسير الجلالين:
 «لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين».
تفسير السعدي:
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أي: لا معبود إلا وجهه، يُحْيِي وَيُمِيتُ أي: هو المتصرف وحده بالإحياء والإماتة وسيجمعكم بعد موتكم فيجزيكم بعملكم إن خيرا فخير وإن شرا فشر، رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ أي: رب الأولين والآخرين مربيهم بالنعم الدافع عنهم النقم.

بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ(9)

التفسير المختصر:
ليس هؤلاء المشركون بموقنين بذلك، بل هم في شك منه يلهون عنه بما هم فيه من الباطل.
تفسير الجلالين:
 (بل هم في شك) من البعث (يلعبون) استهزاء بك يا محمد، فقال: "" اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف "".
تفسير السعدي:
فلما قرر تعالى ربوبيته وألوهيته بما يوجب العلم التام ويدفع الشك أخبر أن الكافرين مع هذا البيان فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ أي: منغمرون في الشكوك والشبهات غافلون عما خلقوا له قد اشتغلوا باللعب الباطل، الذي لا يجدي عليهم إلا الضرر.

فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ(10)

التفسير المختصر:
فانتظر - أيها الرسول - عذاب قومك القريب يوم تأتي السماء بدخان واضح يرونه بأعينهم من شدة الجوع.
تفسير الجلالين:
 قال تعالى: «فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين» فأجدبت الأرض واشتد بهم الجوع إلى أن رأوا من شدته كهيئة الدخان بين السماء والأرض.
تفسير السعدي:
فَارْتَقِبْ أي: انتظر فيهم العذاب فإنه قد قرب وآن أوانه، يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ

يَغْشَى النَّاسَ ۖ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ(11)

التفسير المختصر:
يعمّ قومك، ويقال لهم: هذا العذاب الذي أصابكم عذاب موجع.
تفسير الجلالين:
 «يغشى الناس» فقالوا «هذا عذاب أليم».
تفسير السعدي:
[يَغْشَى النَّاسَ أي: يعمهم ذلك الدخان ويقال لهم: هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ واختلف المفسرون في المراد بهذا الدخان، فقيل: إنه الدخان الذي يغشى الناس ويعمهم حين تقرب النار من المجرمين في يوم القيامة وأن الله توعدهم بعذاب يوم القيامة وأمر نبيه أن ينتظر بهم ذلك اليوم.
ويؤيد هذا المعنى أن هذه الطريقة هي طريقة القرآن في توعد الكفار والتأني بهم وترهيبهم بذلك اليوم وعذابه وتسلية الرسول والمؤمنين بالانتظار بمن آذاهم.

رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ(12)

التفسير المختصر:
فيتضرعون إلى ربهم سائلين: ربنا اصرف عنا العذاب الذي أرسلته علينا، إنا مؤمنون بك وبرسولك إن صرفته عنا.
تفسير الجلالين:
 «ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون» مصدقون نبيك.

أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ(13)

التفسير المختصر:
كيف لهم أن يتذكروا وينيبوا إلى ربهم وقد جاءهم رسول بيّن الرسالة، وعرفوا صدقه وأمانته؟!
تفسير الجلالين:
 قال تعالى: «أنَّى لهم الذكرى» أي لا ينفعهم الإيمان عند نزول العذاب «وقد جاءهم رسول مبين» بين الرسالة.
تفسير السعدي:
أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ وهذا يقال يوم القيامة للكفار حين يطلبون الرجوع إلى الدنيا فيقال: قد ذهب وقت الرجوع.
وقيل: إن المراد بذلك ما أصاب كفار قريش حين امتنعوا من الإيمان واستكبروا على الحق فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم أعني عليهم بسنين كسني يوسف فأرسل الله عليهم الجوع العظيم حتى أكلوا الميتات والعظام وصاروا يرون الذي بين السماء والأرض كهيئة الدخان وليس به، وذلك من شدة الجوع.
فيكون -على هذا- قوله: يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ أن ذلك بالنسبة إلى أبصارهم وما يشاهدون وليس بدخان حقيقة.
ولم يزالوا بهذه الحالة حتى استرحموا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألوه أن يدعو الله لهم أن يكشفه الله عنهم فدعا ربه فكشفه الله عنهم، وعلى هذا فيكون قوله: إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ إخبار بأن الله سيصرفه عنكم وتوعد لهم أن يعودوا إلى الاستكبار والتكذيب وإخبار بوقوعه فوقع وأن الله سيعاقبهم بالبطشة الكبرى، قالوا: وهي وقعة بدر وفي هذا القول نظر ظاهر.
وقيل: إن المراد بذلك أن ذلك من أشراط الساعة وأنه يكون في آخر الزمان دخان يأخذ بأنفاس الناس ويصيب المؤمنين منهم كهيئة الدخان، والقول هو الأول، وفي الآية احتمال أن المراد بقوله: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ أن هذا كله يكون يوم القيامة.

ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ(14)

التفسير المختصر:
ثم أعرضوا عن التصديق به، وقالوا عنه: هو معلَّم يُعلِّمه غيره وليس برسول، وقالوا عنه: هو مجنون.
تفسير الجلالين:
 «ثم تولوْا عنه وقالوا معلم» أي يعلمه القرآن بشر «مجنون».

إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا ۚ إِنَّكُمْ عَائِدُونَ(15)

التفسير المختصر:
إنا حين نصرف عنكم العذاب قليلًا، إنكم عائدون إلى كفركم وتكذيبكم.
تفسير الجلالين:
 «إنا كاشفو العذاب» أي الجوع عنكم زمناً «قليلا» فكشف عنهم «إنكم عائدون» إلى كفركم فعادوا إليه.
تفسير السعدي:
وأن قوله تعالى: إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ أن هذا ما وقع لقريش كما تقدم.
وإذا نزلت هذه الآيات على هذين المعنيين لم تجد في اللفظ ما يمنع من ذلك.
بل تجدها مطابقة لهما أتم المطابقة وهذا الذي يظهر عندي ويترجح والله أعلم.

يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ(16)

التفسير المختصر:
وانتظرهم - أيها الرسول - يوم نبطش بكفار قومك البطشة الكبرى يوم بدر، إنا منتقمون منهم لكفرهم بالله وتكذيبهم رسوله.
تفسير الجلالين:
 اذكر «يوم نبطش البطشة الكبرى» هو يوم بدر «إنا منتقمون» منهم والبطش الأخذ بقوة.
تفسير السعدي:
وأن قوله تعالى: إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ أن هذا ما وقع لقريش كما تقدم.
وإذا نزلت هذه الآيات على هذين المعنيين لم تجد في اللفظ ما يمنع من ذلك.
بل تجدها مطابقة لهما أتم المطابقة وهذا الذي يظهر عندي ويترجح والله أعلم.

۞ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ(17)

التفسير المختصر:
ولقد اختبرنا قبلهم قوم فرعون، وجاءهم رسول من الله كريم يدعوهم إلى توحيد الله وعبادته، وهو موسى عليه السلام.
تفسير الجلالين:
 «ولقد فتنا» بلونا «قبلهم قوم فرعون» معه «وجاءهم رسول» هو موسى عليه السلام «كريم» على الله تعالى.
تفسير السعدي:
لما ذكر تعالى تكذيب من كذب الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم ذكر أن لهم سلفا من المكذبين، فذكر قصتهم مع موسى وما أحل الله بهم ليرتدع هؤلاء المكذبون عن ما هم عليه فقال: وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أي: ابتليناهم واختبرناهم بإرسال رسولنا موسى بن عمران إليهم الرسول الكريم الذي فيه من الكرم ومكارم الأخلاق ما ليس في غيره.

أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(18)

التفسير المختصر:
قال موسى لفرعون وقومه: اتركوا لي بني إسرائيل، فهم عباد الله، ليس لكم حق أن تستعبدوهم، إني لكم رسول من الله، أمين على ما أمرني أن أبلغكم، لا أنقص منه شيئًا ولا أزيده.
تفسير الجلالين:
 «أن» أي بأن «أدُّوا إليَّ» ما أدعوكم إليه من الإيمان، أي أظهروا إيمانكم لي يا «عباد الله إني لكم رسول أمين» على ما أُرسلت به.
تفسير السعدي:
أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ أي: قال لفرعون وملئه: أدوا إلي عباد الله، يعني بهم: بني إسرائيل أي: أرسلوهم وأطلقوهم من عذابكم وسومكم إياهم سوء العذاب فإنهم عشيرتي وأفضل العالمين في زمانهم.
وأنتم قد ظلمتموهم واستعبدتموهم بغير حق فأرسلوهم ليعبدوا ربهم، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ أي: رسول من رب العالمين أمين على ما أرسلني به لا أكتمكم منه شيئا ولا أزيد فيه ولا أنقص وهذا يوجب تمام الانقياد له.

وَأَن لَّا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي آتِيكُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ(19)

التفسير المختصر:
وألا تتكبروا على الله بترك عبادته، والاستعلاء على عباده، إني آتيكم بحجة واضحة.
تفسير الجلالين:
 «وأن لا تعلوا» تتجبروا «على الله» بترك طاعته «إني آتيكم بسلطان» برهان «مبين» بين على رسالتي فتوعَّدوه بالرجم.
تفسير السعدي:
وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ بالاستكبار عن عبادته والعلو على عباد الله، إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ أي: بحجة بينة ظاهرة وهو ما أتى به من المعجزات الباهرات والأدلة القاهرات، فكذبوه وهموا بقتله فلجأ بالله من شرهم فقال: وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ

وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ(20)

التفسير المختصر:
وإني اعتصمت بربي وربكم من أن تقتلوني بالرجم بالحجارة.
تفسير الجلالين:
 فقال «وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون» بالحجارة.
تفسير السعدي:
أي: تقتلوني أشر القتلات بالرجم بالحجارة.

وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ(21)

التفسير المختصر:
وإن لم تصدقوا بما جئت به فاعتزلوني، ولا تقربوني بسوء.
تفسير الجلالين:
 «وإن لم تؤمنوا لي» تصدقوني «فاعتزلون» فاتركوا أذاي فلم يتركوه.
تفسير السعدي:
وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ أي: لكم ثلاث مراتب: الإيمان بي وهو مقصودي منكم فإن لم تحصل منكم هذه المرتبة فاعتزلوني لا علي ولا لي، فاكفوني شركم.
فلم تحصل منهم المرتبة الأولى ولا الثانية بل لم يزالو متمردين عاتين على الله محاربين لنبيه موسى عليه السلام غير ممكنين له من قومه بني إسرائيل.

فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَٰؤُلَاءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ(22)

التفسير المختصر:
فدعا موسى عليه السلام ربه: أن هؤلاء القوم - فرعون وملأه - قوم مجرمون يستحقّون تعجيل العقاب.
تفسير الجلالين:
 «فدعا ربه أن» أي بأن «هؤلاء قوم مجرمون» مشركون.
تفسير السعدي:
فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ أي: قد أجرموا جرما يوجب تعجيل العقوبة.
فأخبر عليه السلام بحالهم وهذا دعاء بالحال التي هي أبلغ من المقال، كما قال عن نفسه عليه السلام رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ

فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ(23)

التفسير المختصر:
فأمر الله موسى أن يسري بقومه ليلًا، وأخبره أن فرعون وقومه سيتبعونهم.
تفسير الجلالين:
 فقال تعالى: «فأسر» بقطع الهمزة ووصلها «بعبادي» بنى إسرائيل «ليلاً إنكم متبَعون» يتبعكم فرعون وقومه.
تفسير السعدي:
فأمره الله أن يسري بعباده ليلا وأخبره أن فرعون وقومه سيتبعونه.

وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ۖ إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ(24)

التفسير المختصر:
وأمره إذا اجتاز البحر هو وبنو إسرائيل أن يتركه ساكنًا كما كان، إن فرعون وجنده مهلكون بالغرق في البحر.
تفسير الجلالين:
 «واترك البحر» إذا قطعته أنت وأصحابك «رهواً» ساكناً منفرجاً حتى يدخله القبط «إنهم جند مغرقون» فاطمأن بذلك فأغرقوا.
تفسير السعدي:
وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا أي: بحاله وذلك أنه لما سرى موسى ببني إسرائيل كما أمره الله ثم تبعهم فرعون فأمر الله موسى أن يضرب البحر فضربه فصار اثنى عشر طريقا وصار الماء من بين تلك الطرق كالجبال العظيمة فسلكه موسى وقومه.
فلما خرجوا منه أمره الله أن يتركه رهوا أي: بحاله ليسلكه فرعون وجنوده إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ فلما تكامل قوم موسى خارجين منه وقوم فرعون داخلين فيه أمره الله تعالى أن يلتطم عليهم فغرقوا عن آخرهم.

كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(25)

التفسير المختصر:
كم خلَّف فرعون وقومه وراءهم من بساتين وعيون جارية!
تفسير الجلالين:
 «كم تركوا من جنات» بساتين «وعيون» تجري.
تفسير السعدي:
وتركوا ما متعوا به من الحياة الدنيا وأورثه الله بني إسرائيل الذين كانوا مستعبدين لهم ولهذا قال: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ

وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ(26)

التفسير المختصر:
وكم خلفوا وراءهم من زروع ومجلس حسن!
تفسير الجلالين:
 «وزروع ومقام كريم» مجلس حسن.
تفسير السعدي:
وتركوا ما متعوا به من الحياة الدنيا وأورثه الله بني إسرائيل الذين كانوا مستعبدين لهم ولهذا قال: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ

وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ(27)

التفسير المختصر:
وكم خلَّفوا وراءهم من عيشة كانوا فيها متنعّمين!
تفسير الجلالين:
 «ونعمة» متعة «كانوا فيها فاكهين» ناعمين.
تفسير السعدي:
وتركوا ما متعوا به من الحياة الدنيا وأورثه الله بني إسرائيل الذين كانوا مستعبدين لهم ولهذا قال: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ

كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ(28)

التفسير المختصر:
هكذا حدث لهم ما وُصِفَ لكم، وأورثنا جناتهم وعيونهم وزروعهم ومقاماتهم قومًا آخرين هم بنو إسرائيل.
تفسير الجلالين:
 «كذلك» خبر مبتدأ، أي الأمر «وأورثناها» أي أموالهم «قوماً آخرين» أي بني إسرائيل.
تفسير السعدي:
[كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا أي: هذة النعمة المذكورة قَوْمًا آخَرِينَ فى الآية الأخرى كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ

فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ(29)

التفسير المختصر:
فما بكت على فرعون وقومه السماء والأرض حين غرقوا، وما كانوا مُمْهَلين حتى يتوبوا.
تفسير الجلالين:
 «فما بكت عليهم السماء والأرض» بخلاف المؤمنين يبكي عليهم بموتهم مصلاهم من الأرض ومصعد عملهم من السماء «وما كانوا منظرين» مؤخرين للتوبة.
تفسير السعدي:
فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ أي: لما أتلفهم الله وأهلكهم لم تبك عليهم السماء والأرض أي: لم يحزن عليهم ولم يؤس على فراقهم، بل كل استبشر بهلاكهم وتلفهم حتى السماء والأرض لأنهم ما خلفوا من آثارهم إلا ما يسود وجوههم ويوجب عليهم اللعنة والمقت من العالمين.
وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ أي: ممهلين عن العقوبة بل اصطلمتهم في الحال.

وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ(30)

التفسير المختصر:
ولقد أنقذنا بني إسرائيل من العذاب المُذِل، حيث كان فرعون وقومه يقتلون أبناءهم، ويستحيون نساءهم.
تفسير الجلالين:
 «ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين» قتل الأبناء واستخدام النساء.
تفسير السعدي:
ثم امتن تعالى على بني إسرائيل فقال: وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ الذي كانوا فيه .

مِن فِرْعَوْنَ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِّنَ الْمُسْرِفِينَ(31)

التفسير المختصر:
أنقذناهم من عذاب فرعون، إنه كان مستكبرًا من المتجاوزين لأمر الله ودينه.
تفسير الجلالين:
 «من فرعون» قيل بدل من العذاب بتقدير مضاف، أي عذاب، وقيل حال من العذاب «إنه كان عالياً من المسرفين».
تفسير السعدي:
مِنْ فِرْعَوْنَ إذ يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم.
إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا أي: مستكبرا في الأرض بغير الحق مِنَ الْمُسْرِفِينَ المتجاوزين لحدود الله المتجرئين على محارمه.

وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ(32)

التفسير المختصر:
ولقد اخترنا بني إسرائيل على علم منا على عالَمِي زمانهم لكثرة أنبيائهم.
تفسير الجلالين:
 «ولقد اخترناهم» أي بني إسرائيل «على علم» منا بحالهم «على العالمين» أي عالمي زمانهم أي العقلاء.
تفسير السعدي:
وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ أي: اصطفيناهم وانتقيناهم عَلَى عِلْمٍ منا بهم وباستحقاقهم لذلك الفضل عَلَى الْعَالَمِينَ أي: عالمي زمانهم ومن قبلهم وبعدهم حتى أتى الله بأمة محمد صلى الله عليه وسلم ففضلوا العالمين كلهم وجعلهم الله خير أمة أخرجت للناس وامتن عليهم بما لم يمتن به على غيرهم.

وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُّبِينٌ(33)

التفسير المختصر:
وأعطيناهم من الدلائل والبراهين التي أيّدنا بها موسى ما فيه نعمة ظاهرة لهم كالمنّ والسلوى وغيرهما.
تفسير الجلالين:
 «وآتيانهم من الآيات ما فيه بلاء مبين» نعمة ظاهرة من فلق البحر والمن والسلوى وغيرها.
تفسير السعدي:
وَآتَيْنَاهُمْ أي: بني إسرائيل مِنَ الْآيَاتِ الباهرة والمعجزات الظاهرة.
مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ أي: إحسان كثير ظاهر منا عليهم وحجة عليهم على صحة ما جاءهم به نبيهم موسى عليه السلام.

إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ(34)

التفسير المختصر:
إن هؤلاء المشركين المكذبين ليقولون منكرين للبعث:
تفسير الجلالين:
 «إن هؤلاء» أي كفار مكة «ليقولون».
تفسير السعدي:
يخبر تعالى إِنَّ هَؤُلَاءِ المكذبين يقولون مستبعدين للبعث والنشور: إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ أي: ما هي إلا الحياة الدنيا فلا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار.

إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ(35)

التفسير المختصر:
ما هي إلا موتتنا الأولى فلا حياة بعدها، وما نحن بمبعوثين بعد هذه الموتة.
تفسير الجلالين:
 «إن هي» ما الموتة التي بعدها الحياة «إلا موتتنا الأولى» أي وهم نطف «وما نحن بمنشرين» بمبعوثين أحياء بعد الثانية.
تفسير السعدي:
يخبر تعالى إِنَّ هَؤُلَاءِ المكذبين يقولون مستبعدين للبعث والنشور: إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ أي: ما هي إلا الحياة الدنيا فلا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار

فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ(36)

التفسير المختصر:
فأت - يا محمد - أنت ومن معك من أتباعك بآبائنا الذين ماتوا أحياء إن كنتم صادقين فيما تدّعونه من أن الله يبعث الموتى أحياء للحساب والجزاء.
تفسير الجلالين:
 «فأتوا بآبائنا» أحياء «إن كنتم صادقين» أنا نبعث بعد موتنا، أي نحيا.
تفسير السعدي:
ثم قالوا -متجرئين على ربهم معجزين له-: فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ وهذا من اقتراح الجهلة المعاندين في مكان سحيق، فأي ملازمة بين صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه متوقف على الإتيان بآبائهم؟ فإن الآيات قد قامت على صدق ما جاءهم به وتواترت تواترا عظيما من كل وجه.

أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ(37)

التفسير المختصر:
أهؤلاء المشركون المكذبون بك - أيها الرسول - خير في القوة والمنعة، أم قوم تُبَّع والذين من قبلهم مثل عاد وثمود، أهلكناهم جميعًا، إنهم كانوا مجرمين.
تفسير الجلالين:
 قال تعالى: «أهم خير أم قوم تُبَّع» هو نبي أو رجل صالح «والذين من قبلهم» من الأمم «أهلكناهم» بكفرهم، والمعنى ليسوا أقوى منهم وأهلكوا «إنهم كانوا مجرمين».
تفسير السعدي:
قال تعالى: أَهُمْ خَيْرٌ أي: هؤلاء المخاطبون أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ فإنهم ليسوا خيرا منهم وقد اشتركوا في الإجرام فليتوقعوا من الهلاك ما أصاب إخوانهم المجرمين.

وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ(38)

التفسير المختصر:
وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين بخلقها.
تفسير الجلالين:
 «وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين» بخلق ذلك، حال.
تفسير السعدي:
يخبر تعالى عن كمال قدرته وتمام حكمته وأنه ما خلق السماوات والأرض لعبا ولا لهوا أو سدى من غير فائدة

مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(39)

التفسير المختصر:
ما خلقنا السماوات والأرض إلا لحكمة بالغة، ولكن معظم المشركين لا يعلمون ذلك.
تفسير الجلالين:
 «ما خلقناهما» وما بينهما «إلا بالحق» أي محقين في ذلك ليستدل به قدرتنا ووحدانيتنا وغير ذلك «ولكن أكثرهم» أي كفرا مكة «لا يعلمون».
تفسير السعدي:
وأنه ما خلقهما إلا بالحق أي: نفس خلقهما بالحق وخلقهما مشتمل على الحق، وأنه أوجدهما ليعبدوه وحده لا شريك له وليأمر العباد وينهاهم ويثيبهم ويعاقبهم.
وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ فلذلك لم يتفكروا في خلق السماوات والأرض.

إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ(40)

التفسير المختصر:
إن يوم القيامة الذي يفصل الله به بين العباد ميعاد للخلائق جميعًا يجمعهم الله فيه.
تفسير الجلالين:
 «إن يوم الفصل» يوم القيامة يفصل الله فيه بين العباد «ميقاتهم أجمعين» للعذاب الدائم.
تفسير السعدي:
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ وهو يوم القيامة الذي يفصل الله به بين الأولين والآخرين وبين كل مختلفين مِيقَاتُهُمْ أي: الخلائق أَجْمَعِينَ

يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ(41)

التفسير المختصر:
يوم لا ينفع قريب قريبه، ولا صديق صديقه، ولا هم يمنعون من عذاب الله؛ لأن الملك يومئذ لله، لا أحد يستطيع ادعاءه.
تفسير الجلالين:
 «يوم لا يغني مولى عن مولى» بقرابة أو صداقة، أي لا يدفع عنه «شيئاً» من العذاب «ولا هم ينصرون» يمنعون منه، ويوم بدل من يوم الفصل.
تفسير السعدي:
كلهم سيجمعهم الله فيه ويحضرهم ويحضر أعمالهم ويكون الجزاء عليها ولا ينفع مولى عن مولى شيئا لا قريب عن قريبه ولا صديق عن صديقه، وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ أي: يمنعون من عذاب الله عز وجل لأن أحدا من الخلق لا يملك من الأمر شيئا.

إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(42)

التفسير المختصر:
إلا من رحمه الله من الناس، فإنه ينتفع بما قدم من عمل صالح، إن الله هو العزيز الذي لا يغلبه أحد، الرحيم بمن تاب من عباده.
تفسير الجلالين:
 «إلا من رحم الله» وهم المؤمنون فإنه يشفع بعضهم لبعض بإذن الله «إنه هو العزيز» الغالب في انتقامه من الكفار «الرحيم» بالمؤمنين.
تفسير السعدي:
إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ فإنه هو الذي ينتفع ويرتفع برحمة الله تعالى التي تسبب إليها وسعى لها سعيها في الدنيا.
ثم قال تعالى:

إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ(43)

التفسير المختصر:
إن شجرة الزقوم التي أنبتها الله في أصل الجحيم.
تفسير الجلالين:
 «إن شجرة الزقوم» هي من أخبث الشجر المر بتهامة ينبتها الله تعالى في الجحيم.
تفسير السعدي:
لما ذكر يوم القيامة وأنه يفصل بين عباده فيه ذكر افتراقهم إلى فريقين: فريق في الجنة، وفريق في السعير وهم: الآثمون بعمل الكفر والمعاصي وأن طعامهم شَجَرَةَ الزَّقُّومِ شر الأشجار وأفظعها وأن طعمها كَالْمُهْلِ

طَعَامُ الْأَثِيمِ(44)

التفسير المختصر:
طعام ذِي الإثم العظيم وهو الكافر يأكل من ثمرها الخبيث.
تفسير الجلالين:
 «طعام الأثيم» أبي جهل وأصحابه ذوي الإثم الكبير.

كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ(45)

التفسير المختصر:
هذا الثمر مثل الزيت الأسود، يغلي في بطونهم من شدة حرارته.
تفسير الجلالين:
 «كالمهل» أي كدردي الزيت الأسود خبر ثان «تغلي في البطون» بالفوقانية خبر ثالث وبالتحتانية حال من المهل.
تفسير السعدي:
كَالْمُهْلِ أي: كالصديد المنتن خبيث الريح والطعم شديد الحرارة يغلي في بطونهم كَغَلْيِ الْحَمِيمِ

كَغَلْيِ الْحَمِيمِ(46)

التفسير المختصر:
كغلي الماء المتناهي في الحرارة.
تفسير الجلالين:
 «كغلي الحميم» الماء الشديد الحرارة.
تفسير السعدي:
يغلي في بطونهم كَغَلْيِ الْحَمِيمِ

خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَاءِ الْجَحِيمِ(47)

التفسير المختصر:
ويقال لزبانية النار: خذوه فجرّوه بعنف وغلظة إلى وسط الجحيم.
تفسير الجلالين:
 «خذوه» يقال للزبانية: خذوا الأثيم «فاعتلوه» بكسر التاء وضمها جروه بغلظة وشدة «إلى سواء الجحيم» وسط النار.

ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ(48)

التفسير المختصر:
ثم صبوا فوق رأس هذا المُعَذَّب الماء الحار فلا يفارقه العذاب.
تفسير الجلالين:
 (ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم) أي من الحميم الذي لا يفارقه العذاب فهو أبلغ مما في آية "" يصب من فوق رؤوسهم الحميم "".

ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ(49)

التفسير المختصر:
ويقال له تهكُّمًا: ذق هذا العذاب الأليم؛ إنك أنت العزيز الذي لا يُضام جنابك الكريم في قومك.
تفسير الجلالين:
 ويقال له: «ذق» أي العذاب «إنك أنت العزيز الكريم» بزعمك وقولك ما بين جبليها أعز وأكرم مني.
تفسير السعدي:
ويقال للمعذب: ذُقْ هذا العذاب الأليم والعقاب الوخيم إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ أي: بزعمك أنك عزيز ستمتنع من عذاب الله وأنك كريم على الله لا يصيبك بعذاب، فاليوم تبين لك أنك أنت الذليل المهان الخسيس.

إِنَّ هَٰذَا مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ(50)

التفسير المختصر:
إن هذا العذاب هو الذي كنتم تشكّون في وقوعه يوم القيامة، فقد زال عنكم الشك بمعاينته.
تفسير الجلالين:
 وقال لهم: «إن هذا» الذي ترون من العذاب «ما كنتم به تمترون» فيه تشكون.
تفسير السعدي:
إِنَّ هَذَا العذاب العظيم مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ أي: تشكون فالآن صار عندكم حق اليقين.

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ(51)

التفسير المختصر:
إن المتقين لربهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه في موضع إقامة آمنون من كل مكروه يصيبهم.
تفسير الجلالين:
 «إن المتقين في مقام» مجلس «أمين» يؤمن فيه الخوف.
تفسير السعدي:
هذا جزاء المتقين لله الذين اتقوا سخطه وعذابه بتركهم المعاصي وفعلهم الطاعات، فلما انتفى السخط عنهم والعذاب ثبت لهم الرضا من الله والثواب العظيم في ظل ظليل من كثرة الأشجار والفواكه وعيون سارحة تجري من تحتهم الأنهار يفجرونها تفجيرا في جنات النعيم.

فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(52)

التفسير المختصر:
في بساتين وعيون جارية.
تفسير الجلالين:
 «في جنات» بساتين «وعيون».
تفسير السعدي:
فأضاف الجنات إلى النعيم لأن كل ما اشتملت عليه كله نعيم وسرور، كامل من كل وجه ما فيه منغص ولا مكدر بوجه من الوجوه.

يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ(53)

التفسير المختصر:
يلبسون في الجنة رقيق الديباج وغليظه، يقابل بعضهم بعضًا، ولا ينظر أحدهم قفا الآخر.
تفسير الجلالين:
 «يلبسون من سندس وإستبرق» أي ما رقَّ من الديباج وما غلظ منه «متقابلين» حال، أي لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض لدوران الأسرة بهم.
تفسير السعدي:
ولباسهم من الحرير الأخضر من السندس والإستبرق أي: غليظ الحرير ورقيقه مما تشتهيه أنفسهم.
مُتَقَابِلِينَ في قلوبهم ووجوههم في كمال الراحة والطمأنينة والمحبة والعشرة الحسنة والآداب المستحسنة.

كَذَٰلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ(54)

التفسير المختصر:
كما أكرمناهم بذلك المذكور زوجناهم في الجنة بالحسان من النساء واسعات الأعين مع شدّة بياض بياضها وشدّة سواد سوادها.
تفسير الجلالين:
 «كذلك» يقدر قبله الأمر «وزوجناهم» من التزويج أو قرناهم «بحور عين» بنساء بيض واسعات الأعين حسانها.
تفسير السعدي:
كَذَلِكَ النعيم التام والسرور الكامل وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عين أي: نساء جميلات من جمالهن وحسنهن أنه يحار الطرف في حسنهن وينبهر العقل بجمالهن وينخلب اللب لكمالهن عَيْنٍ أي: ضخام الأعين حسانها.

يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ(55)

التفسير المختصر:
يدعون خدمهم فيها ليأتوهم بكل فاكهة أرادوها آمنين من انقطاعها، ومن مضارّها.
تفسير الجلالين:
 «يدعون» يطلبون الخدم «فيها» أي الجنة أن يأتوا «بكل فاكهة» منها «آمنين» من انقطاعها ومضرتها ومن كل مخوف حال.
تفسير السعدي:
يَدْعُونَ فِيهَا أي: الجنة بِكُلِّ فَاكِهَةٍ مما له اسم في الدنيا ومما لا يوجد له اسم ولا نظير في الدنيا، فمهما طلبوه من أنواع الفاكهة وأجناسها أحضر لهم في الحال من غير تعب ولا كلفة، آمِنِينَ من انقطاع ذلك وآمنين من مضرته وآمنين من كل مكدر، وآمنين من الخروج منها والموت .

لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ ۖ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ(56)

التفسير المختصر:
خالدين فيها، لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى في الحياة الدنيا، ووقاهم ربهم عذاب النار.
تفسير الجلالين:
 «لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى» أي التي في الدنيا بعد حياتهم فيها، قال بعضهم إلا بمعنى بعد «ووقاهم عذاب الجحيم».
تفسير السعدي:
لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى أي: ليس فيها موت بالكلية، ولو كان فيها موت يستثنى لم يستثن الموتة الأولى التي هي الموتة في الدنيا فتم لهم كل محبوب مطلوب، وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ

فَضْلًا مِّن رَّبِّكَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(57)

التفسير المختصر:
تفضلًا وإحسانًا من ربك بهم، ذلك المذكور - من إدخالهم الجنة، ووقايتهم من النار - هو الفوز العظيم الذي لا يدانيه فوز.
تفسير الجلالين:
 «فضلاً» مصدر بمعنى تفضلاً منصوب بتفضل مقدراً «من ربك ذلك هو الفوز العظيم».
تفسير السعدي:
[فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ أي: حصول النعيم واندفاع العذاب عنهم من فضل الله عليهم وكرمه فإنه تعالى هو الذي وفقهم للأعمال الصالحة التي بها نالوا خير الآخرة وأعطاهم أيضا ما لم تبلغه أعمالهم، ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وأي فوز أعظم من نيل رضوان الله وجنته والسلامة من عذابه وسخطه؟

فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(58)

التفسير المختصر:
فإنما يسّرنا هذا القرآن وسهَّلناه بإنزاله بلسانك العربي - أيها الرسول - لعلَّهم يتعظون.
تفسير الجلالين:
 «فإنما يسرناه» سهلنا القرآن «بلسانك» بلغتك لتفهمه العرب منك «لعلهم يتذكرون» يتعظون فيؤمنون لكنهم لا يؤمنون.
تفسير السعدي:
فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ أي: القرآن بِلِسَانِكَ أي: سهلناه بلسانك الذي هو أفصح الألسنة على الإطلاق وأجلها فتيسر به لفظه وتيسر معناه.
لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ما فيه نفعهم فيفعلونه وما فيه ضررهم فيتركونه.

فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ(59)

التفسير المختصر:
فانتظر نصرك وهلاكهم، إنهم منتظرون هلاكك.
تفسير الجلالين:
 «فارتقب» انتظر هلاكهم «إنهم مرتقبون» هلاكك، وهذا قبل نزول الأمر بجهادهم.
تفسير السعدي:
فَارْتَقِبْ أي: انتظر ما وعدك ربك من الخير والنصر إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ما يحل بهم من العذاب وفرق بين الارتقابين: رسول الله وأتباعه يرتقبون الخير في الدينا والآخرة، وضدهم يرتقبون الشر في الدنيا والآخرة.
تم تفسير سورة الدخان، ولله الحمد والمنة


الجلالين&الميسر تفسير ابن كثير تفسير القرطبي
التفسير المختصر تفسير الطبري تفسير السعدي
Ad-Dukhaan إعراب الدخان تفسير الشوكاني

تفسير المزيد من سور القرآن الكريم :

تفسير البقرة آل عمران تفسير النساء
تفسير المائدة تفسير يوسف تفسير ابراهيم
تفسير الحجر تفسير الكهف تفسير مريم
تفسير الحج تفسير القصص العنكبوت
تفسير السجدة تفسير يس تفسير الدخان
تفسير الفتح تفسير الحجرات تفسير ق
تفسير النجم تفسير الرحمن تفسير الواقعة
تفسير الحشر تفسير الملك تفسير الحاقة
تفسير الانشقاق تفسير الأعلى تفسير الغاشية

تحميل سورة الدخان بصوت أشهر القراء :

سورة الدخان  بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الدخان  بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الدخان  بصوت سعود الشريم
سعود الشريم
سورة الدخان  بصوت عبد الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الدخان  بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الدخان  بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الدخان  بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الدخان  بصوت الحصري
الحصري
سورة الدخان  بصوت العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الدخان  بصوت ياسر الدوسري
ياسر الدوسري


لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب