إثبات فرض الحج وأنه مرة واحدة وما بعده فهو تطوع - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب ما جاء في إثبات فرض الحجّ، وأنه مرة واحدة، وما بعده فهو تطوّع

قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [سورة آل عمران: ٩٧].
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: «بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّدًا رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، والحجّ، وصوم رمضان».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الإيمان (٨)، ومسلم في الإيمان (١٦: ٢٢) كلاهما من طريق حنظلة بن أبي سفيان، قال: سمعت عكرمة بن خالد، عن ابن عمر، فذكره، واللّفظ للبخاريّ.
عن عمر بن الخطّاب، قال: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ الله ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَال: يَا مُحَمَّد، أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلامِ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «الإِسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا». قَالَ صَدَقْتَ! ... الحديث بتمامه.

صحيح: رواه مسلم في الإيمان (٨) من طرق عن يحيى بن يعمر، عن عبد الله بن عمر، عن أبيه، فذكره.
عن أبي هريرة، قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَال: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا». فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ -حَتَّى قَالَهَا ثَلاثًا- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ». ثُمَّ قَال: «ذَرُونِي
مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ».

متفق عليه: رواه مسلم في الحج (١٣٣٧) عن زهير بن حرب، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الربيع بن مسلم القرشيّ، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، فذكره.
وروى البخاريّ في الاعتصام (٧٢٩٩) من وجه آخر عن أبي هريرة الشّطر الأخير منه: «ذروني ما تركتكم .... «إلخ.
عن ابن عباس، قال: إنّ الأقرع بن حابس سأل النبيّ ﷺ، فقال: يا رسول الله، الحجّ في كلّ سنة أو مرة واحدة؟ قال: بل مرّة واحدة، فمن زاد فهو تطوّع».

صحيح: رواه أبو داود (١٧٢١)، وابن ماجه (٢٨٨٦)، والإمام أحمد (٣٣٠٣) كلّهم من طريق يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الزهريّ، عن أبي سنان، عن ابن عباس، فذكره.
وصحّحه الحاكم (١/ ٤٤١) وقال: «هذا إسناد صحيح، وأبو سنان هذا هو الدّؤليّ ولم يخرجاه، فإنّهما لم يخرجا سفيان بن حسين، وهو من الثقات الذين يجمع حديثهم».
قال الأعظمي: وهو كما قال، وسفيان بن حسين وإن كان ثقة إلّا أنه تكلّم في روايته عن الزهريّ خاصة، ولكنه تابعه عدد من الرّواة منهم من ذكرهم أبو داود عقب الحديث، فقال: «أبو سنان الدّؤليّ، كذا قال عبد الجليل بن حُميد وسليمان بن كثير جميعًا عن الزّهريّ، وقال عقيل: سنان» انتهي.
وأمّا طريق عبد الجليل بن حميد، عن ابن شهاب، فرواه النسائيّ (٢٦٢٠) بإسناده عن ابن عباس، قال: إنّ رسول الله قام فقال: «إنّ الله كتب عليكم الحجّ» فقام الأقرع بن حابس التّميميّ: كلّ عام يا رسول الله؟ فسكت، فقال: «لو قلت: نعم لوجبت، ثم إذا لا تسمعون ولا تطيقون، ولكنه حجّة واحدة».
وأمّا رواية سليمان بن كثير، فرواه الإمام أحمد (٢٣٠٤)، والدّارميّ (١٧٨٨)، والبيهقيّ (٤/ ٣٢٦) قال: سمعت ابن شهاب يحدّث عن أبي سنان، عن ابن عباس، قال: خطبنا -يعني رسول الله ﷺ- فقال: «يا أيّها النّاس، كُتب عليكم الحجُّ» قال: فقام الأقرع بن حابس، فقال: أفي كلّ عام يا رسول الله؟ قال: «لو قُلتُها لوجبتْ، ولو وجبتْ لم تعملوا بها -أو لم تستطيعوا أن تعملوا بها. الحجُّ مرّة، فمن زاد فهو تطوّع».
وممن تابعه أيضًا محمد بن أبي حفصة، قال: حدّثنا ابن شهاب، بإسناده عن ابن عباس، أنّ الأقرع بن حابس سأل رسول الله ﷺ: الحجّ كلّ عام؟ فقال: «لا، بل حجة، فمن حجّ بعد ذلك فهو تطوّع، ولو قلتُ: نعم، لوجبت لم تسمعوا ولم تطيعوا».
رواه الإمام أحمد (٣٥١٠) عن روح، حدّثنا محمد بن أبي حفصة، بإسناده. وله متابعات أخرى.
عن أنس بن مالك، قال: قالوا: يا رسول الله، الحجّ في كلّ عام؟ قال: «لو قلتُ: نعم لوجبتْ، ولو وجبتْ لم تقوموا بها، ولو لم تقوموا بها عذّبتُم».

صحيح: رواه ابن ماجه (٢٨٨٥) عن محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدّثنا محمد بن أبي عبيدة، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن أنس، فذكره.
قال البوصيريّ في زوائد ابن ماجه: «هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وأبو سفيان اسمه طلحة ابن نافع، ومحمد بن أبي عبيدة بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، ثقة، وأبوه مثله».
عن أبي أمامة الباهليّ، قال: قام رسول الله في الناس، فقال: «كُتِب عليكم الحج». فقام رجلٌ من الأعراب فقال: أفي كلّ عام؟ قال: فغلق كلام رسول الله ﷺ، وأسكت واستغضب، ومكث طويلًا، ثم تكلّم فقال: «من السّائل؟». فقال الأعرابي: أنا ذا، فقال: «ويحك، ماذا يؤمنك أن أقول: نعم، والله لو قلت: نعم لوجبت، ولو وجبت لكفرتم، ألا إنه إنّما أهلك الذين من قبلكم أئمّة الحرج، والله لو أني أحللتُ لكم جميع ما في الأرض، وحرّمت عليكم منها موضع خُفّ لوقعتم فيه». قال: فأنزل الله عند ذلك: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ إلى آخر الآية [سورة المائدة: ١٠١]».

حسن: رواه الطبرانيّ في الكبير (٨/ ١٨٦ - ١٨٧)، وابن جرير في تفسيره (٩/ ١٩) كلاهما من حديث أبي زيد عبد الرحمن بن أبي الغَمْر، قال: ثنا أبو مطيع معاوية بن يحيى، عن صفوان بن عمرو، قال: ثني سُليم بن عامر، قال: سمعت أبا أمامة الباهليّ يقول (فذكر الحديث) واللّفظ لابن جرير.
وإسناده حسن جيد كما قال الحافظ الهيثميّ في: المجمع (٣/ ٢٠٤).
قال الأعظمي: وهو كما قال لأجل أبي مطيع معاوية بن يحيى وهو الأطرابلسي الشّاميّ الدّمشقيّ فإنّه صدوق، مشاه ابن معين ودُحيم وأبو داود والنسائيّ.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن أبي مطيع معاوية بن يحيى؟ قالا: «صدوق، مستقيم الحديث«وقال أبو زرعة: «ثقة».
قال أبو سعيد بن يونس: «معاوية بن يحيى الأطرابلسيّ يكنى أبا مطيع، قدم مصر، وكتب عنه وهو غير معاوية بن يحيى الصدفي الذي كان بالرّي على بيت المال، يروي عن الزهريّ».
قال الأعظمي: وهو كما قال، فإنّ معاوية بن يحيى الصّدفيّ يكنى أبا روح الشّامي الدّمشقي الذي كان علي بيت المال بالرّي من قبل المهدي غير معاوية بن يحيى الأطرابلسي الذي يكنى بأبي مطيع، فإنّ الصّدفي هذا ضعيف، ضعّفه ابن معين وأبو داود والنسائيّ والجوزجانيّ وغيرهم.
قال أبو حاتم: «ضعيف الحديث، في حديثه إنكار، روى عنه هقل بن زياد أحاديث مستقيمة
كأنّها من كتاب، روى عنه عيسي بن يونس، وإسحاق بن سليمان أحاديث مناكير كأنّها من حفظه».
وقال البخاريّ: «أحاديثه عن الزهريّ مستقيمة من كتاب، وروى عنه عيسي بن يونس، وإسحاق ابن سليمان أحاديث مناكير كأنها من حفظه».
إذا عرفنا الفرق بين معاوية بن يحيى الأطرابلسي ومعاوية بن يحيى الصّدفي بأنّ الأوّل حسن الحديث، والثاني ضعيف.
فاعلم أنه وقع الحافظ ابن حبان في خلط قبيح جدًا، فجمع بينهما في «المجروحين» (١٠٢٢) فقال: «معاوية بن يحيى الصّدفي الأطرابلسيّ، كنيته أبو مطيع، مولده بأطرابلس من سواحل دمشق، يروي عن الزهريّ، كان على بيت المال بالرّي انتقل إليها، وكان كنيته أبو روح، روى عنه عيسي بن يونس وإسحاق بن سليمان، منكر الحديث جدًا، كان يشتري الكتب ويحدّث بها، ثم تغيّر حفظه، فكان يحدّث بالوهم فيما سمع من الزهري وغيره، فجاء رواية الراويين عنه إسحاق بن سليمان وذووه كأنها مقلوبة. وفي رواية الشاميين عنه الهقل بن زياد وغيره أشياء مستقيمة تشبه حديث الثقات».
هذا الكلام كله في الصّدفي كما سبق من كلام أبي حاتم، والبخاريّ، فالذي يظهر أنه سبق قلم من ابن حبان الذي يترجم الصدفي فجاء على قلمه الأطرابلسي خطأ؛ لأنه قال: كنيته أبو مطيع ثم يقول: كنيته أبو روح. والصّدفي كنيته أبو روح.
وقد نبّه على هذا الخلط الذي وقع من ابن حبان الحافظ الدارقطني في تعليقاته على كتاب المجروحين (ص ٢٥٦ - ٢٥٧) فقال: «قد خلّط أبو حاتم في هذا الباب تخليطًا قبيحًا - هما رجلان يقال لكل واحد منهما معاوية بن يحيى الصّدفيّ، يكنى أبا روح، وهو الذي روى عن الزهري ما ذكره ها هنا وغير ذلك، وهو الذي كان على بيت المال بالري، وهو الذي روى عنه الهقل بن زياد وعيسى بن يونس وإسحاق بن سليمان الرازيّ وغيرهم.
والآخر يكنى أبا مطيع وهو الأطرابلسيّ وهو الذي روى حديث عكاف بن وداعة المذكور ها هنا، وهو الذي روى حديث خالد الحذّاء ها هنا وهو أكثر مناكير من الصّدفي، وإنما فسدت رواية الصّدفي لأنه غابت عنه كتبُه فحدّث من حفظه، وسماع الهقل بن زياد منه من كتابه، فلست ترى فيها خطأ ولا مقلوبًا، والله أعلم».
نقلًا من تعليقات الدكتور موفق عبد القادر على «الضعفاء والمتروكين» للدارقطنيّ؛ لأنّ الطبعة الهندية «للمجروحين» لا توجد في مكتبتي.
ولكن الحافظ الدارقطني نفسه وقع في وهم، فقال في الأطرابلسيّ: «ضعيف» كما في «تهذيب» المزيّ، وفي «تقريب» الحافظ: «الطرابلسيّ أقوى من الصّدفي، وعكس الدارقطنيّ».
والخلاصة: أنّ إسناد حديث أبي أمامة الباهليّ حسن؛ لأنه من رواية معاوية بن يحيي
الطرابلسيّ وهو «صدوق له أوهام» كما في التقريب، ولكن نظرًا لهذا الخلاف الذي ذكرناه قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: «في إسناده ضعف»، والظاهر من هذا أنه لم يتبيّن له هل هو من حديث الصّدفي أو الطرابلسيّ، والله تعالى أعلم.
عن ابن عباس قال: لما أنزلت آية الحجّ نادي النبيّ ﷺ في الناس، فقال: «يا أيها الناس إنّ الله قد كتب عليكم الحجّ فحجّوا» فقالوا: يا رسول الله، أعامًا واحدًا، أم كلّ عام؟ فقال: «لا، بل عامًا واحدًا، ولو قلت: كل عام لوجبت، ولو وجبت لكفرتم» فأنزل الله تعالى ذكره: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [سورة المائدة: ١٠١] قال: سألوا النبيّ ﷺ عن أشياء فوعظهم، فانتهوا.

حسن: رواه ابن جرير في تفسيره (٩/ ٢١) قال: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، قال: ثنا علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، فذكره.
وذكره الحافظ ابن كثير في «تفسيره» نقلًا عن ابن جرير ولم يتكلّم عليه بشيء.
وفيه المثني وهو ابن إبراهيم الآمليّ يروي عنه ابن جرير كثيرًا في التفسير والتاريخ ولا يعرف فيه جرح ولا تعديل.
وإسناده حسن من أجل عبد الله بن صالح المعروف بكاتب الليث مختلف فيه غير أنه حسن الحديث في المتابعات والشّواهد.
وعلي بن أبي طلحة يروي التفسير عن ابن عباس، ولم يسمع منه، ولكن عُرفَ الواسطة وهو مجاهد بن جبر، ولذا أكثر المفسرون نقل روايته عنه، وصحّحوه.
وأمّا ما رُوي عن علي بن أبي طالب قال: لما نزلتْ: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [سورة آل عمران: ٩٧]. قالوا: يا رسول الله، أفي كلّ عام؟ فسكت، فقالوا: يا رسول الله، أفي كلّ عام؟ قال: «لا، ولو قلت: نعم لوجبتْ». فأنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ ففيه انقطاع.
رواه الترمذيّ (٨١٤، ٣٠٥٥)، وابن ماجه (٢٨٨٤) كلاهما من حديث منصور بن وردان، عن علي بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن أبي البختريّ، عن علي بن أبي طالب، فذكره.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا الإمام أحمد (٩٠٥)، وابن أبي حاتم في التفسير (٦٨٧٥)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٢٩٣ - ٢٩٤) ولم يحكم عليه بشيء، وإنما قال: «كان حكم هذه الأحاديث الثلاثة (أي حديث ابن عباس، وحديث علي) أن تكون مخرجة في أول كتاب المناسك، فلم يقدر ذلك لي فخرجتها في تفسير الآية».
وقال الترمذي في الموضعين: «حسن غريب».
قال الأعظمي: وهو ليس بحسن؛ فإن فيه والد علي بن عبد الأعلى وهو عبد الأعلى بن عامر الثعلبيّ
ضعيف، وبه أعلّه الذهبي في «تلخيص المستدرك» فقال: ضعّفه أحمد.
ثم هو منقطع؛ فإنّ أبا البختري وهو سعيد بن أبي عمران، وهو سعيد بن فيروز لم يدرك علي بن أبي طالب، كما قال البخاريّ في «العلل الكبير» للترمذي (٢/ ٩٦٤).
وأمّا الحافظ ابن كثير، فنقل في تفسيره قول الترمذيّ بأنه «غريب من هذا الوجه. وسمعت البخاري يقول: أبو البختريّ لم يدرك عليًّا».
فاكتفى بالحكم على الحديث بأنه «غريب» هو هكذا في «تحفة الأشراف للمزي» (٧/ ٣٧٨) وهو الحكم المناسب.
فإن المنقطع لا يحكم عليه بالحسن؛ إلّا أن الترمذي لم يذكر قول البخاري في سننه، وإنما ذكره في علله، فهل هذا أيضًا مما اختلفت عليه نسخ الترمذيّ، أو أنهما أخذا الحكم من العلل، وذكراه مع السنن. والله أعلم.
وروي نحوه في تفسير هذه الآية في سورة المائدة عن أبي هريرة.
رواه ابن جرير (٩/ ١٨) وفيه إبراهيم بن مسلم الهجريّ ضعيف، ضعّفه جمهور أهل العلم، وقد أشار إليه أيضًا الحافظ ابن كثير في تفسيره.
وفي الباب ما رُوي عن أبي سعيد الخدريّ، أنّ رسول الله ﷺ قال: قال الله عز وجل: «إنّ عبدًا صحّحتُ له جسمه، ووسعتُ عليه في المعيشة يمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إليَّ لمحروم». وفيه اضطراب.
رواه أبو يعلى (١٠٣١)، وابن حبان (٣٧٠٣)، والبيهقيّ (٥/ ٢٦٢) كلّهم من طريق خلف بن خليفة، ثنا العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدريّ، فذكره واللفظ لابن حبان. ولفظ البيهقي مثله. ولكن لم يذكر أبو يعلى بأنه من الأحاديث القدسية.
وعلاوة على هذا في الإسناد علّتان:
الأولى: خلف بن خليفة وهو الأشجعيّ مولاهم أبو أحمد الواسطيّ كان بالكوفة ثم انتقل إلى واسط فسكنها مدة ثم تحوّل إلى بغداد، فأقام بها إلى حين وفاته وذلك سنة (١٨٧) إلّا أنه اختلط في آخر حياته كما قال أحمد: «رأيت خلف بن خليفة وهو مفلوج سنة سبع وثمانين ومائة قد حمل وكان لا يفهم، فمن كتب عنه قديمًا فسماعه صحيح». وقال أحمد: «قد أتيته فلم أفهم عنه».
ومع اختلاطه في آخر عمره لم يكن مرضيًا عند بعض الأئمّة.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: قال رجل لسفيان بن عيينة: يا أبا محمد، عندنا رجل يقال له: خلف بن خليفة زعم أنه رأي عمرو بن حريث؟ فقال: كذب، لعله رأي جعفر ابن عمرو بن حريث.
ولكن تابعه الثوريّ عن العلاء بن المسيب، عن أبيه -أو عن رجل-، عن أبي سعيد. رواه عبد
الرزاق في مصنفه (٨٨٢٦).
وفيه: «يقول الربّ تبارك وتعالى» ولم يذكر فيه النبيّ ﷺ.
والعلة الثانية: الانقطاع بين المسيب بن رافع، وبين أبي سعيد الخدريّ.
قال يحيى بن معين: «لم يسمع من أحد من أصحاب النبيّ ﷺ إلّا من البراء بن عازب، وأبي عامر بن عبدة».
قال الأعظمي: وهو مات سنة (١٠٥ هـ).
ومع هذا كله وقع فيه اضطراب كما ذكره الدارقطني في «العلل» (١١/ ٣٠٩).
وقال في آخره: «ولا يصح منها شيء»، وقد أشار إلى الاضطراب البيهقيّ أيضًا.
فقال: «وقيل عنه موقوفًا، وقيل عنه مرسلًا، ورُوي من وجه آخر عن أبي هريرة، وإسناده ضعيف».
قال الأعظمي: حديث أبي هريرة، قال فيه البخاريّ: «قال الوليد، ثنا صدقة، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ في الحج منكر». «التاريخ الكبير» (٤/ ٢٩٥).
وكذلك نقل فيه ابن عدي في «الكامل» (٤/ ١٣٩٦) وقال: «ولا أعلم يرويه عن العلاء غير صدقة، وإنما يُروى هذا عن خلف بن خليفة، وهو مشهور، ورُوي عن الثوريّ أيضًا عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدريّ، عن النبيّ ﷺ. فلعلّ صدقة هذا سمع بذكر العلاء فظن أنه العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، وكان هذا الطريق أسهل عليه، وإنما هو العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن أبي سعيد».
وعلّل أيضًا أبو حاتم وأبو زرعة هذا الحديث كما يقول عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه صدقة بن يزيد الخراساني نزيل الرملة عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ قال: قال الله عز وجل: «إنّ من أصححته وأوسعت له لم يزرني في كلّ خمسة أعوام لمحروم»؟ قالا: هذا عندنا منكر من حديث العلاء بن عبد الرحمن وهو من حديث العلاء بن المسيب أشبه. قال أبي: والناس يضطربون في حديث العلاء بن المسيب، فأما خلف بن خليفة فقال: عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن أبي هريرة موقوف. ورواه بعضهم فقال: عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ.
قلت لأبي: فأيّهما الصّحيح منهما؟ قال: هو مضطرب، فأعدت عليه فلم يزدني على قوله: هو مضطرب. ثم قال: العلاء بن المسيب عن يونس بن حباب، عن أبي سعيد موقوف مرسل أشبه.
قلت لأبي: لم يسمع يونس من أبي سعيد؟ قال: لا.
قال أبو زرعة: قال بعضهم: العلاء بن المسيب، عن يونس بن حباب، عن أبي سعيد موقوف.
قال: وقال أبو زرعة: والصّحيح عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن النبيّ ﷺ, انتهى. العلل (١/ ٢٩٠ - ٢٩١).
وصدقة بن يزيد هذا، قال فيه ابن حبان: «كان ممن يحدّث عن الثقات بالأشياء المعضلات على قلّة روايته، لا يجوز الاشتغال بحديثه عند الاحتجاج به». «المجروحين» (٤٩١).
قال الأعظمي: وهذا الحديث يخالف أيضًا ما أجمعوا عليه بأنّ الحجّ لا يجب في العمر إلّا مرة واحدة، وقد حذّر النبيّ ﷺ في حديث أبي هريرة، لما قال له رجل: أكلّ عام يا رسول الله؟ فسكت حتي قالها ثلاثًا، فقال رسول الله ﷺ: «لو قلتُ نعم لوجبتْ ولما استطعتم».
إذا كيف يكون من لم يحج بعد كلّ خمس سنوات محرومًا -أي من رحمة الله- فتأمّل.
وقد حكم بعض أهل العلم بأنه موضوع وكذب لا تجوز روايته.
وقال ابن العربي في شرح الموطأ: «إنه حديث باطل، والإجماع صاد في وجوههم» انظر «القبس» (٢/ ٥٣٩).

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 1 من أصل 247 باباً

معلومات عن حديث: إثبات فرض الحج وأنه مرة واحدة وما بعده فهو تطوع

  • 📜 حديث عن إثبات فرض الحج وأنه مرة واحدة وما بعده فهو تطوع

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ إثبات فرض الحج وأنه مرة واحدة وما بعده فهو تطوع من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث إثبات فرض الحج وأنه مرة واحدة وما بعده فهو تطوع

    تحقق من درجة أحاديث إثبات فرض الحج وأنه مرة واحدة وما بعده فهو تطوع (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث إثبات فرض الحج وأنه مرة واحدة وما بعده فهو تطوع

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث إثبات فرض الحج وأنه مرة واحدة وما بعده فهو تطوع ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن إثبات فرض الحج وأنه مرة واحدة وما بعده فهو تطوع

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع إثبات فرض الحج وأنه مرة واحدة وما بعده فهو تطوع.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, September 13, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب