حديث: الحج في كل عام؟ لو قلت نعم لوجبت

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في إثبات فرض الحجّ، وأنه مرة واحدة، وما بعده فهو تطوّع

عن أنس بن مالك، قال: قالوا: يا رسول الله، الحجّ في كلّ عام؟ قال: «لو قلتُ: نعم لوجبتْ، ولو وجبتْ لم تقوموا بها، ولو لم تقوموا بها عذّبتُم».

صحيح: رواه ابن ماجه (٢٨٨٥) عن محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدّثنا محمد بن أبي عبيدة، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن أنس، فذكره.

عن أنس بن مالك، قال: قالوا: يا رسول الله، الحجّ في كلّ عام؟ قال: «لو قلتُ: نعم لوجبتْ، ولو وجبتْ لم تقوموا بها، ولو لم تقوموا بها عذّبتُم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحاً وافياً، مستنداً إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول الله، الحجّ في كلّ عام؟ قال: «لو قلتُ: نعم لوجبتْ، ولو وجبتْ لم تقوموا بها، ولو لم تقوموا بها عذّبتُم».

1. شرح المفردات:


* الحج في كل عام؟: سؤال الصحابة رضي الله عنهم يستفسرون عن وجوب الحج، هل هو فرض على المسلم كل سنة مرة.
* لوجبت: لصار فرضاً واجباً ولزماً.
* لم تقوموا بها: لم تستطيعوا أداءها والقيام بها بسبب مشقتها وكلفتها.
* عذّبتم: دخلتم في العذاب بسبب ترككم للواجب.

2. شرح الحديث:


يخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن الصحابة الكرام سألوا النبي صلى الله عليه وسلم سؤالاً ينم عن حرصهم على الخير وطلبهم لأعلى الدرجات، فقالوا: "يا رسول الله، الحج في كل عام؟"، أي هل يجب علينا أن نحج كل سنة؟
فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم جواباً حكيماً يظهر رحمته بأمته وشفقته عليها، وتخفيف الله تعالى عنها، فقال:
* «لو قلتُ: نعم لوجبتْ»: أي لو أني أجبتكم بـ "نعم" بناء على سؤالكم، لكان ذلك تشريعاً مني بوحي من الله تعالى، فصار الحج فرضاً عينياً على كل مسلم مكلّف مستطيع كل عام.
* «ولو وجبتْ لم تقوموا بها»: أي لو فرضنا أن الحج أصبح واجباً كل عام، لما استطعتم القيام بهذا الفرض، وذلك لما فيه من مشقة بدنية ونفسية، وتكاليف مادية كبيرة، وسفر طويل وشاق في تلك الأزمنة، مما يجعل الالتزام به سنويا أمراً فوق طاقة معظم الناس.
* «ولو لم تقوموا بها عذّبتُم»: والنتيجة الحتمية لعدم القيام بالفرض مع كونه واجباً هي استحقاق العقاب من الله تعالى، لأن ترك الواجب من الكبائر.
فالحديث الشريف يوضح أن الحج فُرض مرة واحدة في العمر على المستطيع، ولم يفرض كل عام، رحمة من الله تعالى وتيسيراً على العباد، ودفعاً للحرج والمشقة عنهم.

3. الدروس المستفادة منه:


1- رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته وشفقته عليها: فهو يخشى أن يُكلِّفهم ما لا طاقة لهم به، ويختار لهم التيسير ورفع الحرج.
2- حكمة التشريع الإسلامي ومرونته: فالشريعة الإسلامية جاءت بما فيه يسر وسهولة، ورفعت الحرج والمشقة عن الناس، قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.
3- أن الأصل في العبادات التوقيف: فلا يشرع شيء منها إلا بنص من القرآن أو السنة. ولو أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب بنعم لكان ذلك تشريعاً ملزماً.
4- حرص الصحابة رضي الله عنهم على الخير وطلب زيادة الأعمال الصالحة: فهم لا يكتفون بالفرائض بل يسألون عن النوافل وما يقربهم إلى الله أكثر.
5- بيان أن الحج المفروض هو مرة واحدة في العمر: وهذا هو قول جمهور العلماء، وهو الذي استنبط من هذا الحديث وغيره.
6- تحذير من ترك الواجبات: فترك ما أوجب الله يؤدي إلى الاستحقاق العقاب.

4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام مسلم في صحيحه، والإمام النسائي، وغيرهم.
* اتفق الفقهاء على أن الحج فرض مرة واحدة في العمر على المسلم الحر البالغ العاقل المستطيع، واستدلوا بهذا الحديث وغيره.
* يستحب للحاج أن يحج مرة أخرى بعد الفريضة، فهي من أفضل النوافل، ولكنها تبقى نافلة وليست فريضة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ».
* هذا الحديث من أبلغ الأمثلة على قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٢٨٨٥) عن محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدّثنا محمد بن أبي عبيدة، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن أنس، فذكره.
قال البوصيريّ في زوائد ابن ماجه: «هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وأبو سفيان اسمه طلحة ابن نافع، ومحمد بن أبي عبيدة بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، ثقة، وأبوه مثله».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 5 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الحج في كل عام؟ لو قلت نعم لوجبت

  • 📜 حديث: الحج في كل عام؟ لو قلت نعم لوجبت

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الحج في كل عام؟ لو قلت نعم لوجبت

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الحج في كل عام؟ لو قلت نعم لوجبت

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الحج في كل عام؟ لو قلت نعم لوجبت

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب