من يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم

حديث: من يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: «لما عرج بي ربي مررتُ بقوم لهم أظفار يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟» قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم.

صحيح: رواه أبو داود (٤٨٧٨) وأحمد (٣٣٤٠) ومن طريقه الضياء في المختارة (٢٢٨٥) كلهم من طريق أبي المغيرة الخولاني، حدثنا صفوان السكسكي، حدثني راشد بن سعد وعبد الرحمن بن جبير، عن أنس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث الذي ذكر حديث عظيم، يصور لنا عقوبةً شديدةً لفئة من الناس ارتكبوا ذنباً عظيماً في الدنيا.
أولاً: تخريج الحديث ومصدره:
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وصححه الألباني وغيره. وهو جزء من حديث طويل يصف بعض ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة المعراج.
ثانياً: شرح المفردات:
● عُرِجَ بي: أي صُعِد بي إلى السماوات في رحلة الإسراء والمعراج.
● يَخْمِشُونَ: يخدشون ويجرحون بأظفارهم.
● لُحُومَ النَّاس: المقصود هنا لحومهم بالمعنى المجازي، أي بالغيبة والسب والشتم.
● أَعْرَاضَهُمْ: سمعتهم وشرفهم وكرامتهم.
ثالثاً: شرح الحديث:
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه أثناء عروجه إلى السماوات، مر على قوم يعذبون عذاباً شديداً ومفزعاً، حيث كانوا يخدشون وجوههم وصدورهم بأظفارهم (وهي من الحديد كما في روايات أخرى)، مما يسبب لهم الألم الشديد والعذاب المستمر.
فسأل النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا جبريل عليه السلام عن حال هؤلاء التعساء، فأخبره جبريل أن هؤلاء هم الذين كانوا في الدنيا يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم، أي أنهم كانوا يغتابون الناس، ويسبونهم، وينتقصون من شرفهم وكرامتهم، ويذكرونهم بما يكرهون في غيبتهم.
رابعاً: الدروس والعبر المستفادة:
1- عِظَمُ ذنب الغيبة والسب: يبين لنا هذا الحديث بشدة وعظمة ذنب الاعتداء على أعراض المسلمين، وأنه من الكبائر التي توجب عذاباً أليماً في الآخرة. فالمسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، وحرمته كحرمة دمه وماله.
2- الجزاء من جنس العمل: هؤلاء في الدنيا كانوا "يأكلون" لحوم إخوانهم بالغيبة والبهتان، فجُوزُوا في الآخرة بأن أصبحوا "يأكلون" لحوم أنفسهم بأظفارهم، خدشاً وجرحاً. وهذا من حكمة الله في المقاصة.
3- تحذير شديد للمغتابين: الحديث بمثابة صرخة تحذير لكل من اعتاد على الغيبة، أو النميمة، أو التنقص من الآخرين، أو إشاعة الفاحشة في المؤمنين. فهو يتلاعب بأشرف ما يملك الإنسان: سمعته وعرضه.
4- ضرورة حفظ اللسان: يؤكد الحديث على وصية النبي صلى الله عليه وسلم التي قال فيها: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». فحفظ اللسان من أعظم أسباب النجاة.
5- العدل الإلهي: المشهد يظهر عدل الله تعالى، فكل نفس تذوق نتيجة عملها. وهذا يدفع المسلم لمراقبة الله في كل قول وفعل.
خامساً: التوبة النصوح:
من كان واقعاً في هذا الذنب العظيم، فباب التوبة مفتوح، والله تعالى يقبل التوبة من عباده. وتكون التوبة بالندم على ما فات، والإقلاع عن هذه المعصية فوراً، والعزم على عدم العودة إليها، ورد الحقوق إلى أهلها أو طلب المسامحة منهم إن أمكن.
نسأل الله تعالى أن يحفظ ألسنتنا من الغيبة والبهتان، وأن يعيذنا من عذاب النار، وأن يجعلنا من الذين يحفظون أعراض المسلمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٨٧٨) وأحمد (٣٣٤٠) ومن طريقه الضياء في المختارة (٢٢٨٥) كلهم من طريق أبي المغيرة الخولاني، حدثنا صفوان السكسكي، حدثني راشد بن سعد وعبد الرحمن بن جبير، عن أنس، فذكره. وإسناده صحيح.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 114 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم

📜 حديث: من يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية