لقيت موسى مضطرب رجل الرأس

حديث: لقيت موسى مضطرب رجل الرأس

عن أبي هريرة، قال: قال النبيّ ﷺ: «حين أسري بي لقيتُ موسى عليه السلام، فإذا هو رجل (حسبته قال) مضطربٌ رَجِلُ الرّأس كأنّه من رجال شنوءة قال: ولقيتُ عيسى»فنعته النبيّ ﷺ«فإذا رَبْعَة أحمر، كأنّما خرج من ديماس (يعني حمامًا) قال: ورأيتُ إبراهيم صلوات الله عليه وأنا أشبه ولده به، قال: وأُتيتُ بإناءين أحدهما لبن، والآخر فيه خمر، فقيل لي: خُذ أيَّهما شئتَ، فأخذتُ اللّبن فشربْتُه، فقيل لي: هُديتَ الفطرةَ، أو أصبتَ الفطرةَ، أما إنّك لو أخذتَ الخمر غَوَتْ أمَّتُك».

متفق عليه: رواه البخاريّ في أحاديث الأنبياء (٣٤٣٧)، ومسلم في الإيمان (١٦٨) كلاهما من حديث عبد الرزّاق، أخبرنا معمر، عن الزهريّ، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وهو في الصحيحين (البخاري ومسلم)، يصف لنا النبي صلى الله عليه وسلم جانباً من أحداث رحلة الإسراء والمعراج، وما فيها من لقاء بالأنبياء وعبر عظيمة.

أولاً. شرح المفردات:

● أسري بي: أي أُسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.
● مضطرب: أي فيه شيء من الاهتزاز أو النشاط.
● رَجِلُ الرَّأس: يعني شعره كثيرٌ غزير، ليس بمسترسل ناعم.
● رِجَال شَنُوءَة: قبيلة معروفة في اليمن كانوا يتصفون بكثرة الشعر.
● رَبْعَة: ليس بالطويل ولا بالقصير، معتدل القامة.
● أحمر: أي أبيض مشرب بحمرة، وهي صفة محمودة في الجمال.
● دِيمَاس: هو الحمام (مكان الاستحمام)، وكأنه خرج منه نظيفاً مشرق الوجه.
● غَوَتْ: ضلت وهدَرت.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أثناء رحلة الإسراء والمعراج التقى بعدد من الأنبياء، منهم موسى وعيسى وإبراهيم عليهم السلام، ووصف هيئاتهم:
1- موسى عليه السلام: وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه رجل قوي البنية، كثير الشعر، يشبه رجال قبيلة "شنوءة" المعروفين بغلظة الشعر وقوته. وهذا يتناسب مع ما عُرف عن موسى من قوة وجَلَد.
2- عيسى عليه السلام: وصفه بأنه معتدل القامة، أبيض اللون مشرب بحمرة، وكأنه خرج من حمام؛ أي نقي البشرة، مشرق الوجه. وهذا يدل على جماله وطهارته.
3- إبراهيم عليه السلام: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أشبه ولده به»، أي أن النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم هو أكثر الناس شبهاً بإبراهيم عليه السلام، وهذا من التكريم له صلى الله عليه وسلم.
4- الاختيار بين اللبن والخمر: عُرِض على النبي صلى الله عليه وسلم إناءان: أحدهما لبن والآخر خمر، فاختار اللبن وشربه. فقيل له: «هُديتَ الفطرةَ، أو أصبتَ الفطرةَ»، أي أن اختيارك للبن هو اتباع للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها. ثم حذِّر بأنه لو اختار الخمر لضلت أمته واتبعت طريق الغواية.

ثالثاً. الدروس المستفادة:

1- مكانة الأنبياء: الحديث يظهر علو مكانة الأنبياء وصفاتهم الجسدية التي تناسب رسالاتهم.
2- اختيار النبي الفطرة: اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للبن يدل على أن الإسلام دين الفطرة، يرشد إلى ما فيه الخير والصلاح.
3- تحذير من الخمر: فيه تحذير عظيم من الخمر وأنها سبب للضلال والهلاك، وقد جاءت النصوص الكثيرة في تحريمها.
4- تشريف النبي صلى الله عليه وسلم: قوله «أنا أشبه ولده به» يدل على مكانة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلو قدره.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث جزء من حديث طويل يروي أحداث الإسراء والمعراج.
- اللبن في المنام يفسر بالعلم والفطرة، والخمر بالضلالة والهوى.
- فيه إشارة إلى أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ستبقى على الفطرة ما لم تتبع الهوى.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في أحاديث الأنبياء (٣٤٣٧)، ومسلم في الإيمان (١٦٨) كلاهما من حديث عبد الرزّاق، أخبرنا معمر، عن الزهريّ، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
قوله: «ربعة» يقال: رجل ربعة ومربوع - أي بين الطّويل والقصير.
وقوله: «ديماس» قال الجوهريّ في صحاحه في هذا الحديث، قوله: «خرج من ديماس» يعني في نضارته، وكثرة ماء وجهه، كأنّه خرج من كِنٍّ لأنّه قال في وصفه: كأنّ رأسه يقطر ماءً.
وفي البخاريّ (٤٧٠٩) من وجه آخر عن يونس، عن ابن شهاب، بإسناده وفيه: قال أبو هريرة: «أتي رسول الله ﷺ ليلة أسري به بإيلياء بقدَحين من خمر ولبن، فنظر إليهما، فأخذ اللّبن. قال جبريل: الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوتْ أمَّتُك».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 117 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لقيت موسى مضطرب رجل الرأس

📜 حديث: لقيت موسى مضطرب رجل الرأس

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لقيت موسى مضطرب رجل الرأس

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لقيت موسى مضطرب رجل الرأس

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لقيت موسى مضطرب رجل الرأس

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية