الحمد لله الذي يُطعِم ولا يُطعَم

حديث: الحمد لله الذي يُطعِم ولا يُطعَم

عن أبي هريرة قال: دعا رجل من الأنصار من أهل قباء النبي ﷺ فانطلقنا معه، فلما طعم وغسل يده أو يديه قال: «الحمد لله الذي يُطعِم ولا يُطعَم، منَّ علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء حسن أبلانا، الحمد لله غير مودع ولا مكافئ ولا مكفور ولا مستغنى عنه، الحمد لله الذي أطعم من الطعام وسقى من الشراب، وكسا من العري، وهدى من الضلالة، وبصّر من العمي، وفضّل على كثير من خلقه تفضيلا، الحمد لله رب العالمين».

حسن: رواه النسائي في عمل اليوم والليلة (٣٠١)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (٤٨٦)، وصحّحه ابن حبان (٥٢١٩)، والحاكم (١/ ٥٤٦) كلهم من طريق بشر بن منصور السليمي، عن زهير بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وهو في "سنن أبي داود" و"صحيح ابن حبان" وغيرهما، يحمل في طياته كنوزاً من المعاني والفوائد. سأشرحه لك جزءاً جزءاً بحول الله وقوته.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● يُطعِم ولا يُطعَم: أي هو الذي يعطي الطعام لغيره، ولا يحتاج هو إلى أن يطعمه أحد.
● مَنَّ علينا: أي أنعم وأعطى بفضله وجوده.
● كُلَّ بَلاءٍ حَسَنٍ أبلانا: البلاء هنا بمعنى النعمة والإحسان، أي كل نعمة حسنة اختبرنا بها وامتحننا.
● غَيْرُ مَوْدَعٍ: لا يُترك ولا يُهمل حمده، فهو دائم مستمر.
● وَلَا مُكَافَأٍ: لا يستطيع أحد أن يكافئه على نعمه.
● وَلَا مُكْفُورٍ: لا يجحد نعمه ولا يكفر بها، فهو محمود على كل حال.
● وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ: لا يستغني عنه أحد، وهو الغني عن العالمين.
● بَصَّرَ مِنَ العَمَى: أنقذ من العمى وأعطاه البصر.

ثانياً. شرح الحديث:

يصف لنا أبو هريرة رضي الله عنه موقفاً جميلاً من مواقف النبي ﷺ اليومية، حيث دُعي إلى طعام عند رجل من الأنصار في قباء (وهي منطقة معروفة بالمدينة)، فذهب النبي ﷺ ومعه جمع من الصحابة.
وبعد أن انتهوا من الطعام وغسل النبي ﷺ يديه، قام بهذا الدعاء العظيم الذي هو عبارة عن حمد وشكر لله تعالى على نعمه الظاهرة والباطنة.
الشرح التفصيلي:
1- "الحمد لله الذي يُطعِم ولا يُطعَم": هذا إقرار بوحدانية الله وكمال غناه، فهو الذي يرزق جميع المخلوقات، وهو الغني عنهم جميعاً، لا يحتاج إلى طعام ولا شراب من أحد.
2- "مَنَّ علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا": هنا يعدد النبي ﷺ نعم الله الخاصة على المؤمنين:
● مَنَّ علينا: النعمة العامة.
● فهدانا: أعظم نعمة وهي نعمة الهداية إلى الإسلام والإيمان.
● وأطعمنا وسقانا: النعم الأساسية من الطعام والشراب.
3- "وكل بلاء حسن أبلانا": أي وكل نعمة حسنة اختبرنا بها وامتحننا، فالنعم هي اختبار من الله لشكر العبد.
4- "الحمد لله غير مودع ولا مكافئ ولا مكفور ولا مستغنى عنه": هذا ثناء على الله بصفاته:
● غير مودع: حمده دائم لا ينقطع.
● ولا مكافئ: لا يستطيع أحد أن يكافئ الله على نعمه.
● ولا مكفور: نعمه لا تنقطع ولا يجحدها إلا جاحد.
● ولا مستغنى عنه: كل الخلق فقراء إليه، وهو الغني عنهم.
5- "الحمد لله الذي أطعم من الطعام وسقى من الشراب، وكسا من العري، وهدى من الضلالة، وبصّر من العمي": هذا تفصيل لنعم الله العامة على الخلق:
- الإطعام والسقي: النعم المادية.
- الكسوة: ستر العورة وتوفير اللباس.
- الهداية من الضلال: النعمة الدينية.
- الإبصار من العمى: نعمة البصر والصحة.
6- "وفضّل على كثير من خلقه تفضيلا": اعتراف بفضل الله على المؤمنين بالهداية والإيمان، وهي أعظم أنواع التفضيل.
7- "الحمد لله رب العالمين": ختم بالثناء على الله رب جميع الخلق.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:

1- وجوب حمد الله وشكره بعد الطعام: فهذا الدعاء سنة نبوية بعد الانتهاء من الأكل.
2- التذكير بنعم الله المتعددة: ليس فقط نعمة الطعام، ولكن نعم الهداية والكسوة والصحة.
3- التأدب مع الله تعالى: بالاعتراف بفضله ونعمه، والاعتراف بالعجز عن شكره حق شكره.
4- إظهار الافتقار إلى الله: فالعبد فقير إلى الله في كل شيء، والله هو الغني الحميد.
5- التعريف بربوبية الله تعالى: فهو الذي يطعم ولا يطعم، ويُسقي ولا يُسقى، وهو رب العالمين جميعاً.

رابعاً. فوائد إضافية:

- يستحب للداعي أن يدعو لمن دعاه، كما في الأحاديث الأخرى، لكن هنا النبي ﷺ قام بحمد الله أولاً.
- هذا الدعاء يجمع بين الحمد لله على نعمه العامة والخاصة.
- ينبغي للمسلم أن يحفظ هذا الدعاء ويقوله بعد الطعام، فهو من جوامع الكلم.
أسأل الله أن يجعلنا من الشاكرين الحامدين، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي في عمل اليوم والليلة (٣٠١)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (٤٨٦)، وصحّحه ابن حبان (٥٢١٩)، والحاكم (١/ ٥٤٦) كلهم من طريق بشر بن منصور السليمي، عن زهير بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
وإسناده حسن من أجل بشر وسهيل وهما وإن كانا من رجال مسلم إلا أن حديثهما حسن للكلام فيهما. وقد حسنه أيضا الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار.
وزهير بن محمد هو التميمي ثقة إلا أن رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، وهذا رواه عنه بشر بن منصور وهو بصري.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 398 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الحمد لله الذي يُطعِم ولا يُطعَم

📜 حديث: الحمد لله الذي يُطعِم ولا يُطعَم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الحمد لله الذي يُطعِم ولا يُطعَم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الحمد لله الذي يُطعِم ولا يُطعَم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الحمد لله الذي يُطعِم ولا يُطعَم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية