من سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه

حديث: من سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه

عن ابن عباس قال: دخلت مع رسول الله ﷺ أنا وخالد بن الوليد على ميمونة، فجاءتنا بإناء فيه لبن، فشرب رسول الله ﷺ وأنا على يمينه، وخالد على شماله، فقال
لي: «الشربة لك فإن شئت آثرت بها خالدا». فقلت: ما كنت أوثر على سؤرك أحدا، ثم قال رسول الله ﷺ: «من أطعمه الله الطعام فليقل: اللهم! بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه، ومن سقاه الله لبنا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه». وقال رسول الله ﷺ: «ليس شيء يجزئ مكان الطعام والشراب غير اللبن».

حسن: رواه الترمذي (٣٤٥٥ - والسياق له -، وأبو داود (٣٧٣٠)، وأحمد (١٩٧٨)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٢٨٦، ٢٨٧)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (٤٧٤) كلهم من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن عمر بن حرملة - أو ابن أبي حرملة - عن ابن عباس فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبينا محمد ﷺ.
هذا حديث عظيم رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه، عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وفيه فوائد عظيمة وآداب نبوية كريمة.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● الشربة: الجُرعة من الشراب.
● آثرت بها: فضلتها وأعطيتها له على نفسك.
● سُؤْرَك: ما بقي في الإناء بعد شربك، وهو طاهر ومبارك.
● يُجْزِئ: يكفي ويقوم مقام.

ثانيًا. شرح الحديث:

يصف ابن عباس رضي الله عنهما موقفاً حدث معه حيث دخل هو وخالد بن الوليد رضي الله عنهما على السيدة ميمونة (وهي خالة ابن عباس وزوج النبي ﷺ) مع رسول الله ﷺ.
● الموقف الأول: الأدب في الشرب والإيثار:
عندما قدمت السيدة ميمونة إناءً فيه لبن، شرب النبي ﷺ أولاً لأنه صاحب المنزل والأحق بالبداية، وكان ابن عباس على يمينه (وهو مكان التكريم) وخالد على شماله. بعد أن شرب النبي ﷺ، عرض على ابن عباس أن يشرب، ثم أعطاه الحق في أن يؤثر خالداً بالشربة (أي يعطيه إياها) تكريماً لخالد وكرمًا من النبي ﷺ في تعليم الصحابة الإيثار. لكن ابن عباس رد بأدب جميل، مفضلاً شرب سؤر النبي ﷺ (ما بقي في الإناء بعد شربه) لأنه يعلم بركته، وهذا يدل على محبة الصحابة الشديدة للنبي ﷺ.
● الموقف الثاني: الدعاء بعد الطعام والشراب:
علمنا النبي ﷺ في هذا الحديث دعاءين مهمين:
1- بعد الطعام: "اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيراً منه". أي اجعل فيه بركة ونماءً، وارزقنا طعاماً خيراً منه في الدنيا والآخرة.
2- بعد شرب اللبن: "اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه". لأنه شراب مبارك محبوب، فنطلب المزيد من خيره.
● الموقف الثالث: فضل اللبن:
بين النبي ﷺ أن اللبن "يُجْزِئ" أي يكفي ويقوم مقام الطعام والشراب معاً، لأنه يجمع بين الغذاء والري، فيشبع ويُروي، ولا يوجد شراب آخر يجمع هذه الصفة.

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- الأدب مع النبي ﷺ: كما في أدب ابن عباس وتكريمه لسؤر النبي ﷺ.
2- تعليم الإيثار: النبي ﷺ يعلم ابن عباس أن يؤثر غيره حتى في أبسط الأمور.
3- آداب الطعام والشراب: الدعاء بعد الأكل والشرب شكراً لله على نعمه.
4- فضل اللبن: فهو نعمة عظيمة يجمع بين الغذاء والشراب، وينبغي شكر الله عليه.
5- التواضع: دخول النبي ﷺ بيت زوجته مع الصحابة دون تكبر.

رابعًا. فوائد إضافية:

- يستحب البدء باليمين في الطعام والشراب كما في شرب النبي ﷺ ثم إعطاء من على يمينه.
- بركة سؤر الصالحين، وكان الصحابة يتبركون بآثار النبي ﷺ.
- اللبن من الأطعمة المباركة التي وردت في القرآن وفي السنة، وهو من أطعمة الجنة.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٣٤٥٥ - والسياق له -، وأبو داود (٣٧٣٠)، وأحمد (١٩٧٨)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٢٨٦، ٢٨٧)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (٤٧٤) كلهم من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن عمر بن حرملة - أو ابن أبي حرملة - عن ابن عباس فذكره. ومنهم من اختصره، وذكر أبو داود وأحمد في أوله قصة عرض الضب على النبي ﷺ.
قال الأعظمي: هذا إسناد ضعيف من أجل عمر بن حرملة فإنه مجهول، وابن جدعان ضعيف.
ولكن قال الترمذي: «هذا حديث حسن».
لعله قال ذلك لمتابعته فإن له طريقا آخر يقويه، وهو ما رواه ابن ماجه (٣٣٢٢، ٣٤٢٦) عن هشام بن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس فذكر نحوه.
وإسماعيل بن عياش روايته عن الحجازيين ضعيفة، وهذه منها لكن لا بأس به في المتابعات.
وقد حسّنه ابن حجر في أمالي الأذكار كما نقل عنه ابن علان في الفتوحات الربانية (٥/ ٢٣٨).
إلا أن أبا حاتم الرازي أعل الطريق الثاني فقال: «ليس هذا من حديث الزهري، إنما هو من حديث علي بن زيد بن جدعان عن عمر بن حرملة، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ. وقال: أخاف أن يكون أدخل على هشام بن عمار لأنه لما كبر تغير». العلل (١٤٨٢).
كذا قال، ولم يجزم فالأمر على الأصل أنه حديث هشام بن عمار، وهو يقوي حديث علي بن زيد بن جدعان.
وأما ما روي عن أبي سعيد الخدري أن النبي ﷺ كان إذا فرغ من طعامه قال: «الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا من المسلمين». فإسناده ضعيف.
رواه أبو داود (٣٨٥٠)، وأحمد (١١٢٧٦) كلاهما من طريق الثوري، عن أبي هاشم الرماني، عن إسماعيل بن رياح، عن أبيه أو غيره، عن أبي سعيد الخدري فذكره.
وفي إسناده إسماعيل بن رياح بن عبيدة وأبوه مجهولان.
ورواه الترمذي (٣٤٥٧)، وابن ماجه (٣٢٨٣) كلاهما من طريق أبي خالد الأحمر، عن حجاج بن أرطاة، عن رياح بن عبيدة، عن مولى لأبي سعيد، عن أبي سعيد فذكره.
ورواه الترمذي (٣٤٥٧) من طريق حفص بن غياث، عن حجاج بن أرطاة، عن رياح بن عبيدة، عن ابن أخي أبي سعيد، عن أبي سعيد فذكره.
وحجاج بن أرطاة مع تدليسه ليس بالقوي كان يخطئ كثيرا فإنه روى مرة عن رياح بن عبيدة، عن مولى لأبي سعيد، وأخرى عن رياح بن عبيدة، عن ابن أخي أبي سعيد. وابن أخي أبي سعيد أو مولى لأبي سعيد مجهول.
وهذا يدل على اضطرابه في الإسناد، كما أنه روى بإسناد آخر عن أبي سعيد الخدري موقوفا عليه. رواه النسائي في الكبرى (١٠١٢٢)، وابن أبي شيبة (٢٤٩٩٦) وفي إسناده أيضا من لا يُعرف.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 399 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه

📜 حديث: من سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية