إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائما فليصل

حديث: إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائما فليصل

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائما فليصل، وإن كان مفطرا فليطعم».

صحيح: رواه مسلم في النكاح (١٤٣١) عن أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا حفص بن غياث، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائما فليصل، وإن كان مفطرا فليطعم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأقوم بشرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.

الحديث:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ».

1. شرح المفردات:

* دُعِيَ: أُصْطُلِحَ عليه هنا بمعنى: دُعِيَ إلى وليمة طعام، كوليمة العرس أو غيرها.
* فَلْيُجِبْ: فليقبل الدعوة ويحضر.
* صَائِمًا: من كان ناويًا الصوم، سواء كان صوم فرض (كرمضان) أو نفل.
* فَلْيُصَلِّ: المقصود هنا هو الدعاء، أي فليدعُ لأهل الطعام بالبركة والخير. وهذا تفسير جمهور العلماء، وليس المقصود صلاة الفريضة أو النافلة.
* مُفْطِرًا: من لم يكن صائمًا في ذلك اليوم.
* فَلْيَطْعَمْ: فليأكل من الطعام الذي قُدِّم له.

2. شرح الحديث:

يُرشدنا النبي ﷺ في هذا الحديث إلى أدب اجتماعي رفيع وآداب الدعوة إلى الطعام.
* «إذا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ»: هذا أمر بحضور الدعوة إذا دُعي الشخص إلى وليمة، وهذا الأمر للندب والاستحباب وليس للوجوب عند جمهور العلماء، إلا في وليمة العرس فقد ذهب بعضهم إلى وجوب إجابتها لقول النبي ﷺ في حديث آخر: «...وَأَجِبْ ذَلِكَ الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتَ». والمقصود بالإجابة هنا هو الحضور والمشاركة، مما يُدخل السرور على قلب الداعي ويقوي أواصر المحبة والأخوة بين المسلمين.
* «فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ»: هنا تظهر رحمة الشريعة ومرونتها. فإذا كان المدعو صائمًا (صوم نفل) فلا يُكلَّف بالإفطار لأجل الدعوة، بل يُعفى من الأكل. ولكن ليس له أن يترك الدعوة بحجة الصيام، بل عليه أن يحضر ويشارك إخوانه فرحتهم، ويقوم مقام الأكل بالدعاء لأهل البيت بالبركة والخير والثواب. وقيل: "فليصل" أي فليقل دعاءً كقول: "اللهم بارك لهم فيما رزقتهم..." ونحوه.
* «وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ»: فإن كان المدعو غير صائم، فيستحب له أن يأكل من الطعام تكريمًا للداعي وإدخالًا للسرور عليه، وإظهارًا للاستجابة الكاملة لدعوته، إلا إذا كان هناك مانع شرعي كأن يكون الطعام حرامًا أو من مال حرام.

3. الدروس المستفادة منه:

1- الحث على إجابة الدعوة: فيه حضّ على إجابة دعوة الطعام، لما فيها من تقوية للروابط الاجتماعية وإدخال للسرور على المسلمين.
2- الرفق بالصائم: بيان سماحة الإسلام ومرونته، حيث رخَّص للصائم (صوم النفل) بعدم الإفطار مع استحباب حضور الدعوة والدعاء لأصحابها.
3- الأخلاق الاجتماعية الرفيعة: تعليم المسلمين كيفية التصرف في المواقف الاجتماعية المختلفة بأدب وخلق قويم، بحيث لا يجرح الصائم شعور أخيه بترك الدعوة، ولا يجرح المفطر شعور أخيه بترك الأكل.
4- الدعاء للمسلمين: الحث على الدعاء لإخوان المسلمين بالبركة والخير، وهو من صفات المؤمنين.
5- التيسير وعدم التشديد: الشريعة جاءت بالتيسير ورفع الحرج، فلم تُلزم الصائم بالإفطار ولم تحرمه من أجر الصوم، بل وجدت له حلاً وسطًا يرضي جميع الأطراف.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* يستثنى من استحباب إجابة الدعوة إذا كان هناك منكر ظاهر في الوليمة، أو كان الداعي فاسقًا يُخشى من مجالسته دون توانٍ عن إنكاره، أو كانت الدعوة فيها مشقة كبيرة على المدعو.
* إذا كان الصوم فرضًا (كصوم رمضان) فلا يجوز له الإفطار لإجابة الدعوة.
* من الآداب التي ينبغي للمدعو مراعاتها: ألا يطيل الجلوس بعد انتهاء الطعام مما قد يسبب إحراجًا لأهل البيت، وأن يشكر الداعي على دعوته.
* هذا الحديث يدل على أن صوم النفل يجوز فطره لأجل إدخال السرور على أخيه المسلم وإجابة دعوته، وهذا من الأعمال الصالحة التي قد تكون أفضل من أجر صوم ذلك النفل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في النكاح (١٤٣١) عن أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا حفص بن غياث، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة فذكره.
قوله: «فليصل» أي فليدع له بالمغفرة والبركة ونحو ذلك، وأصل الصلاة في اللغة الدعاء.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 405 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائما فليصل

📜 حديث: إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائما فليصل

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائما فليصل

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائما فليصل

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائما فليصل

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية