اذكروا اسم الله على الإبل إذا ركبتموها

حديث: اذكروا اسم الله على الإبل إذا ركبتموها

عن أبي لاس الخزاعي قال: حملنا رسول الله ﷺ على إبل من إبل الصدقة للحج فقلنا: يا رسول الله، ما نرى أن تحملنا هذه قال: «ما من بعير لنا إلا في ذروته شيطان، فاذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها كما أمرتكم، ثم امتَهِنوها لأنفسكم فإنما يحمل الله عز وجل».

حسن: رواه أحمد (١٧٩٣٨، ١٧٩٣٩)، وصحّحه ابن خزيمة (٢٣٧٧)، والحاكم (١/ ٤٤٤) كلهم من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن أبي لاس الخزاعي فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بما ندرس من سنة نبيه الكريم.
الحديث الذي ذكر رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح، وإليك شرحه الوافي على النحو التالي:

1. شرح المفردات:

● أبو لاس الخزاعي: صحابي جليل، راوي الحديث.
● حملنا رسول الله ﷺ: أي أوصلنا وأركبنا.
● إبل الصدقة: الإبل التي جاءت من أموال الزكاة والصدقات التي جمعها النبي ﷺ.
● ما نرى أن تحملنا هذه: تعبير عن الاستغراب وعدم الثقة في قدرة هذه الإبل على حملهم، ربما لأنها تبدو ضعيفة أو هزيلة.
● في ذروته شيطان: "الذروة" أعلى الشيء، والمقصود أن مع كل بعير شيطان يريد أن يوسوس للراكب ويُقلقه.
● فاذكروا اسم الله عليها: أي قولوا "بسم الله" عند الركوب.
● امتَهِنوها: من "المهنة" أي العمل، والمعنى: استعملوها وانتفعوا بها في رحلتكم دون خوف أو تردد، واثقين بتيسير الله.

2. شرح الحديث:

يخبر الصحابي الجليل أبو لاس الخزاعي رضي الله عنه أن النبي ﷺ حمّلهم (أي أركبهم) على إبل من إبل الصدقة التي جاءت إلى بيت المال، فلما رأوا حال هذه الإبل – ربما لضعفها أو هزالها – استغربوا وقالوا: "يا رسول الله، ما نرى أن تحملنا هذه" أي لا نعتقد أن هذه الإبل قادرة على حملنا والسير بنا.
فأجابهم النبي ﷺ جواباً حكيماً يعلمهم فيه التوكل على الله ويبعد عنهم وسوسة الشيطان، فقال:
● "ما من بعير لنا إلا في ذروته شيطان": أي أن الشيطان حاضر ليس لإيذائكم مباشرة، ولكن ليوسوس لكم ويخوفكم ويثير في نفوسكم القلق وعدم الطمأنينة، خاصة عند ركوب الدابة والسفر.
● "فاذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها كما أمرتكم": هنا العلاج النبوي العظيم، وهو أن تستحضروا اسم الله تعالى عند البدء في أي أمر، فالتسمية تطفئ نار الوسوسة، وتجلب البركة، وتكون حرزاً من الشيطان.
● "ثن امتهنوها لأنفسكم": بعد أن تسمي وتتوكل على الله، فاثقاً به، فاستخدم الدابة وانتفع بها دون تردد أو خوف، فالأمر لله تعالى وهو الذي يسخرها لكم.
● "فإنما يحمل الله": هذه هي الحقيقة الجليلة التي يريد النبي ﷺ أن يغرسها في قلوب المؤمنين. فالقوة الظاهرة للدابة ليست هي الضامن للحمل والوصول، وإنما الضامن الحقيقي هو الله تعالى الذي سخّر لنا هذه الدابة وهو القادر على أن يحفظنا ويوصلنا بها حتى لو بدت ضعيفة في أعيننا. فالمحمول عليه في الحقيقة هو قدرة الله ورحمته، وليس مجرد قوة البعير.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: النبي ﷺ لم يقل لهم اتركوا الركوب، بل علمهم أن يأخذوا بالأسباب (بركوب الإبل) ثم يتوكلوا على الله حق التوكل.
2- البدء باسم الله في كل أمر: التسمية عند ركوب الدابة أو بدء أي عمل من السنن النبوية العظيمة التي تجلب البركة وتطرد الشيطان.
3- الثقة بتيسير الله تعالى: المؤمن ينظر إلى تيسير الله ورزقه وقدرته، لا إلى ضعف الأسباب الظاهرة. فالله هو الذي يحمل ويسير، والأسباب只是 وسائل مسخرة.
4- محاربة الوسوسة والقلق: الشيطان يوسوس للإنسان ليعطل عليه مصالحه ويزرع في قلبه الخوف. والذكر والثقة بالله هما السلاح الأمضى against هذه الوساوس.
5- الحكمة من إرشادات النبي ﷺ: كل توجيه نبولي يحمل حكمة عظيمة، فهنا لم يكن مجرد رد على استغرابهم، بل كان تعليماً لأمة كاملة كيف تتعامل مع مخاوفها وتتوكل على خالقها.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث يدخل في باب التسمية عند ركوب الدابة، وهو من الآداب الإسلامية الثابتة.
- معنى "امتهنوها" فيه أيضًا معنى التواضع وعدم التكلف؛ أي استعملوها للغاية المطلوبة دون مبالغة في الخوف عليها أو الترفع عن ركوبها.
- هذا الحديث يربي في المسلم نظرة إيمانية للأسباب، فلا يعجب بقوتها ولا ييأس من ضعفها، بل ينظر إلى مسبب الأسباب وهو الله تعالى.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتوكلين عليه حق التوكل، والعاملين بسنن نبيه محمد ﷺ.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٧٩٣٨، ١٧٩٣٩)، وصحّحه ابن خزيمة (٢٣٧٧)، والحاكم (١/ ٤٤٤) كلهم من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن أبي لاس الخزاعي فذكره.
وإسناده حسن لأن محمد بن إسحاق قد صرّح بالتحديث في الرواية الثانية عند أحمد.
وفيه دليل على أن الرواة تصرفوا في صيغة الأداء.
وقال الحاكم: «على شرط مسلم».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 412 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اذكروا اسم الله على الإبل إذا ركبتموها

📜 حديث: اذكروا اسم الله على الإبل إذا ركبتموها

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اذكروا اسم الله على الإبل إذا ركبتموها

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اذكروا اسم الله على الإبل إذا ركبتموها

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اذكروا اسم الله على الإبل إذا ركبتموها

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية