حديث: موسى يطلب ثوبه من الحجر بعد أن عدا به

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أن الله برّأ موسى ﵇ من العيوب الخَلْقية

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إن موسى كان رجلًا حييًا ستيرًا، لا يرى من جلده شيء استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا: ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده إما برص وإما أدرة، وإما آفة، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى، فخلا يوما وحده فوضع ثيابه على الحجر، ثم اغتسل فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه، وطلب الحجر، فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملإ من بني إسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله، وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر، فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربا بعصاه، فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا فذلك قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾ [الأحزاب: ٦٩].

صحيح: رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٤٠٤) عن إسحاق بن إبراهيم: حدثنا روح بن عبادة: حدثنا عوف عن الحسن ومحمد وخلاس عن أبي هريرة .

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إن موسى كان رجلًا حييًا ستيرًا، لا يرى من جلده شيء استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا: ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده إما برص وإما أدرة، وإما آفة، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى، فخلا يوما وحده فوضع ثيابه على الحجر، ثم اغتسل فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه، وطلب الحجر، فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملإ من بني إسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله، وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر، فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربا بعصاه، فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا فذلك قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾ [الأحزاب: ٦٩].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 3404) ومسلم (رقم 3392) عن أبي هريرة رضي الله عنه، يروي قصةً عجيبةً فيها عبرٌ عظيمة، وأبدأ بشرحه على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:


● حَيِيًّا: كثير الحياء، وهو صفة مدح وكمال.
● سِتِّيرًا: كثير الاستتار والتحفظ، لا يكشف من بدنه ما لا حاجة لكشفه.
● أُدْرَة: علة في الخصيتين أو انتفاخ فيهما.
● آفَة: أي داء أو عيب.
● عَدَا بِثَوْبِهِ: أي هرب الحجر وفرَّ حاملاً ثوبه.
● مَلَأ: جماعة من أشراف القوم ووجهائهم.
● وَجِيْهًا: ذا منزلة وجاه عند الله تعالى.

ثانيًا. شرح الحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن نبي الله موسى عليه السلام، أنه كان متصفًا بصفة الحياء الشديد والستر التام، حتى إنه كان لا يُرى شيء من جسده استحياءً منه. فوجد فيه أعداؤه ومن في قلوبهم مرض من بني إسرائيل مدخلاً للطعن فيه، فقالوا: ما يتحفظ بهذا الشديد إلا من به عيب في جلده، إما برص، أو أدرة، أو آفة أخرى.
فأراد الله تعالى أن يبرئ ساحة نبيه الكريم مما افتروه عليه، ويظهر كمال خلقته وبراءته من كل ما نسبوه إليه. فجعل الله حادثةً غريبةً تكون سببًا في إظهار الحقيقة: فبينما كان موسى عليه السلام يغتسل وحده، وضع ثيابه على حجر قريب، فلما انتهى من اغتساله وذهب ل取 ثيابه، إذا بالحجر يهرب بها! فأخذ موسى عصاه وتبع الحجر وهو ينادي: "رد علي ثوبي يا حجر!" حتى وصل الحجر إلى مجمع من بني إسرائيل، فرأوه على هذه الحالة — عاريًا — فرأوا جسده كاملًا، أحسن ما خلق الله، ليس فيه أي عيب أو داء، فتحقق براءته مما قالوا.
فلما تحقق المقصود — وهو إظهار براءته — توقف الحجر، فأخذ موسى ثوبه ولبسه، ثم جعل يضرب الحجر بعصاه غضبًا مما حصل، حتى留下 أثر الضرب على الحجر (ندبًا يعني آثارًا أو خدوشًا). وختم النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بالآية الكريمة التي نزلت تحذر المسلمين من أن يكونوا مثل الذين آذوا موسى.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظمة نبي الله موسى وعلو منزلته: فهو نبي كريم من أولي العزم، وكان من أكمل الناس خَلقًا وخُلُقًا، ومن ذلك حياؤه العظيم.
2- الحياء خلق كريم: وهو من الإيمان، وكان رسولنا صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها.
3- كمال قدرة الله تعالى: فالله على كل شيء قدير، even وسخر الحجر لنصرة نبيه وإظهار براءته.
4- براءة الأنبياء من النقائص: فهم صفوة الخلق، معصومون من كل نقص يقدح في نبوتهم أو أخلاقهم.
5- تحذير المسلمين من أذية المؤمنين والطعن في أعراضهم: كما نزلت الآية تحذر من التشبه ببني إسرائيل في أذيتهم لأنبيائهم والصالحين.
6- أن الله ينصر أولياءه ويظهر براءتهم: ولو بعد حين، فلا ييأس المؤمن من نصر الله.
7- غضب الأنبياء لله تعالى: فموسى عليه السلام لم يغضب لنفسه، بل لما حصل من انتهاك حرمة الستر الذي كان يحافظ عليه، فضرب الحجر تأديبًا له على ما فعل.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من أعجب القصص، وهو من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر عن قصة لم تذكر في التوراة المحرفة.
- الآية التي خُتم بها الحديث هي من سورة الأحزاب، وهي تحذير للأمة من كل شكل من أشكال الأذى للدعاة والصالحين والعلماء.
- فيه إثبات أن الجمادات تتحرك بإذن الله وتسمع وتطيع، كما في قصة الجبل الذي خرج له نبي الله موسى، وحنين الجذع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيذنا من أذية المسلمين والصالحين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٤٠٤) عن إسحاق بن إبراهيم: حدثنا روح بن عبادة: حدثنا عوف عن الحسن ومحمد وخلاس عن أبي هريرة .. فذكره.
وقوله: «لندبًا» أي أثرًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 120 من أصل 185 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: موسى يطلب ثوبه من الحجر بعد أن عدا به

  • 📜 حديث: موسى يطلب ثوبه من الحجر بعد أن عدا به

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: موسى يطلب ثوبه من الحجر بعد أن عدا به

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: موسى يطلب ثوبه من الحجر بعد أن عدا به

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: موسى يطلب ثوبه من الحجر بعد أن عدا به

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب