عندما تجلى الله للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا

حديث: عندما تجلى الله للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا

عن أنس بن مالك، أن النبي ﷺ قرأ هذه الآية: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ قال حماد: هكذا، وأمسك سليمان بطرف إبهامه على أنملة أصبعه اليمنى، قال: فساخ الجبل ﴿وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾.

صحيح: رواه الترمذي (٣٠٧٤)، وأحمد (١٢٢٦٠)، وابن أبي عاصم في السنة (٤٨٠، ٤٨١)، والحاكم (٢/ ٣٢٠) كلهم من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام الترمذي في سننه، وصححه الألباني. وهو حديث عظيم يتعلق بصفة من صفات الله عز وجل، ويحتاج إلى فهمه على منهج أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:

● تَجَلَّى: ظهر وأظهر شيئاً من نوره وعظمته.
● لِلْجَبَلِ: المقصود هو الجبل الذي كلم الله تعالى عنده موسى عليه السلام.
● دَكًّا: أي مساوياً للأرض، مهشماً متدكدكاً.
● فَسَاخَ: غاص في الأرض وذاب منها.
● صَعِقًا: مغشياً عليه من شدة ما رأى وعاين من الهيبة والعظمة.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ آية من سورة الأعراف، وهي قوله تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143].
ثم يروي لنا الراوي (سليمان التيمي، عن حماد بن سلمة) أن النبي صلى الله عليه وسلم أمسك بطرف إبهامه على أنملة أصبعه اليمنى أثناء شرحه لهذه الآية. هذه الحركة ليست مقصودة لذاتها، بل هي إشارة حسية توضيحية من النبي صلى الله عليه وسلم لبيان عظمة ما تجلى من نور الله تعالى وقدرته.
التفسير والمعنى:
- طلب سيدنا موسى عليه السلام من ربه أن يراه، فقال: {رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ}.
- فأجابه الله تعالى بأنه لا يستطيع رؤيته في الدنيا، ولكن سيرى جزءاً من تجليه سبحانه على الجبل.
- فلما تجلى الله تعالى للجبل – أي أظهر له شيئاً من نوره وعظمته – لم يتحمل الجبل، وهو جماد أصم، تلك العظمة فتدكدك وتهاوى وصار رميماً.
- وأما سيدنا موسى، وهو نبي كريم، فلم يتحمل ما رأى من هيبة وعظمة، فسقط مغشياً عليه من شدة ما رأى.
بيان الإشارة باليد:
إمساك النبي صلى الله عليه وسلم لطرف إبهامه على أنملة أصبعه هو تمثيل وتقريب للفهم، وليس تحديداً للكم. فهو يشير إلى أن ما تجلى من نور الله وعظمته على الجبل هو جزء يسير جداً لا يكاد يذكر بالنسبة لعظمة الذات الإلهية، ومع ذلك كان كافياً لأن يدك الجبل ويصعق نبي الله موسى. وهذا من رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته ليفهموا المعنى العظيم الذي لا تستوعبه العقول.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعقيدة المستفادة:

1- عظمة الله تعالى وجلاله: الحديث يثبت عظمة الله سبحانه وتعالى، وأن خلقه لا يستطيعون رؤيته في الدنيا ولا تحمل تجليه.
2- إثبات صفة التجلي لله تعالى: نثبت لله تعالى صفة التجلي كما يليق بجلاله، من غير تشبيه ولا تمثيل، ومن غير تعطيل ولا تحريف.
3- عدم قدرة المخلوق على رؤية الله في الدنيا: دل طلب موسى والجواب عليه على استحالة رؤية الله تعالى في الدنيا، وهي خاصة بأهل الجنة في الآخرة.
4- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم: استعمل الرسول أسلوباً حسياً مرئياً لتقريب المعنى الغيبي المجرد إلى أذهان الصحابة.
5- قوة إيمان الأنبياء وشوقهم: يشير طلب موسى إلى شوقه العظيم لرؤية ربه، وهو منتهى المحبة والتعبد.

رابعاً. معلومات إضافية مهمة:

● عقيدة أهل السنة: نمرر هذا الحديث وآيات الصفات كما جاءت بلا كيف، ونؤمن بها دون أن نتساءل عن "كيفيتها"، لأن كيفية صفات الله لا يعلمها إلا هو. نقول: نثبت أن الله يتجلى، ولكن لا نعلم كيف يكون تجليه، فهو لا يشبه تجلي المخلوقين.
● الرد على المشبهة: من الخطأ الفادح أن يتخيل الإنسان أن إمساك الإبهام على الأنملة يعني أن الله بحجم أو هيئة معينة. حاشا لله. فهي إشارة إلى القلة واليسر، وليست إشارة إلى كيفية أو حجم.
● الرد على المعطلة: من الخطأ أيضاً أن ننفي صفة التجلي أو نؤولها بمعنى آخر (كأن نقول "تجلى برحمته أو بقدرته")، بل نثبتها كما أثبتها الله ورسوله من غير تحريف.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفهم في الدين، والاتباع لسنة النبي الكريم، وأن يحشرنا في زمرة من قال لهم النبي: "قد رأيتموني". والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٣٠٧٤)، وأحمد (١٢٢٦٠)، وابن أبي عاصم في السنة (٤٨٠، ٤٨١)، والحاكم (٢/ ٣٢٠) كلهم من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس .. فذكره.
قال الترمذي: «حسن غريب صحيح لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة».
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم».
وقوله: «وأمسك سليمان» هو ابن حرب الراوي عن حماد بن سلمة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 129 من أصل 185 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عندما تجلى الله للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا

📜 حديث: عندما تجلى الله للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عندما تجلى الله للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عندما تجلى الله للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عندما تجلى الله للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية