لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله

حديث: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله

عن أبي هريرة قال: قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله فقال له صاحبه - قال سفيان يعني الملك - قل إن شاء الله فنسي فطاف بهن فلم تأت امرأة منهن بولد إلا واحدة بشق غلام فقال أبو هريرة يرويه قال: لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا له في حاجته وقال مرة قال رسول الله ﷺ: «لو استثنى».

متفق عليه: رواه البخاري في كفارات الأيمان (٦٧٢٠)، ومسلم في الأيمان والنذور (١٦٥٤: ٢٣) كلاهما من طريق ابن عيينة، عن هشام بن حجير، عن طاوس، عن أبي هريرة .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا وإياك بما ندرس ونعلم.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 3424) ومسلم (رقم 1654) عن أبي هريرة رضي الله عنه، يحمل قصةً وعبرةً جليلة. وإليك الشرح المفصل:

1. شرح المفردات:

* لأطوفن: لأزورن وأجامعن.
* تسعين امرأة: المقصود نساؤه، وكان له مائة امرأة كما في بعض الروايات.
* يقاتل في سبيل الله: يكون مجاهداً شجاعاً في جهاد الله تعالى.
* صاحبه: أي الملك الموكل به، أو جبريل عليه السلام كما في بعض التفاسير.
* قل إن شاء الله: استثنِ بمشيئة الله تعالى.
* فنسي: نسي أن يقول "إن شاء الله".
* بشق غلام: بطفل ناقص الخلقة، أو ولدت ولداً ميتاً (شقه الموت).
* لم يحنث: لم يقع في الحنث، أي لم يخلف وعده ولم يكذب.
* وكان دركا له في حاجته: وكان سبباً لحصول مراده وتحقيق ما أراد.
* لو استثنى: لو قال "إن شاء الله".

2. شرح الحديث:

يحكي النبي صلى الله عليه وسلم قصة نبي الله سليمان عليه السلام، حيث همَّ بأن يطأ تسعين من نسائه في ليلة واحدة، عالماً أن الوقت هو وقت إمكان الإنجاب، ونوى نية حسنة أن كل واحدة ستلد غلاماً يجاهد في سبيل الله، فيكون ذلك عوناً للمؤمنين وقوة للدين.
فنصحه صاحبه (الملك أو جبريل) أن يربط هذا القول والعزم بمشيئة الله تعالى فيقول: "إن شاء الله"، لكن سليمان عليه السلام نسي أن يستثني. ونتيجة لهذه النسيان، لم يتحقق ما أراده إلا في امرأة واحدة فقط، ولدت ولداً ناقصاً أو ميتاً، فلم يحصل المقصود من الجهاد في سبيل الله.
ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم العبرة من القصة فقال: «لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا له في حاجته»، أي لو أنه استثنى بمشيئة الله لما حنث في يمينه أو عزمه (لأن التعليق على المشيئة يمنع الحنث إذا لم يحدث)، ولتحقق له ما أراد وحصل له مراده.

3. الدروس المستفادة منه:

1- وجوب الاستثناء بمشيئة الله: الحديث أصل عظيم في وجوب أو استحباب ربط الإرادات المستقبلية والعهود بمشيئة الله تعالى، قال تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23-24].
2- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: يجب على المسلم أن يجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله تعالى، فالأسباب وحدها لا تحقق النتائج بدون إرادة الله ومشيئته.
3- النيات الحسنة: يُستفاد من نية سليمان عليه السلام (أن يكون الأولاد مجاهدين) أهمية صلاح النية وإرادة الخير في كل شيء، حتى في الأمور الدنيوية والغريزية.
4- نسيان الأنبياء: الأنبياء معصومون من الكبائر والصغائر التي تدل على الخسة والدناءة، ولكن قد يقع منهم شيء من الزلات الصغيرة التي لا تقدح في نبوتهم، كالنسيان، ليُعلم البشر أنهم بشر، ولتكون عظةً للناس.
5- عاقبة الاعتماد على النفس: الحديث تحذير من الاعتماد على القوة الشخصية أو الحول والطول الذاتي، والتغافل عن ذكر الله واستحضار مشيئته.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* هذا الحديث من أدلة وجوب الاستثناء بمشيئة الله عند العزم على فعل شيء في المستقبل، وهو من كمال التوحيد والتوكل.
* فيه بيان أن الاستثناء (إن شاء الله) ليس كلمة تقال مجازاً، بل هي ربط حقيقي للمشيئة البشرية بمشيئة الله تعالى، وإقرار بالعبودية والضعف أمام قوة الله وقدرته.
* يستحب للمسلم أن يعود لسانه على هذه الكلمة في جميع أحواله، حتى في الأمور التي يظن أنها مضمونة الحدوث.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستحضرون مشيئته في جميع أمورهم، ويتوكلون عليه حق توكله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في كفارات الأيمان (٦٧٢٠)، ومسلم في الأيمان والنذور (١٦٥٤: ٢٣) كلاهما من طريق ابن عيينة، عن هشام بن حجير، عن طاوس، عن أبي هريرة .. فذكره. وهذا لفظ البخاري.
وسياق مسلم نحوه إلا أنه قال: «سبعين امرأة» مكان «تسعين امراة». كما أن مسلما رفع الحديث كله إلى النبي ﷺ بخلاف سياق البخاري كما ترى أن أوله موقوف وآخره مرفوع إلى النبي ﷺ

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 155 من أصل 185 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله

📜 حديث: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية