حديث: تزوجني النبي ﷺ ونحن حلالان بسرف

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تزوج النبي ﷺ ميمونة بنت الحارث في عمرة القضاء

عن ميمونة قالت: تزوجني النبي ﷺ ونحن حلالان بسرف.

صحيح: رواه أبو داود (١٨٣٩) وأحمد (٢٦٨١٥) وابن حبان (٤١٣٧) وابن الجارود (٤٤٥) كلهم من حديث حماد بن سلمة، عن حبيب الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة، فذكرته.

عن ميمونة قالت: تزوجني النبي ﷺ ونحن حلالان بسرف.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث الشريف شرحاً وافياً مستنداً إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة:

نص الحديث:


عن أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها قالت: "تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ ﷺ وَنَحْنُ حَلَالَانِ بِسَرِفَ."
(رواه البخاري ومسلم وغيرهما)


1. شرح المفردات:


● "تَزَوَّجَنِي": أي عقد عليّ زواجاً وجعلني من أزواجه.
● "حَلَالَانِ": أي في حالة الإحرام. فكلمة "حلال" في هذا السياق تعني "مُحْرِم"، وهي من المصطلحات الخاصة بمناسك الحج والعمرة. والمقصود أن كلاً من النبي ﷺ وميمونة كانا في حالة إحرام عندما تم العقد.
● "بِسَرِفَ": اسم لمكان بين مكة والمدينة، يبعد عن مكة بنحو 12 كيلومتراً تقريباً، وهو داخل حدود الحرم المكي. وكان النبي ﷺ قد نزل فيه أثناء توجهه لأداء عمرة القضاء (وهي عمرة القضية التي صُدَّ عنها عام الحديبية).


2. شرح الحديث:


هذا الحديث يروي قصة زواج النبي ﷺ من أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، وهو آخر نسائه ﷺ زواجاً.
السياق التاريخي:
كان هذا الزواج في شهر ذي القعدة من السنة السابعة للهجرة، أثناء توجه النبي ﷺ لأداء عمرة القضاء (عمرة القضية) التي تم الاتفاق عليها في صلح الحديبية. وكانت ميمونة رضي الله عنها أرملة، وقد عرضت نفسها على النبي ﷺ، فبعث النبي ﷺ أبا رافع إلى مكة ليخبر أخاها العباس بن عبد المطلب بالخبر، فكان العباس هو الذي زوّجها للنبي ﷺ.
المسألة الفقهية المستفادة (حكم عقد النكاح في الإحرام):
هذا الحديث أصل في مسألة مهمة من مسائل فقه المناسك، وهي: حكم عقد النكاح أثناء الإحرام.
● الرأي الأول (مذهب الجمهور: الحنفية والمالكية والشافعية): ذهبوا إلى أن عقد النكاح في الإحرام صحيح ولكنه مكروه كراهة تحريم. واستدلوا بهذا الحديث، حيث أن العقد وقع والإحرام قائم، ولم يأمر النبي ﷺ بإعادة العقد بعد التحلل، مما يدل على صحته. ولكنهم كرهوه لأن النبي ﷺ قال: "لا يَنْكِحُ المُحْرِمُ وَلا يُنْكَحُ" (رواه مسلم). فجمعوا بين الحديثين بأن النهي في حديث "لا ينكح" للكراهة التنزيهية وليس للتحريم، أو أن النهي منسوخ بهذا الفعل.
● الرأي الثاني (مذهب الحنابلة): ذهبوا إلى أن عقد النكاح في الإحرام باطل وغير صحيح. وأجابوا عن هذا الحديث بأن العقد تم في "سرف" وهو داخل الحرم، والمحرم يحرم عليه الصيد وهو داخل الحرم، لكن عقد النكاح ليس من محظورات الإحرام على هذا القول. وقالوا: إن النبي ﷺ عقد عليها وهو حلال (أي غير محرم)، وهو قول ضعيف لأن ظاهر الحديث يخالفه.
● الرأي الراجح: هو قول الجمهور، لأن فعل النبي ﷺ يدل على الجواز، والنهي في حديث "لا ينكح" محمول على الكراهة، أو أن النهي كان في أول الإسلام ثم نُسخ. وهذا هو الأقرب للصواب.
ملاحظة مهمة: اتفق الفقهاء جميعاً على أن الجماع من محظورات الإحرام بالإجماع، ولكن الكلام هنا في عقد النكاح فقط.


3. الدروس المستفادة منه:


1- جواز تزوج المحرم (على قول الجمهور): وأن العقد صحيح مع الكراهة، وهو دليل على مرونة الشريعة وسماحتها.
2- سيرة النبي ﷺ الاجتماعية: الحديث يظهر جانباً من حياة النبي ﷺ الأسرية وكيف كان يتزوج لأسباب منها المصاهرة لتقوية روابط الإسلام بين القبائل، حيث كانت ميمونة من قبيلة بني هلال.
3- مكانة المرأة وكرمها: حيث إن ميمونة رضي الله عنها هي التي عرضت نفسها على النبي ﷺ، مما يدل على جواز أن تعرض المرأة نفسها على الرجل الصالح إذا أمنت الفتنة.
4- بيان هدي النبي ﷺ في الزواج: حيث تم العقد بواسطة وليها (العباس بن عبد المطلب)، فدل على اشتراط الولي في النكاح.
5- التيسير في الدين: حيث أن العقد تم في مكان وبظرف غير معتاد (أثناء السفر للإحرام)، مما يدل على أن عقد النكاح سهل وغير معقد.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها: هي آخر من تزوجها النبي ﷺ، وتوفيت سنة 61 هـ في "سرف" نفسها حيث تم العقد، ودفنت هناك.
● سرف: ميقات لأهل المدينة إذا أرادوا العمرة، وهو داخل الحرم، وكان النبي ﷺ قد أحرم للعمرة من ذات عرق (وهو الميقات الرسمي)، لكنه نزل في سرف لفترة قبل دخول مكة.
● الفرق بين العقد والجماع: كما ذكرنا، العقد مختلف عن الجماع، فالجماع محرم بالإجماع على المحرم، أما العقد ففيه خلاف كما بينا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٨٣٩) وأحمد (٢٦٨١٥) وابن حبان (٤١٣٧) وابن الجارود (٤٤٥) كلهم من حديث حماد بن سلمة، عن حبيب الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة، فذكرته.
وقد اختلف في وصله وإرساله، فوصله حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد فذكره موصولا، ورواه غيره عن حبيب بن الشهيد فلم يذكر ميمونة، ورواية مسلم تؤكد وصله إلا أن الدارقطني رجح إرساله. العلل (١٥/ ٢٦٢، ٢٦٣)

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 603 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تزوجني النبي ﷺ ونحن حلالان بسرف

  • 📜 حديث: تزوجني النبي ﷺ ونحن حلالان بسرف

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تزوجني النبي ﷺ ونحن حلالان بسرف

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تزوجني النبي ﷺ ونحن حلالان بسرف

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تزوجني النبي ﷺ ونحن حلالان بسرف

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب