ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له

حديث: ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له

عن أنس بن مالك قال: خطب النبي ﷺ فقال: «أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له».
وقال: «ما يسرنا أنهم عندنا».
قال أيوب: أو قال: «ما يسرهم أنهم عندنا» وعيناه تذرِفان.

صحيح: رواه البخاري في الجهاد (٢٧٩٨) عن يوسف بن يعقوب الصفار، حدثنا إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنس بن مالك فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث سيرة النبي ﷺ، يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه، ويشير إلى موقف من مواقف الجهاد والبطولة في الإسلام. سأشرحه لكم جزءًا جزءًا بمشيئة الله تعالى.

الحديث بلفظه:

عن أنس بن مالك قال: خطب النبي ﷺ فقال: «أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له». وقال: «ما يسرنا أنهم عندنا». قال أيوب: أو قال: «ما يسرهم أنهم عندنا» وعيناه تذرفان.

1. شرح المفردات:

● الراية: العلم الذي يحمله قادة الجيش في المعركة، وهو رمز القيادة والثبات.
● أصيب: استشهد أو قُتل في سبيل الله.
● عن غير إمرة: أي دون تعيين رسمي من النبي ﷺ كقائد، بل أخذها بمبادرته بعد استشهاد القادة.
● ففتح له: أي انتصر في المعركة بفضل الله ثم بجهده.
● ما يسرنا أنهم عندنا: أي لا نتمنى أن يكونوا بيننا أحياء بعد أن استشهدوا في سبيل الله.
● وعيناه تذرفان: أي عيناه تدمعان حزنًا على فراقهم وفرحًا بما أكرمهم الله به من الشهادة.

2. شرح الحديث:

هذا الحديث يتعلق بغزوة مؤتة التي وقعت في السنة الثامنة للهجرة، حيث أرسل النبي ﷺ جيشًا لمواجهة الروم وقبائل العرب المتحالفة معهم. وكان عدد المسلمين قليلاً جدًا مقارنة بعدد الأعداء، مما جعل المعركة اختبارًا عظيمًا للصبر والإيمان.
● "أخذ الراية زيد فأصيب":
- زيد هنا هو زيد بن حارثة رضي الله عنه، وهو حب رسول الله ﷺ ومولاه، وقد عينه النبي قائدًا على الجيش. استشهد بعد قتال بطولي.
● "ثم أخذها جعفر فأصيب":
- جعفر هو جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، ابن عم النبي ﷺ، الملقب بجعفر الطيار. قاتل بشجاعة حتى قطعت يداه، فاحتضن الراية بعضديه حتى استشهد. يقول الرواة: وجدوا في جسده بضعًا وتسعين جرحًا. فأبدله الله جناحين يطير بهما في الجنة.
● "ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب":
- عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، أحد شعراء النبي ﷺ ومن الأنصار الأبطال. تقدم بالراية وهو يرتجز ويحمس المسلمين، حتى استشهد.
● "ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له":
- بعد استشهاد القادة الثلاثة، أخذ الراية خالد بن الوليد رضي الله عنه، الذي كان حديث العهد بالإسلام. لم يكن معينًا قائدًا من البداية، لكنه أظهر براعة عسكرية فائقة، حيث استخدم أساليب حربية ذكية أوهمت العدو بأن reinforcements (تعزيزات) قد وصلت، فانسحب بجيش المسلمين انسحابًا tacticًا (تكتيكيًا) ناجحًا، مما أنقذ الجيش من هزيمة كاملة. لذلك قال النبي ﷺ: "ففتح له"، أي نجح في إنقاذ الموقف.
ثم قال النبي ﷺ: "ما يسرنا أنهم عندنا"، أي أننا لا نتمنى أن يكونوا أحياء بيننا بعد أن نالوا الشهادة وفضل الله تعالى. وهذا تعبير عن الرضا بقضاء الله والحب في الله حتى في فراق الأحبة.
وروى أيوب (وهو الراوي عن أنس) أن النبي ﷺ قال: "ما يسرهم أنهم عندنا"، أي أن هؤلاء الشهداء أنفسهم لا يتمنون العودة إلى الدنيا بعد أن tasted (ذاقوا) فضل الشهادة ونعيم الجنة.
وعيناه تذرفان - أي تدمعان - دلالة على حبه لهم وحزنه على فراقهم، ولكن أيضًا فرحه بما أكرمهم الله به.

3. الدروس المستفادة:

1- فضل الشهادة في سبيل الله: فهي من أعلى المراتب عند الله، كما في قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:169].
2- التضحية والفداء: هؤلاء القادة قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الله، فهم قدوة في الإيمان والتضحية.
3- الثبات في الميدان: الموت تحت الراية (العلم) خير من الهروب من الزحف.
4- القيادة الحكيمة: خالد بن الوليد نموذج للقائد الذكي الذي يستخدم التخطيط والحيلة في الحرب.
5- الرضا بقضاء الله: النبي ﷺ يعلّمنا أن نرضى بما قسم الله، حتى لو كان فراق الأحبة.
6- الحزن الذي لا ينافي الصبر: بكاء النبي ﷺ يدل على (يوضح) أن الحزن على فراق الأحبة طبيعة بشرية، لكنه مقرون بالصبر والرضا.

4. معلومات إضافية:

- غزوة مؤتة كانت بمثابة اختبار للإيمان، حيث واجه المسلمون جيشًا هائلًا، ولكنهم ثبتوا.
- استشهاد القادة الثلاثة كان درسًا في أن القيادة لا تُورث، بل تُمنح للأكفأ، حتى لو كان عبدًا (زيد) أو من الأنصار (عبد الله بن رواحة) أو من بني هاش

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجهاد (٢٧٩٨) عن يوسف بن يعقوب الصفار، حدثنا إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنس بن مالك فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 616 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له

📜 حديث: ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية