حديث: لما جاء قتل ابن حارثة وجعفر وعبد الله جلس النبي يعرف فيه الحزن
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في حزن النبي ﷺ على قتل الصحابة في غزوة مؤتة
لَقَدْ غَلَبْنَنَا. فَزَعَمَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ مِنَ التُّرَابِ» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ تَفْعَلُ، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ مِنَ الْعَنَاءِ.
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٢٦٣) ومسلم في الجنائز (٣٠: ٩٣٥) كلاهما من طريق عبد الوهاب، قال: سمعت يحيى بن سعيد، يقول أخبرتني عمرة أنها سمعت عائشة تقول: فذكرته.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فهذا حديث عظيم يحمل دروسًا وعبرًا في الصبر والثبات على الإيمان، وفي كيفية التعامل مع المصائب، وسأشرحه لك جزءًا جزءًا معتمدًا على كلام أهل العلم من أهل السنة والجماعة.
الحديث بتمامه:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما جاء قتل ابن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة جلس رسول الله ﷺ يُعرف فيه الحزن. قالت عائشة: وأنا أطلع من صائر الباب - تعني من شق الباب - فأتاه رجل فقال: يا رسول الله! إن نساء جعفر - قالت: وذكر بكاءهن - فأمره أن ينهاهن. قال: فذهب الرجل ثم أتى فقال: قد نهيتهن. وذكر أنهن لم يطعنه. قال: فأمر أيضًا، فذهب ثم أتى فقال: والله لقد غلبننا. فزعمت أن رسول الله ﷺ قال: «فاحث في أفواههن من التراب». قالت عائشة: فقلت: أرغم الله أنفك، فوالله ما أنت تفعل، وما تركت رسول الله من العناء.
1. شرح المفردات:
● ابن حارثة: هو زيد بن حارثة، مولى رسول الله ﷺ وكان قد تبناه قبل الإسلام، وهو من أوائل المسلمين.
● جعفر بن أبي طالب: ابن عم النبي ﷺ، وكان من السابقين إلى الإسلام، وهاجر إلى الحبشة، وكان قائدًا في غزوة مؤتة.
● عبد الله بن رواحة: من الأنصار، وكان شاعرًا وشهيدًا في غزوة مؤتة.
● صائر الباب: يعني جانب الباب أو شق الباب.
● أرغم الله أنفك: دعاء بأن يُلصق الله أنفه بالتراب، وهي كلمة تقال للتعجب والإنكار على الفعل.
2. شرح الحديث:
هذا الحديث يروي قصة حزن النبي ﷺ على شهداء غزوة مؤتة، وهم زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم، الذين استشهدوا في السنة الثامنة للهجرة.
● جلس رسول الله ﷺ يُعرف فيه الحزن: هذا يدل على مشروعية الحزن على الميت، ولكن دون إظهار الجزع أو التسخط على قدر الله. فالنبي ﷺ حزن على فقد هؤلاء الصحابة الكرام، وهذا من رحمته ﷺ بأمته.
● فأتاه رجل فأخبره عن بكاء نساء جعفر: النساء كن يبكين على جعفر رضي الله عنه، وهذا البكاء كان بصوت مرتفع، مما قد يشعر بالجزع.
● فأمره أن ينهاهن: النبي ﷺ أمر الرجل أن ينهى النساء عن البكاء بهذه الصورة، لأن الإسلام ينهى عن النياحة ورفع الصوت بالبكاء، لما فيه من التسخط على قدر الله.
● فذهب الرجل ثم أتى فقال: قد نهيتهن ولم يطعنه: هذا يدل على أن النساء كن في حالة حزن شديد، فلم يستجبن للنهي في البداية.
● فأمر أيضًا... ثم أتى فقال: والله لقد غلبننا: أي أن النساء لم يزلن يبكين، فلم يستطع الرجل منعهن.
● فقال ﷺ: «فاحث في أفواههن من التراب»: هذا القول من النبي ﷺ يحمل معنى التوبيخ والتأديب، وهو ليس أمرًا حقيقيًا بوضع التراب في أفواههن، بل هو تعبير عن الإنكار الشديد على فعلهن، وكأنه يقول: إن كن لا ينتهين عن البكاء المحرم، فليصمتن كما لو أن أفواههن مملوءة بالتراب.
● فقالت عائشة: أرغم الله أنفك...: هذا رد من عائشة رضي الله عنها على الرجل الذي نقل الكلام، حيث أنكرت عليه أنه لم يفهم مقصد النبي ﷺ، وأنه سبب عناءً للنبي ﷺ بإعادته للسؤال.
3. الدروس المستفادة منه:
● مشروعية الحزن على الميت: ولكن دون جزع أو تسخط، فالنبي ﷺ حزن على شهداء مؤتة.
● تحريم النياحة ورفع الصوت بالبكاء: لأن ذلك يتضمن الاعتراض على قدر الله.
● الصبر على المصيبة: من خلال قبول أمر الله والرضا بقضائه.
● فهم مقاصد الكلام: فكلام النبي ﷺ "احث في أفواههن من التراب" ليس أمرًا حرفيًا، بل هو تعبير عن الإنكار، كما فهمت ذلك عائشة رضي الله عنها.
● الأدب مع النبي ﷺ: كما ظهر من رد عائشة على الرجل الذي لم يفهم المقصد.
4. معلومات إضافية:
- غزوة مؤتة كانت من الغزوات العظيمة في الإسلام، حيث واجه المسلمون فيها جيش الروم بأعداد كبيرة، واستشهد فيها القادة الثلاثة، وكانت درسًا في الشجاعة والتضحية.
- جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه لقب بـ "جعفر الطيار" لأن الله أعطاه جناحين في الجنة يطير بهما مكان يديه التي قطعتا في المعركة.
- هذا الحديث رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما يدل على صحته وقوته.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يجعلنا من الصابرين الشاكرين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
قوله ﷺ: «فاحث في أفواههن التراب»: كناية عن المبالغة في الزجر، لأنه لا يستطيع القيام به، ولذا قالت عائشة: أرغم الله أنفك، فوالله ما أنت تفعل. أي أنت قاصر عن القيام بما أمرت به من الإنكار. ولكن أحرجت رسول الله ﷺ من كثرة تكرارك عليه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 620 من أصل 1279 حديثاً له شرح
- 595 صلاة الخوف مع رسول الله ﷺ في الغزو
- 596 صليت مع رسول الله ﷺ صلاة الخوف عام غزوة نجد
- 597 كنا مع النبي ﷺ حين اعتمر فطاف فطفنا معه
- 598 خروج النبي معتمرًا وتحلقه بالحديبية
- 599 عمر رسول الله أربع عمر وما اعتمر في رجب
- 600 أمر النبي أصحابه أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين...
- 601 أربع عمر اعتمرها النبي ﷺ كلهن في ذي القعدة
- 602 تزوج النبي ميمونة وهو غير محرم
- 603 تزوجني النبي ﷺ ونحن حلالان بسرف
- 604 تزوج النبي ميمونة وهو محرم
- 605 تزوج النبي ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال، وماتت...
- 606 علي لا والله لا أمحوك أبدًا
- 607 أَمَّرَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ مُوتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ
- 608 السلب للقاتل
- 609 خمسون طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره
- 610 إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن...
- 611 ابن عمر يسلم على ابن ذي الجناحين
- 612 جعفر بن أبي طالب يقاتل حتى الموت في غزوة مؤتة.
- 613 أقسمت يا نفس لتنزلنه لتنزلن أو لتكرهنه
- 614 من بكى عليه يقال له: أنت كذلك
- 615 أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم
- 616 ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له
- 617 بعث رسول الله ﷺ جيش الأمراء وقال: عليكم زيد بن...
- 618 أخذ الراية خالد بن الوليد ودافع القوم
- 619 انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف
- 620 لما جاء قتل ابن حارثة وجعفر وعبد الله جلس النبي...
- 621 لما أتى نعي جعفر عرفنا في وجه رسول الله الحزن
- 622 خُذْ عَلَيْكَ ثِيَابَكَ وَسِلَاحَكَ ثُمَّ ائْتِنِي
- 623 أي الناس أحب إليك قال عائشة
- 624 بعث رسول الله ﷺ عمرو بن العاص في ذات السلاسل
- 625 احتلمت في ليلة باردة فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك
- 626 بعث سرية عبد الله بن عمر وغنائم الإبل في نجد
- 627 بعثنا رسول الله إلى إضَم فقتلنا عامرًا الأشجعي فنزل القرآن
- 628 صلح الحديبية ووثوب بني بكر على خزاعة
- 629 انصر هداك الله نصرًا أعتدا
- 630 صيام المسافر في رمضان ونهي النبي عن المشقة
- 631 أمركم رسول الله ﷺ بالجهاز
- 632 لعل الله اطلع على من شهد بدرا، قال: اعملوا ما...
- 633 يا حاطب أفعلت؟
- 634 كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابًا إلى أهل مكة
- 635 من اطلع الله عليه من أهل بدر فقال اعملوا ما...
- 636 كتاب حاطب إلى كفار قريش
- 637 خروج النبي في رمضان إلى مكة مع عشرة آلاف
- 638 من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه...
- 639 أمرنا رسول الله ﷺ بالفطر في السفر
- 640 خروج أبي سفيان لطلب خبر رسول الله ﷺ عام الفتح
- 641 المحيا محياكم، والممات مماتكم
- 642 قلتم: أما الرجل فقد أخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قريته،...
- 643 من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه...
- 644 ابن عباس: أبو سفيان وعبد الله بن أبي أمية يطلبان...
معلومات عن حديث: لما جاء قتل ابن حارثة وجعفر وعبد الله جلس النبي يعرف فيه الحزن
📜 حديث: لما جاء قتل ابن حارثة وجعفر وعبد الله جلس النبي يعرف فيه الحزن
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لما جاء قتل ابن حارثة وجعفر وعبد الله جلس النبي يعرف فيه الحزن
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لما جاء قتل ابن حارثة وجعفر وعبد الله جلس النبي يعرف فيه الحزن
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لما جاء قتل ابن حارثة وجعفر وعبد الله جلس النبي يعرف فيه الحزن
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








