حديث: علي لا والله لا أمحوك أبدًا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ذكر خروج النبي ﷺ من مكة بعد قضاء عمرته

عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا اعْتَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُولُ اللَّهِ. قَالُوا: لَا نُقِرُّ بِهَذَا، لَوْ نَعْلَمُ أَنَكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: «أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ». ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ: «امْحُ رَسُولَ اللَّهِ». قَالَ عَلِيٌّ: لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا. فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْكِتَابَ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَا يُدْخِلُ مَكَّةَ السِّلَاحَ، إِلَّا السَّيْفَ فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا، إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا. فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ. فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ، تُنَادِي: يَا عَمِّ! يَا عَمِّ! فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ، فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ: دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ احمليها، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْد وَجَعْفَرٌ. قَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَخَذْتُهَا وَهْيَ بِنْتُ عَمِّي. وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي. وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي. فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ ﷺ لِخَالَتِهَا وَقَالَ: «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمّ». وَقَالَ لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ». وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: «أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي» وَقَالَ لِزَيْدٍ: «أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا». وَقَالَ عَلِيٌّ: أَلَا تتزَوَّجُ بِنْتَ حَمْزَةَ. قَالَ: «إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ».

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٢٥١) ومسلم في الجهاد والسير (٩٠: ١٧٨٣) كلاهما من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن البراء رضي الله عنه قال: فذكره.

عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا اعْتَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُولُ اللَّهِ. قَالُوا: لَا نُقِرُّ بِهَذَا، لَوْ نَعْلَمُ أَنَكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: «أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ». ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ: «امْحُ رَسُولَ اللَّهِ». قَالَ عَلِيٌّ: لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا. فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْكِتَابَ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَا يُدْخِلُ مَكَّةَ السِّلَاحَ، إِلَّا السَّيْفَ فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا، إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا. فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ. فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ، تُنَادِي: يَا عَمِّ! يَا عَمِّ! فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ، فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ: دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ احمليها، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْد وَجَعْفَرٌ. قَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَخَذْتُهَا وَهْيَ بِنْتُ عَمِّي. وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي. وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي. فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ ﷺ لِخَالَتِهَا وَقَالَ: «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمّ». وَقَالَ لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ». وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: «أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي» وَقَالَ لِزَيْدٍ: «أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا». وَقَالَ عَلِيٌّ: أَلَا تتزَوَّجُ بِنْتَ حَمْزَةَ. قَالَ: «إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين.
أما بعد، فإني أقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، معتمدًا على كلام أهل العلم من شراح الحديث المعتمدين لدى أهل السنة والجماعة.

الحديث ورواته:


هذا الحديث رواه الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه، وهو من أصحاب النبي ﷺ المشهود لهم بالصدق والعدالة، وقد روى هذا الحديث في الصحيحين وغيرهما من كتب الحديث المعتمدة.

مناسبة الحديث:


يقع هذا الحديث في سياق "صلح الحديبية" الذي كان في ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة، حيث خرج النبي ﷺ وأصحابه معتمرين إلى مكة، فمنعهم المشركون من الدخول، فانتهى الأمر إلى عقد صلح بين المسلمين والمشركين.

شرح المفردات:


● اعتمر: أدى العمرة.
● فأبى أهل مكة: رفضوا وامتنعوا.
● قاضاهم: صالحهم ووافقهم على شرط.
● الكتاب: الوثيقة أو العقد المكتوب.
● في القِراب: الغمد الذي يوضع فيه السيف.
● تبِعته ابنة حمزة: لحقت به ابنة عمه حمزة بن عبد المطلب.
● اخْتَصَمَ فيها: تنازعوا في كفالتها.
● الخالة بمنزلة الأم: لها نفس حق الأم في التربية والرعاية.

شرح الحديث:


1- الموقف الأول - الصلح والكتابة:
عندما أراد النبي ﷺ دخول مكة للعمرة، رفض المشركون دخوله إلا بشرط الإقامة ثلاثة أيام فقط. وعند كتابة الوثيقة، كتب كاتب الوثيقة "هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله"، فاعترض المشركون على كلمة "رسول الله" وقالوا: "لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، ولكن أنت محمد بن عبد الله". وهنا ظهرت حكمة النبي ﷺ وسماحته، حيث وافق على حذف كلمة "رسول الله" تكييفًا للموقف وتفاديًا للصراع، مع ثباته على حقيقة نبوته داخليًا.
2- موقف علي بن أبي طالب:
عندما أمر النبي ﷺ عليًا رضي الله عنه بمحو كلمة "رسول الله"، رفض علي ذلك تعظيمًا للنبي ﷺ، فأخذ النبي ﷺ الوثيقة وكتب بنفسه "محمد بن عبد الله" تواضعًا وحكمة، مع أنه كان لا يحسن الكتابة بشكل جيد، لكن الله أجرى الكتابة على يديه في هذه اللحظة لحكمة.
3- بنود الصلح:
تضمنت وثيقة الصلح ثلاثة بنود رئيسية:
- ألا يدخل المسلمون مكة بالسلاح إلا السيوف في أغمادها.
- ألا يخرج من مكة أحد مع المسلمين إذا أراد البقاء معهم.
- ألا يمنع أحد من أصحاب النبي ﷺ من الإقامة في مكة إذا أراد ذلك.
4- خروج النبي ﷺ من مكة وجزء ابنة حمزة:
بعد انتهاء مدة الصلح، طلب المشركون من النبي ﷺ الخروج، فخرج وتبعته ابنة عمه حمزة (أمامة بنت حمزة) وهي تناديه "يا عم"، فأخذها علي بن أبي طالب، ثم تنازع في كفالتها علي وجعفر وزيد بن حارثة.
5- قضاء النبي ﷺ في كفالة ابنة حمزة:
قضى النبي ﷺ بأن تكون ابنة حمزة عند خالتها (أي زوجة جعفر بن أبي طالب، التي كانت أخت أمها بالرضاعة)، وقال: "الخالة بمنزلة الأم"، مما يدل على عظم حق الخالة في الإسلام.
6- كلمات النبي ﷺ للثلاثة:
- لعلي: "أنت مني وأنا منك" تشريفًا وتكريمًا له.
- لجعفر: "أشبهت خلقي وخلقي" похвала لشبهه بالنبي ﷺ في الخلق والخُلق.
- لزيد: "أنت أخونا ومولانا" تكريمًا له وتقديرًا لمكانته.
7- سؤال علي عن الزواج بابنة حمزة:
سأل علي رضي الله عنه النبي ﷺ عن إمكانية الزواج بابنة حمزة، فأجابه النبي ﷺ بأنها ابنة أخ من الرضاعة، والرضاعة تحرم ما يحرم النسب، فلا يجوز له الزواج بها.

الدروس المستفادة:


1- الحكمة في الدعوة: ظهرت حكمة النبي ﷺ في التفاوض مع المشركين، حيث تنازل عن كتابة "رسول الله" في الوثيقة للمصلحة العامة.
2- التواضع: تواضع النبي ﷺ حيث كتب بنفسه "محمد بن عبد الله" دون تكبر.
3- مراعاة المشاعر: في قصة ابنة حمزة، نرى عناية الإسلام بالأيتام وفضل كفالتهم.
4- حقوق الأقارب: الحديث يبين مكانة الخالة وأنها بمنزلة الأم في الحقوق والرعاية.
5- أحكام الرضاعة: يؤكد الحديث أن الرضاعة تحرم كما يحرم النسب.

فوائد إضافية:


- الحديث يدل على جواز الصلح مع الكفار إذا كان فيه مصلحة للمسلمين.
- يظهر فضائل الصحابة الكرام وخصوصًا علي وجعفر وزيد رضي الله عنهم.
- فيه دليل على أن النبي ﷺ كان أميًا لا يكتب، لكن الله أعانه عندما احتاج إلى الكتابة.
هذا والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٢٥١) ومسلم في الجهاد والسير (٩٠: ١٧٨٣) كلاهما من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن البراء رضي الله عنه قال: فذكره. والسياق للبخاري.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 606 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: علي لا والله لا أمحوك أبدًا

  • 📜 حديث: علي لا والله لا أمحوك أبدًا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: علي لا والله لا أمحوك أبدًا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: علي لا والله لا أمحوك أبدًا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: علي لا والله لا أمحوك أبدًا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب