حديث: لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

سرية عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي وكان من المهاجرين

عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ فَقَالَ: أَلَيْسَ أَمَرَكُمُ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ تُطِيعُونِي. قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا. فَجَمَعُوا، فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا. فَأَوْقَدُوهَا، فَقَالَ ادْخُلُوهَا. فَهَمُّوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا، وَيَقُولُونَ: فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ مِنَ النَّارِ. فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ، فَسَكَنَ غَضبُهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَال: «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ».

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٣٤٠) ومسلم في الإمارة (٤٠: ١٨٤٠) كلاهما من حديث الأعمش، قال: حدثني سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي فذكره.

عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ فَقَالَ: أَلَيْسَ أَمَرَكُمُ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ تُطِيعُونِي. قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا. فَجَمَعُوا، فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا. فَأَوْقَدُوهَا، فَقَالَ ادْخُلُوهَا. فَهَمُّوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا، وَيَقُولُونَ: فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ مِنَ النَّارِ. فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ، فَسَكَنَ غَضبُهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَال: «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن علي رضي الله عنه قال: بعث النبي ﷺ سرية فاستعمل رجلاً من الأنصار، وأمرهم أن يطيعوه، فغضب فقال: أليس أمركم النبي ﷺ أن تطيعوني؟ قالوا: بلى. قال: فاجمعوا لي حطبًا. فجمعوا، فقال: أوقدوا نارًا. فأوقدوها، فقال: ادخلوها. فهموا، وجعل بعضهم يمسك بعضًا، ويقولون: فررنا إلى النبي ﷺ من النار. فما زالوا حتى خمدت النار، فسكن غضبه، فبلغ النبي ﷺ فقال: «لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة، الطاعة في المعروف».


1. شرح المفردات:


● سَرِيَّةً: جماعة من الجيش تُبعث لأمر عظيم، غالبًا للقتال.
● اسْتَعْمَلَ: جعله أميرًا وقائدًا عليهم.
● حَطَبًا: قطع من الخشب اليابس لإشعال النار.
● أَوْقِدُوا: أشعلوا النار.
● خَمَدَتِ: سكنت وطُفئت.
● المَعْرُوفِ: كل ما عُرِف حسنه شرعًا وعقلاً وعرفًا.


2. شرح الحديث:


يخبرنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي ﷺ أرسل مجموعة (سرية) في مهمة ما، وولى عليهم رجلاً من الأنصار أميرًا، وأمرهم صراحة بطاعته في هذه المهمة.
ثم حصل موقف غريب، حيث غضب هذا الأمير الأنصاري غضبًا شديدًا - ولم يبين الحديث سببه - ثم استغل الأمر النبوي بطاعته استغلالاً خاطئًا، فطلب من جنوده أن يجمعوا حطبًا، فأطاعوه، ثم أمرهم بإشعال نار عظيمة، فأطاعوه أيضًا، ثم جاء الأمر الصادم عندما أمرهم بدخول النار المحرقة.
هنا توقف الصحابة الكرام رضي الله عنهم عند هذا الأمر، فبرغم أن النبي ﷺ أمرهم بطاعته، إلا أن هذا الأمر يتعارض مع أساسيات الدين والعقل. فبدأوا يتناقشون ويتمسك بعضهم ببعض مانعين إياهم من تنفيذ هذا الأمر المهلك، وكانت حجتهم القوية: "فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ مِنَ النَّارِ"، أي أننا آمنا بالنبي ﷺ هربًا من نار الكفر وعذاب الآخرة، فكيف نُلقى بأنفسنا في نار تحرقنا في الدنيا؟!
استمر ترددهم ومنعهم لأنفسهم حتى خمدت النار وذهب لهيبها، وهدأ غضب الأمير.
فلما بلغ النبي ﷺ خبر هذه الحادثة، علَّمهم مبدأً عظيمًا من مبادئ الإسلام، فقال: «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، أي لو أطاعوه في هذا الأمر الكفري ودخلوا النار لاحترقوا وماتوا على معصية كبيرة (وهي الانتحار) وعذّبوا بها في نار جهنم، لأن الانتحار من كبائر الذنوب. ثم بين ﷺ الحكم الشرعي العام بقوله: «الطاعة في المعروف»، أي أن طاعة ولي الأمر (في الأمور الدنيوية أو العسكرية أو غيرها) ليست مطلقة، بل هي مقيدة بشرط واحد عظيم، وهو "المعروف"، أي ما كان符合ًا لأحكام الشرع الحنيف، غير مخالف للكتاب والسنة. فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.


3. الدروس المستفادة منه:


1- حدود الطاعة: الطاعة لله ولرسوله ﷺ ولأولي الأمر من المسلمين هي أصل عظيم، ولكنها ليست عمياء. فهي مقيدة بعدم المعصية، فإذا أمر الأمير بمعصية فلا سمع ولا طاعة، لقوله ﷺ: «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ».
2- حكمة الصحابة وفقههم: موقف الصحابة رضي الله عنهم يُظهر فقههم العميق ونباهتهم، حيث ميزوا بين الأمر الجائز والمستحيل شرعًا، ولم يغتروا بظاهر الأمر بالطاعة فقط.
3- ذم الغضب وآثاره: الحادثة يظهر مدى خطورة الغضب وتأثيره على العقل والحكمة، حيث أوقع هذا الأمير في ظلم كبير وكاد أن يهلك نفسه ومن معه.
4- تحريم الانتحار: الحديث فيه تأكيد على تحريم الانتحار وتحذير شديد من عاقبته في الدنيا والآخرة.
5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قام الصحابة بواجب النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع أميرهم، بمنعه من تنفيذ أمره المخالف للشرع.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" وهو أعلى درجة في الصحة.
- يستدل العلماء بهذا الحديث على بطلان طاعة ولي الأمر إذا أمر بمعصية، وهو إجماع من أهل السنة والجماعة. فالسنة لا تقول بالطاعة المطلقة لأي إنسان.
- الفقهاء يفرقون بين أمر الأمير بمعصية منكرة صريحة (كأمره بدخول النار أو شرب الخمر) فلا تجوز طاعته فيها البتة، وبين الأمور الاجتهادية التي قد يكون فيها رأي للأمير مخالف لرأي الآخرين ولكنها ليست معصية صريحة، فيجب طاعته فيها لتحقيق مصلحة النظام وال
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٣٤٠) ومسلم في الإمارة (٤٠: ١٨٤٠) كلاهما من حديث الأعمش، قال: حدثني سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي فذكره.
وترجم عليه البخاري بقوله: باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي ويقال: إنها سرية الأنصار.
فقوله: فاستعمل رجلا من الأنصار - خطأ من بعض الرواة كما قال ابن الجوزي؛ فإن عبد الله بن حذافة سهمي مهاجري وليس بأنصاري. وترجمة البخاري تشعر بهذا الخطأ، ولذا ترجمه بقوله: ويقال: «إنها سرية الأنصار».
وأما قصة علقمة بن مجزز فهي كالتالي:

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 588 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

  • 📜 حديث: لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب