حديث: السلب للقاتل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

قصة عوف بن مالك الأشجعي مع خالد بن الوليد

عن عوف بن مالك الأشجعي قال: خرجت مع من خرج مع زيد بن حارثة من المسلمين في غزوة مؤتة، ورافقني مددي من اليمن ليس معه غير سيفه، فنحر رجل من المسلمين جزورا، فسأله المددي طائفة من جلده، فأعطاه إياه، فاتخذه كهئة الدرق، ومضينا فلقينا جموع الروم، وفيهم رجل على فرس له أشقر، عليه سرج مذهب، وسلاح مذهب، فجعل الرومي يغري بالمسلمين، وقعد له المددي خلف صخرة، فمر به الرومي، فعرقب فرسه، فخر وعلاه فقتله، وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد فأخذ منه السلب، قال عوف: فأتيته فقلت: يا خالد، أما علمت أن رسول الله ﷺ قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى ولكني استكثرته، قلت: لتردنه إليه أو لأعرفنكها عند رسول الله ﷺ، وأبى أن يرد عليه، قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله ﷺ فقصصت عليه قصة المددي وما فعله خالد، فقال رسول الله ﷺ: «يا خالد، ما حملك على ما صنعت؟» قال: يا رسول الله، اسشكثرته. فقال رسول الله ﷺ: «يا خالد رد عليه ما أخذت منه» قال عوف: فقلت: دونك يا خالد ألم أف لك؟ فقال رسول الله ﷺ: «وما ذاك؟» فأخبرته، فغضب رسول الله، وقال: «يا خالد لا ترده عليه هل أنتم تاركو لي أمرائي لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره».
قال الوليد: سألت ثورًا عن هذا الحديث، فحدثني عن خالد بن معدان، عن جبير
ابن نفير، عن عوف بن مالك الأشجعي، نحوه.

صحيح: رواه الإمام أحمد (٢٣٩٩٧) عن الوليد بن مسلم، قال: حدثني صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف فذكره.

عن عوف بن مالك الأشجعي قال: خرجت مع من خرج مع زيد بن حارثة من المسلمين في غزوة مؤتة، ورافقني مددي من اليمن ليس معه غير سيفه، فنحر رجل من المسلمين جزورا، فسأله المددي طائفة من جلده، فأعطاه إياه، فاتخذه كهئة الدرق، ومضينا فلقينا جموع الروم، وفيهم رجل على فرس له أشقر، عليه سرج مذهب، وسلاح مذهب، فجعل الرومي يغري بالمسلمين، وقعد له المددي خلف صخرة، فمر به الرومي، فعرقب فرسه، فخر وعلاه فقتله، وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد فأخذ منه السلب، قال عوف: فأتيته فقلت: يا خالد، أما علمت أن رسول الله ﷺ قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى ولكني استكثرته، قلت: لتردنه إليه أو لأعرفنكها عند رسول الله ﷺ، وأبى أن يرد عليه، قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله ﷺ فقصصت عليه قصة المددي وما فعله خالد، فقال رسول الله ﷺ: «يا خالد، ما حملك على ما صنعت؟» قال: يا رسول الله، اسشكثرته. فقال رسول الله ﷺ: «يا خالد رد عليه ما أخذت منه» قال عوف: فقلت: دونك يا خالد ألم أف لك؟ فقال رسول الله ﷺ: «وما ذاك؟» فأخبرته، فغضب رسول الله، وقال: «يا خالد لا ترده عليه هل أنتم تاركو لي أمرائي لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره».
قال الوليد: سألت ثورًا عن هذا الحديث، فحدثني عن خالد بن معدان، عن جبير
ابن نفير، عن عوف بن مالك الأشجعي، نحوه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كتب أهل السنة والجماعة:

أولًا:

تخريج الحديث ومصادره
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والطحاوي في مشكل الآثار، وغيرهم. وإسناده حسن، وقد صححه عدد من أهل العلم.
### ثانيًا. شرح المفردات
● غزوة مؤتة: معركة وقعت في جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة بين المسلمين والروم.
● المددي: رجل من قبيلة مَذْحِج اليمنية.
● جزور: ناقة أو جمل.
● كهيئة الدرق: مثل الترس الذي يقي من الضربات.
● يغري بالمسلمين: يحثُّ الآخرين على قتال المسلمين أو يستفزهم.
● عرقب فرسه: قطع وتر رجله فأسقطه.
● حاز فرسه وسلاحه: استولى عليهما.
● السلب: ما يأخذه المنتصر من سلاح أو دابة أو متاع من عدوه المقتول.
● استكثرته: رأيته كثيرًا فطمعت فيه.
● ألم أف لك؟: ألم أنصرك وأقف إلى جانبك؟
● صفوة أمرهم: خيار أمورهم ونتائجها الطيبة.
● كدره: مشقتهم وتعبهم.
### ثالثًا. شرح الحديث
يحكي الصحابي عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قصة شاب من اليمن (المددي) شارك في غزوة مؤتة، ولم يكن معه سوى سيفه. عندما نحر أحد المسلمين جزورًا (ناقة)، طلب المددي قطعة من جلدها ليتخذها كترسٍ يقيه في القتال. ثم التقى المسلمون بجيش الروم، وكان في صفوفهم فارسٌ على فرسٍ مُذهَّبٍ بسلاحٍ فاخر، فكان يتحدى المسلمين. فكر المددي بحكمة واختبأ خلف صخرة، وعندما مر به الفارس الرومي، قطع وتر فرسه فسقط، ثم قتله وأخذ سلاحه وفرسه.
بعد انتهاء المعركة، أخذ خالد بن الوليد رضي الله عنه هذه الغنيمة (السلب) من المددي. فاعترض عوف بن مالك على خالد، مستدلًا بقاعدة النبي صلى الله عليه وسلم التي تقضي بأن السلب للقاتل. اعترف خالد بأنه يعلم الحكم، لكنه استكثر الغنيمة (أي رأها كبيرة فطمع فيها). هدده عوف بأنه سيشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفض خالد الرد.
عندما التقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، سأله عن سبب فعله، فأجاب خالد بنفس السبب: "استكثرته". فأمره النبي صلى الله عليه وسلم برد السلب إلى المددي. هنا قال عوف لخالد: "دونك يا خالد ألم أف لك؟" أي ألم أنصرك في الموقف؟ فاستفسر النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله، فلما عرف أن عوفًا كان يدافع عن حق المددي، غضب وقال: "يا خالد لا ترده عليه، هل أنتم تاركو لي أمرائي؟ لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره". أي أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يبين أن القادة (أمراء الجيش) يُتحمَّل لهم في بعض تصرفاتهم لما يبذلونه من جهد وتعب، ولما في ذلك من المصلحة العامة.
### رابعًا. الدروس المستفادة والعبر
1- الحكم الشرعي للسلب: الحديث أصل في أن السلب (ما يأخذه المجاهد من قتيله) من حق القاتل، وهذا حكم ثابت في الشريعة.
2- طاعة ولي الأمر واحتمال تصرفاته: النبي صلى الله عليه وسلم علَّمنا أن نتحمل لأمرائنا وقادتنا بعض الهفوات، خاصة إذا كانوا يجتهدون ويبذلون الجهد في سبيل مصلحة الأمة.
3- العدل والشجاعة في الدفاع عن الحق: مثلما فعل عوف بن مالك في نصرته للمددي ومواجهته لخالد بالحجة.
4- الحكمة والذكاء في القتال: كما فعل المددي عندما استخدم التخطيط والاختباء لمواجهة عدو أقوى منه.
5- التواضع وقبول الحق: خالد بن الوليد قبل حكم النبي صلى الله عليه وسلم وردَّ السلب، مما يدل على عظم مكانة العدل والطاعة في الإسلام.
### خامسًا. فوائد إضافية
- الحديث يدل على مكانة خالد بن الوليد رضي الله عنه، حيث غفر النبي صلى الله عليه وسلم له خطأه نظرًا لجهوده العظيمة في الجهاد.
- فيه تأكيد على أن المجاهدين يتفاوتون في إمكاناتهم، ولكن الله تعالى يوفقهم بحسب إخلاصهم وحكمتهم.
- القادة قد يخطئون، ولكن من الحكمة الصبر على بعض أخطائهم إذا كانوا صالحين مجتهدين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٢٣٩٩٧) عن الوليد بن مسلم، قال: حدثني صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف فذكره.
وهو في صحيح مسلم (١٧٥٣: ٤٤) من طريق الوليد بن مسلم مختصرًا، وأحال على الإسناد السابق وهو عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي مطولًا إلا أنه لم يذكر فيه «غزوة مؤتة» ولذا قدّمت إسناد الإمام أحمد.
ورواه أيضًا الإمام أحمد (٢٣٩٨٧) عن أبي المغيرة، قال: حدثنا صفوان قال: حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير نحوه، وفيه: «غزونا غزوة إلى طرف الشام».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 608 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: السلب للقاتل

  • 📜 حديث: السلب للقاتل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: السلب للقاتل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: السلب للقاتل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: السلب للقاتل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب