حديث: ألا شققت قلبه فتعلم صادق هو أم كاذب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى الحرقة بالميفعة

بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الليثي إلى الميفعة في شهر رمضان سنة سبع من مهاجر رسول الله ﷺ، قالوا: بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله إلى بني عوال وبني عبد بن ثعلبة، وهم بالميفعة، وهي وراء بطن نخل إلى النقرة قليلًا بناحية نجد، وبينها وبين المدينة ثمانية برد، بعثه في مائة وثلاثين رجلا، ودليلهم يسار مولى رسول الله ﷺ، فهجموا عليهم جميعًا، ووقعوا وسط محالهم، فقتلوا من أشرف لهم، واستاقوا نعمًا وشاء، فحدروه إلى المدينة، ولم يأسروا أحدًا، وفي هذه السرية قتل أسامةُ بن زيد الرجلَ الذي قال: لا إله إلا الله، فقال النبي ﷺ: «ألا شققت قلبه فتعلم صادق هو أم كاذب؟» فقال أسامة: لا أقاتل أحدًا يشهد أن لا إله إلا الله. الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ١١٩).
وحديث أسامة كما يأتي: عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قال: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَكَفَّ الأَنْصَارِيُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: «يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا. فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٢٦٩) ومسلم في الإيمان (٩٦: ١٥٩) كلاهما من حديث هشيم، أخبرنا حصين أبو ظبيان، قال: سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث، قال:
(فذكره)، ولفظهما سواء.

بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الليثي إلى الميفعة في شهر رمضان سنة سبع من مهاجر رسول الله ﷺ، قالوا: بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله إلى بني عوال وبني عبد بن ثعلبة، وهم بالميفعة، وهي وراء بطن نخل إلى النقرة قليلًا بناحية نجد، وبينها وبين المدينة ثمانية برد، بعثه في مائة وثلاثين رجلا، ودليلهم يسار مولى رسول الله ﷺ، فهجموا عليهم جميعًا، ووقعوا وسط محالهم، فقتلوا من أشرف لهم، واستاقوا نعمًا وشاء، فحدروه إلى المدينة، ولم يأسروا أحدًا، وفي هذه السرية قتل أسامةُ بن زيد الرجلَ الذي قال: لا إله إلا الله، فقال النبي ﷺ: «ألا شققت قلبه فتعلم صادق هو أم كاذب؟» فقال أسامة: لا أقاتل أحدًا يشهد أن لا إله إلا الله. الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ١١٩).
وحديث أسامة كما يأتي: عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قال: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَكَفَّ الأَنْصَارِيُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: «يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا. فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● بعث: أرسل في سرية أو غزوة.
● الميفعة: اسم مكان، وهي منطقة وراء بطن نخل من ناحية نجد.
● البرد: مقياس للمسافة يساوي أربعة فراسخ، والفرسخ حوالي 5.5 كم، فالثمانية برد تعادل حوالي 176 كم.
● هجموا: أغاروا بغتة.
● محالهم: مساكنهم ومنازلهم.
● أشرف لهم: من ظهر لهم أو قاومهم.
● استاقوا: ساقوا وسلبوا.
● حدروه: أسرعوا به إلى المدينة.
● الحرقة: اسم لقبيلة أو مكان، وقيل هي نفس الميفعة المذكورة في الرواية الأولى.
● غشيناه: وصلنا إليه وأحطنا به.
● كف: امتنع وكف عن القتال.
● متعوذًا: أي قالها تعوذًا وخوفًا من القتل لا إيمانًا ويقينًا.


ثانيًا. شرح الحديث:


يذكر الحديث حدثين متصلين:
الحدث الأول: بعث النبي ﷺ سرية بقيادة غالب بن عبد الله الليثي إلى بني عوال وبني عبد بن ثعلبة في منطقة الميفعة في رمضان من السنة السابعة للهجرة. كانت السرية مكونة من 130 رجلاً ودليلهم مولى النبي ﷺ "يسار". قاموا بهجوم مباغت على القبيلة في وسط ديارهم، فقتلوا من قاومهم، واستولوا على الإبل والغنم، وأعادوها إلى المدينة دون أخذ أي أسير.
الحدث الثاني (وهو لب القصة وعِلَّة ذكر الحديث): خلال هذه السرية، لحق أسامة بن زيد - رضي الله عنه - هو وأنصاري برجل من العدو. وعندما أحاطا به، نطق الرجل بكلمة التوحيد "لا إله إلا الله". فكف الأنصاري عن قتله احترامًا لهذه الكلمة، ولكن أسامة طعنه برمحه وقتله.
فلما عادت السرية وبلغ النبي ﷺ خبر قتل أسامة لذلك الرجل بعد نطقه بالشهادة، عاتبه وعظم الأمر عليه قائلاً: «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟». حاول أسامة أن يبرر فعلته بقوله إن الرجل قالها خوفًا من السيف وليس إيمانًا (متعوذًا)، ولكن النبي ﷺ لم يقتنع بهذا التبرير وكرر عليه العتب والتوبيخ بشدة حتى تمنى أسامة أنه لم يسلم قبل ذلك اليوم من شدة ما لحقه من الندم والأسف.
وفي رواية ابن سعد: «ألا شققت قلبه فتعلم صادق هو أم كاذب؟» وهذا تأكيد على أن الحكم على الظاهر، وأنه لا يجوز للمسلم أن يتعدى على من أظهر الإسلام ولو كان في ظن الجندي أنه كاذب.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- حرمة دم المسلم وعصمته: الحديث أصل عظيم في بيان أن دم المسلم معصوم لا يحل انتهاكه، وأن مجرد النطق بكلمة التوحيد يوجب الكف عنه واحترام حرمته.
2- الحكم على الظاهر والله يتولى السرائر: يجب على المسلم أن يحكم بما ظهر له، ويترك سرائر الناس لله تعالى. فلا يجوز له أن يتهم نية الشخص أو يتعدى عليه بحجة أنه قد يكون منافقًا أو كاذبًا.
3- التحذير من التسرع في سفك الدماء: فيه تحذير شديد من التسرع في القتل وعدم التثبت، خاصة إذا كان المتهم قد أظهر ما يعصم دمه.
4- عظم منزلة الشهادة (لا إله إلا الله): بيان للمكانة العظيمة لكلمة التوحيد، فهي الحاجز الذي يمنع من انتهاك حرمة صاحبها.
5- تقديم النص الشرعي على الرأي والاجتهاد: اجتهد أسامة برأيه فظن أن الرجل إنما قالها خوفًا، لكن النبي ﷺ بين له أن الاجتهاد الشخصي لا يُقدم على النص العام الذي يعصم الدم بالشهادة.
6- عدالة الصحابة وصدقهم: موقف أسامة يدل على صدق إيمانه وحرصه على طاعة الله ورسوله، حيث ندم ندماً شديداً على فعله عندما عرف الخطأ، ولم يتمسك برأيه تعصبًا.
7- أدب المتعلم مع المعلم: استجابة أسامة لنصح النبي ﷺ واعترافه بالخطأ نموذج رفيع في أدب طالب العلم مع معلمه.


رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- هذه السرية من السرايا التي بعثها النبي ﷺ لتأمين الطرق وردع القبائل التي قد تكون لها نوايا عدائية ضد الدولة الإسلامية في المدينة.
- قول أسامة "تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم" هو من باب المبالغة في التعبير عن شدة ندمه وعدم صبره على ما وقع منه، وليس ندماً على الإسلام نفسه حاشاه، فهو من أحب الناس إلى رسول الله ﷺ.
- استدل العلماء بهذا الحديث على وجوب الكف عن كل من نطق بالشهادة، وهو أصل من أصول الدين.
- هذا الحديث يرد على أفعال الخوارج والمتطرفين في كل زمان الذين يستحلون دماء المسلمين بتأويلات فاسدة واتهامهم بالكفر والنفاق.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٢٦٩) ومسلم في الإيمان (٩٦: ١٥٩) كلاهما من حديث هشيم، أخبرنا حصين أبو ظبيان، قال: سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث، قال:
(فذكره)، ولفظهما سواء.
ورواه مسلم من وجه آخر عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن أسامة بن زيد، قال: بعثنا رسول الله ﷺ في سرية، فصبحنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلا، فقال: لا إله إلا الله، فطعنته فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي ﷺ، فقال رسول الله ﷺ: «أقال: لا إله إلا الله، وقتلته؟» قال: قلت: يا رسول الله، إنما قالها خوفًا من السلاح. قال: «أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا»، فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ.
ورواه محمد بن إسحاق عن محمد بن أسامة بن محمد بن أسامة، عن أبيه، عن جده أسامة بن زيد فذكر نحوه واسم الرجل من الأنصار: مرداس بن نهيك.
من هذا الوجه أخرجه البيهقي في دلائله (٤/ ٢٩٧) إلا أن ابن هشام حذف إسناده في سيرته (٢/ ٦٢٣ - ٦٢٢).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 585 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ألا شققت قلبه فتعلم صادق هو أم كاذب

  • 📜 حديث: ألا شققت قلبه فتعلم صادق هو أم كاذب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ألا شققت قلبه فتعلم صادق هو أم كاذب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ألا شققت قلبه فتعلم صادق هو أم كاذب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ألا شققت قلبه فتعلم صادق هو أم كاذب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب