حديث: عمر يجزع من الموت ولو كان له طلاع الأرض ذهبا لافتدى به

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في قصة استشهاد عمر ووصاياه وكفنه ودفنه وقصة أمر الاستخلاف بعده واتفاقهم على عثمان

عن المسور بن مخرمة قال: لما طُعِن عمر جعل يألم، فقال له ابن عباس، وكأنه يجزّعه: يا أمير المؤمنين، ولئن كان ذاك، لقد صحبت رسول الله ﷺ فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون. قال: أما ما ذكرت من صحبة رسول الله ﷺ ورضاه فإنما ذاك مَنٌّ
من الله تعالى مَنَّ به عليَّ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك مَنٌّ من الله جل ذكره مَنَّ به عليَّ، وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك، والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه.

صحيح: رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٦٩٢) عن الصلت بن محمد، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، ثنا أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة فذكره.

عن المسور بن مخرمة قال: لما طُعِن عمر جعل يألم، فقال له ابن عباس، وكأنه يجزّعه: يا أمير المؤمنين، ولئن كان ذاك، لقد صحبت رسول الله ﷺ فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون. قال: أما ما ذكرت من صحبة رسول الله ﷺ ورضاه فإنما ذاك مَنٌّ
من الله تعالى مَنَّ به عليَّ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك مَنٌّ من الله جل ذكره مَنَّ به عليَّ، وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك، والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله ﷿ قبل أن أراه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبيل الذي يروي لنا لحظة من لحظات الوداع العظيمة في تاريخ الإسلام، مشتملًا على شرح المفردات وبيان المعنى والدروس المستفادة.

أولاً. شرح المفردات:


● يألم: يتألم ويشعر بالألم الشديد من جرح الطعنة.
● يجزّعه: يزيد من جزعه وخوفه، ويقصد به هنا أن ابن عباس كان يحاول تخويفه بالموت ليعظه.
● ولئن كان ذاك: أي وإن كان الموت قد حان.
● صحبت: صاحبت وعاشرت.
● فأحسنت صحبته: أحسنت معاشرته ووفيت بحق الصحبة.
● مَنٌّ: نعمة وعطية وهبة من الله تعالى.
● طلاع الأرض: ما يملأ الأرض ويعلوها.
● لافتديت به: لدفعت ذلك الذهب فدية لأنجو من العذاب.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحدثنا المسور بن مخرمة رضي الله عنه عن اللحظات الأخيرة من حياة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن طعنه أبو لؤلؤة المجوسي. وكان عمر يتألم من شدة الجرح، فجاءه ابن عباس رضي الله عنهما - وكان شابًا عالمًا فطنًا - فخاطبه بكلام يعظه ويذكره بالموت، ولكن بطريقة فيها شيء من التخويف ليزيد في إيمانه ويقينه.
فقال له ابن عباس: يا أمير المؤمنين، إن كان قد حان أجلك وأنت مقدم على الموت، فلا تخف ولا تجزع، فأنت قد صحبت رسول الله ﷺ أحسن صحبة، وقمت بحقها، ثم فارقته بعد موته وهو عنك راضٍ. ثم صحبت أبا بكر الصديق رضي الله عنه فأحسنت صحبته أيضًا، ثم فارقته بعد موته وهو عنك راضٍ. ثم صحبت أصحاب رسول الله ﷺ من المهاجرين والأنصار فأحسنت صحبتهم، وإن فارقتهم الآن بالموت لتفارقنهم وهم عنك راضون.
فأجابه عمر رضي الله عنه ردًا يظهر عمق إيمانه وتواضعه الجم:
- أما صحبة النبي ﷺ ورضاه عني، فهذه نعمة عظيمة من الله تعالى أنعم بها علي، وليس لها مني.
- وأما صحبة أبي بكر ورضاه عني، فهذه أيضًا نعمة ومنة من الله جل وعلا.
- وأما الجزع الذي تراه مني، فليس خوفًا من الموت، ولا شكًا في رحمة الله، ولكن它 خوفٌ من المسؤولية العظيمة التي تحملتها، وخوفٌ عليكم أنتم -أيها الصحابة- ومن يأتي بعدكم من الأمة، من الفتن والاختلاف بعدي.
- ثم بين علو همته وخوفه من الله فقال: والله لو أن لي ما يملأ الأرض ذهبًا لدفعته فداءً من عذاب الله قبل أن أراه.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- الشجاعة والإيمان في ساعة الموت: يظهر الحديث ثبات عمر رضي الله عنه وإيمانه العميق حتى في أحلك اللحظات.
2- التواضع ورد الفضل إلى الله: رغم مناقبه العظيمة، لم ينسب عمر الفضل إلى نفسه، بل نسبه إلى منة الله ونعمته.
3- خوف الصالحين من الله ولو عملوا الصالحات: يظهر خوف عمر من عذاب الله رغم سابقته العظيمة في الإسلام، وهذا من علامات الإيمان الكامل.
4- همة القادة الصالحين: جزع عمر كان من أجل مصلحة الأمة وخوفًا عليها من الفرقة والفتنة بعد موته، لا خوفًا من الموت نفسه.
5- فضل الصحبة الصالحة وطلب رضاها: يحث الحديث على أهمية صحبة الصالحين وإخلاص النية في معاملتهم، وطلب رضاهم.
6- الاستعداد للموت والعمل للآخرة: الموقف تذكير بالاستعداد للموت بالعمل الصالح، وأن الدنيا وما فيها لا تساوي عند المؤمن جناح بعيرة إذا قورنت برضا الله والنجاة من عذابه.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه.
- استشهد عمر رضي الله عنه بعد هذه الطعنة بثلاثة أيام.
- قول عمر "لو أن لي طلاع الأرض ذهبًا..." هو نموذج للخشية الحقيقية من الله التي يجب أن يتحلى بها كل مؤمن، فالعمل الصالح يزيد المؤمن خوفًا لا أمنًا؛ لأنه يعرف عظمة الله وجلاله.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الصحبة، وخوفه في السر والعلانية، وأن يتوفانا وهو عنا راض.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٦٩٢) عن الصلت بن محمد، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، ثنا أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 97 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عمر يجزع من الموت ولو كان له طلاع الأرض ذهبا لافتدى به

  • 📜 حديث: عمر يجزع من الموت ولو كان له طلاع الأرض ذهبا لافتدى به

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عمر يجزع من الموت ولو كان له طلاع الأرض ذهبا لافتدى به

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عمر يجزع من الموت ولو كان له طلاع الأرض ذهبا لافتدى به

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عمر يجزع من الموت ولو كان له طلاع الأرض ذهبا لافتدى به

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب