حديث: عمر بن الخطاب إذا صلى صلاة جلس للناس لمن كانت له حاجة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في أخبار عمر بن الخطاب

عن ابن عباس: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا صلى صلاة جلس للناس لمن كانت له حاجة، فإن لم يكن لأحد حاجة قام فدخل، قال: فصلى صلوات لا يجلس للناس فيهن، قال ابن عباس: فحضرت الباب، فقلت: يا يرفأ، أبأمير المؤمنين شكاة؟ قال: ما بأمير المؤمنين من شكوى، فجلست، فجاء عثمان بن عفان رضي الله عنه فجلس، فخرج يرفأ، فقال: قم يا ابن عفان، قم يا ابن عباس، فدخلا على عمر، فإذا بين يديه صُبَرٌ من مال، على كل صُبْرة منها كتف، فقال عمر رضي الله عنه: إني نظرت في أهل المدينة، فوجدتكما من أكثر أهلها عشيرة، فخذا هذا المال فاقسماه، فما كان من فضل فردا، قال: فأما عثمان رضي الله عنه فحثا، وأما أنا فجثوت على ركبتي فقلت: وإن كان نقصانا رددت علينا، فقال: شنشنة من أخشن، يعني حجرا من جبل، أما كان هذا عند الله إذ محمد ﷺ وأصحابه يأكلون القد، فقلت: بلى، والله لقد كان هذا عند الله عز وجل ومحمد ﷺ حي، ولو عليه فتح لصنع فيه غير الذي تصنع، فغضب عمر رضي الله عنه وقال: أخبرني صنع ماذا، قلت: إذًا لأكل وأطعمنا، قال: فنشج عمر رضي الله عنه حتى اختلفت أضلاعه، ثم قال: وددت أني خرجت منها كفافا لا لي ولا علي.

حسن: رواه الحميدي (٣٠)، والبزار (٢٠٩) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس: كان عمر بن الخطاب ﵁ إذا صلى صلاة جلس للناس لمن كانت له حاجة، فإن لم يكن لأحد حاجة قام فدخل، قال: فصلى صلوات لا يجلس للناس فيهن، قال ابن عباس: فحضرت الباب، فقلت: يا يرفأ، أبأمير المؤمنين شكاة؟ قال: ما بأمير المؤمنين من شكوى، فجلست، فجاء عثمان بن عفان ﵁ فجلس، فخرج يرفأ، فقال: قم يا ابن عفان، قم يا ابن عباس، فدخلا على عمر، فإذا بين يديه صُبَرٌ من مال، على كل صُبْرة منها كتف، فقال عمر ﵁: إني نظرت في أهل المدينة، فوجدتكما من أكثر أهلها عشيرة، فخذا هذا المال فاقسماه، فما كان من فضل فردا، قال: فأما عثمان ﵁ فحثا، وأما أنا فجثوت على ركبتي فقلت: وإن كان نقصانا رددت علينا، فقال: شنشنة من أخشن، يعني حجرا من جبل، أما كان هذا عند الله إذ محمد ﷺ وأصحابه يأكلون القد، فقلت: بلى، والله لقد كان هذا عند الله ﷿ ومحمد ﷺ حي، ولو عليه فتح لصنع فيه غير الذي تصنع، فغضب عمر ﵁ وقال: أخبرني صنع ماذا، قلت: إذًا لأكل وأطعمنا، قال: فنشج عمر ﵁ حتى اختلفت أضلاعه، ثم قال: وددت أني خرجت منها كفافا لا لي ولا علي.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث العظيم الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما يروي لنا قصة عظيمة من قصور عدل وتقوى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:


● يرفأ: خادم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
● شكاة: شكوى أو مرض.
● صُبَر: جمع صُبْرة، وهي الكومة من المال الموضوعة بعضها فوق بعض.
● كَتِف: عظم الكتف، وكانوا يكتبون عليه أحيانًا، أو يُشير إلى أن كل صُبْرة مكتوب عليها ما هي.
● حثا: أخذ بسرعة وبكمية كبيرة.
● جثوت على ركبتي: جلست على ركبتيَّ متأنيًا.
● شنشنة من أخشن: كناية عن التشبه بالشخص الخشن، أي أن ابن عباس يشبه خاله الخشن (والمقصود به غالبًا أبو جهل، وكان خاله، ولكن ابن عباس كان مسلمًا تقيًا، وهذا تشبيه في الشدة فقط).
● القد: نوع من الخبز الخشن.
● نشج: بكى بحرارة حتى ارتجف صدره.
● كفافا: أي بدون زيادة ولا نقصان، لا آثمًا ولا مأجورًا بخصوص المال.

ثانيًا. شرح الحديث:


1- عادات عمر في الجلوس بعد الصلاة: كان عمر رضي الله عنه إذا صلى يجلس في المسجد ليقضي حوائج الناس، فإن لم يكن لأحد حاجة دخل بيته. وهذا يدل على تواضعه واهتمامه برعيته.
2- مجيء ابن عباس وعثمان: صلى عمر صلوات ولم يجلس فيها للناس، فجاء ابن عباس وسأل خادمه يرفأ: هل يشتكي عمر من مرض؟ فأجابه بأنه لا يشكو من شيء. ثم جاء عثمان بن عفان رضي الله عنه، فاستدعاهما عمر.
3- عرض المال عليهما: وجدا عند عمر أكوامًا من المال، فقال لهما: نظرت في أهل المدينة فوجدتكما من أكثرهم عشيرة (أي عددًا ونفوذًا)، فخذا هذا المال واقسماه على الناس، وما بقي منه فرداه.
4- رد فعل عثمان وابن عباس:
- عثمان رضي الله عنه أخذ المال بسرعة (حثا)، وهذا يدل على ثقته الكاملة في عمر وتنفيذه لأمره دون تردد.
- ابن عباس رضي الله عنهما جلس متأنيًا وسأل: وإن كان نقصانًا (أي إذا نقص المال بعد التقسيم) أترد علينا؟ يعني هل نتحمل المسؤولية؟
5- رد عمر وتوبيخه اللطيف: ضرب عمر مثلاً بقوله: "شنشنة من أخشن"، أي أنت تشبه خالك في شدته (والمقصود هنا الإصرار على السؤال والحرص)، ثم قال: أما كان هذا المال عند الله إذ كان محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون الخبز الخشن؟ يعني: ألم يكن الله قادرًا على أن يرسل لهم المال؟ ولكنه امتحنهم بالصبر.
6- رد ابن عباس الحكيم: أجاب ابن عباس: بلى، والله لقد كان هذا المال عند الله ومحمد حي، ولو فتح الله عليه لصنع غير ما تصنع أنت (أي كان سينفقه في سبيل الله ولا يبقيه هكذا).
7- بكاء عمر وندمه: غضب عمر أولاً ثم بكى بحرارة حتى ارتجف صدره، وقال: وددت أني خرجت من الدنيا ولم آخذ من هذا المال شيئًا ولا أتحمل مسؤوليته ("كفافا لا لي ولا علي").

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- عدل المسؤول واهتمامه بالرعية: عمر رضي الله عنه كان قدوة في التواضع وخدمة الناس.
2- الحكمة في التصرف في المال العام: عمر كان حريصًا على أموال المسلمين، يوزعها بالعدل، ويخاف من تحمل مسؤوليتها.
3- الشجاعة في قول الحق: ابن عباس رضي الله عنهما لم يخش غضب عمر، بل نصحه بكل أدب وشجاعة.
4- تقبل النقد من الصغار: عمر رضي الله عنه قبل النصيحة من ابن عباس وهو شاب، وهذا من تواضعه.
5- خوف الصالحين من المسؤولية: بكاء عمر يدل على خوفه من الله وخشيته من أن يُسأل عن أموال المسلمين.
6- التشاور والاستعانة بأهل الرأي: عمر استعان بعثمان وابن عباس لأنهما من كبار الصحابة وأهل الرأي.

رابعًا. فوائد إضافية:


- الحديث يدل على حرص الصحابة على نقد الحاكم بأدب، وقبوله للنقد.
- فيه بيان أن الغنى والمال اختبار من الله، والصبر على الفقر أفضل أحيانًا.
- يؤكد على أهمية الشفافية في التعامل مع المال العام.
أسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الحميدي (٣٠)، والبزار (٢٠٩) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن ابن عباس فذكره. واللفظ للحميدي.
وقال البزار: «وهذا الحديث لا نعلم أحدا رواه عن النبي ﷺ بهذا اللفظ غير عمر، ولا نعلم له طريقا عن عمر إلا هذا الطريق».
قال الأعظمي: وإسناده حسن من أجل عاصم بن كليب وأبيه، فإنهما صدوقان.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 89 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عمر بن الخطاب إذا صلى صلاة جلس للناس لمن كانت له حاجة

  • 📜 حديث: عمر بن الخطاب إذا صلى صلاة جلس للناس لمن كانت له حاجة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عمر بن الخطاب إذا صلى صلاة جلس للناس لمن كانت له حاجة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عمر بن الخطاب إذا صلى صلاة جلس للناس لمن كانت له حاجة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عمر بن الخطاب إذا صلى صلاة جلس للناس لمن كانت له حاجة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب